الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحزب الشيوعي العراقي ووحدة اليسار

لطيف المشهداني

2008 / 7 / 22
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


بعدَ أكثر من خمس سنوات على سقوط الصنم، والفَرحة لم تكتمل لأبناء شعبنا العراقي الأبي. فالأحتلال لا زال موجودا والأمن غير مستتب رغم النجاحات ولا زال الوضع السياسي غير مستقر فالوحدة الوطنية ومشروعها لا زالا يتعثران والأوضاع غير طبيعية وتدهور الخدمات الضرورية عموماً والحالة الأقتصادية المزرية على الرغم من الميزانية الكبيرة 70 مليار دولار ألا أن البطالة لازالت مرتفعة جـداً وتصـل الى نسـبة ال 40% من القوى العاملة،والمؤسسات الأنتاجيـة الكبيرة شـبه معطلـة و النقـــــــــل والمواصلات الحكومية شبه معدومة، والأعتماد الكلي على موارد النفط ( بدون خطط تنموية واضحة المعالم لمشاريع تنموية وخدمية حسب خطط طويلة الأمد وقصيرة يراعى فيها المهم والأهم مما يجعل الأقتصاد العراقي، أقتصاد معاق أستهلاكي لمواردهِ النفطية التي تتأثر تأثراً كبيراً بأسعار النفط ومبيعاته التي لا يعلم بها الا الله والراسخون بالعلم ).كما أن الفساد المستشري في كافة مفاصل الدولة وعدم معالجتهِ جدياً وجذرياً اوصل العراق الى المراتب الاولى بين مستويات الفساد بين دول العالم . كل هذا يشكل تحدياً كبيراً أمام الحكومة العراقية والقوى الوطنية السياسية والدينية والقومية والعشائرية وكل من يعزّ عليه العراق ومستقبلهِ ومستقبل أبنائهِ.

في هذهِ الأيام الساخنة، تتوارد الأخبار حول الأتفاقية الأمنية طويلة أو قصيرة الأمد، وقد كتب عنها الكثير ولا زال هناك تعتيم وضبابية من قبل الحكومة العراقية والمفاوض الأمريكي ( ونأمل أن يفي القادة السياسيون بما صرحوا بهِ أكثر من مرة بأهمية السيادة الوطنية وعدم السماح بتجاوزها أو المساس بها ). كما لازال القانون الأنتخابي للمحافظات لم يصادق عليه والتعديلات الدستورية لم يجري الأتفاق عليها وقضية كركوك والمادة 140 لم تحل ولا يوجد مخرج لها خاصة والأنتخابات على الأبواب.

هذهِ المقدمة تدلنا على أهمية ما يمرّ بهِ العراق من مخاطر جدية على مستقبلهِ ووحدتهِ. مما يتطلب من كافة الحريصين على بلدهم وأينما كانوا العمل على دعم وأنجاح العملية السياسية الجارية في البلاد وأن تترسخ وتأخذ مسارها الصحيح. ولا يوجد رهان آخر. فالرهان على الأنقلابات ولى وراح زمنهِ والأيمان بالديمقراطية والعدالة يتطلب أحترام الرأي والرأي الآخر ، أحترام العقائد والأديان وأحترام حقوق الأنسان والأيمان بحقوق القوميات وتقرير مصيرها وحق الشعب بالتمتع بثرواتهِ الوطنية ومشاركتهِ الفعالة بأتخاذ القرار عبر ممثليه المنتخبين من قبلهِ بكل حرية وبدون تأثير ليعيش كريماً مرفهاً في وطن حر من أي قيود ومعاهدات.

لذا علينا نحنُ المهتمين بالشأن العراقي أن لا نكون بعيدين عن الواقع السياسي والأمني والأقتصادي والأجتماعي وألا وقعنا في مطب التناقض بين الأقوال والأفعال. فمن لا يَعي الوضع السائد في العراق أن كان دينياً أو طائقياً أو قومياً، فهو بعيد كل البعد عن الواقع العراقي الجيوسياسي ـ أجتماعي وبالتالي لايمكن لحرصهِ أن يُثمر.
فالمشكلة ليست في وحدة اليسار ولا في وحدة التيار الديمقراطي بالرغم من أهمية ذلك . بل المشكلة الأساسية هيَ الأيمان بالعملية السياسية وأنجاحها وهذا يشمل الجميع ( كافة التيارات السياسية والدينية والقومية ناضلت وضحّت وقدمت الشهداء من أجل عراق ديمقراطي يتمتع فيه الجميع بحقوقهم السياسية والدينية والقومية ) نعم هناك الكثير من الأخفاقات والأخطاء التي لا تغتفر خاصة موضوع المحاصصة الطائفية والقومية التي تعتبر طعنة كبيرة في خاصرة العملية السياسية ومستقبلها!!
المستقبل الذي نطمح أن تتعافى فيه العملية السياسية من هذهِ الطعنة وغيرها. فمعظم البلدان التي سبقتنا على هذا الطريق عانت من التطبيق الصحيح للديمقراطية لأنها عملية شاقة ومعقدة، ولا زالت بلدان كثيرة سبقتنا تعاني من مشاكل ومعوقات في تطبيقها للديمقراطية، ويجري فيها بين فترة وأخرى أصلاحات دستورية وقانونية، وهذا أمر طبيعي لأختلاف المصالح الطبقية والسياسية والتنافس على السلطة عبر صناديق الأقتراع. فما بالكم أذا تداخلَ فيها الصراع الطائفي والقومي وتدخل دول الجوار وأحتلال البلد وسيادتهِ منقوصة فالتطبيق أكيد أصعب، والزمن والممارسة والوعي هو الكفيل بنجاحها وترسيخها لا برفضها ومحاربتها بشتى الوسائل والطرق وبحجج مختلفة.
أن كثير من الأقلام اليسارية والديمقراطية التي تكتب وتنتقد على صفحات الأنترنيت تنطلق من حرصها على العراق وشعب العراق ومستقبل البلد، وهذا الحرص يجب أن يتبلور في مشروع!!! ما هذا المشروع ؟ هل هو الغاء العملية السياسية ؟ وما هو البديل ؟ أنقلاب عسكري!!! ودكتاتورية جديدة محسنة!!! ألغاء الأخر وشطبهِ لأنهُ لا يتوافق مع أفكاري العلمانية !!! أي ديمقراطية هذهِ ؟ من يريد أن ينجح ويكون له الدورالمؤثر ويحقق برامجهِ عليه العمل في الداخل وكسب أصوات الناخب والنضال وبقوة ضد أي أحتكار للسلطة التي هيَ بالضد من العملية السياسية التي تستند على دستور دائم لتداول السلطة سلمياً عبر صناديق الأقتراع ونبذ العنف وأحترام مبدأ الأغلبية والأقلية. وحقها بالأعتراض.
أن المشكلة الكبيرة التي يعاني منها العراق أضافة لما جاء هي عدم أستكمال ملأ الفراغ السياسي والأمني والأداري بعد سقوط الدكتاتورية وأحتلال البلد،وهذا لا يتم بالتمنيات وأنما بالعمل على أستكمال تشكيل حكومة وحدة وطنية تنأى عن نفسها التمثيل الطائفي والقومي وتضع مصلحة الشعب العراقي والبلد فوق كل أعتباروتعمل على :
1ـ أعادة الأمن والأستقرار وأستتبابهِ.
2ـ أنهاء الأوضاع غير الطبيعية وحل المليشيات كافة .
3ـ محاربة الوجه الثاني للأرهاب، وهو الفساد الأداري وسرقة المال العام، وذلكَ بتشكيل لجنة وطنية منبثقة من البرلمان ولها صلاحيات يخولها القضاء العراقي لمحاسبة كافة الجهات الحكومية بما فيها رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء وكافة الوزارات والمؤسسات الحكومية والأهلية. وضمان حرية الأعلام للمشاركة الفعالة لمحاربة هذهِ الظاهرة الخطرة على مستقبل البلد وتطورهِ .
4ـ توفير المتطلبات الأساسية للحياة اليومية للمواطنين وكافة الخدمات، كالكهرباء ، الماء ، الدواء ، الوقود بكافة أنواعهِ .
5ـ أعادة بناء وأعمار البلد ضمن خطط علمية مدروسة ووفق جداول زمنية يساهم فيها ذوو الأختصاص من علماء وأساتذة وخبراء ومهندسين ( هناكَ أمكانيات وخبرات كبيرة لعراقيين في الداخل والخارج يمكن الأستفادة منها في هذا المجال ) وأعادة تأهيل وتشغيل المؤسسات الأنتاجية والخدمية لأعادة وتوفير فرص عمل وبأسرع وقت.
6ـ أنهاء الأحتلال وأعادة السيادة الوطنية غير المنقوصة، وهذا الآمر يحتاج الى الشفافية والمصارحة وأشراك الشعب وقواه السياسية، وبالأستناد الى وحدة وطنية حقيقية ومساهمة الجميع في قضية وطنية تتطلب أجماعاً وطنياً عليها، ولا يمكن لأي جهة سياسية أو أي طرف مهما كانت قوتهُ البرلمانية أن يتحمل المسؤولية!!! فالمسؤولية يتحملها الجميع.
7ـ أجراء أنتخابات حرة نزيهة تحت أشراف ألأمم المتحدة في ظل قانون أنتخابي يضمن الشفافية والنزاهة وعدم أستخدام الرموز الدينية والمساس بقدسيتها وضمان حق المرأة ومساواتها بالتمثيل اعتماداً الى نسبتها في المجتمع.
8ـ الأنتهاء من التعديلات الدستورية ليكون لنا دستوراُ عصرياً يعبرعن طموحات شعبنا بكل طوائفهِ وقومياتهِ وأديانهِ ويكون مظلة يحتمي في ظلها شعبنا وينعم بحياة آمنة حرة كريمة.
هذهِ المهام هي من أولويات قوى اليسار وتناضل من أجل تحقيقها والسؤال هو كيف يمكن تحقيق هذهِ الأهداف ؟ واليسار ينأى بنفسهِ عن المشاركة بالعملية السياسية ولا يدلوا بدلوهِ لأنجاحها. وماهيَ أهداف مشروع توحيد اليسار والتيار الديمقراطي أذا لم تصب في خدمة المشروع الوطني العام في العراق وذلك بأقامة عراق ديمقراطي فدرالي موحد.
وما الهدف من أنتقاد الحزب الشيوعي العراقي المشارك في العملية السياسية، ويعمل من أجل تحقيق الأهداف المشار اليها أضافة الى ما يطمح له الحزب من أجل أقامة مجتمع الرفاه والعدالة الأجتماعية وتحقيق شعارهِ بوطن حر وشعب سعيد.
أن الحزب الشيوعي العراقي وطيلة تاريخهِ يحترم الأحزاب الوطنية وأستمرّ يمارس ويطبق في مختلف الظروف قول الرفيق الخالد فهد ( قووا تنظيم حزبكم قووا تنظيم الحركة الوطنية ) منطلقاً من حرصهِ على توحيد الجهود لبناء عراق ديمقراطي مزدهر وضمان مستقبل أجيالهِ بخيراتهِ وثرواتهِ، وقد دفع الحزب ثمناً باهضاً لا نتيجة هذهِ السياسة الصائبة لصالح شعبنا، ولكن نتيجة غدر القوى الأخرى والطمع والتهالك على الحكم الفردي والدكتاتوري والتعاون مع الأجنبي والسياسات الرعناء والتي لم تراعي مصالح شعبنا ومستقبل بلدنا، وها نحن اليوم نحصد نتائجها.
فالحزب لا يعارض أي وحدة لليسار ولا للتيار الديمقراطي عندما تكون الأهداف واضحة ولا أعتقد أن وحدة اليسار التي يتحدث بها الكثيرون تعني أن يحل الحزب نفسهِ ويشكل مع هذهِ القوى حزباً جديداً، فهذهِ ليست وحدة اليسار, فالحزب الشيوعي ......حزب لهُ تنظيمهُ ونظامهُ الداخلي وأسمه ووثائقه وسياسته المقرة في مؤتمراتهِ ، والحزب ضمن نظامه الداخلي يسمح لكل مواطنة ومواطن عراقي بلغ السن القانونية الأنتماء للحزب. وكذلكَ بالنسبة للتيار الديمقرطي الذي يمثل الحزب رأس الحربة فيه ، إذ لا أعتقد أن أنصهار هذا التيار في بوتقة واحدة هو المقصود بوحدة التيار الديمقراطي. بل تحالف هذا التيار في أطار قائمة أو جبهة لها برنامج عمل متفق عليه وأحترام كل طرف لأستقلالية الطرف الآخر فكرياً وسياسياً، هو ما نحتاجه، وهذا الشكل من التحالف عمل ويعمل الحزب لتحقيقهِ وقد تبنى هذا المبدأ منذ أمد بعيد ولا زال يتبناه، بل لقد قدمَ التنازلات لصالح هذهِ العملية التي يراد منها توحيد القوى والجهود لتحقيق الأهداف النبيلة للقوى اليسارية والديمقراطية.
من هذا المنطلق فأن الحديث عن وحدة اليسار يتحملها اليسار بنفسهِ وهو المسؤول عن توحيد تياره في أطار تنظيمي واحد لتحقيق الأهداف التي يناضل التيار من أجلها، وسيكون بالتأكيد سنداً وداعماً للحزب وتوجهاتهِ لتحقيق أهدافهِ التي مهما أختلفت وجهات النظر حولها في هذهِ القضية أو تلك فستبقى أهدافاً وطنية ونبيلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تعلن مقتل 17 مسلحا من حزب العمال الكردستاني شمال العرا


.. كرّ وفرّ بين الشرطة الألمانية ومتظاهرين حاولوا اقتحام مصنع ت




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مناهضين للحرب الإسرائيلية على غزة في ج


.. اعتداء الشرطة الهولندية على متظاهرين متضامنين مع فلسطين




.. الألعاب الأولمبية: تحقيق حول مدى التزام الحكومة الفرنسية بوع