الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زيارة اردوغان الى العراق والملفات التى بحثت

عبدالله مشختى

2008 / 7 / 14
السياسة والعلاقات الدولية


ان الزيارة التى قام بها رجب طيب اردوغان رئيس وزراء تركيا الى العراق يوم امس والتى وصفها السيد نورى المالكى بالتاريخية تحمل فى طياتها اكثر من مغزى وهدف ، فهى الزيارة الاولى لرئيس وزراء تركى منذ 18 عاما واول زيارة منذ سقوط النظام العراقى السابق ، وقد اتت الزيارة فى اعقاب توتر ساد العلاقات بين البلدين بعد التوغلات التى قامت بها القوات العسكرية التركية فى الربيع المنصرم للاراضى العراقية فى الحدود الشمالية لاقليم كردستان العراق بحجة محاربة وتعقب قوات حزب العمال الكردستانى . وكذلك جاءت الزيارة فى اجواء تعانى منها البلدين من المشاكل فالعراق الذى لايزال فى دور توطيد السلطة ومعالجة المشاكل الامنية التى ولدتها الارهاب الدولى الذى اتخذ من العراق قاعدة له لمحاربة امريكا وتقويض السلطة الديمقراطية فى العراق وكذلك المشاكل المتعلقة بالمصالحة التى درجت الاوساط ان تسميها بالمصالحة الوطنية او السياسية اضافة للمشاكل الاخرى التى تعانى منها العراق مثل الانتخابات لمجالس المحافظات وقضية كركوك وعدم التوصل الى حل يرضى الاطراف فيما يخص تنفيذ المادة 140 من الدستور العراقى والخلافات بين الاطراف السياسية العراقية حول مواد الدستور والمشاركة فى الحكومة وغيرها . بالمقابل الجانب التركى يعانى من مشاكل اخرى داخلية كالتحدى الذى يواجه حزب العدالة والتنمية الحاكم من التيار العلمانى التركى والذى يتحرك بدعم من المؤسسة العسكرية المتنفذة فى تركيا حتى وصل الامر الى المحاكم العليا والدستورية للنظر فى شرعية وجود هذا الحزب على رأس الحكم وامكانية اصدار قرار لحل او حذر عمل هذا الحزب اضافة لما تعانيه تركيا من وجود حزب العمال الكردستانى ولما تحدثه من اثر على الاوضاع الداخلية التركية سواء من ناحية الخسائر البشرية اثناء العمليات العسكرية او تأثيرات سياسية على تركيا من قبل المجتمع الغربى عامة والاوربى خاصة ، فى خضم كل هذه الاحداث تاتى هذه الزيارة وتتمخض عنها نتائج اولية باعلان تشكيل لجنة عليا للتاون الاستراتيجى التركى العراقى فى المجالات الاقتصادية والسياسية ومحاربة ما تسميها تركيا بالارهاب الكردى المتمثل بحزب العمال الكردستانى الذى لم يعد ارهابا بالمفهوم الاوربى بعد اتخذت الدول الاوربية قرارا بعدم اعتبار حزب العمال الكردستانى او نضال الكرد فى تركيا ارهابا .
ان الملفات الساخنة التى تستوجب دراستها فى هذه الزيارة هى مشكلة الحزب العمال الكردستانى بالاول ومن ثم الملف الاقتصادى العراقى التركى ومشكلة المياه بين الطرفين ولابد للجانب التركى ان يثير مسالة المادة 140 من الدستور العراقى فيما يتعلق بالمناطق الكردستانية والتى استعربت خلال العهود الماضية ومن ضمنها مدينة كركوك التى كانت تركيا تتخذ منها وسيلة للتدخل فى الشأن العراقى بحجة حماية تركمان العراق من ظلم الكرد كما كانت تدعى وعدم القبول بالحاق كركوك باقليم كردستان باى شكل من الاشكال اضافة لقضايا اخرى دبلوماسية وسياسية .
ان تركيا كونها دولة جارة لتركيا كانت تتمتع بافضل العلاقات مع العراق منذ القديم ولكن بعد سقوط النظام الدكتاتورى عام 2003 تعرضت هذه العلاقات الى التصدع وبدأت تركيا شأنها شأن الدول المجاورة للعراق فى التدخل فى شؤون العراق الداخلية حتى وصل الامر الى قيام قواتها باجتياحات متكررة مخترقة حرمة وسيادة العراق فى حدودها الشمالية ومستخدمة فئات من التركمان للعب الورقة نيابة عنها الى ان وصلت الامور الى ذروتها الربيع المنصرم وما كان لتركيا من خسارة سياسية ودبلوماسية اضافة الى خسارتها عسكريا فى عملياتها مما حدى الى تدخلات وزيارات مكوكية بين الجانبين واخيرا ادركت تركيا بانها فى سياساتها هذه فى العراق ستلحق الاذى باقتصادها الذى يتمتع بنمو