الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السلاسل الحجرية .. موزاييك نصي قلق

سامح المحاريق

2004 / 1 / 26
الادب والفن


إلى أريج ......

أنسل من نفسي لأراها ....


تتابعت أزمات كثيرة ، تغيرت مواقعنا من بعضنا ، وكنت أدرك وقتها أنني على حافة النهاية ، وأن علي الاحتفاظ بها لأطول وقت ممكن ، كل تصرفاتنا التفات ساذج  للحنين ، كالتفات أخير من نفاذة قطار ليلي يذهب بالمعشوقة بعيداً ، ليترك العاشق مصلوباً في قشعريرة الضوء المتوتر ...

على الطريق الموحل إلى سدوم الجديدة ، الصاعد على أكتاف الجبال المتعبة ، أجلد خطواتي لأحث سيري نحو المقهى الهادئ على السفح ، أغيب في تفاصيل حياة يومية عادية ومكررة ، تشاربت عرق يليق ببرودة الجو مع الشاعر العراقي العجوز ، ومضيت لا ألوي على شيء سوى الارتكان بظهري الى الجدار والنظر إلى سدوم ........................

كنت صبياً بذؤابة وقدم حافية أطارد الفراشات والضفادع ، أنحدر وراء قطيع جدي عبر السهوب القليلة العشب ، وأعرف المسالك السرية بين السرو الكثيف على أطراف البلد ، ترقبني عيون الله بتحنان وتؤدة ، وأكلم نفسي كثيراً حتى ظنتني الجدة العجوز معتوهاً ، وكم قالت ( ويلي ع الصبي ) ، تركتنا وتركت روحها تحوم حول فرن الطابون الصباحي ، ورائحة الفجر الذي تشقه بخطوات وجلة لتقرع أجراس الحياة لعائلة كبيرة العدد .......................


أسفار الخروج الخمسة 

السفر الأول ..

كان الكون هادئاً انتظمت الملائك حول العرش ، وكنت هناك أتعربش الفراغ الصامت قبيل الخليقة بقليل ، الجلبة أتت من هناك ، ألقى الإله بلوحه جانباً ، وجبل الطين بالماء ، ونفخ من روحه ، فرأيته خائفاً بين العيون المترصدة ، مرتعشاً معجوناً بالخوف ...

وعلمه الأسماء كلها ، فبكيت .. طرقت مسامعهم ..  التفتوا إلي غاضبين .. وركلني ملاك ضجر بالفوضى إلى سدوم ..

السفر الثاني ..

السيارة البيضاء القديمة حملتني عبر المنحنيات الجبلية ، أتطلع إلى الصباح المضبب ، وأتفقد بين حين وآخر أوراقي ، استودعت أسراري في الغرفة الصغيرة في الطابق السفلي ، ديوان البهاء زهير ومقامات الحريري والبيان والتبيين والأغاني ، ومصارع العشاق وطوق الحمامة ، استأمنتها على كتبي المدرسية وصوري مع الأصدقاء ، وخربشاتي ونزقي الطفولي ، ووحدتي ، وركضي على السلاسل الحجرية ...

قدمت تصريح خروجي ، ختمته المجندة في زيها العسكري بحيادية وبرود ، ورحلت عبر النهر الصغير الذي فاض من دموع ايزيس على بنتها الهاربة مع البدوي اللا متحضر نحو العشق ..

السفر الثالث ..

تفارقني براءتي في الحانات البحرية ، ومع هسهسة العرق المصفى في الرأس الذي هذبت ذؤابته ، أرقب الفتيات السائرات بمحاذة سينما فريال ، وأتلكؤ في مشيتي البحرية ، أتزيا ثياب الغجر ، وأتعلم رقصة قديمة ، وتتسلق البذاءات على لساني كالطحالب البحرية ...

أجن بالفتيان الممزقي الثياب في شارع البورصة وبائعات الجبنة والحمام على سور محطة القطار ، والكتب القديمة في شارع النبي دانيال ، ومدرسة البيانو في جمعية الفتيات المسيحيات ،  مطعم "شيجابي" بعاهراته ولواطييه ،

السفر الرابع

أسمي الأشياء بأسمائها .. وأمعن في الحكمة كي أهرب من الضحكات العالية والصخب المجاني ، فتنبذني سدوم في غرفة مهملة ورطبة وحيداً .. لأنني عرفت كل الأسماء .. وبكيت ..

السفر الخامس

أخرج من قلبك .. للأبد

 


تلاسن فج مع محيي الدين بن عربي ..

كل شوق يسكن باللقاء لا يعول عليه

يا مولاي اللقاء للغرباء.. وللخلصاء الوصال ، والوصال منشأ الشوق ، والشوق بذرة الحنين ، والحنين لا يسكن إلا  بالاغفاء على كتف يسع الذنوب والمغفرة ...

كل حال يدوم زمانين لا يعول عليه

فكيف وحال عشقي يعبر الأزمان ، ويصحبني في التحول والوجد .. وما زلت معولاً عليه بكثير جنوني ،

كل سكر لا يكون عن شرب لا يعول عليه

شربت في المساء الماضي رفاً من الزجاجات القانية في حانة متواضعة ،  ولم أغادر صورتها ، لم أسمع غير تنهدها المتشيأ في دمي ، ولم أعتلي بالسكر أحزاني

مرضي من مريضة الأجفان        عللاني بذكرها عللاني

يقتلني ذكرها كنسيانها ، وأرتهن إلى الهوس المازوكي كلما نقرت  رقم هاتفها وقلبي يرتعش ..
 
فاصرف الخاطر عن ظاهرها      واطلب الباطن حتى تعلما

شيخنا لم يقرأ ماركس ...


( أسقط أمامها من فوق السلاسل الحجرية ... فينكسر قلبي )

سامح المحاريق / عمان   تشرين اول 2003








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي