الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رهانات وانتصارات من ورق

جهاد صالح

2008 / 7 / 25
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


تسير الأمور في عجلة من أمرها على المحورين السوري واللبناني، وفق مراهنات سياسية بولادة علاقات دبلوماسية بين سوريا ولبنان خلال فترة لن تطول.

وزير الخارجية السوري "" ضيف قصر بعبدا، حاملا بيديه الشاهدتين على آثام كبيرة بحق الشعب السوري وبحق شعب لبنان بعد استباحة لأكثر من ثلاثين عاما، ولم تتوقف أبدا في أن تتغلغل داخل كيان لبنان. دعوة رسمية من سيده "بشار الأسد" للرئيس سليمان لأجل زيارة دمشق.

الجميع ودون استثناءات دعوا إلى علاقات صحية وجديدة بين الدولتين، حتى قوى الرابع عشر من آذار التي تحاول أن تنسى الجراح الدامية بحق بيروت وسكانها، وتسعى للسير في الطريق الذي حددته ورسمته الدوحة وأميرها، الذي يسير على جميع الطرق ولا يهمه أي بساط، ومهما كان لونه؟؟ قوى الأكثرية فقدت أكثريتها ضمن هيمنات التسوية، وبدأت تنغرز في ضحالة الفعل السياسي، وردة فعلها حول زيارة المعلم لم تكن بالمستوى المطلوب، والتي طالبت ببلورة العلاقات الدبلوماسية بين سوريا ولبنان وقضية مزارع شبعا وملف المفقودين والسجناء في سجون البعث السوري. في حين كان أهاليهم يعتصمون على طريق القصر الجمهوري من جهة منطقة الحازمية.

والطريف أن "الحكيم جعجع" ألد أعداء النظام السوري لم يستطع أن يكون خارج المدارات واللغة الدبلوماسية الجديدة المرحبة بعالم ومرحلة قادمة مع دمشق، حيث أعرب عن أمله في أن تقوم علاقات جدية بين لبنان وسوريا كدولتين مستقلتين، مشدداً على أن قيام هذه العلاقات الجدية لا يحصل بتبويس اللحى أو ببعض الشكليات. وقال: "أتمنى أن يأتي الوزير المعلم ومعه الأسرى والمعتقلون في السجون السورية وأن يأتي بلائحة عن مصير المفقودين".
لا اعتقد أن المعلم بهذه السذاجة يستطيع أن يقدم كل شيء للبنانيين على طبق من ذهب، وخاصة أن بشار الأسد ونظامه لم يعترفوا حتى اللحظة بوجود سجناء لبنانيين في السجون السورية. وحول مزارع شبعا تبجح الأسد حولها في ضبابية معهودة وهروب مشبع بفلسفة نرجسية حين يشترط تحريرها ومن ثم ترسيم الحدود.

الرئيس سليمان سيكون في دمشق خلال عشرة أيام، وهو الرئيس اللبناني الشرعي الأول الذي سيسير في شوارع دمشق بعد ثلاثين عاما من الاحتلال البعثي لدولة لبنان، ولا ننسى أن سليمان كانت مواقفه من نظام دمشق تصب في خانة -اللا عدو واللا مناهض- لسياسات بشار الأسد نحو لبنان وشعبها، بل كان يقف في منتصف الطريق بين دمشق وبيروت، وبين قوى الأكثرية والمعارضة في حيادية متفاوتة ومتجاذبة، ونتذكر استنجاده بالسوريين في معارك نهار البارد وفتح الإسلام. وقد تم اختياره رئيسا توافقيا من قبل الجميع شرقا وغربا، لأنه مقبول من الجميع. لكن في هذه المرحلة كان على الرئيس اللبناني أن يبدأ عهده بمواقف صلبة ومميزة لا مراهنات فيها ولا انبهار بابتسامات الأسد حين سيعترف باستقلال لبنان وسيادته، لأنه قبل أن يفكر بالذهاب إلى دمشق، كان لا بد قبل كل شيء من حل قضية السجناء المعتقلين والمفقودين اللبنانيين داخل سجون الاستبداد، وكذلك ترسيم الحدود، ومسألة الفلسطينيين ومخيماتهم التي صنعت بيد مخابراتية سورية وتم تسليحها من قبلهم. وكان على قوى الأكثرية التأكيد والتمسك بهكذا موقف، ومن ثم الحديث في التبادل الدبلوماسي مع نظام الأسد، لأجل معرفة مدى جدية وحسن نوايا النظام السوري وموقفهم المستقبلي من دولة لبنان الجديدة.

