الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحلول التوافقية ، صراعات مؤجلة !

هرمز كوهاري

2008 / 7 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


1 - عندما يشتد الخلاف بين الأحزاب في الدول العربية والإسلامية الى القتال أو الإقتتال ، يحلس الوجهاء ليتفقوا ويتوافقوا على تأجيل الألحام الى حين ، هذه هي التوافقات
في هذه الدول ، أحزاب دينية طائفية أو قومية عنصرية أو عشائرية مناطقية ، هذه الأحزاب لها وجهان أو برنامجان ، برنامج مخفي يتعارض تماما مع برنامج ومناهج الأحزاب الأخرى يصل الى إلغاءها وآخر معلن ، تتعامل مع بعضها البعض بالمنهج المعلن ، لحين تأتيها الفرصة السانحة فتنقض على من يعارضها وتلغيه
رأينا ذلك في التوافقات بين الأحزاب العراقية قبل ثورة 14/تموز 58 وخاصةبين الحزب الشيوعي وحزبي البعث والقوميين ، عندما إنتصرت الثورة عمل كل حزب على إلغاء الآخر بالعنف ورأينا ذلك بين الأحزاب اللبنانية ونلمسه الآن بين " أحزابنا " الدينية الطائفية الشيعية والعربية القومية العنصرية ، والمناطقية الكردية ..الخ

2- هذه الأحزاب إلا القليل منها وهي غير مؤثرة في الساحة العراقية لا تؤمن باالديمقراطية قطعا لأن الديمقراطية هي كشف الحقائق للشعب ، و التوافقات هي طمس وإخفاء ا الحقائق عن الشعب ولكن تكشفها لأتباعها بطريقة ضبابية خوفا من فقدان المتذبذب منهم . هذه الأحزاب لا تؤمن بالشعب لأنها تلجأ الى التوافقات بينها أي بين قادتها في غرف مغلقة وإلا لرجعت الى الشعب لكشف حساباتها وآراءها وتجعل الشعب حكم بينها .كيف يعقل أن الذين يؤمنون ويعملون على الثوابت الإسلامية ، ومبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأسلمة المجتمع العراقي يؤمن بالرأي الآخرالعلماني مثلا أي الديمقراطية ، إن أسلمة المجتمع العراقي لا يقتصر على قرض الإسلام على غير المسلمين أو الجزية أو الطرد كما تقوم به بعض المجموعات بعلم ومعرفة أحزابها بل ربما بتوجييهم بصورة خفية بدلالة أنها ، أي حكومة تلك الأحزاب ، لم يفتح تحقيقات بذلك ، بل الأسلمة تسري حتى على المسلمين المتحررين من تلك الثوابت والعلمانيين منهم وإخضاعهم الى الأسلمة الحقيقة ، أي ليكنوا إسلاميين حقيقين لا بالإسم فقط.!

3- لتوافقات هي المساومات على الغير وهذا الغير هنا هو الشعب العراقي ، والديمقراطية ترفض المساومات على الشعب ،والتوافقات هو المساومة على الحقيقة والعدالة : مثل سكوت الطرف الأول مثلا عن خطأ أو جريمة يقترفها الطرف الثاني أو أحد أتباعه لقاء سكوت الطرف الثاني عن جريمة الطرف الأول أو أحد أتباع الطرف الثاني ، و أن كل خطأ أو جريمة تسبب ضررا أو ضحية لطرف ثالث ، اي أن توافق الطرفان أو عدة أطراف على القيام بجريمة على شخص أو مجموعة من الأشخاص ! هذا هو التوافق ، وإذا كان التوافق بين الحكام والمسؤولين ، فيكون المتضرر أو الضحية الشعب ، وبالتالي يكون معنى التوافق التآمر على العدالة والحقيقة ، وبالتالي التآمر على المتضرر وهو الشعب ، وهذا ما حصل ويحصل حاليا وسيستمر حصوله في العراق " الديمقراطي " إذا ما إستمر مبدأ التوافق أي مبدأ التستر على الحقائق وإخفاءها عن الشعب .

4- وقد يقول البعض: أن بديل التوافق هو الصراع والقتال بين الأطراف ،ولأبعاد شبخ الصراعات والقتال الأفضل أن يتفقوا فيما بينهم ! طبعا هذا صحيح ولكن فقط هذا يصح عند المجموعات التي لا تؤمن إلا بالقوة لحل مشاكلها أو البقاء في الحكم ليس بكسب الرأئ العام ، وهي أيضا تلك التي لا تؤمن بالشعب وصناديق الإقتراع ، وإذا أجبرت أو إضطرت للجوء الى صناديق الإنتخابات وهي لا تؤمن بها ، فتلجأ الى التزوير أو التهديد والوعيد أو الى الإغراءات سواء بالدنيا أو الآخرة !! أو الإلتجاء الى الديماغوغية والضبابية وتخدير الناخبين بمبادئ هي ، اي الأحزاب لا تؤمن بها أصلا
وإذا ما وصلت هذه الفئات الحكم تحاول البقاء فيه مهما كلف الأمر بما فيها إلغاء كل الحقوق والحريات أوبالرشاوي من ممتلكات وأموال الدولة كالوظائف والمكرمات ! وإذا كان خارج السلطة ينتزعها بقوة السلاح أو بالإنقلابات العسكرية ، وهذا خارج موضوعنا لأننا ندعي أن بلدنا ديمقراطي للكشر!!

