الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية والقومية في المشروع الماركسي

عمار ديوب

2008 / 7 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


رداً على مقالة أحمد حسين" مشروع اليسار الديمقراطي العلماني والمشروع القومي العربي"
مقدمة توضيحية:
لست أعلم بالضبط ماذا يقصد الأخ أحمد حسين بكثير من الأفكار.ولكنني أبذل الجهد كي أفهم أولاً وثانياً كي أردّ إن كنت أمتلك رأياً مختلفاً.الأخ العزيز،كيف تعتبر النص نقلة معرفية للتجاوز المستمر،مع أنّ الصحيح اعتبار النقلة النوعية هي التي تأتي بنصوص جديدة،والنقلة النوعية تقتضي بالضرورة مجتمع جديد.وأيضاً ماذا تقصد بالكهنوت المعرفي،وإذ كان القصد الإعلام الامبريالي ودوره في تجهيل البشرية وخلق عقلية القطيع فانا أتفق معك تماماً وهذا بالضبط من اجل حماية" امتداده التسلطي."أو تأبيد السيطرة الطبقية الرأسمالية كنظام عولمي إمبريالي.
ثم أنني ،لا اتفق مطلقاً مع مفهومك للدوغما،فقد حددتها سابقاً وسأناقش من خلالها،لان مفهوم الدوغما يحيل إلى ما كان هو ثابت فكرياً وليس منهجياً،ففي المنهج هناك ثبات ولكنه يصبح نسبي في منهج متطور عنّه.ولكن الأفكار أو المعارف،حينما يتطور الزمن، تتغير بتغير حياة البشر.وهذه الحياة عبر التاريخ تأتي بالأفكار الجديدة الموائمة لها.ثم يؤثر الفكر مجدداُ بالحركة التي لا تتوقف أبداً.ولكن إذا تطور التاريخ كثيراً فإن كثير من الأفكار تصبح دوغما ولا بد من تجاوزها.ولذلك أرى أن الحاضر له قوانينه وكذلك الماضي ولكننا حينما ننظر إلى الماضي فنحن ننطلق من الحاضر لأننا موجودون فيه.ولكنّنا لا نفرضه على الماضي.وأضيف أيضاً أنّه ليس كل ما نحبّه جميل ورائع وليس به مكمن ضعف.وبالتالي،خوفنا من الإعلام الامبريالي وعسكرة الوعي كما ترى لخدمة مصالح الرأسماليات العالمية والكيان الصهيوني، لا يجب أن يمنعنا من نقد تاريخ حركة التحرر القومي أو المسألة القومية أو الماركسية أو تاريخ الأحزاب الشيوعية.
وبالتالي علينا محاولة فهم الماضي -وقد نخطأ – في عدم سحب الأفكار التي تتناسب مع مرحلتنا على الماضي ولكن هذا لا يعني عدم دراسة التاريخ برؤية موضوعية.وهو ما دفعني للتفريق بين المستوى الاقتصادي والاجتماعي عن المستوى السياسي واعتبار المستوى الأول تقدمي والثاني رجعي.
العلم الطبيعي والاجتماعي:
وأما بخصوص التجربة الفيزيائية ونسبيتها، فأنا أتفق معك فيها، ولكن النتائج إذ تجاوزنا قمة أفرست ستكون واحدة.ومركبات الماء لن تختلف في كل بقاع الأرض.وبالتالي هناك حقائق لا تأتيها النسبية وهي مطلقة.ولا سيما بما يخص قوانين الفيزياء الكيمياء والعلوم الطبيعية ولكنها قوانين ضمن شروط وليس من دون شروط.ولذلك يقال إذا توفرت الشروط وصلنا إلى القانون وإذ تغيرت تغير القانون.ولا أريد الاستمرار في هذا المجال لأنني لست ضليعاً فيه.
ولكن الأمور في الحركة الاجتماعية مختلفة ومجال النسبية والموضوعية يخضع لدور البشر ولجملة شروط معقدة يجب أن تتوفر حتى تتم عملية التغيير .لذلك نؤكد إن مجال العلوم الفيزيائية غير مجال العلوم الإنسانية,وإن كانت العلوم الطبيعية لها دور كبير على العلوم الإنسانية تاريخياً والآن.وهذا موضوع يتطلب نقاش آخر.
