الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العنف المتوازن .. ام التقاء الارادات

ضمد كاظم وسمي

2008 / 7 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


درجت الانسانية على السير في طريق الكفاح من اجل الحرية والعدل .. بغية التوفر على الحقوق المشروعة للشعوب . وهي حقوق الانسان المقرة دولياً – وهي اذ تفعل ذلك فانها تتوسل أحد طريقي الكفاح : فالطريق الاول وهو ماعرف بسياسة العنف او الكفاح المسلح ، وقد فضلت حركات التحرر الوطني هذا الطريق من اجل استحصال حقوق شعوبها وتحريرها من ربقة المحتل او للتخلص من الحكام المستبدين .. وتعد ثورة الامام الحسين (( ع)) معلماً هادياً في هذا السبيل بعد ما غلق الامويون كل منافذ الاصلاح الا منفذ الثورة المعبد بدماء الشهداء الابرار .. اذ ان منفذا كهذا لايتسنى لاية قوة مهما تعاظمت ان تلجمه او تواريه .. وهي سبيل تنتج شرعنتها من مظلومية السالكين لها .. ونشدانهم حقوقهم السليبة .. والتصدي للعمل العنفي بغية استرداد ما اغتصب منها .. ولاصحاب هذا النهج اجندتهم ومثلهم وأطروحاتهم التي يستنيرون بها . حيث يرون : (( ان اسلوب الكفاح السلمي يعني الاقرار بسلطة المستبد او المحتل والخنوع له )) .. لعل في مقولة الامــــام الثائر زيد بن علي (( ماخشي قوم حر السيوف الا ذلوا )) .. افضل ما يمثل نهج الثائرين بالقوة المسلحة ضد الطغيان والاحتلال الاجنبي .. كما انهم يستنيرون بمقولة اخــرى لامام الجهــاد السلمي (( غاندي)) حيث يقول : (( انني قد الجأ الى العنف الف مرة اذا كان البديل اخصاء عرق بشري بأكمله )) .. لكننا يجب ان نستدرك .. لكي تكون المقاومة المسلحة مشروعة لابد من تحقق عدة شروط منها :
1- وجود الاحتلال الاجنبي ، او استشراء الاستبداد وبشكل بين .
2- تصدر المقاومة وكفاحها المسلح من قبل قيادة تمتاز بصفات الكارزما ذات اطروحات رشيدة وواضحة الاهداف وشريفة الوسائل .
3- توفر العدة والعدد والطاقات اللازمة للنهوض بمهمة المقاومة المسلحة ، ولنا في سيرة الرسول الاعظم محمد (ص) خير مثال .. اذ انه لم يدعو الى العنف عندما كان في مكة بسبب قلة الناصر وضيق ذات اليد .
4- ان تكون اهداف المقاومة واضحة : طرد المحتل او تقويض الاستبداد .. ولاتتعرض للبنى التحتية للوطن ولاتؤذي المواطنين ولا تعطل الخدمات العامة ولاتربك الاقتصاد الوطني .. والا خرجت من مفهوم المقاومة لتصنف ضمن الارهاب والذي يقوم على اساس (( تقديس مبدأ العنف وصياغة آيديولوجيا وعقلية وأخلاقية تعتبر العنف اسلوباً ثورياً – ووحيداً – شاملاً ، والقتل وتدمير الذات والوطن فعلاً بطولياً ! )) .. ذلك ان الارهاب لايملك الا ان يدمر الذات والاخر أي لايبقي ولايذر الا الفناء والاضطهاد .. يقول جواهر لال نهرو : (( ان الارهاب يولد الاضطهاد )) .
5- ان تكون المقاومة المسلحة على استعداد تام للحوار كلما كان الحل السياسي يوفر فرص اكبر لتحقيق اهداف الشعب ويجنبه المكاره .. لا بل عليها استدراج الآخر الى حلبة الحوار والانتصار عليه او معه سياسياً حتى لو تطلب الآمر المزيد من التنازلات التي قد تختزل المسافات باتجاه الهدف 00 ويعد صلح الحديبية الشهير في هذا الميدان اكبر دليل على حنكة القائد المقاوم الرسول ((ص)) الذي اعطى من التنازلات ما ابرم الكثير من اصحابه .. الا ان الامر انتهى بنصر عزيز جعل الاخر يتخبط خبط عشواء في ليلة ظلماء .. واخيرا استسلم مذعنا من غير عنف .