تجارى كبير وهناك المئات من الشركات التركية التى تعمل فى العراق وتفهمت الاوضاع اكثر فيما يخص كرد العراق واقليم كردستان وتوصلت الى قناعة بان ما كانت تصلها من معلومات عن حكومة كردستان ونياتها السيئة لم تكن فى محلها وان الكرد لايعادون الاخوة التركمان وقد حققت للتركمان اكثر مماكانوا يحلمون بها ابان النظام الدكتاتورى وقد برهن الاخوة التركمان انفسهم لتركيا بانهم يتمتعون بكامل حقوقهم الوطنية والقومية وانهم يعيشون باخوة ومودة مع بقية النسيج العراقى من الكرد والعرب وغيرهم سواء فى العراق الاتحادى ا وفى ظل حكومة اقليم كردستان .
ان العراق اليوم امست بمثابة البقرة الحلوبة بالنسبة لاغلبية دول العالم كونها بحاجة الى اعمار واسع فى كل مناحى الحياة التى دمرتخها الحروب والاوضاع الاستثنائية والتى جلبت ويلاتها النظام الصدامى المقبور ، وتركيا الدولة الجارة والقريبة من العراق من المحال ان تدع تفوتها هذه الفرصة الذهبية دون ان تشارك فيها بتحقيق مكاسب اقتصادية هى بامس الحاجة اليها نظرا لاوضاعها الاقتصادية المتردية .
ان التصريح الذى ادلى بها فى اليوم الثانى من زيارته والذى اكد فيه بان العراق وحكومة كردستان ستدعمه لمحاربة الارهاب ، نعم ان العراق الذى كان ولايزال وكذلك حكومة كردستان ستدعم كل الدول والحكومات لانهاء الارهاب وتقويضه ولكن الارهاب الذى يمارس الارهاب فعلا ولكن لست على يقين بانه لا حكومة العراق الاتحادية ولا حكومة كردستان ستلزمان انفسهما لا لتركيا ولا لغيرها بمحاربة حزب العمال الكردستانى تحت اسم الارهاب لان حزب العمال الكردستانى حزب سياسى قومى يمثل نضال شعب تعداده ما يقارب ال 25 مليون انسان يعيشون داخل تركيا محرومون من ابسط حقوقهم القومية والانسانية ولا يمكن تسميتهم بالارهاب . نعم ان حكومتى العراق واقليم كردستان ستدعمان حكومة تركيا بكل الوسائل والسبل كما اعلنا فى اكثر من مناسبة من اجل حل قضية حزب العمال الكردستانى بالوسائل والطرق السلمية وان الكرد سيدعمون كل جهد لحل قضية بالطرق السلمية .
من ناحية اخرى سبقت تركيا كل الدول العربية لتكثيف تواجدها على الساحة العراقية والاستفادة من المشاريع الاقتصادية الضخمة التى ستدشن فى العراق خلال العقد الحالى والقادم . وترى ان لها الحق فى هذا التواجد المكثف اقتصاديا وسياسيا ودبلوماسيا اذا كانت الجارة الاخرى ابران الطامعة فى العراق ارضا وثروة لا تنفك وان تستغل كل ثغرة للنفوذ الى داخل العراق واحداث القلاقل والمشاكل بوجه الديمقراطية النامية فى ارض الرافدين .
لا اعتقد ان الوفد التركى سيشغل نفسه كثيرا بقضية المادة 140 والتدخل فيه لو كانت الحكومة العراقية لديها الارادة القوية لمنع اية جهة دولية للتدخل فى هذه القضية التى هى قضية عراقية داخلية بحتة ولا تستلزم تدخل اية جهة خارجية رغم عدم تمكن الاطراف المعنية التوصل الى حل مناسب لها بسبب العقليات المتخلفة لبعض الاطراف العراقية . وان دخول الامم المتحدة على الخط قد عقدت القضية اكثر بدلا من تسهيل الحل .
يمكن اعتبار هذه الزيارة مهمة جدا للطرفين كون الطرفين دولتين جارتين ولهما علاقات جوار ودين وتاريخ فلا بد لهما ان تتعاونا فى حل المشاكل المعلقة بين الطرفين وتعملا على توطيد العلاقات والمصالح المشتركة والتى تهم الطرفين وتحقيق افضل الفرص والسبل للتعايش السلمى والاخوى لكى يأخذ العراق الجديد فى المنطقة كدولة لها دورها كى تساهم فى توطيد السلم والامن فى منطقة الشرق الاوسط .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم تحذيرات الحكومة من تلوث مياهها... شواطئ مغربية تعج بالمص


.. كأس أمم أوروبا: فرنسا تسعى لتأكيد تفوقها أمام بلجيكا في ثمن




.. بوليتيكو: ماكرون قد يدفع ثمن رهاناته على الانتخابات التشريعي


.. ردود الفعل على قرار الإفراج عن مدير مجمع الشفاء الدكتور محمد




.. موقع ناشونال إنترست: السيناريوهات المطروحة بين حزب الله وإسر