الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسؤولون العراقيون.. الخطاب والواقع

موفق الرفاعي
كاتب وصحفي

(Mowaaffaq Alrefaei)

2008 / 7 / 27
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


قد تتحمل منظر المسؤول الحكومي وهو يناور.. وهو يتحدث بلغة دبلوماسية سمجة.. وهو يغيّر جلسته كل استدارة كاميرا تلفزيونية أو يغيّر تعابير وجهه كل لقطة كاميرا فوتوغرافية.. لكن أن يزيف الواقع، فذلك ما لا يمكن احتماله منه.
منذ أكثر من خمس سنوات، والعراقيون يتعرضون يوميا إلى أبشع أنواع الاضطهاد على أيدي القوات الحكومية من شرطة وجيش وأجهزة أخرى، حيث يعتقل الفرد دون أمر قضائي، بل انه لا يعلم إن كان من جاء لاعتقاله هم حقا أفراد من الشرطة أم أفراد عصابة يتخفون بزي الشرطة، كما اعتادت الحكومة أن تذكر في بياناتها بعد كل حادث إجرامي!، واحتاجت إلى تبرئة ذمتها تجاه العراقيين أو إخلاء مسؤوليتها أمام العالمين.
الحديث من قبل المسؤولين الحكوميين والسياسيين وحتى من قبل أعضاء في البرلمان عن مزايا العهد الجديد، حيث الديموقراطية وسيادة القانون ومقارنة ذلك مع ما كان عليه الحال في العهد السابق (النظام الصدامي) هو حديث من ليس له عينان بل عين واحدة - أي اعور، وقد كثر ( العوران ) هذه الأيام وتناسلوا.
حتى قبل عامين تقريبا، كان هناك من يرد من السياسيين المعارضين للعملية السياسية على أقوال غير مسئولة كالتي تحدثنا عنها يتبناها سياسيون منخرطون في الحكم، أما اليوم، وبعد أن انخرط الكل أو كادوا في تلك العملية، واخذ كل منهم يبحث له عن دور في هذه المعمعة، وعن موقع بين الجثث والحرائق التي خلفتها صراعاتهم على الغنيمة، وعن منصب في هذا الخراب، فقد تواطئوا على تزييف الواقع العراقي. فهم اليوم جميعا يتسابقون، بل ويتواطئون في الكذب وتحسين القبيح، والعراقيون مندهشون مما يستمعون إليه من ساسة كان الأولى بهم أن يتركوا لانجازاتهم وأعمالهم تتحدث عنهم.
كنا نتمنى عليهم أن يغادروا هذه اللغة الشعرية الخطابية التي استُهلكت حتى رثَّت ولم تعد تؤثر في الناس أمام ما يعانوه في الواقع. فالحبر البنفسجي الذي يتفاخر به المسؤولون أنهم الآن موجودون على هرم السلطة بفضله، والذي غمس العراقيون فيه أصابعهم، قد استحال إلى انهار من الدماء لم توقف جريانها كل المحاولات الخجولة والمترددة والترقيعية.
حتى النيران التي خفتت، أو قيل لنا أنها انطفأت، ما يزال الدخان ينبعث من مواقدها، ما يشير إلى وجود جمر ما زال يتوقد تحتها، لمّا يتحول بعد الى رماد كما يصرح بذلك المسؤولون الحكوميون.
مثل هذا الكلام ومثل هذه الادعاءات ممكن أن تجوز على أناس يعيشون خارج المجرات ولا تصلهم المعلومة بسرعة الصوت كما هو الحال لدينا على الأرض، ناهيك أن يجوز ذلك على العراقيين الذين يكابدون ويعانون!، بينما يصر المسؤولون على بيع الأوهام والأحلام عليهم بصيغ لفظية لا تغيّر شيئا ولا تزحزح بؤس الواقع.
نتمنى على المسؤولين أن يصوموا صوم زكريا ومريم، فنحن بحاجة الى مسئولين يصومون عن الكلام لا عن الطعام، لكي لا يشغلوا في الكلام الفارغ والمِعَد الملئى عن العمل من اجل إعادة البناء والاعمار.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح