الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العمل السياسي دون رؤية..توهان في - الصحراء السياسية-

محمود كراجة

2008 / 7 / 18
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


هل يوجد جماعة، حركة سياسية،مجتمع دون وجود قيادة؟ هل يوجد قيادة لجماعة، لحركة سياسية، لمجتمع،لمؤسسة، دون وجود رؤية ؟كيف يمكن أن تكون الرؤية خميرة العمل/الفعل التغييري؟
تفيد التجربة التاريخية، بأن ما من شعب/أمة إلا وبرز فيها رموز، أبطال، قادة، نشأوا في سياقات فكرية وسياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية وتربوية، صنعت منهم قادة غيروا مجرى حياة شعوبهم، بل وأثروا على شعوب وحضارات أخرى، هذا الى جانب الخصال والصفات الشخصية التي اتصفوا بها، وأهلتهم لأن يصبحوا قادة، يعبرون عن آمال جماعاتهم، وأحزابهم، ومجتمعاتهم، وليس ذلك فحسب، بل يمثلون احتياجاتهم وتطلعاتهم وتوقعاتهم، إضافة الى، قدرتهم على تمثيلهم وأسرهم بأحلام كبيرة، شكلت "الأيدلوجية التحفيزية" لديهم التي ألهبت عقول وعواطف الناس، ما جعلتهم يضحون بحياتهم من أجل تحقيق ذاك الحلم.
هنا ينشأ الإشكال الآتي: هل يوجد قيادة دون رؤية يعملون من أجلها ولخدمة مجتمع أو قطاع مجتمعي معين، تشكل المحفز الدائم للعمل وبذل الطاقات والتضحية بالنفوس إن توجب ذلك؟ لا جدال، بأن جوهر القيادة يكمن في مضمون الرؤية وجوهرها، ومدى قدرتها على تحريك/تحفيز/وتثوير المخيلة لدى الناس، وتمثلها بصورة ملازمة للعقول والعواطف والأفئدة، وتشكل الخميرة التثويرية للمجتمع/الجماعة/ الحركة السياسية. إذ أن العمل وخاصة السياسي، دون وجود رؤية يعني الفوضى، والتوهان، والتخبط، وليس مبالغا القول، الفشل.
فالرؤية الصورة المستقبلية التي نود أن نرى فيها أنفسنا ومجتمعنا، أي بمعنى آخر، تحتوي على فكرة التغيير، والتحول من وضع معين الى وضع/حالة أخرى، في المجالات المختلفة التي تهم الناس/المواطنين. وإن كانت فكرة التغيير، فكرة جذابة، إلا أن المجتمعات بطبيعتها، تميل الى المحافظة أحيانا، لكن إجتماع وتفاعل السياقات الفكرية والسياسية والاقتصادية تجعل من مسالة التغيير مسألة مرغوبة وغير مقاومة، ومن هنا تكون اللحظة التاريخية المناسبة/المواتية لإحداث التغيير. فهل يمكن إحداث التغيير دون وجود قيادة، دون وجود حامل سياسي-اجتماعي لرؤية التغيير.
إذ أن القيادة بمفهومها غير الإجرائي، تعد البوصلة/المؤشر الدائم نحو الرؤية/الحلم التحفيزي للمجتمع/الجماعة. وهذا ينطوي على دورها في تمثيل الجماعة او غيره، والتعبير عما هو مكنون في دواخلهم، وبالتالي تلعب دور الموجه والمؤثر نحو الحلم الذي تتمثله/ تريده الجماعة، كما أنها أيضا ملهمتهم الدائم/ ومحفزهم المستمر نحو تحقيق ما يتطلعون اليه.
تنطوي القيادة على فكرة الإقناع والتأثير على الآخرين نحو تحقيق الرؤية والاهداف، فهي عملية معقدة، وليست مسألة حسابية بحتة ومجردة. فالقيادة تعني القدرة على الإقناع / التأثير على الآخرين وتعبئتهم وتحشيدهم وتنظيمهم نحو تحقيق رؤية وأهداف محددة، تمثل جوهر تطلعاتهم واحتياجاتهم ورغباتهم، فهي عملية تنطوي على القدرة عن التعبير عما يريده الآخرون، وتمثيل ذلك من خلال فعل وممارسة، وصهر لإمكانياتهم وطاقاتهم وقدراتهم من أجل العمل على تحقيق ما يريدون.
من الطبيعي أن لا يكون كل أفراد المجتمع قادة، هكذا لسان حال الواقع يقول، بل ويثبت، إذ لا يمكن من الناحية المنطقية أن يكون الجميع قادة، كما أن القادة ايضا لا تلدهم أمهاتهم قادة، أو ترسلهم الآلهة ليصبحوا قادة، او تخلقهم الطبيعة ليكونوا كذلك، أو يورثون "جين" القيادة. فالقيادة أيضا هي فن وعلم، وإن كانت كذلك فهي لا تهبط من السماء أو تصنعها الطبيعة أو تورث جينيا، بل تكتسب اكتسابا/ تعليما/ تربويا/ تجريبيا/ حيث أن الجماعة/المجتمع أساس بروز القادة، إضافة الى الظروف المجتمعية، والحاجة الى التغيير.
هكذا التجربة السياسية تفيد، بأن العمل السياسي دون رؤية، توهان في "الصحراء السياسية"!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسبانيا: آلاف المتظاهرين ينزلون إلى شوارع مدريد للدفاع عن ال


.. لماذا تتبع دول قانون السير على اليمين وأخرى على اليسار؟ | عا




.. مظاهرات في القدس تطالب بانتخابات مبكرة وصفقة تبادل والشرطة ا


.. Boycotting - To Your Left: Palestine | المقاطعة - على شمالَِ




.. رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة في إسرائيل: خطاب غا