الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العولمة المتوحشة!

كريم الهزاع

2008 / 7 / 22
العولمة وتطورات العالم المعاصر


«إما أن تأكل، أو تؤكل»..

«إن لم تكن ذئبا، أكلتك الذئاب» بالعربي الفصيح.

هذا هو شعار العولمة.. أما المحتجون على هذا الشعار فعليهم أن يشربوا من مياه البحر المالحة أو بإمكان الآلهة الجديدة أن تُطيِّب خواطرهم بمصطلح يدخلهم قاموس هذه العولمة من خلال كلمة TITTYTAINMENT هذا المصطلح الذي عناه بريجنيسكي أنه منحوت من كلمتين ENTERTAINMENT «تسلية» وTITS «حَلمة»، الكلمة التي يستخدمها الأميركيون للثدي دلعاً.

ولا يفكر بريجنيسكي هنا بالجنس طبعاً، بل هو يستخدمهُ للإشارة إلى الحليب الذي يفيض عن ثدي الأم المرضع. فبخليط من التسلية المخدرة والتغذية الكافية يمكن تهدئة خواطر سكان المعمورة المحبطين.

وفي حين ترتفع أسعار الأسهم وأرباح المؤسسات بنسب تبلغ عشرة بالمئة وأكثر، تنخفض أجور العاملين ورواتب المستخدمين. وفي نفس الوقت تتفاقم البطالة بشكل مواز للعجوزات في الموازنات الحكومية. وليس المرء بحاجة إلى أن يكون مطلعا على نظريات اقتصادية معقدة لفهم ما يحدث فعلاً: فبعد 113سنة من وفاة كارل ماركس تتخذ الرأسمالية ذلك المنحى الذي وصفه هذا الاقتصادي الثوري، بالنسبة لزمانه، وصفا دقيقا فعلا حينما راح يقول: «إن الإنتاج الرأسمالي لا يميل، في العموم، إلى رفع متوسط مستوى الأجور، إنما يميل إلى تخفيضه أو إلى الضغط على قيمة العمل إلى أدنى مستوى». وهو حينما أعلن رأيه هذا أمام المؤتمر العام للدولية الأولى في لندن عام 1865، ما كان يعلم أن الرأسمالية في طابعها الأول ستطعّم في يوم من الأيام القادمة بالروح الديمقراطية. ولكن.. ومهما كان الحال، فبعد الإصلاحات التي تمت في قرن سادته أفكار الاشتراكية الديمقراطية، تلوح في الأفق حركة مضادة ذات أبعاد تاريخية: إنها تتمثل في رسم صورة المستقبل بالعودة إلى الماضي السحيق. وفي هذا المنظور لا عجب أن يعلن هاينرش فون بيرر HEINRICH VON PIERER، رئيس المؤسسة العالمية سيمنز، بلهجة من ربح المستقبل والنصر: «لقد تحولت رياح المنافسة إلى زوبعة، وصار الإعصار الصحيح يقف على الأبواب». ولا ريب في أن يبرر وغيره من رافعي راية العولمة، إنما يحاولون بما يختارون من عبارات وصور، الإيحاء بأن الأمر يتعلق بحدث شبيه بالأحداث الطبيعية التي لا قدرة لنا على ردها والوقوف بوجهها، أي انها نتيجة حتمية لتطور تكنولوجي واقتصادي ليس بوسعنا إلا الإذعان له. والواقع أن هذا ليس إلا ثرثرة. فالتشابكات الاقتصادية ذات الطابع العالمي ليست حدثا طبيعيا بأي حال من الأحوال، إنما هي نتيجة حتمية خلقتها سياسة معينة بوعي وإرادة. فالحكومات والبرلمانات هي التي وقعت الاتفاقيات وسنّت القوانين التي ألغت الحدود والحواجز، التي كانت تحد من تنقل رؤوس الأموال والسلع من دولة إلى أخرى. فرجالات الحكم في الدول الصناعية الغربية هم الذي خلقوا، ابتداء من تحريرهم المتاجرة بالعملات الأجنبية وعبر السوق الأوروبية المشتركة، وانتهاء بالتوسع المستمر لاتفاقية التجارة العالمية المسماة «الجات» بانتظام الحالة التي يعجزون الآن عن معالجتها، والمتابع الجيد للأوضاع في الشرق الأوسط وارتفاع سعر برميل النفط وانخفاض قيمة الدولار والانتخابات الاميركية على قدم وساق والوضع الاقتصادي الحرج الذي تمر به أميركا، وطغيان المصالح الاقتصادية والصراعات الدولية؛ يرى تراجع لغة الحوار، ولا ننكر بأنه منذ بدء التاريخ وعبر المسيرة الطويلة لتاريخ الأفكار والأديان ونشوء الدول، ظل الاقتصاد وقوة السيف هما السلاحان اللذان يدعمان الفكرة، حيث الترغيب والترهيب يفعلان فعلهما المستمر في تقوية سلطة ما تعتمد على الغوغاء، مما يذكرنا بمقولة ماركس بأن الاقتصاد هو المحرك الرئيسي للتاريخ، وبالرغم من كل هذه التعددية بالنصوص والعولمة والتراكم المعرفي إلا أن فعل الإزاحة بسيط جداً مقارنة بالفكرة التي يقف وراءها الاقتصاد، لذا سيظل العالم يشبه ذلك الرجل المجنون المتهور، إذا ظل الحصان الوحيد الذي يراهن عليه هو حصان الاقتصاد واستبعاد حصان الحوار الذي يبدو أنه تحول إلى خشب في ظل هكذا رياح تدير هكذا طواحين. ولنا هنا سؤال: ما الذي بوسع المستضعفين في الأرض، بطيئي الحركة أن يفعلوه لمواجهة الرأسمالية النفاثة؟ ماذا بوسع الرأسمالية النفاثة نفسها لكي تنقذ روحها من الانهيار؟ وهل هناك ثورة مضادة قوية لهذه الرأسمالية المتوحشة؟.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب: ما الغاية من زيارة مساعدة وزير الدفاع الأمريكي تزامن


.. روسيا تنفي ما تردّد عن وجود طائرات مقاتلة روسية بمطار جربة ا




.. موريتانيا: 7 مرشحين يتنافسون في الرئاسيات والمجلس الدستوري ي


.. قلق أمريكي إيطالي من هبوط طائرات عسكرية روسية في جربة التونس




.. وفاة إبراهيم رئيسي تطلق العنان لنظريات المؤامرة • فرانس 24 /