الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعر / العدالة الكونية الوحيدة

ممدوح رزق

2008 / 7 / 27
الادب والفن


عن تساؤلات ما يسمى بالأزمة والحداثة واليساري والقومي والنثري والتفعيلي
لا أتصور أن تعبيرا مثل ( أزمة ) يصلح لتناول الشعر أوالفن بشكل عام .. وصف ( أزمة ) في ظني لا يعدو سوى أن يكون حكما أو قرارا إنسانيا لدى فرد أو جماعة ما من البشر يطمح لأن يكون حقيقة مطلقة .. إذا كان هذا ما تعنيه كلمة ( أزمة ) في الحياة ؛ كيف يمكن قبولها إذن كمعيار في التعامل أو مع رصد الكتابة ؟!! .. بشكل آخر : حينما يكون هناك غياب للقانون المحسوم الجامع المانع والمحكم الذي تنتهي عنده التساؤلات وتبدأ الأجوبة ؛ أليس نفي غياب هذا القانون عن الفن هو نوع من معاقبة النتيجة ( أرق الإنسان بالألم ) على فشلنا الأزلي في علاقتنا بالسبب ( وجود الإنسان في العالم ) ؟!!

لدي فكرة أرفض أن تكون معادلة أو قاعدة أو نظرية أو شيء من هذا القبيل .. ربما تكون أقرب إلى تصور يمتلك أسبابه ودلائله أو مبرراته الخاصة التي جعلته مصدرا دائما للإلهام المستمر وهي عن حالة الاتساق والانسجام أوالتوافق المنطقي والبديهي بين القبح والكتابة ؛ حيث أفترض أن للقبح في العالم حضور متزايد بشكل تصاعدي بمعنى أنه كلما استمر تقدم حركة الزمن كلما أصبح العالم أكثر شراسة وقسوة .. يمكن تشبيه المسألة مثلا بعلاقة الإنسان بطفولته وأسباب الحنين الغريزي للماضي أو مقارنة الأوضاع الإجتماعية الكارثية في بلد ما بأوضاع أخرى أثناء حقب زمنية سابقة والتي يتم التعامل معها كجنة منقرضة مهما كان شكل المعاناة التي كانت تحملها والتي لن تعدو الآن سوى أن تكون بؤسا مخففا بالنظر لما هو راهن ...

ماعلاقة ذلك بالكتابة ؟ .. التغير المتزايد والمتصاعد للقبح يحرك تلقائيا وبالضرورة التغير في الكتابة والفن بشكل عام .. ليس للأفضل أو للأسوء .. هو اتساق فحسب .. ملائمة بديهية بين السبب والنتيجة باعتبار الكتابة تساؤلا عن القبح يمر في مكان ما وزمن ما فهو بالتالي يحمل كابوس اللحظة التي يعيشها بكل شروطها وأحكامها وقراراتها والتي تختلف عن شروط وأحكام وقرارت لحظة سابقة أو قادمة ولكنها في النهاية تفاصيل متبدلة للعنة ثابتة .. ربما بهذه الطريقة يمكننا تأمل أشياء كثيرة هامة تخص الكتابة كالانهيار التدريجي لأسقف ما يسمى بالتجريب والهدم المتواصل للجدران الفاصلة بين ما يسمى بالأجناس الأدبية وثورة التدوين التي صاحبت الألفية الثالثة ... إلخ .

تراجع الحركات اليسارية والقومية جعل الشعر متخلصا من وصفات الخلاص وحلول الإنقاذ الزائفة .. جعل الشعر ربما أكثر براءة في مواجهة الشر وبالتالي أكثر شراسة .. جعل الشك والعجز وغياب اليقين حقائق مؤقتة أو حكمة بديلة انتظارا لما يسفر عنه الموت .. ليس هذا فحسب .. هذا التراجع جعل المتلقي قادرا على التعري بينما يواصل اختبار الخير والشر الهزلي داخل المجزرة اليومية وبالتالي جعله قادرا أكثر على استيعاب عري الآخرين ولو بقتلهم دون تفكير .

لا أرى صراعا بين شعراء النثر وشعراء التفعليلة .. تعبير ( صراع ) ينطبق عليه بدقة كل ما تحدثت به سابقا عن وصف ( أزمة ) .. الكتابة تحقق نفسها بأي شكل انطلاقا من قناعاتها الخاصة دون حسابات أخرى لكن الصراع المفترض ـ إن جاز استخدامه مؤقتا ـ يكمن في علاقة السلطة بنفسها .. السلطة هنا قد تعني التنظير والتقنين والقولبة الذي يمارس ضد الفن منذ الإنسان الأول وربما حتى الإنسان الأخير ومنذ النص الأول واللوحة الأولى والنغمة الأولى وربما حتى النص الأخير واللوحة الأخيرة والنغمة الأخيرة .. السلطة التي لم تمنع الفن من أن يكون نفسه كوثيقة إنسانية تنتمي لخالقها وإن كانت كل أمراضها ـ أي السلطة ـ تشتغل دائما على علاقة هذه الوثيقة بمستقبليها .. السلطة هنا قد تعني أيضا الاستجابة الغريزية الملحة دائما لتحويل الأشياء / إخضاعها إلى نظام .. مهما كانت هذه الأشياء ومهما كان معنى هذا النظام وهدفه .. السلطة هنا قد تعني الحصول على الطاعة العمياء لصالح المشيئة الكونية مهما كانت سافلة ولايمكن تبريرها .. السلطة ـ على الأقل في علاقتها بالفن كما يبدو لي ـ وصلت إلى مرحلة تدمير نفسها بنفسها كنتيجة حتمية لممارسة عمرها من عمر الكون نفسه لجعل الإبداع يمشي على صراط مستقيم .. أي صراط مستقيم !! .

* * *
http://mamdouhrizk.blogspot.com/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق


.. لطلاب الثانوية العامة.. المراجعة النهائية لمادة اللغة الإسبا




.. أين ظهر نجم الفنانة الألبانية الأصول -دوا ليبا-؟


.. الفنان الكوميدي بدر صالح: في كل مدينة يوجد قوانين خاصة للسوا




.. تحليلات كوميدية من الفنان بدر صالح لطرق السواقة المختلفة وال