الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انذار جيم

اميرة بيت شموئيل

2008 / 7 / 18
الادب والفن


- اتأسف عن كل عبارة قلتها قبل يومين واخطأت بها في حقك... لا تقفلي السماعة في وجهي ارجوك.... منذ زمن وانا اعيش في جهنم وليس لي احد ينقذني... ارجوك اسمعيني.
صمتت رمسينا امام العبارات المخنوقة بالاهات والدموع ، منتظرة ان تهدأ اجواء الطرف الاخر، قبل ان تقول:
- ما الذي يجعلك تعتقدين باني استطيع مساعدتك، دون ان يكون بيننا سابق معرفة؟؟ لقد نسيت حتى اسمك...  لماذا لا تطلبين المساعدة من اهلك والذين يعيشون قربك؟ لماذا انا بالذات؟؟؟
- اسمي جانيت... لقد طردت نفسي من بيتي ولا اهلي لي يساعدوني. اما عن المعارف، فقد ابتعدت عنهم، لان الجميع ينخر سيفه في جسد المرأة في هذه الحالات!!. انت الوحيدة التي تستطيع مساعدتي.
- ولكن، لماذا انا بالذات؟؟؟
- لقد كنت من المتابعين لنشاطاتك واعرفك... جريئة في الموقف والتعبير عندما تتعلق الامور بمبدئ تومنين به. اعرف ان لا احد يقف امام قلمك عندما يشير الى مساوئ مجتمعنا. كما انني تابعت قصصك وتلمست وقوفك الى جانب المظلومين وثورتك على ظالميهم.
- ولكني لا احبذ التدخل في القضايا والصراعات الشخصية بين الناس.. كما ان اية معلومات غير صحيحة ستؤثر على عملي. اسمعي، اذا اردت ان استمع اليك لتزيل عنك الكآبة والضجر، انا على استعداد لتخصيص وقت لذلك. اما ان اكتب عن صراعاتك الشخصية ...
استفزت مشاعر غضبا جانيت للكلمات القادمة من طرف رمسينا وانفجرت في وجهها:
- اياك ان تفجري في نفسي نيران الغضب مرة اخرى  يا امرأة ... هل تعتقدين باني اتصل بك وادفع حساب المسافات الطويلة، لالتمس الشفقة او الرحمة منك؟؟؟. يا مغرورة، انا احمل في داخلي قضية انسانة ظلمها من وقفوا امامكم ليدعوا ويهلهلوا للقضايا الانسانية والقومية. ايتها التعيسة، انك لم تعرفي بعد هؤلاء الشياطين... لم تعرفي عن استهزاءهم بما ينادوا به بعد.
- جانيت، اسمعي جيدا، انا اتحملك لاني اتفهم انك في ورطة... والان اما ان تأدبي لسانك الزفر او اتركك فيها.
- افهميني ارجوك.... فانت لم تعرفيه بعد ... انه فاسق ، يتحايل حتى على من يتعامل معه باحترام، وغدار لا يتوانى عن ضرب خنجره في ظهر اصدقاءه... اعلم بانك تحترمين الجميع وهم يظهرون احترامهم لك ، كما يظهروا الادب، لكنك لم تعرفي بعد هذا الوقح. لم تعرفي كم استهزأ بكتاباتك وفكرك امامنا، ووجدك غبية لا لشيئ الا لكونك امرأة ، في رأيه لا تعرف كيف تتمتع بالحياة ، فلجأت الى الكتابة والتحليل.
- من هو هذا الجاهل؟
- ستعرفين فيما بعد.
حاولت رمسينا جاهدة اخفاء الغضب من التصريحات التي نزلت عليها كالصاعقة، فقد اصرت هذه المرة الا تدع الفرصة تفلت منها قبل ان تتبين السبب الحقيقي من وراء اتصالات جانيت، المصرة على استدراجها الى حل الالغاز او ربما ... الوقوع في  مشكلة مجهولة الاطراف.
- على كل حال، لو كان هذا النقد سليم وواقعي ، لتقدم وجاهرني به امام الجميع... وانت ارجو ان تنظري الى ورطتك ولا تتعبي فكرك بما يفكر الاخرين بي.... انا لم افتح دار المتعة ليحبني الجميع... لقد فتحت دار الثقافة والاخبار والنقد والتشهير، وطبيعيا جدا ان يكون لي اعداء. ركزي على مشكلتك رجاءا.
- لا اخفي باني وزوجي كنا على خلاف ، عندما حل ضيفا على جمعيتنا وعلينا!!.
استوقفتها رمسينا وسألتها بسرعة، عسى ان تستدرجها لاجابة ، تمسك بها خيط البداية:
- من هو هذا الضيف ؟؟ هل اعرفه؟؟
- ستعرفين فيما بعد.
- اه... انها حزورة... حسنا اكملي.
