الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضرورة اسمها القوة

فاطمه قاسم

2008 / 7 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


يتواصل سقوط القنابل في الأرض العربية , في البيت العربي , في العراق عبر حرب المصير التي ترفع الدول المجاورة إعلامها في ساحاتها الطائفية والعرقية , وفي لبنان التي اهتدت مؤخرا إلى معادلة انقاذية , وفي فلسطين التي ما زالت ترزح تحت عبء الانقسام , وفي اليمن التي لا يتوقف نزيفها الداخلي , وفي الصومال الذي يتنافس فيه أمراء الحرب على تدميره تحت أسماء مختلفة , وأسباب مختلفة , ثم جاء الدور على السودان الذي تصاعدت فيه مأزقه الداخلية إلى حد صدور مذكرة اعتقال لرئيسه الفريق عمر البشير والذي أطلقها " لويس موريس أوكامبو " مدعي عام محكمة الجنايات الدولية .
قنابل تتساقط على العائلة العربية وفي البيت العربي, وهنا يطفو على السطح سؤال يستدعي التوقف, لماذا يتدهور الوضع العربي, والنظام الإقليمي العربي إلى هذا المستوى المتصارع ؟
ولماذا بعد انهيار الإقليمي السابق وجد النظام الإقليمي العربي نفسه أمام احتمالات مفتوحة على الأخطار ؟