اما اصحاب طريق اللاعنف او الثورة السلمية .. فهم لايرون في طريق الكفاح السلمي اقرارا بسلطة المستبد او المحتل والخضوع له .. لان المقاومة السلمية تعني تعبئة الشعب وتثقيفه للاحاطة بحقوقه المشروعة والقيام بالوسائل الكفاحية السلمية لاستحصالها : كالعصيان المدني والتظاهرات والاضرابات ، واقامة الندوات والمهرجانات والكتابة بالصحف ومناشدة المنظمات الدولية الرسمية وغير الرسمية .. الخ .. وقد ذهب اصحاب اللاعنف الى ان الكثير من الشعوب تحرر من الاحتلال او من الاستبداد عن طريق المقاومة السلمية .. ولعل في تجربة الهند بقيادة غاندي وتحررها من الاحتلال الانكليزي خير مثال للمقاومة السلمية الفاعلة .. وللحراك الشعبي السلمي الفاعل والمؤثر نتائجه الايجابية كما في النموذج الايراني وثورته الشعبية التي قادها الخميني .. والذي انتهى بالنصر الباهر للشعب الايراني حيث (( كانت الجماهير الايرانية تستقبل بنادق الجيش ودباباته بهتافات الاعتزاز بالخوة بين الشعب والعسكر )) .
اما الانتفاضة الفلسطينية (( انتفاضة الاقصى )) .. فتعد واحدة من نماذج المقاومة السلمية التي تسلحت بالحجارة وصيحات الفتيان وزغاريد الفتيات يؤطرها التزام شعبي عارم .. حتى هزت اسرائيل وارغمتها على نهج سبيل الحل السلمي .
ان اصحاب المقاومة السلمية في الوقت الذي يتبرأون من الارهاب فهم يدينون الاحتلال ويجهدون انفسهم لتحرير البلاد منه .. كما انهم لايقرون استخدام القوة المفرطة من قبل السلطة ويرفضون سياستها القائمة على اساس المحاصصة والاقصاء والتهميش والعقاب الجماعي الذي يغذي العنف وينعش الارهاب ويديم الاحتلال .
لم يكن اسلوب العنف المتوازن القائم على نظرية الرعب المتبادل يوماً طريقاً سالكة لحل المشكلات الانسانية .. ولو فرض كونه سبيلاً للحل فان له من التبعات مايكرس دورات الصراع وجولات الحرب في التاريخ .. لانه يغذي مشاعر الكراهية والتوجس من الاخر .. وتعمل الية المشاعر عملها .. (( فالحقد يولد الحقد ، والكراهية تغذي مثيلها ، والدم يفجر الدم )) .. في حلبة الصراع متراصة الحلقات تتجيش جميع الاطراف بذات المشاعر البغيضة في الوقت الذي تتفرعن فيه سياسة الالغاء والتغييب للاخر وبكل الوسائل وفي مقدمتها الوسائل العنفية .. لكسر ارادة الاخر ، حيث يتنمر الارهاب سواء كان ارهاباً من المحتل ام من السلطة ام من الجماعات التكفيرية او العصابات التي تجد فيه بيئة خصبة لتحقيق مآربها الدنيئة .
بينما يفضي اسلوب اللاعنف الى التوازن وحل المعضلات بالحوار والتسامح وقبول الاخر وفق مبدأ المشاركة والتقاء الارادات .. وجعل الكعكة حصة للجميع ، في الوقت الذي تحافظ المقاومة السلمية فيه على الذات وعلى الاخر .. وكل ماتريده من الاخر هو ايقاظ ضميره .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح


.. الرئيسان الروسي والصيني يعقدان جولة محادثات ثانائية في بيجين




.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط