الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بورتريه آسيا

أحمد الفيتوري

2008 / 7 / 19
الادب والفن


ما الذي يجعل امرأة قارة ، من الذي يؤله النساء ، كيف تكون امرأة من النساء وتكون كل النساء ، من المرأة التي ليست كالنساء وهي النساء أيضا ، ما الذي يجعل الماء ماء ، والماء كل شيء ، من تكون امرأة من الناس ككل الناس ومُصطفاء منهم ، من آسيا قارة القارات وحبيبة واحد أحد ، ما الذي يجعل امرأة ترُوم المحن، وتمنح مُضاداتها الحيوية للوجلين ومن بهم وهن.
كيف تسن أن تكون امرأة رؤم وأم حنون وصديقة ، كيف لها مُخاتلة النفس التعبة والنهوض بأعبائها دون كلل، كيف لامرأة لا تكل ، لا تمل ، لا تعرف الوهن وقد حاطها الزمان بكل رُعوناته .(رٌعونته )
كأن آسيا – هكذا اسمها – القارة الكبرى ؛ الأخت الأكبر كأنها المرأة الأولي، حواء من روضت الدهر كي نكون، أو أنها الابنة الاولي لحواء ، من تنسمت المكابدة ، ولطفت أجواء الدهر علينا ، من عصرت كبدها كأٌكسجين للنفس متى ضاقت النفوس بنا.
جالت في أيامنا دون أن تدري كدواء لمحنتنا واتخذناها قدوة .. وقدة .. وتمترسنا بها في وجه جحافل الظلم ؛ كاظيمين لأجلها ضعفنا، فآسيا قارة مُقتدرة، وإن وهن العظم منها ، كانت رئة كل ذي نفس ضيق، وكل هلوع وغير مُقتدر .. ذاك دون أن تدري ، وطبعا نحن غير دارين و لا مدركين كم هي فينا قوة، تعصرنا وتعصمنا في وجه الضيم الذي حاقنا لحقب ، وحقب بنا كما الزلزلة التي لا تريم ، و لا تأخذها سنة رحمة و لا تنام .
إن لم ينم الظلم فلم يأخذ آسيا وسن علي الظلم ، و لا عن أحبابها في دين الحرية.
امرأة غير ملول ، امرأة غير كلومة ، غير هلوع ، امرأة تحب الناس للناس ، تحب الناس وفي هذا ليس بمستطاعها التغيير فلم تكره حتى المكروهين ، حسبها أن تحب لا أن تُحب حسبُها أن تمنح ، حسبُها أن تُبلسم الجراح .
اذا وقب غاسق ، وحسد حاسد ، فعينها تعويذة للمقهورين هي في الناس كافة، هي امرأة تذوذ عن الحياة وحسب.
لا أعرف صنوا للقارة هذه ، للصمد غير أخ شقيق روحها من أٌمها وأبيها يُدعى عبد العزيز الغرابلي ، من كان روح بسمة.. فجسده تبدد في بسمة لا تفارقه ولم يفارقها حتى ساعة حاصره من الأمام المرض ، ومن الخلف السجن .
لقد غربل الزمان الذي أعيش نفسه في غربال شمس كي يضيء حياتي، ومن كانوا و لا زالوا رفقتي ، بآسيا هذه وصنوها عبد العزيز من ذهب في رحلة الدهر المعهودة ، تاركا فيّ ومضة لا تنطفيء ، وتاركا لنا كفا ظليلا في حجم كف آسيا.. حناء رطبة وندى أنعش أرواحنا من جفف حلقها السجن وحليفه الضيم .
كأن آسيا امرأة خُلقت كي تكون مظلة تسد عنا فعل الضيم في النفوس ، كي توقظنا من سراب النفس العطشة للحياة النفس التي زنزنت عن الحياة.
أي آسيا يا أم جُمانة رمان الروح الطليقة، وسعدون الفتى الذي يحمل اسم شاب ليبي صرع البغي الأيطالي ، ولم يُ صرع وإن كان من الميتين ككل الناس، أول مرة جلت عليّ في حديث في زنزانة في سجن بورتا بينتو؛ كان زوجك الآن وحبيبك دائما يذكرك كما يذكر المغيث ، فأغثنا بك، لم تكوني في حكاية من حكاياته الكثيرة التي تعرفين.. كنت الحكاية ؛ عبد الحميد البشتي الرجل الغلاب غالب السجن بك فينا، منحنا من روحه أنت ما لم تمنحنا أرواحنا المنعمة بآمال توهن غير المتيقظ، وتنعس الشغوف عن ما به.
عبد الحميد كما عبد العزيز يعرفانك فعرفناك، ولم تكوني ظنا، كنت القين الذي يصبغه الزمان كالنبيذ أو الحناء تبات ليلة كي تتوقد في صبحها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب