الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واقع الاقليات في العراق الجديد

نبراس المعموري

2008 / 7 / 19
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


الاقليات وفق المنظور المجتمعي
يذهب بعض الباحثين وعلماء الاجتماع المعاصرين إلى تصنيف المجتمعات، من حيث تنوعها الديني والمذهبي والقومي والعرقي واللغوي والثقافي، في ثلاثة نماذج أو ثلاثة أنماط هي: المجتمعات الفسيفسائية غير القابلة للاندماج، والمجتمعات النقية عرقياً أو دينياً أو قومياً..، وهذان حدان أقصيان تقع بينهما المجتمعات القائمة على التنوع والقابلة للاندماج في الوقت ذاته.. فالمجتمعات العربية تتصف بالتـنوع الديني والمذهبي والقومي واللغوي والثقافي، ولكنها جميعاً قابلة في الوقت ذاته للاندماج. ويمكن القول: إن الأكثرية هي التي تصنع الأقلية إما بمنحها الامتيازات وإما بحرمانها من الحقوق، وللمنح والحرمان أثر واحد في النهاية.
إن منح جماعة معينة امتيازات من أي نوع ومن أي درجة من شأنه أن يضاعف عزلة هذه الجماعة عن الجماعات الأخرى ويقوي لديها شعورها بالاختلاف والتمايز، أي من شأنه أن يولد لديها وضدها في الوقت نفسه نعرة دينية أو مذهبية أو قومية

الهوية والاعتراف بحقوق الاقليات
لقد اشارت معظم مواثيق الأمم المتحدة إلى حقوق خاصة للاقليات مثل: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وميثاق الأمم المتحدة ، واتفاقية منع جريمة إبادة الاجناس، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والإعلان بشأن القضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد، واتفاقية حقوق الطفل، وإعلان حماية الأقليات الصادر عن الجمعية العامة فى 18 ديسمبر 1992، وكذلك الصكوك الدولية الأخرى ذات الصلة التي أعتمدت على الصعيد العالمي أو الاقليمي
وجاء في ميثاق الحقوق المدنية و السياسية في المادة 27 منه : [ في تلك الدول التي تتواجد فيها اقليات عرقية او دينية او لغوية يجب الا ينكر على الاشخاص الذين ينتمون الى تلك الاقليات الحق في مجتمع فيه اعضاء اخرون من مجموعتهم في التمتع بثقافتهم , و ممارسة طقوسهم الدينية و استخدام لغتهم الخاصة بهم , و عليه عرفت الاقليات على انها : ( هي تجمع اناس في دولة يشتركون في خاصية مشتركة , و تكون عادة اما جنسية او دين او عرق او لغة او صفة متماثلة )].
اما الموسوعة الأمريكية فتعرف الأقلية " بأنهم جماعة لها وضع اجتماعي داخل المجتمع أقل من وضع الجماعات المسيطرة في نفس المجتمع وتمتلك قدرا أقل من النفوذ والقوة وتمارس عددا أقل من الحقوق مقارنة بالجماعة المسيطرة في المجتمع. وغالبا ما يحرم أفراد الاقليات من الاستمتاع الكافي بحقوق مواطنى الدرجة الأولي

انواع الاقليات في العراق

بمراجعة تاريخية لحالة حقوق الإنسان في الدول العربية وخصوصا العراق تظهر بأنها متأخرة كثيراً في ميدان حقوق الإنسان،و العراق كغيره من بلدان الشرق الأوسط عبارة عن مزيج من مختلف الأعراق والطوائف يعيش فيه العرب والأكراد والتركمان والكلدو آشوريين والأرمن الشبك وغيرهم من المجموعات العرقية او الدينية التي لم يسمع بهم الكثيرون. مثل الصابئة والازيدية واليهود

