الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة على الموت الثاني

اميرة بيت شموئيل

2008 / 7 / 15
الادب والفن


ما الذي تغير اليوم ؟؟؟ مالي ارى الاشياء والاشكال من حولي غريبة ؟ والناس غرباء .. لا صلة لي بهم ؟ اليسوا هؤلاء من عشت معهم اكثر من خمس عشرة سنة ؟ السنا نحن من عملنا وجاهدنا ولسنين لنبني هذا البيت ونزينه باجمل زينة ؟ السنا نحن من يشار الينا كلما تحدث الاخرين عن التعاون والاتحاد والمحبة والاحترام ؟ فما بال كل شيئ تغير بين ليلة وضحاها ؟ مالي ارى نفسي مسجونة في بيت غريب،  تبحث عن فارس شجاع لينقذها من براثن ظلمهم ؟
ايتها السماء، لقد بكيت كل الليل ، وها هو الصباح يدفع بلهيب شمسه الى وجهي المتورم من ضربات السجان والمنخور بجراح الدموع . ايتها السماء ، نهارك اليوم ظالم ، لم تكفه الاوجاع التي عصفت بوجهي طوال الليل .. لم يكفه غدر الزمان والخلان ، جاء ليضيف على سمومهم قسوة الشمس الحارقة ؟ ايتها السماء ، لمَ ارتضيت السكوت والنهار يزيد من عذاباتي ولم ترسلي في انقاذي الموت .. خذيني ايتها السماء رحمة بي .. ام تراك ارسلتني طريدا ليسجن على الارض ، مدى الحياة ؟.
الحب .. السعادة .. الامان .. كلمات لم تعش الا في خيالي بعدما ولى عهدي بالطفولة في بيت ابي . ابي الحبيب ، كم تمنيت ان اتزوج رجلا بصفاتك الرائعة . يامن انعمت علي بنعم الله وانا التي خالفت رأيك واصررتُ ان اقلع عن التعلم لاكمل مسيرة حياتي مع من اختاره قلبي ورفضة عقلك. نعم يا والدي الطيب، لقد شاء القدر ان يحاسبني على مخالفتي لك ويحكم علي بالسجن مدى الحياة.
نعم ، ما عرفت السعادة في بيت هذا الرجل اطلاقا.. لقد اوهمت نفسي بها واحتملت الظلم والقسوة لاثبت لك يا ابي صواب رأيي . . او لاخفي عنك فشلي في قرار اتخذته لنفسي بنفسي . وقد نجحت في اوهام نفسي طويلا . ام تراني خادعت النفس طويلا .. ايتها السماء ، يامن ارسلت كل اعاصير الغضب الى روحي الكسيرة ، ما بالك لا تأتين بالنهاية على المتبقي مني؟  اما انتهيتِ من تفريغ غضبك علي ؟ اتراك تنتظرين مني ان اقدم على خطوة النهاية لاتخذ قرار الموت لنفسي واخسر الاخرة ايضا ؟ مالك جامدة في وجهي كالضخرة؟ احتقرك اليوم ياسمائي . فصفاؤك لم يعد حقيقة .. وفضاؤك ليس الا سرابا .. ووجهك لم يعد ازرق ، بعدما شوهته الاعصار. نعم، انا اليوم احتقر كل مافيك من ليل ونهار ، ثلج وامطار، صفاء واعصار، نجوم واقمار ولكن .. مالي اثور حتى على الاقدار ؟؟ ما بالي لا اقبل بهذا الوهم الذي احتلني لسنين... ما الذي يجعلني احتقره وارفضه اليوم بشدة.
الهي، من هي هذه الصبية التي الهبت الثورة في داخلي ؟ من هي هذه التي اشعلت نيران الغضب والتحدي في اعماقي ؟ فتاة تغضب ابيها وتأخذ نصيبها من الضرب المبرح لتعود الى رشدها قليلا؟ الم يكن من الافضل لي لو ضربني ابي واجبرني على عدم الانصياع لخلجات الحب الفاشل التي تأججت في صدري؟ فما بال قلبي يشتعل نارا لصراخاتها وتوسلاتها بي؟ ولكن لا ، انها ابنتي ... ابنتي التي تبكي شاكية الظلم والقسوة من سجاني وسجانها. ابنتي التي اقتلعت جذور الصمت من اعماقي لاعيش الحقيقة التي طالما حاولت قتلها بداخلي . لقد اعادت بواقعها قتلي لاعيش الثورة ونضالها. هذا الفاشي ليس بأبي الحنون.. انه ابوها الظالم.. زوجي الدكتاتور. يجور علينا بلا حق.. يجعلنا خادمتين له ولاهله.. نغسل، نكنس، نمسح، نطبخ، نرفع الغبار عن بيت، نحن اسيرتان فيه. هذا الزوج والاب الدكتاتوري قد جعل منا ضحيتين في عالمه.
لا .. لا يا ابنتي الحبيبة ، لن ارضى الموت هذه المرة .. ساثور من اجلك .. واجلي .. ساثور واقاوم واستخدم جميع الاسلحة للدفاع عن طفولتك وشبابك وحتى النهاية .. فلن اقبل ان يسحقوا طفولتك وشبابك كما سحقوني.. سأنذر لك ايامي ياحبيبتي واكون لك أما ثائرة لا ترضى بالاستسلام او التنازل عن حقوق انسانة، ولدتها حرة.. سأكسر جليد التعصب في خصمي او ادفعه وجيشه بعيدا عنك وعني.. سأناضل، مادام في النضال الامل في السلام. فاغفري لي جبني الطويل وتقبلي مني الحب ، السعادة .. والامان يا ابنتي الحبيبة.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي