الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نيلسون مانديلا...عقبال ال120 ))بوش الصغير... دَربْ يسدْ ما يردْ

وهيب أيوب

2008 / 7 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


نيلسون مانديلا...عقبال الـ120
بوش الصغير... دَربْ يسدْ ما يردْ

"لن يكون للمدن نجاة إلا إذا أمسك الفلاسفة الحقيقيون بزمام الحكم، أو تحوّل من بيدهم زمام الحكم إلى الفلسفة الحقيقية". أفلاطون

وهيب أيوب

قد يختلف الفلاسفة والمفكرون بتفسير معنى الحضارة أو ما هو التطور الحضاري، فربما يعني البعض منهم هذا التطور الهائل في العلوم والتكنولوجيا والصناعات الحديثة، ولا يسميها البعض الآخر تطوراً حضارياً بالمعنى الإنساني الشامل إلا إذا ارتبطت كل تلك التطورات بتطور فكري وفلسفي إنساني، مقياسه الحقيقي ابتعاد الإنسان عن العنف والحروب واقترابه من الحرية والعدل وأخوة إنسانية جامعة. وربما نعود لنتذكر هنا قول الفيلسوف جان جاك روسو عن الحضارة إذ يقول: "الحضارة شرٌّ تُفقد الإنسان إنسانيته". وهنا بالتأكيد، يعني روسو الحضارة بشقها الأول دون أنسنتها. والذين قرأوا التاريخ على مدى الستة آلاف سنة الماضية يعلمون أن 5400 سنة منها كانت حروباً، وهذا ليس مفاجئاً؛ فلو رجعنا نحن بذاكرتنا إلى الخمسين سنة الماضية لما عثرنا على سنوات بينها خالية من الحروب. إذن ما معنى وفائدة هذا التطور الصناعي التكنولوجي حتى ولو ذهب أصحابه إلى أبعد من المريخ...؟
وقد عبّر العالِم أينشتين عن تشاؤمه من تلك الحضارة بقوله: "لست متأكداً من السلاح الذي سوف يُستخدم في الحرب العالمية الثالثة، ولكن ما أعلمه أن الحرب العالمية الرابعة ستكون بالعصي والحجارة".
إذا ما استمرت الرأسمالية المتوحشة في تعميق الهوّة بين الفقراء والأغنياء، وإيغالها في جشعها وأطماعها غير المحدودة واضطهادها الضعفاء واستغلالهم في سبيل هيمنتها غير المنضبطة بأي معايير إنسانية وأخلاقية، فإن النهاية الكارثية لتلك السياسات لن تستثني أحداً.
إن أي حضارة تفقد فلسفتها الإنسانية ونظرتها الوجودية الشاملة بالتوازن مع الطبيعة والكون، ستفقد عاجلاً أو آجلاً أسباب حضارتها ومبررات وجودها.
ستبقى هذه الحضارة مهما علا شأنها في التكنولوجيا والاختراعات والصناعات عرجاء مُشوّهة
ما لم يكتمل شقها الإنساني، وهو المُعبّر الحقيقي عن الحضارة المنشودة.
أحد الأوروبيين قال عن المهاتما غاندي - الذي لم يصنع سوى حذاء من القش كان يلبسه ورداء أبيض يلف به جسمه النحيل – قال: "ليس من التجديف في شيء، تشبيه غاندي بالمسيح". وأردف عنه أيضاً العالم الفيزيائي أينشتين قوله: "سوف لن تُصدّق الأجيال القادمة، أن هناك رجلاً كان يمشي على قدمين اسمه غاندي" وربما يختزل هذا القول من عالمٍ بحجم أينشتين مجمل ما قيل بألمهاتما، ويفسر لنا في نفس الوقت نظرة أينشتين للحضارة.
لا شك أن القرن الماضي شهد زعامات كبيرة، ولكن ألمهاتما غاندي نموذج فريد قد لا يتكرّر. ونيلسون مانديلا أيقونة نادرة تتمنى البشرية أن تحظى بمثله حتى ولو مرة في كل مئة عام.
قد يكون الهدف من مقالي هذا صيدٌ بَخس هو الرئيس الحالي للولايات المتحدة بوش الابن أو هذا البوش الصغير، ولكن للمسألة دلالات أعلى وأسمى من قامة هذا الصغير الذي أعلن في الأول من تموز الماضي 2008 ودون حياء إسقاط اسم نيلسون مانديلا ورفاقه في حزب المؤتمر الوطني الأفريقي من قائمة الإرهاب!! حقاً، إن كل ما تعلمه الإنسان من دروس التاريخ، أنه لم يتعلم شيئاً، وأن لكل شيء حدودا إلا غباء الإنسان.
عام 1633 تمت محاكمة العالم غاليليو من قبل محاكم التفتيش واتهامه بالهرطقة. وفي العام 1992 أي بعد حوالي أربعة قرون، قام البابا يوحنا بولس الثاني بتبرئة غاليليو والاعتذار منه.
لا شك لدي أن رئيس أقوى دولة في العالم، بوش، لم يستطع التمييز بين منظمة أبيك و أوبيك، وبين النمسا وأستراليا أن يكون قد سمع بـ غاليليو أصلاً. فمتى تعتذر الإدارة الأميركية عن غباء رئيسها؟ ومتى تعتذر عن جرائمها في حق الشعوب منذ الهنود الحمر حتى العراق، ومتى تعتذر عن دعمها لأعتى دكتاتوريات العالم ودعمها لنظام التفرقة العنصرية في جنوب أفريقيا وإسرائيل... ثم متى ستعتذرون لمانديلا؟
وبينما يحتفل مانديلا، الرجل الذي تحوّل إلى أيقونة الحرية في العالم بعيد ميلاده التسعين وسط إعجاب العالم من كل القارات والدعاء له بمديد العمر، بعد أن حقّق ورفاقه أحد أهم إنجازات العصر الإنسانية في التحرّر والحرية والتسامح، يهيئ بوش الصغير نفسه للرحيل من البيت الأبيض وهو ملطخ بدماء مئات الآلاف من الأبرياء هو وإدارته المجرمة، وإني لأسمع أصوات هادرة من خلف المحيطات تصرخ بصوت واحد...دَربْ يسدْ ما يردْ.

وهيب أيوب
الجولان المحتل – مجدل شمس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النموذج الأولي لأودي -إي ترون جي تي- تحت المجهر | عالم السرع


.. صانعة المحتوى إيمان صبحي: أنا استخدم قناتي للتوعية الاجتماعي




.. #متداول ..للحظة فقدان سائقة السيطرة على شاحنة بعد نشر لقطات


.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال الإسرائيلي تكثف غاراتها على مخي




.. -راحوا الغوالي يما-.. أم مصابة تودع نجليها الشهيدين في قطاع