في النظام الدولي السابق :
كان النظام الإقليمي العربي من الكويت إلى الجزائر , ومن سوريا إلى السودان , محميا على نحو ما بمعادلة التقاسم بين القطبين الكبيرين , الولايات المتحدة الولايات المتحدة الأمريكية على رأس المعسكر الغربي الاتحاد السوفيتي على رأس المعسكر الشرقي بين حلف الناتو وحلف وارسو , وحين كانت تحدث تجاوزات من هنا وهناك , فانه سرعان ما كان يتم حلها ضمن حدود ومعادلة التقاسم , تقاسم النفوذ , وتقاسم المصالح , وتقاسم هوامش القوة .
وكانت الدول والكيانات السياسية المشكلة للنظام الإقليمي العربي تستمد ضرورات البقاء والحماية من معايير تخص صراع وتوافق القطبين أكثر مما تخص شعوب وقيادات وأحزاب هذه الدول والكيانات والأنظمة السياسية المحلية, أولا: لأنها معروفة لأهل السياسة وصانعي القرار,
ثانيا لان المنطقة مليئة بالحساسيات ولا نريد أن نضيف المزيد حين نقول أن هذه الدول أو تلك لم تكن تملك مقومات البقاء مستقلة لولا تلك المعادلات , ولكن في الإمكان أن نضرب مثلا بالحالة السياسية الفلسطينية التي لم تصل بعد إلى صيغة دولة مستقلة , فالحالة الفلسطينية تحت اسم وعنوان الثورة الفلسطينية , بقواعدها المقاتلة ومؤسساتها وفصائلها وأحزابها واتجاهاتها التقدمية والعلمانية والدينية عاشت وتوسعت وشكلت حضورها القوى في ظل النظام السابق ومعادلاته المعرفة , وعندما سقط ذلك النظام , وجدت الكثير من مفردات النظام الإقليمي العربي نفسها عارية من الحماية المطلوبة , ومحكومة بمعادلات جديدة , وأمام ضرورة ملحة من نوع جديد , وهي ضرورة القوة الذاتية , وضرورة أن تنتج معايير هذه القوة هي نفسها وإلا أصبحت أمام احتمالات مفتوحة الخطر وبلا حدود .
الخ.أن أشير هنا , إلى أن مصطلح القوة له تجليات ومفاهيم متعددة ابتداء من القوة المسلحة المباشرة مثلما فعلت إسرائيل حين امتلكت السلاح النووي هي وفرنسا وبريطانيا في وقت واحد تقريبا , أو عناصر القوة الأخرى مثل القوة الاقتصادية , أو مجموعة ونسيج التحالفات القائمة على المصالح الإستراتيجية وبعيدة المدى , أو المجال الحيوي الذي تتحرك فيه الدول بمساحة واسعة ومرونة كبيرة ..........الخ .
الجدل العلني واسري القائم بين إيران والدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة , هذا الجدل العلني والسري بما يحتويه من عناصر متعددة هو نموذج لضرورات القوة وانعكاساتها على المعادلات التي تحكم العالم , فإيران الموقع المحاط بثلاثة عشر دولة , والممتدة من بحر قزوين شمالا إلى مضيق هرمز جنوبا , والمخزون الرئيسي للنفط , واذرع الامتداد الطائفي والايدولوجي , والدور التاريخي , تعتبر نموذجا لضرورات القوة , لان الدول المحورية في أي منطقة في العالم , سوف تجد نفسها عاجلا أم آجلا في مواقف ومواقع ومصالح متعارضة مع الآخرين , وأنها بحاجة إلى القوة لحماية هذا القدر, من التعارض مهما كان محميا بقوة الحق والعدالة , لان الحق والعدالة وحدهما لا يكفيان في صراع التاريخ , وقد وصلت الأمور إلى حد أن الانفجار أصبح وشيكا بين الغرب وإيران , وان الذي يؤجل هذا الانفجار الدموي ليس هو الاتزان والأخلاق الحميدة , بل هو الحسابات الدقيقة القائمة على معيار القوة , وها نحن نصل إلى مرحلة شبه حاسمة يتعارض فيها الإيرانيون مع أوروبا التي يمثلها خافير سولانا , ومع الولايات المتحدة التي وجدت بان لا شيء يعوض عن مشاركتها المباشرة في هذه المفاوضات .
القنابل التي تنفجر تباعا في منطقة النظام الإقليمي العربي , وأخرها قنبلة الانقسام الفلسطيني , أو قنبلة الوضع السوداني , تؤدي إلى إرباك الوصول إلى تصور استراتيجي , بل تؤثر سلبا على متابعة تصور المعادلات التي تعرض نفسها في المنطقة , إنها قنابل تضغط على الذات العربية واستقلالها , وتستهلك الجهد في مسائل عرضيه , وتفقدها القدرة على تركيز الجهد على صناعة القوة , لضرورة حياة لها في عالم متغير .
إيران هي تراكم عناصر القوة والسعي إلى المزيد, فهي استطاعت أن تبلور منهجا سياسيا في أفغانستان, وفي العراق, وتمد هذا المنهج إلى سوريا ولبنان وان تمد تأثيراته إلى فلسطين, وان ترمي بظلال هذا المنهج في العديد من الأطراف العربية,
إن منهج صناعة القوة قد لا يستقطب قدرا كبير من المحبة , ولكنه حتما يستقطب قدرا كبيرا من الإقدام , والتعامل الجدي , وتوازن المصالح , فمتى ننقي ونطهر حقولنا من الأشواك الضارة , لنركز الجهد على ضرورة بناء القوة الضرورة , قد تقوم الحرب في المنطقة غدا , ولكنها لن تقوم من اجلنا , بل ضعفنا من سترتب عليه دفع ثمنها الكبير وتكاليفها الباهظة , وقد يحدث التوافق على صيغة ما غدا , ولكن هذا التوافق بين إيران والغرب لن يكون من اجلنا , بل ربما نتحمل فاتورته الغالية لسنوات وعقود.
كل هذا ونحن في النظام الإقليمي العربي نواصل التخبط , ولا نهتدي إلى الطريق الصحيح , ليس طريق التبعية الناتجة عن الحب , ولا النفور والابتعاد بسبب الكراهية , فالعالم الواقعي الذي نعيش فيه تحكمه المصالح الراهنة والمستقبلية والتوازن فيها , فهل هناك مصلحة اكبر من استعادة الإرادة والقرار المستقل , انه الطريق الوحيد لصناعة القوة الضرورة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غموض يلف أسباب تحطم مروحية الرئيس الإيراني؟ • فرانس 24


.. التغير المناخي في الشرق الأوسط: إلى أي مدى مرتبط باستثمارات




.. كيف يسمح لمروحية الرئيس الإيراني بالإقلاع ضمن ظروف مناخية صع


.. تحقيق لـCNN يكشف هوية أشخاص هاجموا مخيما داعما للفلسطينيين ف




.. ردود الفعل تتوالى.. تعازى إقليمية ودولية على وفاة الرئيس الإ