الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقليص او الغاء البطاقة التموينية لصالح من ؟

اكرم سالم
(Akram Salim Hasan Al-janabi)

2008 / 7 / 23
العولمة وتطورات العالم المعاصر


يتسلم 96% من العراقيين الذين يشكلون حوالي خمسة ملايين عائلة المواد التموينينة الاساسية من خلال البطاقة التموينية ، وخلال الأعوام الخمسة الأخيرة تكررت وتصاعدت حدة التصريحات والدعوات من قبل مسؤولي وزارة التجارة في محاولة لإلغاء هذه البطاقة علاوة على سوء توزيع ونوعية موادها ، غير ان تلك الدعوات لم تلبث ان تتراجع لبعض الوقت بسبب مواجهتها بردود فعل شعبية قوية ، ثم ينجم اثر ذلك تقليص جديد في مفردات تلك البطاقة اضافة الى تراشق متبادل بتهم الفساد الإداري تنصب على تلك الوزارة وهي الاخرى لاتلبث ان تذوب وتتلاشى بتطييب الخواطر و بالأماني العريضة ، دون ان يتبين المواطن العراقي منها شيئا جليا .
ومن الواضح والملموس ان الشعب العراقي كان وما زال في امس الحاجة الى مفردات تلك البطاقة ، وقطعا ان هذه الحاجة الحياتية اخذت تتسع منذ عام 2003 استنادا لكل الظروف والمتغيرات المستجدة . ففي تقرير حكومي صدر عن وزارة العمل كانون الثاني 2006 اكد ان اكثر من مليوني عائلة عراقية اصبحت تعيش تحت خط الفقر . وان الفقر ازداد بنسبة 30% خلال السنوات الثلاث الاولى التي اعقبت عام 2003 فيما ازداد التضخم بنسب تفوق التصور حيث بلغت الأسعار ارقاما غير مألوفة لدى العراقيين على الاطلاق ، وبخاصة بعد الزيادات الفلكية على اسعار البنزين والمحروقات التي ولدت تداعيات متسلسلة على حسابات كلف السلع والخدمات والنقل والخبز مما ارهق كاهل المواطن العراقي تماما وهدد عيشه بشكل خطير ، من خلال زج الملايين نحو حافة التشرد والفاقة وما نجم عنها من امراض اجتماعية ومزالق امنية وخيمة . وهكذا اخذت تتوالى هذه الدوامة و تشكل تهديدا اقتصاديا مضافا للعائلة العراقية بعد كل التهديدات الخطيرة الاخرى الأمنية والخدمية والصحية والتربوية وغيرها .
ان مسوغات الجهات الحكومية في توجهاتها نحو الغاء او تقليص البطاقة التموينية تستند على شروط صندوق النقد والبنك الدوليين ، التي تتركز بشكل ملخص على ضرورة تواصل الاقتصاد والسوق العراقي مع السوق العالمي لتنسجم مع معايير العولمة والانفتاح التجاري وبخاصة من خلال تجانس اسعار السلع والخدمات الاساسية الذي يتمثل في رفع الدعم الحكومي عنها . هكذا بشكل تجريدي متعال لا يمت بتاتا للواقع العراقي ومجرياته اليومية .
والواقع ان الحكومات العراقية المتعاقبة لم تتخل عن دعم تلك السلع الحيوية التي تمس صميم الحياة المعيشية لأوسع الشرائح الاجتماعية حتى قبل صدور البطاقة التموينية بداية التسعينات من القرن الماضي .. لذلك ستكون الصدمة كبرى وغير معهودة في حالة الغاء او تقليص تلك المفردات بحجة ( توفر السلع حاليا بعد شحتها خلال الحصار ) اذ ان ذلك يعني ببساطة التخلي كليا عن المواطن الفقير من جانبي الدعم والبطاقة في آن واحد ، وكأن أقصى أماني شعب العراق هو الارتماء في احضان العولمة وبراثن صندوق النقد الدولي و بلا ثمن جدير بالذكر !! وإلا فهل من المعقول ان يجري ذلك مقابل قرض او بضعة قروض لايتجاوز أي منها بضعة ملايين من الدولارات ؟ وهل يجوز ارتهان السياسات الاقتصادية العراقية المتعلقة بغالبية السكان الفقراء الى تلك الشروط ( المعولمة ) المجحفة ؟ فكيف الأمر مع تصاعد اسعار البترول التي تخطت 140 دولار للبرميل ، ومع تخطي الأنتاج اليومي العراقي المليوني برميل بأضطراد متواصل ؟ .. مثل هذه التساؤلات يعرفها المواطن العراقي بحساسية دقيقة ، لذا ليس من الحكمة ابدا الاستمرار بالضغط على مشاعره والمساس بقوته تحت أية ذريعة ، فمفردات البطاقة التموينية تمثل مؤشرا حرجا لا يمكن التغاضي عنه بأي شكل من الأشكال . كذلك فأن الاقتصاد العراقي قادر تماما على إملاء شروطه كبلد منتج كبير للنفط وصاحب عوائد عظمى لا تجاريها شروط العولمة العمياء وما يسمى ( بأصلاحات العولمة ) الخرافية .. تلك الشروط مردودة حتما لأنها تقف في الضد مع الحاجات المعيشية الاساسية لشعب العراق في هذه الظروف القاهرة .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. باريس تسلم -بري- الورقة الفرنسية المتعلقة بوقف إطلاق النار ب


.. ترامب يواصل تصدر استطلاعات الرأي في مواجهة بايدن| #أميركا_ال




.. الخارجية الأميركية: 5 وحدات في الجيش الإسرائيلي ارتكبت انتها


.. تراكم جثامين الشهداء في ساحة مستشفى أبو يوسف النجار برفح جنو




.. بلينكن: في غياب خطة لعدم إلحاق الأذى بالمدنيين لا يمكننا دعم