الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اوباما 000 و الطريق الأقصر الى البيت الأبيض

محمد بن سعيد الفطيسي

2008 / 7 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


لا تحتاج بعض القرارات السياسية الاميركية , وخصوصا الخارجية منها الى كثير من الدراسة والتشريح والتحليل والتعمق , وذلك لفهم طبيعتها السياسية او أهدافها ومقاصدها المستقبلية المبطنة, وخصوصا حين تتعلق بطبيعة العلاقة ما بين الولايات المتحدة الاميركية والمستعمرة الاسرئيلية الكبرى من جهة , والعرب من جهة أخرى , او بخصوص القضايا العربية بشكل عام - وبمعنى آخر – هناك بعض القرارات الخارجية الاميركية ليس لها سوى بعد واحد , ووجه واحد , ومضمون سياسي واحد بالرغم من اختلاف الأقنعة , انه دعم المستعمرة الإسرائيلية الكبرى , والمحافظة على مصالحها وأمنها واستقرارها بكل صراحة ووقاحة ووضوح , فهي مجرد دائرة ضيقة لا تتسع لأكثر من شريكين , ولا تحتوي على كثير من المشاهد الدرامية المعقدة , وإنما تدور في حلقة مفرغة واحدة , تبدأ من حيث تنتهي , وتنتهي من حيث بدأت , ويبقى فقط قدرتنا – نحن كعرب – على التعامل معها بطريقة سياسية صحيحة ودقيقة وحذرة 0
ولكن – وللأسف – فإننا بالرغم من كل ذلك الوضوح الفاضح لطبيعة العلاقة الصهيواميركية التاريخية , لازلنا – نحن العرب - , نتعامل مع مخرجات تلك القرارات السياسية الاميركية بطريقة أشبه ما تكون بقراءة الكف او الفنجان , ومن خلال ذاكرة عربية تاريخية مثقوبة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى , فنأمل النفس دائما بأماني مستقبلية ساذجة ولا حدود لها , كوقوف الغرب بشكل عام , والولايات المتحدة الاميركية بشكل خاص مع قضايانا العربية او مصالحنا القومية في قضية الصراع العربي مع المستعمرة الإسرائيلية الكبرى , او في أي قضية أخرى تتعلق بمصالحنا العربية على وجه التحديد , على أساس وجود عدد من المصالح العربية الاميركية المشتركة والمتبادلة عبر التاريخ , وكأننا نحاول أن نخدع أنفسنا بتغطية شمس الحقيقة بغربال من الأماني الخادعة والزائفة , وتحت أسماء وعناوين سياسية ودبلوماسية لا طائل منها , ويتضح ذلك بكل صراحة وجلاء وعلى وجه الخصوص , في كل مرة مع حلول الانتخابات الرئاسية الاميركية , ومع بداية ونهاية وصول الزعيم الجديد الى سدة البيت الأبيض 0
وحتى لا نتعمق كثيرا في سرد تلك الصفحات السوداء الواضحة من تاريخ الانتخابات الصهيواميركية منذ العقد الأول من القرن العشرون وحتى يومنا هذا , والتي أكدت ولا زالت حقيقة واحدة لم تتغير معالمها بعد الى يومنا هذا , وهي أن الولايات المتحدة الاميركية لم ولن تقف يوما من الأيام ولو من باب المجاملة مع قضايانا العربية في وجه حليفها الاستراتيجي , وذراعها الإجرامي , وابنها المدلل الضال إسرائيل , وما سيكون دون تلك الثوابت والحقائق لن يزيد عن كونه مجرد لعب على الشوارب والذقون العربية , وذلك بهدف المماطلة وإعطاء الفرصة للمستعمرة الإسرائيلية الكبرى لالتقاط أنفاسها وإعادة لملمة أوراقها التي ربما تبعثرت لسبب او لآخر , " انظر مقالنا – قضايانا العربية في ضوء الانتخابات الاميركية "0
