الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإتفاقية الأمنية لضمان أمن قوى الاستغلال والنهب في المنطقة

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2008 / 7 / 25
مواضيع وابحاث سياسية



الاتفاقية الأمنية المزمعة توقيعها بين الحكومة العراقية والأمريكية لا يمكن تبريرها بأنها ستملأ الفراغ الذي سوف ينجم عن انتهاء مفعول البند السابع من قرار الأمم المتحدة حول العراق بنهاية العام الجاري ، والذي يشرع لأمريكا وحلفائها لاحتلال العراق بتواجد قواتها العسكرية والأمنية على أراضيه.
وفق الاتفاقية المذكورة ، وقبل توقيعها ، حققت الولايات المتحدة انتصارا على غريمها الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الساحة العراقية ، بعزل السياسة العراقية عن الإيرانية، ، بالتفاوض مباشرة مع الجانب العراقي ، وجعل الحكومة العراقية طرفا ، بدل الوسيط في اللقاءات الأمريكية الإيرانية. وإن الاتفاقية ، وقبل توقيعها، وإعلانها، تعتبر تلميحا للجانب الإيراني بأن القوات الأمريكية هي سيدة الموقف بلا منازع في العراق. ولا يستبعد أن جرت مساومات بين مسؤولين إيرانيين وأمريكيين و عراقيين في هذه الأمور. و ما نية فتح سفارة أمريكية في طهران ،وإعلان مسؤولين في الإدارة الأمريكية عن ترجيح الحلول السياسية والضغوطات الدبلوماسية بحق إيران لثنيها عن الاستمرار في تخصيب اليورانيوم إلا لحفظ ماء وجه الجمهورية الإسلامية الإيرانية و عدم تجريعها كأس السم ، مثلما تجرعها الإمام الخميني بقبوله وقف النيران في الحرب العراقية الإيرانية. كما ترافقت هذه الواقف مع التوسط التركي بين سوريا وإسرائيل وبدءهما لقاءات سرية وثم علنية والاستمرار فيها في سبيل عقد معاهدة سلام على غرار اتفاقات السلام، و الاقتصادية والتجارية والثقافية بين دول عربية وإسرائيل. وكذلك منح حزب الله المزيد من السلطات اللبنانية مقابل الابتعاد عن مواجهة إسرائيل، والاستقلال عن السياسة الإيرانية.
كل هذه الخطوات التمهيدية كانت ضرورية لأمريكا لقناعتها أن لا نصر عسكريا ، ولا سياسيا، ولا دبلوماسيا يمكن تحقيقه على الإسلام السياسي المتمثل بالجمهورية الإسلامية الإيرانية ، والقوى الإسلامية الأخرى التي انقلبت على أمريكا ، مطالبة إياها بحصص أكبر، لكن أمريكا يمكنها المساومة والمشاركة مع هذه القوى في تقاسم الثروات والسلطات في المنطقة ، و الاتفاق على محاربة القوى التقدمية ، والاشتراكية ، والمدنية التي تناضل في سبيل تحقيق مطالب الجماهير المحرومة والكادحة في العدالة والرفاه والحياة الكريمة والحرة.
فأي إضعاف لقوى الظلام و التخلف يصب لصالح القوى اليسار التقدمي والاشتراكية، وهذا أمر يخيف كلا من الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها، والقوى الرجعية في منطقتنا.
الحركات السياسية والاجتماعية القومية و اليمينية اللبرالية رغم الدعم المالي والسياسي، وحتى العسكري، لا تزال
ضعيفة، و غير راسخة الجذور في منطقتنا، و لايمكن للغرب الرأسمالي الاعتماد عليها لتحقيق أهدافه الاستعمارية .
الهدف من سياسة أمريكا، ويضمنها الاتفاقية المزمع فرضها على الحكومة العراقية، هو تقوية ما يسمى بالإسلام المعتدل، والمعادي للشيوعية والاشتراكية و حقوق الجماهير المظلومة.
فالحركات القومية والوطنية البرجوازية ، بما فيها اليسار التقليدي ، انتهى دورها ، ولم تعد تجدي نفعا لا للرأسمالية العالمية ، ولا بإمكانها تحقيق أي هدف وطني من قبيل تحقيق الرفاه والعدالة و دولة القانون . هذه الاتفاقية الأمنية هي ضمان لأمن التواجد الأمريكي ، وأمن الإسلام المعتدل الحليف للغرب والمساند لحكومة المالكي.

هذه الاتفاقية إقرار بانعدام البديل المقبول السياسي والاجتماعي عند الرأسمالية العالمية، ودليل على الأكمة العميقة للبرجوازية في المنطقة والعالم. فأمركا مضطرة لضمان أمن واستقرار حكومة المالكي ، ومواجهة معارضيها ، وذلك ببناء غوانتانامو جديدة في العراق ومعتقلات على الأرض العراقية. و هذه الحالة ليست خاصة بحكومة المالكي وحدها ، بل هي تشمل حكومة كرزاي في أفغانستان وحكومات أخرى موالية مسنودة من القوات الأمريكية. و ذاك دليل على أمريكا عاجزة على إيجاد نماذج لحكومات مستقرة في المنطقة ، لذلك تلجأ لخلق حكومات إسلامية وقومية مروّضة ، وبناء سجون لمعارضيها .
فحكومة المالكي ، وأية حكومة موالية لأمريكا في العراق تواجه خطرين ، خطر انتفاضات غاضبة من الجماهير المحرومة التي تشعر بأنها خُدعت ، وهضمت حقوقها بعد سقوط النظام البعثي ، وتطالب بحياة أفضل ، وخطر الإسلام " القومي" و
السياسي المقاوم المطالب بحصة أكبر من كعكة إسقاط النظام البعثي. وهذا الخطر الأخير يمكن لأمريكا معالجته ، والتساوم مع القوى الرجعية والظلامية و محاربة العدو المشترك المتمثل بالقوى المطالبة بحقوق الجماهير ، والمناضلة في سبيل تحقيق أهدافها الإنسانية الشريفة، وهذه القوى التقدمية خطرها جدي على أمريكا والغرب ، ولا يمكن المساومة معها. وهناك أمثلة عديدة على ترجيح قبول الغرب لقوى دينية رغم عدائها الهستيري ، وشعاراتها النارية ضد الامبريالية والصهيونية،
على القوى اليسارية والاشتراكية.
فهذه الاتفاقية ألأمريكية العراقية ، لن تفيد سوى العصابات والمافيات السياسية لأنها تعتبرها سوقا مربحة ، وبورصة هائلة تدر عليها بالسحت الحرام ، على حساب مصالح الجماهير المظلومة، و هي مشروع سياسة قمع مستقبلية بحق كل التقدميين والاشتراكيين المطالبين بحق المرأة والعمال و الكادحين والمحرومين في العراق ومنطقتنا.
‏24‏/07‏/2008








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -المطب المروري-.. تعرف على أخطر أنواع المطبات الهوائية


.. الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل مسؤول تصنيع وسائل قتالية لحزب الل




.. جثمان إبراهيم رئيسي يوارى الثرى في مسقط رأسه بمدينة مشهد الإ


.. وزير الدفاع: الجيش المصري قادر على مجابهة أي تحديات.. ونتعام




.. ممثلة مصرية تنشر فيديو حول تعرضها لـ-التحرش- من سائق أوبر