المنهج والفكر:
المنهج غير الفكر،فالفكر كثير التغيير وأما المنهج فيطلب تغييرات كبيرة في المجتمع وعلى كل الصعد حتى يتغير.ولذلك لم يكف البشر عن استخدام المنطق الصوري والانتقال للاعتماد على الجدل إلّا بعد مرور زمن طويل وتطور كبير في العلوم الطبيعية والإنسانية وطبعاً الاقتصاد.ولذلك لا أعتقد أن وصف فكر ما بالدوغما تصنيف أخلاقي خاص بل هو يطلق على الفكر الذي لا يتغير ويكرر ذاته رغم التغيرات التي تفقأ العين.ولكن إذ كنت تقصد نقد الليبرالية للفكر القومي أو الماركسي بأنه دوغما،فهو نقد متهافت ولا يصمد أمام النقد.ولكن هذا لا يعني أن تاريخ الحراك القومي والشيوعي ثمن على عسل بل إنه تاريخ مليء بالكثير من التشوهات،والتي قد يصيب الفكر الليبرالي في تصديه لدراسة ذلك الحراك في بعض النواحي ولا سيما بما يخص الحريات والديمقراطية.
وبخصوص الديمقراطية،أأكد أنها لن تكون ممكنة دون تطور صناعي متقدم وسيطرة القوة الطبقية الكادحة وتقدم المشروع القومي،بعد تمثل هذا المشروع لكل ما هو إيجابي في التاريخ العالمي لجهة الليبرالية أو الماركسية وكذلك بما يتناسب مع الواقع وهذه عملية معقدة وتتطلب دراسات دقيقة.فالديمقراطية لم تصبح حقيقة في أوربا إلّا بعد أزمة طويلة حدثت فيها الثورات الصناعية والثورات العمالية والعلمية.
في الرد على الأسئلة.
1- إذا كانت الحركة أساس و" ناموس الوجود وتطوره الدائم"وكانت الحركة القومية هي المسيطرة ألا تتحمل المسؤولية عن التاريخ الذي كانت فيه مسيطرة؟وأؤكد جزئياً وبالشراكة مع الظرف الموضوعي الذي لم تستطع جبّه وتجاوزه وأقصد الواقع الكولونيالي...
2-يا أخي أتفق معك في أن الديمقراطية هي شكل لنظام سياسي يخدم مصالح طبقية محددة.وبما يمنع تغير هذه المصالح وتأبدها،ولكن تجربة الديمقراطية الشعبية ولا سيما دول أوربا الشرقية ودولنا بدت كأنظمة سياسية شمولية. وكانت أوربا متقدمة عليها دون جدال حتى ولو كانت تخدم مصالح الطبقات الامبريالية بصفة خاصة.ولكن أيضاً تخدم مصالح الطبقات العمالية والتي وصلت لكثير من حقوقها بالثورات والاحتجاجات والدماء.
وبالتالي ديمقراطية أوروبا تؤمن مصالح الطبقات الامبريالية أولاً ولكن أيضاً مصالح الطبقات العمالية وإن كانت بشكل أقل.وبالتالي ليست ديمقراطية أوروبا منّة أو مكرُمة ، تقدمها الإمبرياليات العولمية كما يكيل الليبراليين لها المديح والثناء ،بل هي موجودة بحكم التاريخ النضالي للطبقات العمالية وبحكم التطور الصناعي المقدم وقد لعبت الأحزاب الشيوعية والاشتراكية دوراً أساسياً في إرساء الديمقراطية كنظام سياسي ،دون أن ننسى جهد فلاسفة عصر النهضة والتنوير في الفكر الحديث والذي يتضمن بالضرورة مفاهيم عن المساواة والعدل والعقل وفصل الدين عن الدول وفصل السلطات وغير ذلك.