وها هو التاريخ اليوم يعيد نفسه كشريط تليفزيوني قديم على يد السيناتور ومرشح الرئاسة الاميركي القادم باراك اوباما, ولكن هذه المرة بالألوان , ليدور في نفس تلك الدائرة المفرغة سالفة الذكر , مع اختلاف بسيط في وجوه الممثلين والمخرجين و( الكومبارس ) , وبنفس الأسلوب السياسي الذي اعتدناه قديما من كل القادة الأميركيين , - ونقصد – أسلوب " يعطيك من طرف اللسان حلاوة , ويروغ عنك كما يروغ الثعلب " وبالطبع فان ذلك في بعض الأحيان فقط , أما في اغلب الأوقات وأكثرها كما علمتنا التجارب والوقائع وأحداث التاريخ , أن لا مناص من انتزاع ما تبقى من تلك الحلاوة من فم العربي , والتعامل معه بأسلوب العصا من غير الجزرة , وذلك كتأكيد تاريخي لمن يفقه ممن يدعون فهم التاريخ , ويتعاملون بالسياسة , على تلك الحقيقة التاريخية المتجددة والتي سبق واشرنا إليها , وهي استحالة وقوف قادة الولايات المتحدة الاميركية ودون استثناء في وجه إسرائيل مع قضايانا العربية المصيرية 0
ولتوضيح هذه النقطة في سياق التأكيد السابق , فان السيناتور باراك اوباما وفي بداية حملته الانتخابية وعد بانتهاج خط جديد في السياسة الخارجية الأميركية كما هو حال من سبقه من المرشحين الجمهوريين منهم والديمقراطيين , وخصوصا تجاه العراق وفلسطين وأفغانستان ، بما في ذلك إنهاء الحرب وسحب القوات الاميركية من العراق وإغلاق معتقل غوانتانمو , وقيام دولة فلسطينية مستقلة ، وأضاف اوباما أنه على أميركا ( بذل الجهد الدبلوماسي الحثيث والدائم في منطقة الشرق الأوسط لتحقيق السلام والاستقرار , وانه قد آن الأوان لفتح صفحة جديدة في تعاملنا مع الآخرين ،ولنقل للعالم إننا مستعدون للقيادة ، وإننا سنقود العالم بالأفعال والقدوة الحسنة ) 0
ولكن ها هو مرشح الرئاسة الاميركية القادم باراك اوباما يتراجع عن اغلب تصريحاته ووعوده بعد فترة لم تتجاوز الشهر منها , لتحمل رياح الصهيونية الاميركية ومنظماتها الضاغطة كايباك أغلب تعهداته السابقة تجاه القضايا العربية بشكل عام , والقضيتين العراقية والفلسطينية على وجه الخصوص في مهبها , فقد غلب الطبع على الطابع كما يقول المثل الدارج , حيث كشفت صحيفة واشنطن بوست في عددها الصادر يوم الثلاثاء الموافق 8 / 7 / 2008 م , ما مفاده أن باراك اوباما تراجع عن مواقفه السابقة بشأن سحب القوات الأمريكية من العراق مع بقاء تعده بإنهاء الحرب – بانتظار أن يتراجع عن هذا التصريح أيضا خلال الأيام القادمة - , واختارت الصحيفة بعضًا من تصريحات أوباما التي تدل على تغيير موقفه ، منها قوله : " إن أمن وسلامة جنودنا والحاجة إلى الحفاظ على الاستقرار , هي التي ستحدد خطوة الانسحاب من العراق , وعندما أذهب إلى العراق وأجد فرصة للحديث مع بعض القادة في الميدان ، سأحصل دون شك على معلومات وأستمر في تعديل سياساتي" 0
