الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في أن ا ستعادة الجولان مسؤولية كل مواطن

بدر الدين شنن

2008 / 7 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


كل مواطن في سوريا الحبيبة ، هو مسؤول عن الجولان .. وعن تحرير الجولان . وهذه المسؤولية تطالبه أن لا يترك المفاوضات التي تجري باسمه ، بين النظام والكيان الإسرائيلي .. دون أن يتدخل .. وأن يبدي رأيه .. ويعبر عن إرادته ، بمختلف الأشكال والوسائل ، بأقوى وأضعف الإيمان . إذ أن الكثير مما سينتج عن هذه المفاوضات ، يمكن ، حسب مستلزمات التحولات الليبرالية الاقتصادية داخلياً وخارجياً ، وحسب الشروط التي فرضتها إ سرائيل في مضامين اتفاقياتها مع مصر والأردن ، يمكن ، أن يفضي إلى فرض الهيمنة الإسرائيلية والأمريكية ، العسكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية ، والتطبيعية " العادية " على البلاد ، وأن يقلب القيم الوطنية والسيادية والتاريخية ، وأن يلعب دوراً مؤثراً سيئاً في تقرير مستقبل الوطن كله .. ومصير كل إنسان فيه .

وهذا التعميم للمسؤولية ، ليس القصد منه تخوين أحد .. ولاتبخيس كفاءة أو وجهة نظر أحد .. وإنما القصد أن يمارس الشعب حقه .. أفراداً وهيئات ومنظمات وأحزاب ، في هذه المسألة الوطنية والقومية الكبرى .. حتى لايقال ذات يوم .. أن الشعب بتعبيراته المختلفة .. من خلال الصمت .. كان متواطئاً .

مايعطي لهذه المسؤولية أهمية ملحة ، كون النظام لايتحرك باتجاه المفاوضات من باب الاجتهاد السياسي الخاضع للنقاش العام . فهو حسب بنيته وتحولاته الليبرالية الداخلية الاقتصادية والاجتماعية الراهنة ، ليس بوارد لديه ، العمل عبر المفاوضات على تحرير الجولان كواجب مقدس بذاته ، إذا جاز أن تسمى المفاوضات المحكومة بالتنازلات تحريراً ، وإنما العمل على سحب ملف الجولان من السجال السياسي الداخلي والعربي المحرج ، وا ستخدام الجولان والمفاوضات مع إ سرائيل حوله ، لكسر عزلته الدولية من جهة ، ولاستكمال ا ستحقاقات تحولاته المذكورة على المستوى الخارجي ، لتسويق نظامه السياسي والاقتصادي على مستوى العلاقات والمنظمات الدولية وعلى مستوى اقتصاد السوق العولمي من جهة أخرى . وبذا ، لن تكون الاتفاقات التي ستتمخض عنها بأفضل من اتفاقية كامب ديفيد مع السادات واتفاقية وادي عربة مع الملك حسين السيئتي الذكر اللتين رفعتا العلم الاسرائيلي ، رمز الاغتصاب الاستعماري لأرضنا وحقوقنا السيادية والوجودية ، وسط القاهرة وعمان ، وأخضعتا مصر والأردن لاتفاقيات الأمن العسكري المتبادل الموجه بالدرجة الأولى ضد المقاومة الفلسطينية والعربية ، وفرضتا على هذين البلدين العربيين العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية " العادية " أي التطبيع ..

وما يعطي لهذه المسؤولية أهمية لأيضاً ، كون الاتفاقيات التي ستتأتى عن هذه المفاوضات ، كما تدل مؤشراتها ، سوف تتعدى العلاقات الثنائية السورية الإسرائيلية ، لتشمل المشروع القومي التكاملي الوحدوي ، وتسدل الستار ، كما فعلت الاتفاقات بين إ سرائيل وكل من مصر والأردن ، على تاريخ الكيان الإسرائيلي الاغتصابي الدموي ، الذي ذهب ويذهب ضحيته الألوف من الشعب الفلسطيني والشعوب العربية الأخرى ، وتموه على دور هذا الكيان المعوق والمدمر بالتحالف مع القوى الإمبريالية لأي نهوض وطني ديمقراطي في أي بلد عربي ، والمعوق والمدمر لأي تكامل سياسي واقتصادي مابين البلدان العربية مجتمعة ، وتسهم في شرعنة ، بعد التعاقد والتطبيع ، اغتصاب فلسطين ، وشرعنة التعاطي " العادي " مع المغتصبين الأكثر إجراماً ودموية في التاريخ الاستعماري كله .

