الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وقفة عند قانون انتخابات مجالس المحافظات

طلال احمد سعيد

2008 / 7 / 28
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


طالما حذرت قوى سياسيه عراقية وطنيه من الطريقة الاميركية لتصدير الديموقراطية الى العراق بأسلوب الوصفة الجاهزة التي لاتمت الى ارض الواقع بصلة , وقد اكدنا على خطورة هذا الطريق الذي لايؤدي اطلاقا الى خلق نظام ديموقراطي حقيقي في البلاد .
انطلاقا من نفس النهج الذي اتبع بعد سقوط النظام , فقد اعد قانون لانتخابات مجالس المحافظات , ليكون واجهه شكلية لعراق ديموقراطي , تجري وفق بنوده انتخابات مشكوك بها مسبقا , لغرض تشكيل مجالس للمحافظات لاتختلف عن المجالس القائمة حاليا والتي اصبحت مثلا صارخا للتردي العراقي .
بعد ضجة اعلامية رافقت اعداد مسودة القانون , فقد تم اقرارة من قبل مجلس الوزراء وعرض على مجلس النواب في جلسة يوم 22-7-2008 , وكشفت الاجراءات التي جرت في اروقة المجلس وخارجه ان العملية السياسيه مبنيه على اسس واهية , سرعان ما اهتزت عندما تصاعد الخلاف بين الكتل السياسية حول مسألة كركوك . المشهد الذي جرى يعبر عن هشاشة الوضع القائم وعدم متانه التشكيلات المنبثقة عن مجلس النواب بالذات , وقد ظهر ذلك في العلاقة بين اعضاء رئاسة المجلس نفسه , و بعد اقرار القانون عقد نائبي الرئيس مؤتمرا صحفيا وجها فيه اتهاما و انتقادا مرا لرئيس المجلس , معتبرين التصويت على القانون باطلا , وهذه سابقة غريبه لم نسمع بها في ارقى الدول الدمقراطية اذ يفترض ان تكون رئاسة المجلس متجانسة ومنسجمة , بيد ان هذا الوضع هو بلا شك احد ثمرات المحاصصة القومية و الطائفية القائمة في البلاد بشكل واسع , بحيث اصبحت تؤثر بشكل مباشر على اداء كل مفاصل الدولة بما فيها رئاسة مجلس النواب وهو اعلى سلطة تشريعيه في البلاد . ولا شك ان الحالة التي عرضت تعكس الوضع المهزوز للعملية السياسيه , و تكشف ان البرلمان العراقي مستقطب ولا يمكنه ان ينجز مهامه تحت حالة الاستقطاب هذه .
الزوبعه التي حصلت في المجلس قبل ايام سببها اقرار قانون انتخاب مجالس المحافظات , وتعترض كتلة التحالف الكردستاني على المادة (24) من القانون التي تنص فيه الفقرة (اولا ) على مايلي : -
(توجل انتخابات مجلس محافظة كركوك و الاقضية و النواحي التابعه لحين انهاء مهام اللجنه المشكلة في الفقرة رابعا )
وتنص الفقرة ( ثانيا ) على مايلي :-
( يتم تقسيم السلطة بين المكونات الرئيسية الثلاث بنسبه 32% لكل مكون من المكونات الرئيسية عرب- كرد - تركمان و 4% للمسيحين ) .
ويعترض المجلس الاسلامي على نص المادة (35) التي تقول ( يمنع استخدام دوائر الدولة و دور العبادة بأيه وسيلة كانت لاغراض الدعاية الانتخابيه ) .
وهذه المادة هي اشارة غير جادة لمنع استخدام دور العبادة و الرموز الدينيه و المراجع لاغراض الدعايه الانتخابية , ومع ذلك فأن المجلس الاسلامي الاعلى يعارض هذه المادة ويقف الى جانبه التحالف الكردستاني وهو امر يبعث على الغرابه .
بعد ساعات من اقرار مجلس النواب لقانون انتخاب مجالس المحافظات قام السيد رئيس الجمهورية بنقض القانون , حسب صلاحياته الدستورية استنادا الى الفقرة ( خامسا - ب ) من المادة (138) من الدستور , حيث يتعين اعادة القانون ثانية الى مجلس النواب للتصويت عليه او لتعديله , واجراءات النقض هذه تبدو صحيحه من الناحيه الدستورية , الا انها غريبه عن ممارسة يقوم بها رئيس دولة اولا قبل ان يكون ممثلا لحزب او طائفة او تحالف قومي , لذا بدت مبادرة رئيس الجمهورية لنقض القانون بهذه السرعة موضع تساؤل , هذا من ناحيه ومن ناحيه اخرى فأن نائب الرئيس سارع بالرفض اسوة بموقف الرئيس في عملية تلقي الضلال على حقيقة مرة , تقول اننا انغمسنا حتى العظم في درب المحاصصة و الولآت الحزبيه .
ان ما يحدث على الساحة السياسيه يؤكد ان العراق ابتعد كثيرا عن المشروع الوطني وهو امام خطر التشظي القومي و الطائفي , و ان مجموعة الاحزاب الماسكة بالسلطة في بغداد وكردستان لاتقدر مسؤوليتها في هذه المرحلة الحرجة و المهمة من تاريخ العراق السياسي , وعلى الجميع ان يدرك ان اللعب بالورقة القوميه و الطائفية سوف يقود البلاد الى كوارث جديدة .
الدستور العراقي هو الذي يقف وراء الفوضى السياسيه في البلاد , فبنوده تغلب عليها الضبابيه وكل يفسرها حسب مايروق له وبما يخدم اهدافه الحزبيه , وهو بحق وليد مشوه , جاء اثر صفقة بين اطراف سياسيه معروفة , وهو انعكاس لمرتكزات عملية التغيير التي حصلت في البلاد في 9-4-2003 التي استندت الى فرضيتين هما : ازالة مظلوميه الشيعه و مظلوميه الاكراد , دون النظر الى مظلوميه شعب العراق بأكملة .
لقد نصت المادة (142) الى مايلي ( يشكل مجلس النواب في بدايه عمله لجنه من اعضاءه تكون ممثلة للمكونات الرئيسية في المجتمع العراقي , مهمتها تقديم تقرير الى مجلس النواب خلال مدة لا تتجاوز 4 اشهر , يتضمن توصية بالتعديلات الضرورية التي يمكن اجراؤها على الدستور وتحل اللجنه بعد البت في مقترحاتها ) . لقد تم تشكيل لجنه وباشرت عملها قبل مايقرب من السنتين , ولم تنجزه حتى هذه اللحظة وقد انتهت اللجنه من اجراء 50 تعديلا وعجزت عن الوصول الى تعديل 7 مواد اخرى رئيسية , وتم احالتها الى المجلس التنفيذي وهذا الرقم يعني ان 40% من مواد الدستور سوف تعدل , وهو دليل على نقاط الضعف و التناقضات التي بني عليها .
قانون انتخاب مجالس المحافظات الذي نحن بصدده فيه بعض النواقص لامجال لبحثها الان , لاننا تناولنا الجانب الذي يتعلق بلعملية السياسية بشكل عام , ومع ذلك يمكن ابداء الملاحظات التالية و السريعه حول الموضوع .
1. ان اجراء انتخابات مجالس المحافظات في يوم واحد هو ليس امرا مقدسا , وقد تستدعي الضروف ان تؤجل الانتخابات في هذه المحافظة او تلك وهذا هو امر مقبول لذلك فأن انتفاضة التحالف الكردستاني ليس لها مبرر . اما بخصوص النسب المقررة في المادة (24-ثانيا) فأني اؤيد معارضة الاخوة الكرد لمثل هذه النسب لانها تمثل تكريسا للعرقية , غير اني اشك ان يكون هذا هو وجه الاعتراض على المادة اذ يخيل اليه ان الاعتراض تفوح منه رائحة شوفينيه .
2. ان اجراء التصويت السري في مجلس النواب ليس فيه مخالفة , حيث يجوز اللجوء الى هذا الاسلوب عند وجود رغبه لتجاوز معوقات معينه ولفسح المجال امام الاعضاء للادلاء بأصواتهم بحرية , ولعل اجراء الانتخابات العامة في البلاد بالاقتراع السري تؤكد صحة هذا المنحى .
3. ليس المهم ان نشرع قانون للانتخابات المهم ان نجري الانتخابات في جو من الحرية والديموقراطيه واحترام الاخر , والسؤال هل ان ظروف العراق والاجواء السياسيه في المحافظات توفر مثل هذه الشروط ؟؟
4. المشرف على الانتخابات هي المفوضية العليا المستقلة , ويقيني ان هذه المفوضية ليست مستقلة لانها خرجت من رحم المحاصصة الطائفية الجارية في البلاد على قدم وساق وهي تضم بلا شك اشخاصا رشحتهم الاحزاب القائمة و الماسكة بالسلطة والمسيطرة على مجلس النواب . لذلك فأذا اريد للانتخابات ان تكون حرة ونزيهة لابد ان تجري تحت اشراف دولي محايد .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظومة الصحة في غزة الأكثر تضررا جراء إقفال المعابر ومعارك


.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة في تصعيده مع إسرائيل




.. ما تداعيات استخدام الاحتلال الإسرائيلي الطائرات في قصف مخيم


.. عائلات جنود إسرائيليين: نحذر من وقوع أبنائنا بمصيدة موت في غ




.. أصوات من غزة| ظروف النزوح تزيد سوءا مع طول مدة الحرب وتكرر ا