المشكلة، أن الزمن والظروف كلها تسير بجانب نظام الأسد وبمباركة ساركوزي، المراهن على الانفتاح مع سوريا، ويغيب عن بال هؤلاء المراهنين أن الرئيس السوري تعوّد في كل حوار غربي أو أميركي أو عربي معه ومع نظامه، أن يعتبره انتصارا لدبلوماسيته ومحورية نظامه كـ - مفتاح الحلول- وهذا يزيده غطرسة وغرورا، إلى جانب الانتصارات الإلهية لـ"حزب الله"، والتي يطرق المدجنين في كل مكان طبول النصر بعد عودة الأسرى وجثامين الشهداء من إسرائيل، وليستغل "حزب الله" ذلك ليعود إلى المحيط العربي كالفاتح المنتصر، ويقفز على أحياء بيروت التي أدميت شوارعها بسلاح "المقاومة". رغم أن مسألة الأسرى كلها صفقة وتسوية كان لا بد منها، لأجل أن تسير القافلة، والكل يعلم أن دمشق وفرنسا وأميركا وقطر وأولمرت وأنقرة، وبعصا سحرية إيرانية، هم من صاغوا الصورة بهذا الشكل. ولا غرابة أن تتباهى طهران بدورها الكبير داخل لبنان وتحكمها بالحبال كلها، فبالأمس كان عضو مجلس الشورى الإسلامي في إيران -علاء الدين بروجردي- يصرح "أن نجاح سياسة بلاده في الشرق الأوسط، وتحديداً في لبنان، هو الذي دفع بالأميركيين إلى المشاركة في محادثات جنيف. وقال لوكالة أنباء "فارس" الإيرانية شبه الرسمية "إن النجاحات التي حققتها إيران في التطورات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط ولبنان ودورها الإيجابي في تسوية الأزمات الإقليمية هي من الأسباب التي حدت بأميركا إلى توجيه الدعوة إلى طهران للحوار".

لا يمكن أن نتصور أبدا أن يكون مصير بلد وشعب محل مراهنات سياسية، ورؤى مستقبلية، في ظل التعامل مع طغاة يتنكرون لأبسط مبادى حقوق الإنسان، وتفوح من أفواههم رائحة نتنة، وملوثة أيامهم بدماء الآلاف من الأبرياء من الشعب السوري واللبناني، ويتنكرون للعهود في أبسط اللحظات، وهدفهم صون مصالحهم بأي ثمن كان، ولن يتوقفوا أبدا عن بلبلة وزعزعة الدولة اللبنانية عبر حلفائهم، حتى لو حصل اعتراف بسيادة لبنان، وتم تبادل دبلوماسي وتشييد سفارات. إنها عودة جديدة لنظام الأسد إلى بيروت، ولكن ليس بزي عسكري، بل بحلة دبلوماسية أكثر غبار وأكثر رهبة في الأيام القادمة












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يستهدفون سفنا جديدة في البحر الأحمر • فرانس 24


.. الشرطة القضائية تستمع إلى نائبة فرنسية بتهمة -تمجيد الإرهاب-




.. نتنياهو: بدأنا عملية إخلاء السكان من رفح تمهيدا لاجتياحها قر


.. استشهاد الصحفي سالم أبو طيور في قصف إسرائيلي على مخيم النصير




.. كتائب القسام تستهدف جرافة إسرائيلية في بيت حانون شمال غزة