الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد ثلاثون عاما .....من صفات الديكتاتور ان يزداد يدكتاتورية

بكر أحمد

2008 / 7 / 27
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


- مشهد أول
يصاب مواطن في الشارع ، فيقوم من يهتم بأمره بإسعافه إلى أقرب مستشفى لتتم معالجته ، وتشاء الأقدار أن يصبح هذا المصاب محط الإعلام ، لتأتي النشرة الإخبارية كالتالي : إنه وبناءً على توجيهات رئيس الجمهورية وحرصه على حياة المواطنين تم إسعاف المواطن فور إصابته وقد تلقى العلاج اللازم وخرج وهو يرفل بثوب الصحة والعافية .

- مشهد ثاني
رجل مرور يقف عند الإشارة ويقوم بالتلويح بيديه من أجل تنظيم السير بطريقة روتينية ، فيأتي الإعلام ويقف خلف هذا الرجل ويعلن المذيع أنه من ضمن برنامج فخامة الرئيس الإنتخابي وبتوجيهات مباشرة منه حفظه الله لما تسنى لهذه السيارات أن تجد طريقها في الوصول إلى منازلهم أو أعمالهم .
والمشهدان في الأعلى هما ديدن الإعلام المرئي والمسموع ، حيث أنه يتبع أسلوب قديم في تسخير كل شيء لرجل واحد فقط ، وهو أسلوب وفي ظل هذا الانفتاح الإعلامي يجعل منه أضحوكة ويعطي صورة حقيقة عن مدى تخلف القائمين على هذه المؤسسات الإعلامية وتعكس طبيعة الإنسان اليمني الذي ورغم كل معاناته مازال يتلذذ وكنوع من المازوخية في تمجيد حاكمه .

هل من الصعب الآن على الرئيس أن يعلن أمام الإعلام بأنه يحكم دولة ديمقراطية ، أحسب أن الأمر غير ممكن ، لأنه لا توجد دولة ديمقراطية في العالم يبقى رئيسها على سدة الحكم لمدة ثلاثون عاما ثم يدعي بأنه صندوق الانتخابات هو من رشحه وأبقاه كل تلك المدة رئيسا على دولة تعتبر من أكثر دول التاريخ فقرا وتخلفا .
كما انه من الصعب في مكان أن يتصور أي إنسان عاقل في هذا الكون أنه هنالك رجل مثقف ومتنور ومتعلم يحكم دولة لمدة ثلاثون عاما ثم تبقى هذه الدولة أكثر سوءً من الناحية الثقافية أو الفكرية أو المدنية والاقتصادية من قبل استيلائه على الحكم ، مما يعني أنه من يحكم دولة متخلفة لمدة ثلاثون عاما لا بد أن يكون هو في مستوى دولته من التخلف .

ومن صفات التخلف أنه يعتقد أولا بأنه غير متخلف وأنه أفضل من الجميع ، وأيضا من صفات التخلف أنه يدير الدولة بشكل ارتجالي وبطريقة مزاجية ، وحرب صعدة خير دليل على ذلك ، فبعد سنوات من الاقتتال وفشل الكثير من الوساطات وإزهاق مئات الآلاف من الأرواح وهدم المنازل وتهجير المواطنين ، يقوم الرئيس برفع سماعة هاتفه ويتصل بقائد الحوثيين ويتفق معه على إنهاء الحرب ، وفي كل حالاته سواء أعلن عن الحسم العسكري أو الحوار أو المفاوضات ، تظل قراراته مذهلة ويظل هو وحدة لا شريك له يمتلك عقلية فذة في التصرف واتخاذ القرارات .

لم يكن في يوم من الأيام هذا الرئيس يرغب بالتنازل عن الكرسي لمن هو أفضل منه لقيادة البلاد إلى برد الأمان أو حتى على الأقل بمنح الآخرين فرصة مشاركته الحكم ليساعدوه على عقلنة تصرفه ، وأنه لولا إرغام الحزب الاشتراكي اليمني له كشرط أساسي للوحدة بأن يكون النظام تعددي لما قبل بهذا الشيء ، وقبوله ذلك ليس عن قناعة ، فتركيبه شخصيته لا تقبل مثل هذه الأمور بل كانت خضوعا مرحليا ليقوم بتصفية الجميع وإحكام سيطرته من جديد على كل مقاليد الحكم كما يحدث الآن .
لذا لا أريد من أحد أن يتوقع أن يحدث أي تغيير في أية انتخابات قادمة ، بل لنستعد لما هو أسوء وأكثر سوءً ، فالديكتاتوري وبعد أن يحكم كل هذه المدة يصبح أكثر غرورا وعدم مبالاة ، أنه يتصرف وكأن البلاد ملك له ولأسرته من بعده ، ولا أحسب أن أي شخص يقبل أن يتدخل الآخرون في طريقة تصرفنا بأملاكنا .
والديكتاتور مهما فعل من أخطاء فهو ينتظر دوما الإشادة بحسن تصرفاته وبأنه كائن فذ وان على جميع المؤسسات القائمة أن تكون أحد أهم مهامها هي ذكر تلك الصفات وتكراراها حتى تصبح أحد مسلمات العقل والبداهة .

لكن وفي لحظة ما وبعد أن تذهب كل الفرص المتاحة ، وبعد أن يحرق جيل أو جيلين من شعبه ويصبحوا مجرد أرقام تذكر كعدد الأميين والفقراء والمتسولون في الشوارع ، يصبح هذا الديكتاتور نكرة في تاريخ شعبه ووصمة عار لا يريد أحد أن يتذكره دون أن يتعوذ منه ومن فترة حكمة ، وهذا الديكتاتور لن ولم يفهم بأن ذاكرة الشعوب المقهورة لا تنسى مهما صرف من ثروة البلاد ومهما سخر من جيوش وإعلام لأجل تمجيد ذاته وتنميقها ، تلك الذات المنبعثة من فراغ وخواء وكذب متواصل لمدة ثلاثون عاما .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن في الشرق الأوسط لدفع مساعي الهدنة وإسرائيل تواصل عملي


.. إيران تعلن القائمة النهائية للمرشحين للانتخابات الرئاسية الم




.. واشنطن والرياض.. معاهدة أمنية والعين على التطبيع | #ملف_اليو


.. الحكومة الإسرائيلية تضطر لدفع فوائد أعلى على أدوات الديون بس




.. صور أقمار صناعية.. اتساع مساحة الدمار وتوغل آليات الاحتلال ف