وما يعطي لهذه المسؤولية ايضاً وأيضاً ، هو السؤال المشروع عن الثمن ، الذي سيقدمه النظام من أرض الجولان ومن السيادة والحقوق السورية ، مقابل صفقة الجولان ، الذي يتمفصل مع السؤال عن المخفي وراء الانقلاب شبه المفاجيء في المشهد السوري ، الذي تمثل بسلاسة تنقل النظام ، خلال أ شهر معدودات ، عبر محطات جيو ـ سياسية متعددة ، من أنا بوليس .. إلى الدوحة .. إلى ا ستانبول .. وأخيراً إلى باريس . ومن محطة إلى أخرى ا ستجاب للمزيد والمزيد من الاستحقاقات ، التي كانت مطروحة أمامه .
في أنا بوليس أعلن انتهاء "" الممانعة " شرط حفظ الحد الأدنى من السيادة وحيز مفتوح من الاستدامة . وتم القبول الأمريكي والدولي شرط المطاوعة " الايجابية " لإيجاد الحلول للاشتباكات الساخنة الجارية في المشهد الإقليمي ، والدخول في المفاوضات لطي صفحة الجولان عبر بوابة الاعتراف بإسرائيل والتطبيع معها . وكانت الخطب الملقاة من قبل ممثلي النظام وأمريكا وإ سرائيل بمثابة التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاق إقليمي للمرحلة القادمة .
في الدوحة بدأت الخطوات العملية لوضع هذا الاتفاق قيد التنفيذ . وصدر القرار ، بمشاركة سورية مدهشة شبه مباشرة ، الذي أنهى صراعاً كان عصياً على الحل .
في ا ستانبول ، وفي تزامن مضبوط لافت ، بدأت المفاوضات السورية الإسرائيلية برعاية تركية مصحوبة بتوسل سوري ، أن توضع هذه المفاوضات دون تأخير تحت الرعاية الأمريكية .
في باريس ، تولى ساركوزي تقديم الجائزة ، بانتشال النظام من حصار العزلة الدولية ، من خلال مؤتمر الاتحاد من أجل المتوسط .
وخلال التنقل بين هذه المحطات ، بدأت منعكسات انقلاب المشهد السوري تتوالى لصالح التهدئة على كافة مربعات الشرق الأوسط ، لاسيما في لبنان والعراق وفلسطين ، وإلى حد ما في الخليج المهدد بالدمار حرقاً .
مايعزز مشروعية السؤال أكثر ، هو أن هذه المفاوضات تأتي في وقت حقق فيه ما يسمى بمحور الممانعة تقدماً ملموساً في مواجة المحور الآخر ، إن في تعاظم القدرات الاقتصادية والعسكرية في إيران ، نتيجة مضاعفة أسعار البترول عالمياً ، ونتيجة ارتفاع مستويات قدراتها التكنولوجية العسكرية كماً ونوعاً ، أو في صمود السلطة الفلسطينية في قطاع غزة واختراقها الحصار المفروض عليها ، أو في زيادة وزن المقاومة اللبنانية بعد انتصارها على العدوان الإسرائيلي في تموز2006 ، أو في تثليم سلاح التحقيق الدولي في اغتيال " الحريري " الموجه بالدرجة الأولى ضده . مايدل على أن إسرائيل صارت إجمالاً أضعف مما سبق عسكرياً ومعنوياً ، والمشروع الأمريكي في العراق والشرق الأوسط صار في حالة مزرية من التعثر العسكري والفضائحي ، وصار هو ـ أي النظام ـ في وضع أبعد عن حالة الاضطرار للتفاوض من أجل تجنب حرب هو غير قادر على التصدي لها وتحمل نتائجها .