-  الحقيقة كنت على خلاف مع زوجي بسبب اهماله لمسوليات البيت والاطفال وتركها دائما على عاتقي، ولكني لم افكر ابدا بخيانته...
- ماذا عن غرفة النوم؟ من المعلوم ان اغلب المشاكل الزوجية تبدأ من هذه الغرفة.
- احترم جرأتك. صدقت... هذه الغرفة اللعينة تحولت في ذهني الى سجن ، كما تحول الفراش الى اغلال، تسوقني اليه الواجبات الزوجية رغما... هذه الغرفة الباردة ، اخمدت، شرارة الدفئ في قلبي وحولتني الى قطعة جليدية الى جانبه ليس الا.
- ماذا عن زوجك؟؟ هل كانت له نفس المشاعر؟؟
-  ربما كانت لزوجي نفس المشاعر، ولكني لم اتجرأ على مفاتحته بمشاعري او معرفة مشاعره في هذا الامر... الحقيقة لم يحصل ان تحدثنا بصراحة عن هذه الامور مع بعضنا البعض... لا ادري لماذا ... ولكني اعرف بانني لم اتجرأ منذ البدء في مفاتحته ... ربما انتظرت ان يبادر هو اولا، باعتباره رجل... وهو ايضا لم يفعل.
- هل تعتقدي ان عدم اهتمام زوجك ببرودك تجاهه ، قد يكون بسبب امرأة اخرى في حياته؟
- كلا، انا واثقة بانه لايهتم بامرأة اخرى، ولكنه من النوع الذي يعيش ليعمل، لا يعمل ليعيش... من النوع الذي ينذر حياته للعمل ويقبرها فيه. انه من النوع الذي لايهتم في البيت، حتى بنفسه.
تحولت رمسينا مرة اخرى الى السؤال عن الضيف المجهول وعلاقته بجانيت، عسى ان تقترب من حل اللغز المحير، بعد ان وقفت على حقيقة العلاقة بين الزوجين:
- ماذا حدث بعدما التقيت بضيفكم؟
- منذ اندلاع شجارنا ، انا وزوجي ،امامه، بدأ يخلق الاعذار للبقاء في بيتنا اثناء وجود زوجي في العمل. . بدا يقترب مني ويظهر اهتماما ومودة افتقدتها في زوجي. وجدته لطيفا، رقيقا، محبا ودافئا في نفس الوقت، كما ان اطفالي بدأوا يحبونه ويتعلقون به ايضا!!.. اسعدني الحديث معه... اشعلت كلماته الامل في بيتي... الشمس في حياتي... السرور في نفسي ... السعادة في قلبي... الحرارة في جسدي. نعم، قبلت ان يلمس يداي ويقبلهما... قبلت ان يحضن ، ويعصر خاصري بيديه... يسحب جسدي بقوة ليلتحم بجسده من اقصى شماله الى ابعد نقطة في الجنوب... فتحت له جميع الابواب ليربط جسوره في ذواتي السبعة... احببته بكل جوارحي. بحبه، اعتبرت كل المفاهيم ، القوانين والانظمة الشرعية ، عدوة لي وضربتها بعرض الحائط ... اهملت عائلتي وجميع الناس، ووهبته جل اهتمامي ...  واموالنا!!. نعم سرقت مجهودي ومجهود زوجي... سرقت حقوق اطفالي واعطيتها له... كذبت على الجميع من اجله ... زنيت في بيتي ...معه.
- اه ... يا الهي!!.
- لم استفيق حتى ساعة الصفر!!. حين جاء يقول ان سفرته قد انتهت ويريد ان يرحل ... من بيتي وحياتي الى الابد!!. صدمني بروده... ثرت على قراره... توسلت برجولته... بكيت تحت اقدامه... لكن ضميره لم يتحرك!!. ظل واقفا امامي كصخرة لا حياة فيها!!. رحل ليتركني اصارع العذابات وحدي. لم اتمكن من العودة الى حياتي ... لم اجرء على النظر في وجه اطفالي... لم اتجاسر على مصارحة زوجي ... لم استطيع التحدث الى اقرب اصدقائي. هربت وبحثت عنه لاتوسل اليه ان يعيد كرامتي في ظله... لم اجده في بيته!!. قال لي اصدقاءه: " لقد وجهت له دعوة اخرى و... سافر الى بلد اخر . نعم، رحل حاملا معه حيل والاعيب اخرى .... ليحوم حول بيت اخر .
- ايتها الشقية، كيف تقضي ايامك وحيدة مع هذا العذاب؟؟
- ما وحدتي وعذابي اليوم، الا حق علي، لما اقترفت من اثم بحق بيتي واطفالي. ولكني، لم اكن في الاثم وحيدة.
- صدقت.... ارجوك ان تخبريني من هو هذا الاثم واين يحوم؟؟ على الاقل، لنوقفه عند حده وننقذ المرأة الاخرى من السقوط؟
- انه .... انه يحوم حول بيتك يا عزيزتي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي