الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تفاقم الأزمة الداخلية الفلسطينية

حمادة فراعنة

2008 / 7 / 14
القضية الفلسطينية


لن تفرط حركة حماس بورقتي التفاوض اللتين في حوزتها، من دون أن تقبض ثمن التضحية بهما وهما سلاح المقاومة والجندي الاسرائيلي الاسير شاليت، وكلاهما اوراق تفاوضية ثبتت اهميتها لدى اسرائيل وارغمتها على التفاوض غير المباشر مع "حماس" عبر الوسيط المصري.
ايهود اولمرت في ظل أزمته واتهامات الرشوة الموجهة اليه يسعى لتحقيق مكاسب سياسية يحافظ من خلالها على موقعه في رئاسة كاديما ورئاسة الحكومة الاسرائيلية، ولذلك تحمل مسؤولية قرار التهدئة رغم اعتراضات وزير الدفاع وأجهزة الأمن بهدف تحقيق غرضين هما؛ اولاً وقف ازعاجات اطلاق الصواريخ على القرى والبلدات الاسرائيلية المحاذية للحدود، والثاني اطلاق سراح الجندي شاليت الاسير لدى حماس.
حركة حماس، من جانبها تريد استثمار ما لديها لتحقيق ثلاثة اهداف سياسية وامنية تتمثل بما يلي:
أولاً: حماية قياداتها من الاغتيال وفق التهديدات الاسرائيلية.
ثانياً: فك الحصار التدريجي عن قطاع غزة.
ثالثاً: الاعتراف الواقعي بدورها ومكانتها على انها صاحبة قرار التفاوض والتهدئة في قطاع غزة.
حركة حماس تريد ان تقول عبر رسالة سياسية واضحة مباشرة للاسرائيليين انها صاحبة القرار وليس رئاسة ابو مازن وليس حكومة سلام فياض في رام الله، وانها تستطيع توفير الامن والتهدئة للاسرائيليين، وانها قادرة على وقف العمليات المسلحة، ووقف اطلاق النار والصواريخ وتستطيع تنفيذ الالتزامات المطلوبة منها وإلزام الاخرين بذلك سواء بالاقناع او بالقوة، وحماس بهذه الرسالة تستبدل حركة فتح بها، وتفعل بالضبط ما كانت تفعله حركة فتح قبل عشرة سنوات، قبل ان تفشل مفاوضات كامب ديفيد في تموز 2000 وتتورط بالانتفاضة المسلحة وتقبل بها وتشارك بفعالياتها والتي ادت الى النتائج السياسية والميدانية المدمرة التي خسّرتها مكانتها وريادتها للمجتمع الفلسطيني، بعد ان كسبت وحققت لشعبها اتفاقات اوسلو التدريجية المتعددة المراحلة بفعل الانتفاضة الشعبية ذات الطابع المدني ضد الاحتلال العام 1987.
سياسة حركة حماس اليوم سياسة مزدوجة، فهي مهادنة سهلة غير معقدة في التعامل مع الاسرائيليين، والسعي للتفاوض والتفاهم غير المباشر معهم، سياسة تريد ان تقول للاسرائيليين ان حركة حماس واقعية براغماتية ولديها مصداقية وصاحبة قرار وتفي بوعودها وتحترم توقيعها ولها مصلحة في ذلك.
ومن جهة اخرى تتخذ مواقف متشددة متصلبة اتهامية مع الرئيس ابو مازن، فعندما اعلن مبادرته للمصالحة تجاوباً مع المبادرة اليمنية، فسرت موقفه انه فعل ذلك لأنه يعرف ان هنالك اجتياحاً اسرائيلياً لقطاع غزة، وعندما وجه لطمة سياسية الى خالد مشعل ورفض اللقاء معه في دمشق ولم يتجاوب مع إلحاح السوريين لعقد اللقاء، اتهمته حماس بانه ضعيف لا يريد ان يغضب الاميركيين والاسرائيليين.