لايغير من شرعية هذا السؤال شيئاً القول ، أن المفاوضات التي تجري الآن هي امتداد لنهج تفاوضي مسبوق منذ أواسط السبعينيات ، أو القول ، أن الزخم المادي والمعنوي الفائض ، الذي قدمه انتصار المقاومة في لبنان وقلب معايير القوة والردع والحرب في الصراع العربي الإسرائيلي ، قد دفع النظام لتغيير قواعد لعبة " الممانعة " ، وليدخل في مفاوضات جديدة مع لإسرائيل حول الجولان . إذ أن هذا الزخم القابل للتصاعد والنمو ، المتمثل بتزايد توفر مقومات القدرة على ردع العدو وتهديده في عمق كيانه ، يتطلب توظيفاً أكثر مسؤولية ومهارة باتخاذ موقف مغاير من مبدأ المفاوضات وآلياتها ، بالتركيز على مبدأ الإنسحاب المتحرر من قيود التفاوض المسبوقة والاتفاقيات المذلة الشبيهة باتفاقيات كامب ديفيد ووادي عربة .. مبدأ يضمن بقاء ا ستراتيجية تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني مرسومة في أفق نضالات الأجيال القادمة .

على أن المخفي في مسار المفاوضات وما وراء المفاوضات ، الذي يبحث عنه السؤال ، لن يلبث أن يخرج من نطاق المفاوضات " غير المباشرة " في الغرف المتجاورة برعاية تركية في المرحلة الحالية ، عندما تصبح المفاوضات لاحقاً مباشرة في غرفة واحدة وعلى طاولة واحدة تحت الرعاية الأمريكية حسب الطلب السوري ، ويقام حفل التوقيع التاريخي على وثائق الاتفاق ، التي ستتمخض عنها المفاوضات العتيدة ، لن يلبث أن يخرج هذا المخفي متجسداً في خرائط الانسحاب الإسرائيلي المشروط بمساحات ومواعيد محددة ، وخرائط إعادة الانتشار العسكري والأمني بين الجانبين ، وخرائط التعاون السياحي المشترك في مواقع متميزة في المناطق " المحررة " ، وخرائط توزيع حصص مياه الجولان في بحيرة طبريا ومصادر المياه الأخرى ، ومن ثم وهو الأهم إعلان اتفاق الاعتراف التام بدولة إ سرائيل ، وإقامة علاقات دبلوماسية و" عادية " معها ، وتجاوز .. وتناسي .. كيف قامت إ سرائيل .. ومن أقام إ سرائيل .. وكم من الحروب والدمار والحرمانات .. وكم من الضحايا الفلسطينية والعربية كان ثمن قيام إ سرائيل .. وكم سيكون ثمن بقائها وغرزها " الدائم " كياناً يتمتع بحق الدولة الأكثر نفوذاً وهيمنة بحكم قدراتها المدعومة دولياً في قلب المشرق العربي ، وتجاوز .. وتجاهل انعكاس ذلك على عشرة ملايين فلسطيني في الأرض المحتلة وفي الشتات يعتبرون فلسطين ، هي أرض الوجود والجذور .. هي الأم والأب والروح والأمل والشرف والهوية ، وانعكاسه على ثلاثمئة ملين عربي تسكن فلسطين في قلوبهم وعيونهم ، وهي بالنسبة لهم رافعة نهوض ومحور توحد ونشيد حرية .

لهذا ، فإن المسؤولية الفردية والعامة حول الجولان وإزاء المفاوضات الجارية التي ستقرر مصيره ، تمثل الآن الوطنية بكل أبعادها ، بل وتزدادج أهمية باعتبار أن خلفيات الجري وراءها والأهداف التي قد تنتج عنها ، تتعلق بمسائل التحولات الليبرالية الاقتصادية ، المتمثلة بالخصخصة واقتصاد السوق وربط الاقتصاد الوطني بآليات اقتصاد السوق الدولي العولمي .. وتتعلق بصميم المصالح المعيشية والإنسانية للأكثرية الساحقة من المجتمع السوري ..

وهنا بالضبط تكمن أهمية أن يكون كل مواطن مسؤولاً عن الجولان وعن تحرير الجولان .. أن يتدخل .. أن يعبر عن رأيه وإرادته








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ثلاثة قتلى إثر أعمال شغب في جنوب موريتانيا • فرانس 24


.. الجزائر: مرشحون للرئاسة يشكون من عراقيل لجمع التوقيعات




.. إيطاليا تصادر طائرتين مسيرتين صنعتهما الصين في الطريق إلى لي


.. تعازي الرئيس تبون لملك المغرب: هل تعيد الدفء إلى العلاقات بي




.. إيران .. العين على إسرائيل من جبهة لبنان.|#غرفة_الأخبار