الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات البرلمانية ليست بالضرورة في العام القادم

برهوم جرايسي

2008 / 7 / 14
القضية الفلسطينية


*الائتلاف الحكومي الحالي متماسك في انتظار تشكيلة الحكومة القادمة، التي قد تشكلها شخصية من حزب "كديما" *في حال خروج "كديما" متماسكا من انتخاباته الداخلية حول الرئيس المنتخب ونجح في تشكيل حكومة تخدم مصالح جميع مركباتها فإن الانتخابات البرلمانية قد تكون أقرب لموعدها القانوني *في حال فشل تركيب حكومة جديدة في الخريف القادم فإن الميزانية ستكون ورقة تين لا أكثر *حزب "العمل" بحث عن سيناريو ليحل أزمته الداخلية أكثر من أزمة الائتلاف*


أنهى الائتلاف الحكومي أزمته الداخلية قبل أسبوعين في لحظات بات فيها وكأن كل شيء قد انتهى، وأن ساعة الرمل قد نضبت في حنجورها العلوي، لتنقلب من جديد، وتقلب معها الحلبة السياسية، متجهة نحو انتخابات برلمانية مبكرة، تأكد أن من يسعى لها هم قلة قليلة من المعارضة، وحتى ليس كل المعارضة.
فمن تجول في أروقة الكنيست في الساعات الثماني والأربعين الأخيرة ما قبل انتهاء الأزمة، التي كان يفترض فيها أن تكون تضج بالحركة والتوتر، في انتظار ساعة الصفر التي ستصوت فيها الهيئة العامة للكنيست على حل نفسها، لمس أنه يعيش في مدينة أشباح، رحل أصحابها منذ مدة، هدوء.. هدوء.. هدوء.
وقد وصل الأمر إلى حد استغراب من باعهم طويل خبرة في العمل البرلماني، وخاضوا تجارب، ولكن الاستنتاج الطبيعي في حينه كان أن شيئا ما يحدث لإنهاء الأزمة.
وفي ساعات فجر الأربعاء، الخامس والعشرين من الشهر الماضي، تم توقيع اتفاق بين حزب "كديما" وحزب "العمل" يقضي بتعهد حزب "كديما" بإجراء انتخابات داخلية لرئاسة الحزب قبل نهاية شهر أيلول/ سبتمبر القادم، وهو الاتفاق الذي بإمكان حزب "العمل" اعتباره إنجازا، لكونه يمهد لنهاية ولاية رئيس الحكومة إيهود أولمرت، الذي ما يزال يرسل برقيات إعلامية يلمح فيها إلى أنه قد يرشح نفسه ثانية لرئاسة الحزب، إذا ما حصلت تطورات تدعم موقفه في شبهات الفساد الموجهة له.
وفي صباح اليوم ذاته، الذي أعلن فيه رسميا عن الاتفاق، تم سحب اقتراحات قوانين حل الكنيست من جدول أعمال الهيئة العامة، وكان بالإمكان مشاهدة عودةالحياة لتدب في أروقة الكنيست، وما كان بالإمكان اخفاء علامات الارتياح التي بدت على وجوه نواب الائتلاف وحتى أوساط في المعارضة.
وإن بدت هذه التفاصيل وكأنها شكلية، إلا أنها تؤكد أن الحلبة السياسية جرّت نفسها إلى أزمة ليست معنية بها، وعملت على تقديم موعد انتخابات لا تريدها الأغلبية الساحقة.
ولكن هل حقا انتهت الأزمة كليا، وما هو مستقبل هذا التحالف، وهل سيكون بإمكانها إعادة تشكيل حكومة جديدة.
هذه هي الأسئلة المركزية، التي سيكون على الحلبة السياسية تقديم الأجوبة عليها غداة ظهور النتائج النهائية للانتخابات الداخلية لرئاسة حزب "كديما"، ونستعرض هنا بعض سيناريوهات المرحلة القادمة.