كما أن تصريحاته تجاه القضية العربية الفلسطينية لا تحتاج الى تعمق في الفهم , او معرفة في أصول ومفاهيم السياسة والدبلوماسية والعلاقات الدولية , فقد شدد باراك اوباما الطامح لنيل ترشيح الديمقراطيين في السباق الى البيت الأبيض بتاريخ 27 / فبراير / 2008 م – أي – في بداية حملته الانتخابية وبكل صراحة ووضوح على دعمه الثابت لإسرائيل والعلاقات مع المجموعة اليهودية , وقال في كلمته التي اتضح من خلالها انه مجرد امتداد للعبة الصهيونية العالمية الكبرى على العالم بشكل عام , ومطامعهم في الشرق الأوسط على وجه الخصوص , إن ( أي اتفاق مع الشعب الفلسطيني يجب أن يحافظ على هوية إسرائيل كدولة يهودية لها حدودها الآمنة والمعترف بها ) وشدد أوباما ، الذي ضمن مكانته كمنافس ديمقراطي في الانتخابات الرئاسية المقبلة في ذلك الوقت ، أن إدارته في حال انتخابه ، ستقف إلى جانب إسرائيل في مواجهة كافة التهديدات المحتملة والمتوقعة ، وستعمل على ضمان تفوقها العسكري في المنطقة , وأورد قائلاً في هذا الصدد : " الذين يهددون أمن إسرائيل يهددون أمن الولايات المتحدة الاميركية , وهكذا يتأكد لنا انك إذا أردت أن تختبر نية أي زعيم أميركي قادم , او صدق نواياه تجاه قضايانا العربية , فما عليك سوى أن تبدأ به من فلسطين 0
وختاما فان اوباما او غيره من قادة وزعامات الولايات المتحدة الاميركية السابقون واللاحقون , لن يتجاوزا كونهم قفازات أميركية تديرها قوى الضغط الصهيونية , لتغطي جرائم وإرهاب يد المستعمرة الإسرائيلية الكبرى وتدافع عنها في كل زمان ومكان , وفي كل كبيرة وصغيرة , وأنهم مهما حاولوا تغيير وجوههم وألوانهم وأشكالهم بتقنع أقنعة الحيادية والديمقراطية والدبلوماسية , فان حقيقتهم ستظهر في نهاية المطاف , وستتغلب طباعهم واطباعهم التي جبلوا عليها بقوة المال والسلطة , على سياساتهم وتوجهاتهم وقراراتهم المفبركة , فتتكشف حقائق الحيادية والوقوف مع المظلومين والبؤساء في مختلف أرجاء العالم , وخصوصا في دولنا العربية كفلسطين والعراق على سبيل المثال لا الحصر , وعلى وجه الخصوص كلما تقلصت مسافة الطريق الى البيت الأبيض , ( فكل ما في الأمر أن الأوراق كشفت ولم يعد بالإمكان ممارسة اللعبة على الطريقة القديمة , فالحقيقة التي لا غبار عليها هي أن إسرائيل هي الولاية الواحدة والخمسون من الولايات المتحدة الأمريكية من أجل ازدهارها ورفاهيتها , وهي بالنسبة لأمريكا الغاية والوسيلة : غاية لأنها تحقق حلم اليهود بوطنهم القومي ووسيلة لأنها تضبط جيرانها العرب وتلعب دور الدركي لمصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط , وبالتالي فإن العرب والمسلمين اليوم لا يواجهون إسرائيل فحسب بل يواجهون إسرائيل وحلفاءها وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية ) 0








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا وراء استئناف الخطوط الجوية الجزائرية رحلاتها الجوية من


.. مجلس الامن يدعو في قرار جديد إلى فرض عقوبات ضد من يهدّدون ال




.. إيران تضع الخطط.. هذا موعد الضربة على إسرائيل | #رادار


.. مراسل الجزيرة: 4 شهداء بينهم طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزل




.. محمود يزبك: نتنياهو يريد القضاء على حماس وتفريغ شمال قطاع غز