الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق في عهد قاسم.. تاريخ سياسي1958-1963

كاظم غيلان

2008 / 7 / 16
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


يكتسب هذا الكتاب أهمية من حيث قراءة المؤلف النقدية لتجربة العراق في عهد الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم لاختلافه في العديد من الانطباعات والمواقف التي تناولتها المؤلفات الأخرى فمؤلف الكتاب من أصل ألماني وكان في اثناء تأليفه هذا الكتاب يحتل كرسي الاستاذية لتاريخ الشرق الأوسط في جامعة تل أبيب.
الكتاب صدر عن دار نبز للطباعة والنشر في السويد في العام 1989 بـ ( 484) صفحة من القطع الوسط متضمناً ثلاثين فصلاً فيها بحث وبشيء من الدقة واحدة من أبرز فترات التاريخ السياسي العراقي التي امتدت منذ يوم الرابع من تموز1958 الذي شهد ثورة غيرت نظام الحكم وانتقلت به من الملكية الى الجمهورية التي كان الزعيم قاسم على رأس دسته حتى استشهاده في شباط 1963 اثر الانقلاب الفاشي الأسود.
بين تجربتين
يقارن المؤلف في الفصل الأول من كتابه وضمن محور (ممهدات الانقلاب) بين تجربة حركة الضباط الأحرار التي تبنت مشروع الثورة في العراق بعصبة الضباط المحبوكة النسيج التي تزعمها جمال عبد الناصر بهدف الاستيلاء على الحكم في مصر في العام 1952 ، فالثورة في العراق بحسب قناعته كانت حتى في مراحلها التحضيرية من عمل شخص واحد ، وقد نفذها قاسم مع العقيد عبد السلام عارف معاونه الشخصي الموثوق به. في حين ان زعامة قاسم لم تكن قط مقبولة من غير تحفظ من قبل مجموعة الضباط المؤتمرين كزعامة عبد الناصر التي قبلتها حلقته دون تحفظ. قد اختلف مع وجهة نظر المؤلف الى حد ما فعبد الكريم قاسم لم ينفرد او بالاحرى لم يشكل الحركة بالتعاون مع عارف، اذا ما عرفنا ان معظم المصادر التاريخية التي بحثت هذا الموضوع اكدت طبيعة التشكيلة القيادية وكيف اعتمدت منهجها التحضيري للثورة عبر سلسلة من الاجتماعات والمحاولات التي سبقت الثورة لاسقاط الحكم الملكي، ومن ثم فان الضباط الاحرار هم الذين اجمعوا على قيادة قاسم لهم، وهذا ماأكده المؤلف نفسه فيما بعد اذ يشير في معرض حديثه عن اتحاد مجموعتين من الضباط في العام 1956 لانتخاب قاسم وكان في حينه قد رقي الى رتبة عميد وآمر للواء التاسع عشر، رئيساً للجنة المركزية العليا لحركة الضباط الاحرار التي قادت التشكيل الموحد . ص33
عارف والشيوعيون
بحث الفصل الثامن من الباب الثاني(التحدي الشيوعي) بخصوص التعبئة الشيوعية قبل اعتقال عارف مبيناً ان هناك تحذيرات اطلقها الحزب الشيوعي العراقي ازاء (الشعارات المتطرفة) وواضح حسب المؤلف ان المقصود بهذا التحذير هم اولئك الذين ينادون بالوحدة الشاملة مع الجمهورية العربية المتحدة والمقصود بـ (تمجيد هذا الزعيم أو ذاك) هو لاشك عبد الناصر، ويرى بأن الاسلوب واضح والموضوع جلي اذ عدها اشارة من الحزب الشيوعي لكنها كافية للواعي سياسياً.
الا ان المؤلف يعود مرة اخرى ليقع في سوء تفسير واضح حين ينفي يكون للشيوعيين اي دور في مراحل التخطيط والتنفيذ وان موقفهم انحصر ببث العزم في الضباط الاحرار ودفعهم الى تنفيذ العملية في الفترة التي سبقت الثورة بقدر ماكانوا قد أمنوا للعهد الجديد مناعة ضد محاولة ما لعودة الملكيين الى الحكم . هنا يقع المؤلف في تباين واضح فعدد الضباط الشيوعيين الذين كانوا ضمن تشكيلة الضباط الاحرار ليس بالقليل، ثم ان الحركة كانت على صلة بسائر الاحزاب قبل التنفيذ والشيوعيين في مقدمتهم، واستمروا حتى نهاية الثورة في شباط 1963 اذ استشهد قائد القوة الجوية جلال الاوقاتي وطه الشيخ احمد وهما قياديان شيوعيان فضلا عن ضباط شيوعيين آخرين كوصفي طاهر وماجد محمد أمين ، وبما ان عبد السلام عارف من اشد المتحمسين للوحدة مع مصر فلربما فسر المؤلف من جانبه بأن الشيوعيين كانوا هم السبب في خلاف قاسم معه حين يؤكد (لم يكن للمقاومة الشعبية دور يذكر في المسيرات الحاشدة التي أعقبت اعتقال عارف ) وهذا مايؤكد طبيعة تصوره. ويذهب لماهو أبعد بالقول: " أذيع نبأ اعتقال عارف في مساء 4 تشرين الثاني . وفي اليوم التالي ثم لعدة أيام بعدها انطلقت حشود ضخمة في شوارع بغداد مطالبة بموت(عارف) وبالحياة لـ( قاسم) بوصفه - الزعيم الأوحد- هذا النعت عمل الشيوعيون على نشره في محاولة منهم للانتقاص من مكانة عبد الناصر وشد معنويات-قاسم- ص 139.
الطبع المعقد
في معرض سرده للأحداث الدرامية التي تخللت فترة حكومة قاسم يورد الكيفية التي تعامل بها قاسم مع اعتى اعدائه من خلال العفو عمن حاولوا اغتياله في العام 1959 اذ يقول: " يجب على المرء ان لايغفل السمتين الغالبتين على طبع عبد الكريم قاسم (المعقد) وهما انعدام الروح الانتقامية فيه ووزنه الكبير للحياة البشرية، هذا المزيج من الواقعية السياسية والكرم العاطفي هو ايضاً او على اغلب الاحتمال مفتاح لتغاضي قاسم عن خيانة (الربيعي) بعد البغتة التي اعترته لأول وهلة، لكن ليس ما يضفي شرفاً على قاسم التسليم عن طريق محاكمة علنية بأن رئيس مجلس السيادة تآمر على ازاحة الزعيم باغتياله و(الربيعي) بشخصه لم يكن يمثل قوة بالمرة، ولاشك ان الرعب الذي تملكه سيجعله أكثر مرونة وتجاوباً في المستقبل" ص325. وانني لا ارى ان هناك ثمة مسوغ لاضفاء صفة (المعقد) على من يتبنى الصفح والمسامحة.
المراحل الأخيرة
هذا عنوان الفصل التاسع والعشرين من الكتاب الذي يستعرض فيه المؤلف المراحل الأخيرة من حكومة قاسم والذي يستهله بالقول: " فقد قاسم شعبيته عند كل طبقة وكل تكتل جماهيري وتجمع شعبي قادر على الاخلال بتوازن القوى في البلاد، لم تنتشر اي اشاعات ذات طابع جدي حول فساد في شخص (قاسم) والقصص التي دارت بشان جنونه وطغيانه ليست من قبيل تلك التي تقترن في اذهان الناس بالطمع وجمع المال. وقد انتشرت بعد سقوطه اشاعات بشأن فساده المالي مع ذلك، فزعموا انه كان يستوفي من خزينة الدولة ثلاثة رواتب عن مناصبه الثلاثة اي بوصفه رئيسا للوزراء، ووكيلاً لوزير الدفاع وقائداً عاماً للقوات المسلحة، ولو صح هذا فمازال هناك من شك في ان ذلك يستقيم مع نص القوانين على ضوء السوابق العراقية" هنا يأخذ الخطاب والتحليل الذي اعتمده المؤلف طابع الانصاف الذي اكدته الوقائع التي انتهت بنا الى هذا اليوم ونحن نستذكر الشهيد قاسم الذي امتاز بالزهد والعفة التي افتقر لهما جميع اعدائه ، ويعزز ذلك في تشخيصه للشائعات التي سرت بعد استشهاده بالنص: " هذه الشائعات التافهة عن تهم ضد شخص كان في وسعه ان يضع يده على الملايين" ص445. ويذهب بنا الى حيث خاتمة كتابه بالقول: " ان السرعة التي كادت تكون متجردة عن الخلق الكريم التي نال بها قتلة قاسم ووارثوه اعتراف جمعيع الدول في العالم، وعدم اظهار حتى الأسف الشكلي على مصير قاسم عموما انما هو دليل صارخ على فشله" هنا نتوقف عمن تجردوا عن الخلق الكريم وأعني(القتله) الذين قابلوا تسامح الشهيد عبد الكريم بالتآمر و(فتله) ، ففي يقين الجميع ان من يتمتع بهكذا مزايا عظيمة لايمكن ان يكون فاشـلاً في تقديراتنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الغوطة السورية .. قصة بحث عن العدالة لم تنته بعد ! • فرانس 2


.. ترشح 14 شخصية للانتخابات الرئاسية المرتقبة في إيران نهاية ال




.. الكويت.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصب


.. حماس ترحب بمقترح بايدن لإنهاء الحرب.. وحكومة نتنياهو تشترط|




.. الجبهة اللبنانية الإسرائيلية.. مزيد من التصعيد أو اتفاق دبلو