الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضرورة تقويم الخطاب السياسي اليساري

عبد العالي الحراك

2008 / 7 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


يلاحظ المتتبع للاحداث في العراق , ارتباكا واضحا في عموم الخطاب السياسي لليسارالعراقي ,مبتعدا عن الهدف الاساسي في ضرورة توعية الناس ورفع مستوى استيعابهم للوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والمطالبة بحقوقهم والتركيزعليها حسب الاولوية والاهمية. فهناك خطاب سياسي كلاسيكي قديم اخذ يبتعد شيئا فشيئا عن جوهر ومادة اليسار, يركزعلى مواضيع اصلاحية ليبرالية التوجه والفهم , بحجة الاعتدال في الموقف والطرح ويستخدم اسلوب الوعظ وتقديم النصائح العائمة وبعضها موجه الى الحكومة العراقية مثلا, مع علمه بان الحكومة لا تعطي اهتماما لمقالات من هذا النوع , خاصة وهي تعتبرها صادرة من طرف علماني على اقل تقدير وتعتبرهذا العلماني خارج عن الدين والملة ,وتحاربه في ادبياتها واعلامها الحزبي وبين عموم الناس . وخطاب اخرليبرالي ايضا يدعي اصحابه بأنهم كانوا يساريين في يوم ما وان الزمن تغير فيجب ان يكونوا ليبراليين ديمقراطيين يعتبون على ابناء الشعب العراقي لانهم ليسوا ديمقراطيين , ولا يريدون ان يستوعبوا الديمقراطية , وركزوا جهدهم على التطبيل للاحتلال الامريكي والتسويق لمفهوم (الديمقراطية) بعيدا عن الواقع العراقي الذي تقتل فيه الديمقراطية , ونفي اية ممارسة امريكية سلبية في العراق بل تجميلها وتلطيفها واجبار العراقي على تقبلها وعدم رفضها . وخطاب اخرقد يغضب صاحبه اذا قلنا عنه انه خطاب ليبرالي ولكنه اشد قبحا وخطورة من الليبرالي , لانه ضائع في مدح الحكومة العراقية حين يقول(بفضل الحكومة الوطنية توطد الامن في البلاد وانحسرالارهاب) ناسيا التركيبة الطائفية التي تشكلت بها الحكومة وعدم القدرة على الفكاك منها , وناسيا ايضا المستوى الثقافي والسياسي وانعدام الخبرة للغالبية العظمى لوزراء الحكومة وعدم الانسجام بين اطرافها , ثم انه لا يريد ان يصرح علانية بدورالقوات الامريكية وقوات الصحوة التي شكلتها ودعمتها في تحجيم دورالارهاب في مناطقها , مقابل الدعم المادي والسياسي الامريكي المباشر, والوعود بمواقع مهمة في العملية السياسية التي يتعمق تطييفها ومنطقيتها وعشائريتها , ولما لهذا التوجه من تأثير سلبي على نمو وتطورالمجتمع حاضرا ومستقبلا . فهل هذا خطاب يساري مفيد وهو يبتعد عن الامورالاساسية في ضرورة توعية الناس على معرفة حقوقهم وواجباتهم والمطالبة بالاولى وتأدية الثانية بالصورة المطلوبة ؟ ثم ان صاحب هذا (الخطاب اليساري المتهالك) يؤكد ( بان العشائر اصبحت قوة ضاربة تطارد الارهاب في كل المحافظات) اذن اين القانون؟ واين الدولة؟ واين اجهزتها الوطنية التي تحفظ الامن وتديم النظام؟ واين وعي اليساري الذي يدعو الى التقدمية والتمدن الذي استبدله بدعوته الى العشائرية وتمجيد دورها في القضاء على الارهاب كما يقول؟ بينما الحقيقة تقول ان هذه العشائرثأرت لأبنائها ودعمت من قبل الامريكان بسبب ضعف الحكومة وطائفيتها وليس قوة الحكومة ووطنيتها؟ من هنا يشعر الانسان العراقي ببؤس خطاب يدعي اليسارية وهو بهذا المستوى.( النجاحات الكبيرة التي حققتها حكومة دولة رئيس الوزراء لم تلق اذنا صاغية من الصحافة العربية) هل هذا خطاب يساري ان يطلب صاحبه من الصحافة العربية ان تمجد اعمال الحكومة العراقية وهي في معظمها صحافة تجارية ورجعية وقومية شوفينية او اسلامية سلفية؟ الم يجد موضوعا هذا اليساري الا ما وقع فيه من تخبط وتهافت؟ والاسوء في هذا الخطاب اليساري ان يصل الامر بصاحبه ان يقول(الاوساط العربية ممتعضة من الالتزام الامريكي امام العراق بعد ان حرره من النظام البعثي وسلطته الطاغية) هذا القول لا يحتاج الى تعليق.. فالالتزام الامريكي امام العراق , حقا انه التزام ما مثله التزام.. والتحرير من نظام البعث , ما مثله تحرير. ولكنه لم يستطع تحرير بعض هؤلاء (اليسار) من عقدة صدام وطغيان نظامه, بحيث أي ظلم ودماروهتك اعراض وكرامة شعب ووطن , اهون عليهم من طغيان صدام.. مع ان الاثنين بعضهما اشد سوءا من الاخر وتتناوبان في سوئهما. ثم ان هناك خطاب يساري اخرمنعزل ومنغلق على نفسه , يدور في نرجسية المباديء العائمة في الهواء, يتداوله بعض المنظرين في اليسارية الثورية الخارقة في ثوريتها النظرية التي لم تحقق في الواقع العملي خطوة واحدة ناجحة. تبقى هناك بعض الاقلام الوطنية اليسارية الصادقة والهادفة في خطابها السياسي الوطني , ولو انها مفردة , تسعى جاهدة للم الشمل وتوحيد الجهد وتنسيقه , تركزعلى موضوع مواجهة الاحتلال وتوحيد قوى اليسار والوحدة الوطنية وضرورة مراجعة الذات واستخدام النقد الذاتي من اجل التصحيح والتقويم ونسيان سلبيات الماضي والاهتمام بالحاضر والنظر الى المستقبل بعين امل وتفائل. من هنا تبرز ضرورة تقويم الخطاب الثقافي والسياسي لليسار العراقي بما يحفظ ماء الوجه اليساري ويرفع من شأنه ويؤهله لأستعادة موقعه وتأثيره الايجابي في الاحداث .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي الشجاعة داخل الفلج.. مغامرة مثيرة لمصعب الكيومي - نقطة


.. رائحة غريبة تسبب مرضًا شديدًا على متن رحلة جوية




.. روسيا تتوقع «اتفاقية تعاون شامل» جديدة مع إيران «قريباً جداً


.. -الشباب والهجرة والبطالة- تهيمن على انتخابات موريتانيا | #مر




.. فرنسا.. إنها الحرب الأهلية!