الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرئيس صالح والقوى التقليدية ..من أعاق التحولات.؟

رداد السلامي

2008 / 7 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


الإشكالية الكامنة في مسار التحولات في اليمن ،نحو بناء دولة وطنية حقيقية محكومة بالمؤسسية المنسجمة ،أن القوى التقليدية القبلية ذات الوعي الاقصائي والاستحواذي ،تمانع بشدة هذه التحولات وتعمل بكل ما تستطيع أو ما يتاح على إعاقتها وجعلها تتخذ طابعا تغييريا حقيقيا ، أي أنها على النقيض من الضد ، وتتكئ على قوة وجودها في بنى النظام منذ أمد بعيد ،لعرقلة هذا التحول، ولأن آليات الوصول إلى تحقيق الدولة ،إذا ما طبقت فعلا في سياق التبادل السلمي للسلطة آليات كفيلة بالتغيير الايجابي المنشود والقريب من مثالية الذهنية النخبوية والطموح الوطني العام، فإن هذه الآليات تقابل بالتشويه والشكلنة ،لتجرد من جوهرها الذي يرتب تغييرا حقيقيا واعيا، وبالتالي فإن القوى التقليدية تنتج ذاتها آليا عبر تلك الشكلنة التي تفرغ الديمقراطية من مضامينها الحقيقية ،وتعمل على تشظي قوة المجتمع بمختلف قواه الساعية إلى التغيير من خلال الإسهام الغير مباشر في عملية تزوير الانتخابات ،وشراء الذمم والترغيب ،والترهيب ،وبث الشائعات المخيفة، إذا ما تحقق أي تغيير أو تبديل للسائد والمعتاد،فيما هي تمتاز بنيتها القبلية بالتماسك وتركز قوة أفرادها والذين يدورون في أفلاكها وما يحقق مصالحها نحو تأييد ما يعزز وجودها ويضمن هيمنتها ونفوذها وشراكتها في السلطة، كغنيمة أو فيد يضمن تدفق الثروة بين يديها.

وإذا ما افترضنا أن الرئيس جادا في الإصلاح ،فإنه قد يواجه صعوبة في إحداث أي انتقال أو تصحيح وتغيير، فهو مضغوط بقوى لا مرئية تقليدية هي من تحدد مسار التغيير ، وتمارس هذه القوى عبثا وفوضى ،إذا ما شعرت أنها بدأت تواجه حركة تفكيكية مباشرة أو غير مباشرة من السلطة ،لأن هذه القوى ترى في التحول نحو الدولة والأخذ بالديمقراطية مضمونا تحولا ينشأ عنه الترتيب لحالة جديدة ، تضعف من نفوذها وهيمنتها ،وبالتالي توجد حالة من التساوي في إعادة توزيع الثروة والمناصب ،كما أن القانون والدستور إذا ما وجد طريقه نحو التطبيق العملي ،سيعمل على تفتيت رمزيتها وشعورها بالتفرد الذي يعد السيادة والحكم حقاً ملازماً لها دون غيرها.

القوى التقليدية إذا متوغلة في مفاصل ما يفترض أنها دولة الآن، وتوغلها قديم مدعم بفكر ديني وكذلك وجود رتبته نضالاتها قبل الثورة ضد الإمامة ،وبالتالي فإنها جلببت تلك النضالات التي حركتها مطامح ذاتية وأسرية بجلباب وطني عام هدفه تحرير الشعب ،أي أنها التحمت بنضال الحركة الوطنية الثورية الخالصة ،بحيث أبقاها ذلك بعيدا عن تهمة المقاومة من أجل المصالح ،والوصول الى الحكم ، وهو ما تحقق فعلا، لكنها في ذات الوقت غذت ذهنية أفرادها بوعيها المتمثل في الاعتقاد بأحقيتها في الحكم والوجود ،وتستفيد من هذا الوعي بأن تجلده بصوت التخويف من تلاشي مجدها وكذلك تعبئة أفرادها والتهديد بالزج بهم في أتون تمردات، إذا ما واجهت أو شعرت باقصائها من السلطة وأثدائها المدرة للمال والثروة.

ومن الناحية الدينية فإن الدين استخدمته في تثبيت شرعية وجودها ، من خلال استدرار عاطفة الشعب وتشكيل وعي مشوه أكسبها زخما شعبيا عاما ، بينما تمتلك استعدادا محكوما بوعيها القبلي للتمرد على الدين كقيمة ناهضة ومحررة إذا لم يدعم وجودها ..!!

القوى السياسية مصابة بشكل أو بآخر بهذه القوى ونفوذها ، فالإصلاح أكبر حزب سياسي معارض معاق ومكبل ولم يستطع أن يصل للسلطة أو يستحدث آليات جديدة للوصول ،وهو مع امتداده يبدو كعملاق مشلول ، لأنه كما يبدو للمتفحص يستمد امتداده من امتداد زعماء هذه القبائل التي أبقته على هذا الامتداد الكسيح والعاقر ، لتستخدمه هو الآخر أداة لتخويف السلطة وتمتين نفوذها ، ولو أنه يستمد زخما من بنية المجتمع وعمق الجماهير وقناعاتها لكان اليوم حاكما ربما.

وهي تتوزع في مختلف التكوينات السياسية الناظمة لتشكيلات المجتمع ، وتجذر من وجودها فيها خصوصا في القوى السياسية ومن خلالها فإنها تضبط إيقاع لعبة النفوذ بشكل يجسد حضورها المخفي المؤثر ، فهي قوى معارضة وحاكمة وأحيانا محايدة ، ومرجعية تحل الأزمات والمشاكل، وهي الحاسمة للصراعات ، دون الشعور بذلك ، ولا تجعل ذاتها في الواجهة ، إلا بالقدر الذي يظهرها كقوى وطنية ويسهم في منحها عمليا دورا رياديا ، لتبقى متمو ضعة قلب الفعل الحقيقي بتخفٍ ذكي راصد لحركة الأحداث والتحولات.

غير أن الرئيس مطالب ببتر هذه القوى ، فهي تسعى إلى اقصائة ، وفي ذات السياق تشوه تاريخه وسمعته بعبثها عبر وجودها المستتر في سلطته وعدم تحقيق إصلاح وطني حقيقي ، بينما تبرز تاريخها كناصع ، فاقع لونه يسر الناظرين ، وبالتالي عليه أن يتجه نحو ما يبني ويخلق تنمية ونهوضاً وتقدماً وطنياً شاملاً في مختلف المجالات ، بدلا من تبديد الثروة والجهد في إرضاء هذه القوى وشراء ولاءاتها ، إنه حين يخلص للشعب سيكون الولاء له شرعيا خالصا ، وبإمكان الرئيس أن يجسد الديمقراطية ، وأن لا يعيق القوى السياسية ذات المشروع الوطني ، التي تنتهج الدستور والقانون في نضالاتها الوطنية .وبالتالي فإن ذلك سيحفظ تاريخه وسمعته ، ويرتب للبلاد وضعا أفضل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المتحدث باسم حركة فتح جمال نزال لسكاي نيوز عربية: حركة حماس


.. موفدنا: 7 غارات تستهدف منطقة حوش السيد علي في قضاء الهرمل شر




.. قوات الاحتلال تنسحب من مخيم الفارعة جنوبي طوباس بالضفة بعد م


.. سعادة حجاج كردستان العراق بوصولهم إلى أرض الحرمين الشريفين




.. شركة موديرنا تعلن عن لقاح واعد مشترك مضاد لكوفيد والإنفلونزا