الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما لم يقله رواندوزي .. في الاخطاء السياسية الكردية

عبدالمنعم الاعسم

2008 / 7 / 27
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


ناقوس الخطر” الذي دقه فرياد رواندوزي غداة التصويت السري للبرلمان على قانون المحافظات له ما يبرره، اولا، في نقطة الخوف من نتائج اقصاء الكرد عن الترتيبات الدستورية العراقية، وثانيا، في الالتفاف، لأول مرة، على قواعد التصويت العلني للنواب على مشاريع القوانين، وثالثا، في ما اشار اليه بالقول “ضرب التوافق الوطني” في صياغة التوجهات المصيرية، ثم ليخلص الى ما هو اهم، بتوجيه الملاحظة الى القيادة الكردية على الوجه التالي: “ لم تعد المجاملات السياسية والعلاقات بين القمم تنفع، ما لم تنزل هذه العلاقات وبزي جديد الى الاخرين في مجلس النواب والمجالس الاخرى”.
وجيز كلام رواندوزي، إذا ما رفعنا عنه استطرادات الشعور بالخيبة من مواقف "بعض القوى السياسية التي تُحتسب الآن بانها قوى حليفة للكرد والتحالف الكردستاني" يمكن ان نجده في دعوته الفصيحة الى القيادة الكردية بوجوب “مراجعة علاقاتها” واعادة بناء تلك العلاقات وفق اسس اسماها “افقية وعمودية” واحسب انه نحت كلماته هذه من حساسية اللحظة المتوترة والمتداخلة في مهمته كمتحدث باسم الكتلة الكردستانية في مجلس النواب العراقي، وترك لنا فروض تأشير المزيد من دلالات اللوحة، موضع الجدل على نطاق واسع.
لقد تجاهل البعض(وربما الغالبية) من الساسة والنواب “العرب” معنى ونتائج إقصاء الكرد عن قضية تخصهم في المقام الاول، وكانت تناقش في اطار التوافق السياسي المدوّن في التزامات واليات معلنة، وسقطوا، بل كرروا سقوط النظام الشوفيني، في ضيق الافق القومي، واثبتوا انهم لم يستوعبوا دروس الصراع بين الحكومات العراقية المركزية والكرد، واستسلموا لزهو “الانتصار” عن طريق “التصويت السري” ودفعوا العملية السياسية في طريق محفوف بخطر الانهيار، واصطفوا، من الوان متناقضة، وحتى متحاربة، في كابينة واحدة، لالحاق الهزيمة “الديمقراطية” بالكرد، عبورا من فوق حقيقة ان العراق يمر في طور انتقالي حساس ومؤقت وله استحقاقات واخطار، وهو الى ذلك يتكون من قوميتين رئيسيتين شريكتين على اساس فيدرالي، وينبغي ان لا يُفرط بكيمياء هذا الاتحاد، او يجري الالتفاف عليه.
مقابل ذلك، ومن على سطح هذه الصراحة، والحاجة الى المراجعة، فان القيادة الكردية لم ترصد كفاية النتائج السلبية لـ “العلاقات بين القمم” وحصرا ابتعادها عن الجمهور العربي الغفير الذي بقي طوال السنوات الاربع الماضية تحت هيمنة الخطاب التظليلي، التشكيكي، العدائي حيال نيات الكرد وحقوقهم، وكانت الصورة الاكثر رواجا بين هذا الجمهور تتمثل بان الكرد يلعبون في ساحة الصفقات والمحاصصة بعيدا عن المبادئ، ويقفون وراء استقواء الميليشيات وهيمنة القوى الطائفية، وانهم يعدون للانفصال والانقلاب على الدولة العراقية وتفليشها، وقد عقدت اقنية اعلامية وزعامات وتيارات طائفية وقومية وقبلية تحالفا غير مقدس لترويج هذه الصورة التي بدت غير مقبولة ومفزعة للملايين التي خرجت توا من كابوس الدكتاتورية الشوفينية، بل ان الكرد بدأوا يفقدون التعاطف التاريخي من النخب المدنية العربية المتنورة والديمقراطية التي كانت الحليف الثابت لهم وصارت تنظر الى الاندفاع الكردي في التحالف “الحكومي” كأنه موجهة ضدها.