3-التجربة القومية لها أساس طبقي،والسؤال من كانت تمثل هو ضروري كيف نفهم كيف تطور التاريخ.وبالتالي لم تكن جمعيات خيرية لصالح العرب كل العرب.نعم إن ما قامت به كان جزئياً كان باتجاه "التصنيع والتعليم ومشاريع التنمية الزراعية، كمقدمة للاكتفاء الذاتي وتثبيت الاستقلال عن الأجنبي الإمبريالي"ولكن هذه التجربة كانت مشوهة في كل هذه الميادين رغم أهميتها ،التي أشرت لها في أكثر من تعليق ورد،ولكن السادات مع توجهاته الليبرالية والانفتاح وغير ذلك تمظهر من رحم الناصرية. ولذلك لم تكن الناصرية نظام اشتراكي ولم تغير نمط الملكية وبقيت الملكية الخاصة فاعلة.وهو ما تجلى بنظام السادات لاحقاً.ولا أقصد أن اشتراكية الاتحاد السوفييتي بلا أخطاء أو أية اشتراكية.ولكن حركتنا القومية هي حركة تعبر عن طبقات اجتماعية محددة.ومن هنا أنا لا ارفضها بالمطلق كما تفعل معاول الليبرالية أو الشيوعية التقليدية بل أوضح ما فيها.وانتقد كل التحولات الليبرالية ضدها وأطالب بالحفاظ على" لتصنيع والتعليم ومشاريع التنمية الزراعية، كمقدمة للاكتفاء الذاتي وتثبيت الاستقلال عن الأجنبي الإمبريالي"ولكنني لا أكتفي بها،ومصيبة الناصرية أنّها قامت بمثل هذه الأشياء، ولكنها لم تطورها، وبنت نظام شمولياً ،منعها من أن تتطور.وربما يعود هذا جزئياً إلى الظرف الموضوعي ولكن حكما كذلك يعود إلى الظرف الذاتي أي إلى نوعية السياسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية التي لم تكن تؤهل مصر بالفعل لكي تكون قائدة للمشروع القومي إلا كما تمّ. أي كمشروع يعبر عن طبقات برجوازية صغيرة.وبالتالي اشتراكية الحركة القومية أو إنجازاتها كانت تتناسب مع وضعها الطبقي وفشلها يتناسب معها.
4-التعددية الديمقراطية ،مسألة هامة جداً كي يتطور النضال نحو القضايا المصيرية،حيث أن الشموليات كانت كارثة حقيقة،ومهما كانت ظروف بلادنا لا يجوز التضحية بالديمقراطية ، من اجل القدرة على النضال ضد الامبريالية وضد اليسار الليبرالي والحركات الشيوعية الداعمة للأنظمة وبالتالي من اجل الوصول إلى المشروع القومي التحرري. ولذلك ليس هناك من قوى ومفكرين وباحثين قوميين وحتى ماركسيين إلآ ويطالبوا بالديمقراطية والتعددية رغم معرفتهم أنها ستخدم الطبقات البرجوازية وكذلك الطبقات الكادحة.وبالتالي لا يمكن إيجاد إي تعارض بين المشروع القومي والديمقراطية والعلمانية وغيرها.وهي قضايا أساسية في العالم الراهن.وفي كل تجربة بشرية.
5- المسألة القومية أساسية في المشروع الماركسي الذي نفكر به،وهي نقيصة كبيرة لدى الحركات الشيوعية القديمة دون أدنى شك.ولكن اليسار غائب لأسباب كثيرة.وقد كان حاضراً في التجربة الفلسطينية بقوة ولا يزال .وفي لبنان بصفة خاصة وتجربة لبنان استقطبت كثير من الشيوعيين واليساريين..ولذلك ليس صحيحاً تجاهل ذلك.وأما الآن فإن ظروف اليسار أسؤ مما يتصوره العقل وقد عملت الأنظمة العربية طويلاً بالتحالف مع السعودية البغيضة مع الولايات المتحدة مع اجل إجتثات اليسار من أصله.هذا إذا لم نتكلم عن أخطاء اليسار ذاته.ولذلك مهلاً علينا يا أخي.
6- ربما تقصد اليسار الليبرالي أنًه تحالف مع الأخوان المسلمين.أو مع أمريكا ولكنني وكما اعلم فإن اليسار ضد الصهيونية وأمريكيا. أما الحزب الشيوعي العراقي،فإن قيادته الحالية بالفعل مع أمريكا ولا أعلم إذا كانت لها علاقات مع الصهيونية فهي متحالفة بالفعل مع الحزب الإسلامي في العراقي.
7-أتفق معك كلياً،بأن المشكلة الآن في العراق هي قوات الاحتلال،ولكنني لا أرى أحزاب شيوعية عربية إذا استثنينا الحزب الشيوعي العراقي والأحزاب الشيوعية المتحولة إلى أحزاب ليبرالية باسم أحزاب الشعب .وبالتالي لن نجد كثير من الأحزاب الشيوعية واليسار المتحالفين مع حرب إبادة بل هم ضدها.وهذا لا يلغي وجود تيار من اليسار الليبرالي بالفعل يسكت بمصلحة وبوعي مشوه عن حرب الإبادة ضد العراقيين والفلسطينيين وكل المظلومين في العالم ويوجه سيوفه ضد كل ما هو قومي وشيوعي أو مقاوم بصيغة ما للمشروع الأمريكي والصهيوني.
السياسات الأمريكية:
الأخ العزيز، السياسات الأمريكية ،لا شك أنّ فيها جنون نحو الهيمنة الإمبريالية ولكنها أمر طبيعي من اجل الحفاظ على مصالحها وسيادتها على العالم الأول وما دونه ولذلك كانت الحروب العالمية السابقة.وبالتالي لا يجوز فهم التاريخ وكأنه" انحراف غيبي"بل هو نتاج السياسات العولمية للبنك الدولي والاحتكارات العظمى والشركات المتعدية الجنسيات ومنظمة التجارة العالمية،وغير ذلك وبالتالي، أي رئيس أمريكي سيأتي ، سيفعل ما فعله إدارة بوش.
نعم، ربما كما أشرت في بداية مقالك إننا نتفق في كثير من القضايا ولكننا نختلف كثيراً على ما يبدو في كيفية إحداث تطور في مجتمعاتنا.وعلى ما يبدو في كيفية تقييمنا لتجربة الحركة القومية.والمقاومة الآن،وحتى بما يخص التحرير .
نظرية المراحل:
وأشير هنا ليس من الممكن العودة إلى نظرية المراحل في تاريخنا الحالي حي أنّها ساهمت في تدمير تاريخنا منذ خمسين سنة على أقل تقدير،ولذلك لا يمكن القول أن التحرير أولاً ثم الصراعات الاجتماعية.أي الوحدة أولاً ثم الاشتراكية .لا،إن المشروع الثوري هو مشروع شامل.قومي وديمقراطي واجتماعي، إي مشروع طبقي .وبالتالي المشروع الممكن للتغيير المجتمعي الكلي بما فيه التحرير هو المشروع الماركسي.وهو ما يجب العمل عليه.ويجب أن يتضمن بالضرورة تحرير الأرض كما فعل الحزب الشيوعي اللبناني في تاريخه والصيني أيضاً وفيديل كاسترو والفيتناميين.ورغم موقفكم الشاجب للمشروع الماركسي،فإنني لا استطيع التخلي عنّه نظراً لتعقد مستويات الصراع وأشكاله في أمتنا العربية خاصة.
*المقال المنقود منشور على موقع أجراس العودة بعنوان" مشروع اليسار الديمقراطي العلماني والمشروع القومي العربي"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جماهير ليفربول تودع مدرب النادي التاريخي يورغن كلوب


.. ليبيا: ما هي ملابسات اختفاء نائب برلماني في ظروف غامضة؟




.. مغاربة قاتلوا مع الجيش الفرنسي واستقروا في فيتنام


.. ليفربول الإنكليزي يعين الهولندي أرنه سلوت مدرباً خلفاً للألم




.. شكوك حول تحطم مروحية الرئيس الإيراني.. هل لإسرائيل علاقة؟