الائتلاف ككل

إن القاعدة التي تحدثنا عنها طوال الوقت ما تزال قائمة، وهي أن مركبات الائتلاف الأربعة ليست معنية بالتوجه إلى انتخابات برلمانية مبكرة، وهي تشكل أغلبية، ولكن لكل منها حسابات ومصالح حزبية عليها أن تؤمنها لضمان بقائها على الساحة السياسية وأن تقي نفسها من أي انتخابات برلمانية مفاجئة، بمعنى أن تكون بيدها إنجازات تستطيع التلويح بها في انتخابات كهذه.
ولهذا فهناك توافق على إمكانية مواصلة الائتلاف في ظل حكومة جديدة ترأسها شخصية من حزب "كديما"، ووفق الظروف الراهنة فإن هذه الشخصية لن تكون أولمرت، إلا إذا حدثت مفاجأة أخرى.
وحسب بورصة التوقعات فإن الشخصية الأوفر حظا للفوز برئاسة "كديما" هي وزيرة الخارجية تسيبي ليفني، ولكن هذا لا يعني إطلاقا أن النتيجة قد حسمت، وهذا أمر يبقى مفتوحا، ويجب عدم الاستهتار بقوة الوزيرين شاؤول موفاز، وآفي ديختر، وقد يحتاج الحزب لجولة ثانية للانتخابات تتبدل فيها الإصطفافات.
ولكن تشكيل حكومة جديدة في تلك الفترة سيكون بتزامن مع بدء الكنيست عملية إقرار ميزانية العام 2009، التي ستتحول إلى سوط تلوح به الأحزاب، أو أن تكون الوسيلة لتوثيق التحالف من خلال التجاوب مع مطالب مركزية للأحزاب التي تشكل الحكومة.
ولكن من حيث الجوهر فإن الميزانية ستكون ورقة تين، لستر مطالب حزبية ووزارية وغيرها، لمركبات الائتلاف.
وفي ما يلي نستعرض وضعية مركبات الائتلاف في ظل المرحلة الجديدة.

كديما

يقف حزب "كديما" عند محطة مصيرية جديدة ستحدد طبيعة مستقبله، فهل سيغرق في أزمة جديد تقود إلى حل نفسه أو انهياره سريعا، أم سينجح في تجاوز المرحلة والعمل على تثبيت نفسه على الساحة؟.
وثبات "كديما" يحتاج حاليا إلى إنجازات سياسية بقيادته، بعد أن بدأ بخطوات "للتخلص من أولمرت... إلا إذا"، مثل ثبات التهدئة مع قطاع غزة، وتنفيذ صفقة تبادل الأسرى مع حزب الله، وإبرام صفقة أسرى مع حركة حماس، والتقدم في المسار السوري، أمام تعثر المسار الفلسطيني لكونه شائكا أكثر من المسار أمام سورية، وهذا من منظور إسرائيلي يرى أن الثمن الذي سيُدفع لسورية أقل من الثمن أمام الفلسطينيين.
كذلك فإن "كديما" يحتاج إلى تماسك في أوج حملته الانتخابية الداخلية، وضمان وحدة "نجوم الحزب" بعد الانتخابات، من خلال "توزيع معقول لكعكة القيادة على الشخصيات القوية"، التي تدرك حتى الآن أنها تقف معا على سجادة واحدة، وأي اهتزاز فيها سيؤدي إلى وقوعهم جميعا.

"العمل"

رغم أن حزب "العمل" هو القوة الثانية في الكنيست والائتلاف، إلا أنه كان مركز الأزمة، وكان الحلقة المقررة فيها، فالأزمة والموقف من رئيس الحكومة أولمرت، خلقت أزمة داخلية في الحزب ذاته، الذي كان في الساعات الأخيرة من الأزمة أقرب إلى انشقاق جدي، لا يمكن الاستهانة به، بين رئيس الحزب إيهود باراك ومؤيديه، وبين الرئيس السابق عمير بيرتس، الذي انضم إليه معارضو حل الكنيست والتوجه إلى انتخابات برلمانية مبكرة.
ولهذا فإن إبرام الاتفاق الذي لم يأت بجديد جوهري، كان حبل الخلاص ليس للائتلاف نفسه فقط، وإنما لحزب "العمل" أيضا، فالاتفاق الذي أبرم كان تحصيل حاصل لما أعلنه حزب "كديما" قبل أيام، بأن هناك اتفاقا على إجراء انتخابات لرئاسة الحزب، وما الاتفاق سوى أنه وضع تاريخا، حتى أبعد مما كان متوقعا قبله، بأن تجرب الانتخابات في نهاية شهر آب/ أغسطس.
والمصلحة في إيجاد حبل الخلاص كانت مشتركة لباراك ومنافسه في الحزب، عمير بيرتس، لأن "العمل" مقبل هو أيضا على انتخابات لتشكيل الهيئات القطرية للحزب، وخاصة اللجنة المركزية، التي تضم حوالي 1800 عضو، وهي جسم مقرر، فيه موازين القوى بيد عدة شخصيات، أبرزها وزير البنى التحتية بنيامين بن أليعيزر، عراب فوز باراك برئاسة الحزب.
وأدرك باراك أنه تورط في إعلان تأييده لحل الكنيست، وهو يعلم أن الغالبية الساحقة من كوادر وقواعد الحزب ترفضها، كذلك فإن بيرتس لم يكن معنيا باحداث شرخ في الحزب، وتكرار تجربته السابقة بالانشقاق وتشكيل حزب جديد، لأنه يراهن من جديد على الفوز برئاسة الحزب في حال جرت انتخابات جديدة داخلية، أو أن يعيد بناء تكتل داخلي في هيئات الحزب، يمنحه مركز قوة لا يستطيع باراك تجاهله في أي حسابات حزبية داخلية.
وعلى هامش الأزمة شهدنا استقالتين من عضوية الكنيست، الأولى للنائب أفرايم سنيه، والثانية لداني يتوم، ولكن لا يمكن أعطاء وزن لهاتين الاستقالتين، فعلى الرغم من انهما من جنرالات الاحتياط، التي تمنح الحزب صورة معينة أمام الجمهور، لكن ليس لديهما القواعد الشعبية التي بإمكانها ان تهدد الحزب إطلاقا، ولهذا فإن الاستقالتين تبقى في الإطار الشخصي ولا تؤثر على قوة الحزب إطلاقا.