حماس، ستواصل العمل والتشكيك بسياسة منظمة التحرير وحركة فتح والرئيس ابو مازن تمهيداً لخطوة سياسية كبرى ستلجأ اليها وتعلنها بعد 8 كانون الثاني 9002 أي بعد انتهاء ولاية ابو مازن الدستورية وقد مهدت لذلك برفضها التفسير القانوني الذي قدمه رئيس المحكمة الدستورية بربط الانتخابات الرئاسية والتشريعية معاً.
حماس تسعى نحو التهدئة مع الاسرائيليين واطلاق سراح شاليت وفك الحصار عن غزة وخلق اجواء التبريد والتهدئة ووقف اطلاق النار، وهي تسخن الجو الداخلي الفلسطيني ضد ابو مازن لإعلان الخطوة الانقلابية الثانية بعد 8- 1- 9002 حيث ستعلن عدم شرعية ابو مازن، وانه لم يعد الرئيس الدستوري الشرعي المنتخب لفلسطين، وستعلن احمد بحر نائب رئيس المجلس التشريعي على أنه عنوان الشرعية وهو الرئيس المؤقت او القائم بأعمال الرئيس حتى يتم انتخاب رئيس جديد بديلاً لأبو مازن، هذا ان لم يكن عزيز الدويك رئيس المجلس التشريعي قد اطلق سراحه بصفقة التبادل مع شاليت ويكون هو عنوان الشرعية.
حماس لديها هدف محدد هو الوصول الى السلطة من دون شراكة مع الاخرين، فهي لا تؤمن بالشراكة، او هي تفهم الشراكة ليس باعتبارها قواسم مشتركة سياسية وتنظيمية وادارية بل ادماج الاخرين ببرنامجها وتحت ظلها وتحت ابطها، وهذا ما يفسر عدم شراكة فصائل واحزاب المقاومة الاخرى في ادارة قطاع غزة واستفرادها بالسلطة والهيمنة عليها بقوة السلاح.
واهمٌ من يراهن على الحوار معها الآن والتوصل الى قواسم مشتركة لأن الدعوات الخيرة من قبل فصائل اليسار الفلسطيني والاطراف العربية، تصطدم باجراءات سياسية وادارية متصلبة تعزز من سلطتها وهيمنتها على الارض، فهي قدمت مبادرة التهدئة للاسرائيليين بدون التشاور المسبق مع الفصائل الفلسطينية الاخرى، وفرضت التهدئة على الاخرين مستغلة الدور المصري الذي له مصلحة في التهدئة، وهي قبلت في التهدئة لأن تكون فقط مقتصرة على قطاع غزة ولا تشمل الضفة الفلسطينية كي تحرج ابو مازن وسلام فياض والسلطة الوطنية ومنظمة التحرير والفصائل الاخرى، لديها هدف واحد هو ان تكون بديلاً للشرعية وعلى انقاض المؤسسات المنتخبة، فالتيار الاصولي يصل الى السلطة عبر الانتخابات مرة واحدة ولا يكررها، وهذا ما فعلته حماس ولن ترضخ لصناديق الاقتراع ولا تقبل الاحتكام للانتخابات اذا كانت صاحبة القرار، فالمبادرات الفلسطينية والعربية تقول بالاحتكام مرة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وهي ترفض ذلك وهذا مصدر ضعفها وتعريتها وهزيمتها المعنوية والسياسية امام العالم.
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. مصادرنا: استهداف مسيرة إسرائيلية لسيارة في بنت جبيل جنوبي لب




.. تصاعد حدة الاشتباكات على طول خط الجبهة بين القوات الأوكرانية


.. مصادر عربية متفائلة بمحادثات القاهرة.. وتل أبيب تقول إنها لم




.. بروفايل | وفاة الداعية والمفكر والسياسي السوري عصام العطار