الاقليات العرقية:
الاكراد
يمثلون أكبر المجموعات العرقية في البلاد بعد العرب ويشكلون ما نسبته 17% من عدد سكان العراق، وهم يتميزون بأن لهم مواقع وجود جغرافية محددة هيأت لهم تحقيق نوع من الانفصال منذ احداث عام 1991، كما أن لهم تاريخاً يعود إلى نحو 70 عاماً في مقاتلة الحكومات العراقية المختلفة لنيل حقوقهم القومية. وللأكراد قوة عسكرية لا يستهان بها ممثلة بمليشيات "البشمركة" التي تمتلك تسليحاً جيداً وخبرة قتالية طويلة ونظاما تدريبيا محترفا وهيكلا عسكريا شبيها بنظم جيوش الدول،وقد استطاع الاكراد ان يحققوا الكثير من خلال اقرار الفدرالية في الدستور واعلان اقليم كردستان واعتبار اللغة الكردية لغة رسمية اضافة الى تمثيلهم في مجلس النواب حيث بلغ عدد اعضاء التحالف الكردستاني 53 عضوا الا ما يهمنا في ذكرنا الاكراد ضمن مجموعة الاقليات هم الاقلية المعروفة بالكرد الفيلية وهؤلاء اقلية قومية مسلمة تعتمد المذهب الشيعي ويقطن اغلبهم في مناطق متفرقة في بغداد كمحلات الصدرية وعكد الاكراد وفي الكوت والبدرة والنعمانية جنوب غرب العراق وقد تعرضوا الى حملات التهجير الجماعي ومصادرة اموالهم وتجريدهم من مستمسكات مواطنتهم ورميهم على الحدود الايرانية ابان النظام السابق بحجة التبعية الايرانية سنة 1980 وسحبت منهم الجنسية العراقية بالقرار المرقم 666 ولا يزالون يعانون من هذه القضية ولم يصدر لحد هذه اللحظة قرار رسميا يعيد لهم حقهم المسلوب ويقدر تعدادهم ب 450 – 600 الف نسمة
التركمان
وأبرز الأقليات العرقية التي تشكو من عدم منحها حقوقاً موازية لأهميتها السكانية هي الأقلية التركمانية الممثلة في مجلس الحكم بعضو واحد هي السيدة صن جول جابوك، لكن التركمان يعدون أن هذا التمثيل غير كافٍ ، قطن معظم التركمان في كركوك وبعض مناطق شمالي العراق، ولذلك فهم على احتكاك مباشر مع الأكراد، والعلاقة بين الطرفين ليست جيدة، وللتركمان حركة سياسية منظمة ممثلة بعدد من الأحزاب والتجمعات الاجتماعية والثقافية تضم أكثر من 15 تنظيماً ويقدر تعدادهم بحدود 1500000 نسمة

الاقليات الدينية
الكلدو اشوريون
وهم من ابرز الاقليات الدينية ذات التاريخ والحضارة التي تعود لالاف السنين يحظى المسيحيون بتمثيل في مجلس الحكم من خلال رئيس الحركة الديمقراطية الآشورية يونادم كنا، ويقدر تعدادهم بمليون نسمة يقطنون المناطق الشمالية في الموصل واربيل ودهوك وكركوك والنصف الاخر منهم موزع في بغداد والبصرة وليس للمسيحيين في العراق قوة مسلحة فقد عرف عنهم أنهم مسالمون وقد حصلوا في السابق على حقوقهم الدينية كاملة من خلال ممارستهم طقوسهم الدينية وانتشار كنائسهم في اغلب المناطق العراقية

الصابئة
وهم اقلية دينية تتبع تعاليم النبي يحيي المعمدان ويعاني الصابئة الذين يقطنون جنوبي العراق ولا سيما في منطقة العمارة من اضطهاد واضح لحقوق الانسان وتشير بعض التقديرات بان تعدادهم يصل الى ما يقارب 250 الف نسمة، ولم يعرف لهم اي قدرات عسكرية أو قوة مؤثرة على الأرض، كما أن مطالباتهم لم تتعزز بتكثيف عملهم السياسي أو بتشكيل أحزاب وطرح برامج ذات بعد وطني، وربما يكون ذلك أحد أسباب تجاهل مطالبهم.ولم يحظى هؤلاء باي تمثيل في مجلس النواب
الازيدية
ويقطن اليزيديون في منطقة سنجار بمحافظة نينوى ومناطق أخرى بشمال العراق، وقد تمتعوا كبقية الأقليات الدينية بحرية العبادة وممارسة طقوسهم أيام النظام السابق، لكنهم لم يكونوا ممثلين في السلطة أو الحكومة ويقدر تعدادهم باكثر من 300 الف نسمة ولديهم حاليا من يمثلهم في مجلس النواب وهو السيد فرحان امين ججو