وبدلا من محاولة احتواء هذه التداعيات السلبية فقد تردى الخطاب الكردي في نزعة الثقة المفرطة بالنفس، والانغلاق على وجاهة الحقوق القومية من غير آليات إقناع عملية ومناسبة، والانزلاق، احيانا، الى الخشونة التي سرعان ما تترجم كتهديدات، ونقل هذا الخطاب الى الشارع العربي الشعبي باساليب انعزالية ومفردات قابلة للتفسيرات الضارة، او عبر “وسطاء” لا مصداقية لهم، او إعلام فئوي متضارب الرؤى والقسمات والحوامل، وكانت “المحطات” الكردية في الوسط العربي (فروع الاحزاب والمنظمات) مشلولة وعاجزة وغائبة، ولا تملك لغة التفاعل مع السكان العرب الذين كانوا احوج ما يكونوا الى معرفة الحقائق.
واستطيع ان اقول بان اكبر إخفاق للخطاب الكردي الموجه الى الوسط العربي برز واضحا في مجال عرض وجهة النظر الكردية حيال قضية كركوك، وقد حفل هذا الخطاب بثغرات قاتلة، وشطحات متكررة تفتقد الى بناء الاولويات والحقائق والى حساب دقيق لردود الافعال، فبدلا من الدعوة السليمة، والمبررة، الى تطبيع الاوضاع في المدينة وتصفية آثار الاستئصال القومي الاجرامي واعادة السكان الكرد الاصليين الى منازلهم، وتحشيد القوى والرأي العام وراء هذه الدعوة، وعوضا عن التركيز على خيار التوافق السياسي والحل البديل الذي يجد له صدى طيبا بين الجمهور العربي، اقول، بدلا وعوضا عن ذلك، استطرد الخطاب الكردي الى استباق الامر باثارة فاصلة الهوية القومية للمدينة، التي لم تولف في مدونات قريبة من وعي جمهور عاش في قطيعة عن التفاعل الحر مع القضايا الانسانية، فيما انخرطت مكونات هذا الخطاب في مباريات التصلب واللاءات، فضاع معها الخيط الفاصل بين ما يحتاجه الكرد من خطاب يطمئن مصالحهم في المدينة وما يحتاجه الجمهور العربي من خطاب يلتزم عراقية المدينة، وفي هذا الارتباك جاء دور مراكز الفتنة والتدخل الخارجي والتجييش والارهاب والطائفية، للاساءة الى الكرد وتضحياتهم ودورهم الرائد في الاجهاز على الدكتاتورية، وكان ينبغي، لمهندسي السياسة الكردية، التحسب لهذا الدور كفاية.
لا اقول ان القضية الكردية خسرت الوسط الشعبي والديمقراطي العربي، لكن استطيع ان اقول، وانا مغمض العينين، بان “السياسات الكردية” المعبر عنها بالتحالفات والمحاصصة والخطاب السياسي والاعلامي، نأت بنفسها عن هذا الوسط، وتركته رهينة للريبة والتضليل.. واقول ايضا، بان الوقت لم يفت.

ــــــــــــــــــــ
كلام مفيد:
“ لا تبحثوا عن أسباب الازمات في براميل البارود بل في حقول القمح”.

ديغول
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرسالة المفتوحة رقم 02 من المكتب السياسي لحزب التقدم والاشت


.. The Solution - To Your Left: Palestine | عركة التحرر - على ش




.. -جزار طهران- أو -نصير الفقراء- .. كيف سيتذكر الإيرانيون إبرا


.. شرطة نيويورك تعتقل بالقوة متظاهرين متضامنين مع غزة في بروكلي




.. قراءة عسكرية.. ما الذي يحدث بين الفصائل الفلسطينية وجيش الاح