الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإرهاب ..بين الدين و القومية

سهيل أحمد بهجت
باحث مختص بتاريخ الأديان و خصوصا المسيحية الأولى و الإسلام إلى جانب اختصاصات أخر

(Sohel Bahjat)

2008 / 7 / 14
الارهاب, الحرب والسلام


كثيرة هي التحليلات و التعليلات التي تبحث و تدرس أسباب تحول العالم الإسلامي "بمختلف قومياته" من ثقافة الانفتاح و اللبرالية إلى التطرف و الانغلاق، و الحقيقة التي ينبغي أن ننتبه لها هنا، و على الغرب أيضا أن ينتبه لها بما أنه انضم إلى قائمة الذين ذاقوا طعم إرهاب الإسلام السياسي، هو الدور التخريبي و المدمر لأنظمة الطغيان في العالم الإسلامي.
و أنا لا أريد هنا أن أستعمل تعبير "العالم العربي" كون الإسلامي أعمّ منه و يشمل كافة الانتماءات العرقية و بالتالي لا نحصره بالعرب، هذه الأنظمة التي تتظاهر من جهة بالانفتاح و برامج الإصلاحات السياسية و الاجتماعية و الثقافية، لكنه من جانب آخر ترسخ مفاهيم العشائرية القبلية و حكم العائلة و طغيان المستبد و عصابته و احتكارها للثروة و السلطة و الإعلام، و الملاحظ أن هناك أحزابا "قومية علمانية"!! في العراق لا تؤمن بالعراق كبلد و بالعراقي كهوية فرد، فيتظاهر هؤلاء المرتزقة بأنهم "علمانيون .. لبراليون" بينما المرأة تقتل أمام أعينهم و بأيديهم تحت شعار "غسل العار"، و الوعاظ ينفخون بأوامر منهم في التطرف و المتطرفين لإزهاق روح المجتمع و خلق عبودية قاهرة فيه.
هذه العقلية المنافقة ـ كونها تتظاهر بالعلمنة و الانفتاح بينما هي لا تختلف شرا عن القاعدة ـ هي التي خدعت في الماضي الغرب و أنظمته الديمقراطية حيث ظن هؤلاء الغربيون أن هذه الأنظمة و الأحزاب هي فعلا متأثرة بالثقافة الإنسانية و ثقافة الحرية، بالتالي ظنوا أن من الممكن خلق جسور للتواصل، بينما على أرض الواقع كان و لا زال القوميون ينهشون في مجتمعاتنا الشرقية.
مشكلة الغرب الآن، إذ هو يسعى إلى دعم الديمقراطية بكل السبل، أنهم يظنون أن التطرف ينحصر بالأحزاب الإسلامية التي لا تعرف ثقافة غير "المقاومة"!! و العنف و لا تملك أي برامج للتنمية السياسية و البشرية و حتى الاقتصادية "مثاله الإخوان المسلمون في مصر و العراق و الأراضي الفلسطينية ـ حمــاس"، و الحقيقة أن القوميين ـ بمختلف أعراقهم ـ لا يقلون خطرا عن الإسلاميين الذين ينظـّـرون للدولة التي تحكمها أهواء العمائم و اللحى الطويلة، فهم يشجعون السرقة و الفوضى و انتهاك حقوق الإنسان عموما و الطفل و المرأة خصوصا و يضخون إعلام الكراهية و ثقافة "الأرض المتنازع عليها" و احترام "الرئيس" و المسئولين مهما نهبوا أو سلبوا، بالتالي فإن تحطيمهم لأساسيات و البنية التحتية للمجتمع و الدولة يوفر لتنظيمات التطرف الديني الفرصة الملائمة للنشوء.
علي سبيل المثال نجد مجتمعات بعينها انتقلت لتصبح أرضا خصبة للتطرف بعد أن حطمتها أنظمة الطغيان، فالعراق تحت حكم بعث صدام حسين و أفغانستان تحت حكم نظام نجيب الله الشيوعي و الجزيرة العربية تحت حكم آل سعود و إيران الشاه و مصر مبارك و قبله السادات و عبد الناصر، هذه الأمثلة تظهر لنا بما لا يقبل الشك أن الدكتاتورية و الدكتاتورية القومية تحديدا هي التي تهيئ الأرض و النفوس لتنظيمات التطرف، حيث أن المشايخ الرسميين يشجعون "الدين المخيف" بدل "الدين الحنيف" لسبب بسيط هو أن المحبة و السلام هي بالضد من هيمنة الاستبداد و الاستبداد القومي، و النتيجة اليقينية هي أن لا فرق بين المتطرفين مهما اختلفت مشاربهم.
انتقل العالم الإسلامي منذ نهايات القرن العشرين و بدايات القرن الحادي و العشرين من تهاوي و تصدع "القومية عموما و القومية العربـية خصـوصا" إلى الجدال حول دور الإسلام في القانون و الدولة و المجتمع، و المخيف حقا هو أن تقوم هذه المجتمعات بتجربة "الإســــلام الســــياسي" أسوة بالقومية و إلى أن تذوق هذه الشعوب مآسي خلط الدين بالسياسة كما ذاقت مآسي الدولة القومية، فهل نستطيع في العراق ـ و هو الأهم ـ أن نتجاوز القيام بتجربة أيديولوجية أخرى نذوق وبالها لعقود قادمة؟ أرجو أن ما سيستطيع فعله العراقيون هو تجاوز كل الأيديولوجيات و المرتزقين بسم المعاناة و الرموز الدينية و غير الدينية و أن نبدأ في تعليم الفرد العراقي أن دور الدين يكمن فقط في إرساء الفضيلة و الأخلاق و بدون إكراه لأن "إسلام الإكراه" المزيف و الذي حكم العراق طوال 1400 عام قد انتهى، و أن القومية تنحصر في ثقافة الفرد و لغته و تراث أجداده دون أي علاقة بالسياسة لأنها أيضا دين متطرف أسوا من تطرف الفكرة كونها تطرف "العرق و الدم"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكبر هيكل عظمي لديناصور في العالم معروض للبيع بمزاد علني.. ب


.. لابيد يحذر نتنياهو من -حكم بالإعدام- بحق المختطفين




.. ضغوط عربية ودولية على نتنياهو وحماس للقبول بمقترحات بايدن بش


.. أردوغان يصف نتائج هيئة الإحصاء بأنها كارثة حقيقية وتهديد وجو




.. هل بإمكان ترامب الترشح للرئاسة بعد إدانته بـ34 تهمة؟