اما فيما يتعلق بيهود العراق والذين كانو يتواجدون لغاية 1948 من القرن الماضي فقد تلاشت هذه الاقلية بمرور الزمن ولم يعد لهم وجود في العراق حاليا
الاقليات بعد عام 2003
و رغم التغييرات التي طرات بعد عام 2003 وسقوط النظام السابق فقد عانت الأقليات من التهميش وطالب بعضها بنسبة تمثيل أكبر في المؤسسات الحديثة للدولة خصوصا ان الساحة بدات تنفرد للاحزاب المتسلحة ووجود مليشيات قدر عدد ب30 مليشيا بالمقابل نجد ان الاقليات تفتقر لهذه المليشيات اضافةالى الطبيعة المسالمة لهذه المجموعات فأنها لم تتمكن من مقاومة الظروف المفاجئة التي حدثت بعد التغيير السياسي الذي حصل في البلد ورغم ان البعض منها قد حصل على تمثيل في مجلس النواب الا انهم اخذوا يواجهون معظلة خطرة وتتمثل
بتعرض هذه المجموعات الان لعمليات قتل وتهجير وخطف على يد الجماعات المسلحة والعصابات الإجرامية بسبب التعصب الديني والافكار الخاطئة تجاه هذه الاقليات التي تعتبرهم لادين لهم مما اجبر الكثير من أبناء هذه المجموعات على النزوح عن أماكن تواجدها التاريخي والفرار إما الى مناطق أكثر أمنا في العراق أو الخروج من العراق واللجوء الى الدول المجاورة.
**************************************************
وجاء في تقرير لمنظمة مينورتي رايتس غروب ان الاقليات الاتنية والدينية في العراق التي تشكل عشرة في المئة من مجموع سكان البلاد، ضحية عنف غير مسبوق قد يؤدي الى زوالها. ونبهت المنظمة التي تدافع عن حقوق الانسان الى ان الاقليات الاتنية والدينية في العراق تواجه درجات من العنف غير مسبوقة، وهي مهددة في بعض الحالات بالزوال من وطن اجدادها، فمثلا طائفة الصابئة المندائية، كان يقدر عددها في سنة 2003 بـ250000 بينما يقدر عددها الآن بأقل من 50000 شخص.
، وحسب تقديرات الأمم المتحدة، فإن 50 في المئة تقريبا من المسيحيين العراقيين، الذين يقدر عددهم بمليون في آخر إحصاء لسنة 2003، يحتمل أنهم غادروا البلاد إلي البلدان المجاورة، ، بينما استطاع الآخرون الفرار إلي الدول الغربية من أجل الانضمام إلي عائلاتهم الكبيرة هناك ، تاركين وراءهم أنقاض أكثر من 30 كنيسة دمرها الارهابيون اضافة الى المصير المؤلم الذي آل اليه المطران رحو وما هدف اليه الخاطفون (اذا لم تثبت صحة الشائعة التي نقلت عن مصادر من عائلته من انهم تلقوا رسائل تطالبهم بفدية مالية لاطلاقه وان موته بالتالي يؤشر الى المأساة التي يعيشها مسيحيو العراق الذين يتعرضون لحملة تصفية ممنهجة تأخذ طابعاً متعصباً .
اضافة الى ماحدث قبل فترة قصيرة من مذبحة واضحة للعيان في الموصل راح ضحيتها 500 ازيدي في الموصل ، ان سياسة التعتيم واستمرار العنف ضد الاقليات هي اشبه بحرب ابادة لها نتائج سلبية تدعو الى الاهتمام والالتفات اليها
والخلط بين الدين والسياسة اصبحت معادلة يعتمدها الكثير ممن تبوأو مناصب حكومية ونتيجة هذه المعادلة هو المواطن العراقي ، فسياسة التصفية والقتل هل هي اجندة المستقبل؟؟ واذا كانت كذلك فكيف لنا ان نلغي تاريخ وموروث امتد لالاف السنين اشترك فيه كل هؤلاء من عرب وكرد ومسيح وتركمان وصابئة وازيدية ؟؟ ان الاضطهاد الذي تعتمده بعض الجهات السياسية والمسلحة ضد الاقليات ما هو الا انتهاك متعمد لحقوق الانسان التي نصت عليه الدساتير والقوانين الدولية واذا ما اردنا ان نحقق مواطنة مشتركة وتحقيق مصالحة حقيقية وجب الاهتمام بالاقليات الموجودة التي بدات تنقرض شيئا فشيئا .












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوضاع مقلقة لتونس في حرية الصحافة


.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين: ماذا حدث في جامعة كاليفورنيا الأ




.. احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين: هل ألقت كلمة بايدن الزيت


.. بانتظار رد حماس.. استمرار ضغوط عائلات الرهائن على حكومة الحر




.. الإكوادور: غواياكيل مرتع المافيا • فرانس 24 / FRANCE 24