"شاس"

حزب "شاس" بعيد عن أزمات داخلية، وهو يعلن جهارة مطالبه من الميزانية، التي يغلفها أحيانا بمطالب سياسية، وهو يلوح برفع المخصصات الاجتماعية التي تحصل عليها العائلات مقابل كل ولد لديها دون سن الثامنة عشرة من عمره.
وقد سكت "شاس" عن هذا المطلب في هذه المرحلة، إما استعدادا للبدء في إعداد ميزانية العام القادم، أو أن جهة ما في حزب "كديما" طلبت من "شاس" التريث قليلا لينسى الجمهور "قسم اليمين" الذي اطلقه وزير المالية روني بار أون بأنه سيستقيل من منصبه في حال تم رفع المخصصات.
وعلى الأغلب فإن الحكومة سترفع هذه المخصصات بسبب ارتفاع وتيرة التضخم المالي، من خلال صيغة توافقية تظهر فيها "شاس" كمن حققت إنجازا لها، وفي نفس الوقت يحفظ فيه وزير المالية "ماء وجهه".
ويشار هنا إلى "شاس" الحزب الثالث من حيث القوة في الكنيست كان العنصر الأكثر هدوءا في الأزمة الائتلافية، حتى وإن أعلنأنه سيؤيد مقترحات حل الكنيست بالقراءة التمهيدية، لأن هذا الحزب معروف عنه أنه يفضل مشاركته في حكومة ضعيفة تؤمن له مطالبه المالية.

المتقاعدون بشقيهم

انشقت كتلة المتقاعدين على نفسها لكتلتين، واحدة من أربعة نواب ما يزالون في الائتلاف، وكتلة أخرى من ثلاثة نواب، تعلن أنها معارضة ولكنها تنتظر تشكيل حكومة جديدة لتنضم إليها، وتحصل فيها على حقيبة وزارية، وتضمن لنفسها بعض المطالب المالية لجمهور المتقاعدين، فالكتلة المنشقة أدركت منذ اللحظة الأولى انه لا يمكنها تأييد حل الكنيست، ورغم أنها في المعارضة فقد عارضت أيضا مقترحات حل الكنيست، على ضوء ما تتنبأ به استطلاعات الرأي بأن الكتلة الأصلية وبشقيها ستتبخر كليا في انتخابات كهذه.
في نهاية الشهر الجاري تموز/ يوليو، ستنهي الكنيست دورتها الصيفية، بعد أن تكون مسألة شبهات الفساد ضد أولمرت قد أنهت خطوة هامة، وهي التحقيق المضاد مع رجل الأعمال الأميركي اليهودي موريس تالانسكي، أمام المحكمة، إذ ستتجه الأنظار لمعرفة ما سيؤول إليه هذا التحقيق الذي سيجريه محامو الدفاع عن أولمرت.
ففي اليوم التالي للتحقيق ستحسم وسائل الإعلام مصير أولمرت السياسي، وهو ما سيوضح أكثر طبيعة المرحلة القادمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل نجح الرهان الإسرائيلي في ترسيخ الانقسام الفلسطيني بتسهيل


.. التصعيد مستمر.. حزب الله يعلن إطلاق -عشرات- الصواريخ على موا




.. تركيا تعلن عزمها الانضمام إلى دعوى -الإبادة- ضد إسرائيل أمام


.. حراك الطلاب.. قنبلة موقوتة قد تنفجر في وجه أميركا بسبب إسرائ




.. لماذا يسعى أردوغان لتغيير الدستور؟ وهل تسمح له المعارضة؟