5- وفي العراق حالة خاصة ، فالأحزاب المتحكمة إما دينية طائفية أو قومية عنصرية أو مناطقية عشائرية ، فالإختلاف ليس كما في الدول الديمقراطية المتطورة يختلفون على طريقة خدمة الوطن والشعب ، بل عندنا الإختلاف على حصة كل طرف من خيرات الوطن أو أرضه أو ناسه أو كراسيه !! وهو صراع على الوطن والشعب وليس صراعا من أجل الوطن والشعب مثل الأحزاب في الدول الديمقراطية !!
لنأخذ أي بلد ديمقراطي ، الولايات المتحدة مثلا : فإختلاف الحزبين في الولايات المتحدة الأمريكية ،التي تتنافس على الحكم يكون : كيفية إذارة أو حل مشكلة الحرب في العراق وأفغانستان أو الإرهاب أو كيفية إصلاح الإقتصاد الأمريكي أو حول عملية الإجهاض أوالسيطرة على اسعار النفط ...الخ ، وليس الصراع على حصة الحزب الديمقراطي من النفط أو على توزيع الكراسي بينهم ،فالكراسي يمنحها الشعب لمن ينتخبه ولم توزع بالمسازمات ، أو بالإحتجاجات التهميش والتبطيش والبقشيش !!
وكذلك الأحزاب في الدول الأوروبية يختلفون على طريقة حل مشكلة يعاني منها الوطن أو الشعب مثل البطالة ، الهجرة ، رفع مستوى المعيشة ، الضمان الإجتماعي للمسنين .. الإنضمام الى العملة الأوروبية الضرائب رفع نسبة الفائدة أو خفضها ... الخ .

6- منذ أن أن تشكلت الأنظمة الديمقراطية في أوروبا وأمريكا ، لم نقرأ ولم نسمع ، أن تزويرا حصل في إنتخابات إحدى تلك الدول الديمقراطية ، مقابل لم نقرأ ولم نسمع أن إنتخابات حصلت في دولة عربية أو إسلامية لم يقع فيها تزوير في الإنتخابات !!
هل سمعتم أن السويد أو سويسرا أو فرنسا أو..أو إستعانت بمراقبين من العربان والمصلمان للإشراف على إنتخاباتهم كي تقنع شعوبها بأنها غير مزورة
إنها نكتة مضحكة مو؟ !!
بينما هذا شيئ طبيعي يجري في الدول العربية والإسلامية لعدم وجود الثقة فيما بينهم أو بأنفسهم أو بينهم وبين الشعب ، بل هم يتفاخرون بقولهم : إن إنتخاباتنا كانت بنزاهة وشفافية بإشراف مراقبين دوليين مكما يدل أن شعوبهم لها ثقة بالأجنبي أكثر من مسؤوليهم !! علما بأن كل أحزابنا تدعي بالديمقراطية والشفافية ، إلا ما يحشر في قوائم النواب المؤمنين المغرمين بالحج لأنها فرصة ذهبية ، فلا تفتيش ولا مافيش والدولة الحرصة على الإيمان تتحمل نفقات السفر وربما مع مرافقيهم ، ! أوما يتعلق بالسرقات أو الحسابت الختامية للدولة أو فرض موظفين أميين وعدوانيين في الشرطة والجيش ، فهذا لاتخضع للشفافية ، لأنها تمس الخصوصية وإنها تعني الشك بالمعصومين !!

7- فالجرائم التي قامت وتقوم بها مليشيات الأحزاب االدينية الحاكمة لا تعد ولا تحصى ولكن مسكوت عنها عملا بمبأ التوافق والمتضرر الشعب ، مثلا : السكوت على إختطاف الوفد الرياضي ، وموظفي وزارة التعليم العالي ومئات وألاف المخطوفين المعذبين والضحايا الأبرياء . و الذين و جدوهم في السجون السرية الصدربة والأحزاب الأخرى ، سُكت عنها لسلامة مبدأ التوافق !، وعند إسقاط عضوية مجلس النواب عن عضو متهم بجرائم القتل لفلفت القضية إحتراما لمبدأ التوافق !، وكثير من المسؤولين من الكبار والصغار متهمون بالسرقة واللصوصية بالملايين وعشرات الملايين ، مسكوت عنهم عملا بمبدأ التوافق .وكل ما يحدث خلاف بين أطراف التوافق أي توافق يجري الكشف المتبادل للجرائم ولكن بعد خراب البصرة كما يقال !! وقالها المشهداني في إحدى شفطاطه موجها كلامه للنواب كأنهم تلاميذه " إسكْتوا .. ثلاثة أرباعكم إرهابيين ..!!

8 -قال يوما نوري المالكي ، أن جيش المهدي أسوأ من القاعدة !! ولكن متى أصبح أسوأ من القاعدة ومتى لم يكن أسوأ من القاعدة ؟؟ لماذا صار أسوأ من القاعدة ؟، طبعا عندما خالف وعارض المالكي !! ولكن عندما ساعد المالكي وحزبه لإحتلال منصب رئاسة الوزراء كان الصدريون وطنيون لا أحد يزايد على وطنيتهم ، حتى عندما أعلن حكومة خاصة به تطبقا لمبدأ " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " سيئ الصيت خارج الدولة والدستور والقانون ، وأعلن نفسه حاكما مطلقا ليس على أفكار الناس فقط بل على حياتهم من مأكل وملبس وحتى الضحك والإبتسام ، حيث لايوجد شيئ بالحياة يستحق الضحك وحتى الأبتسام قبل ظهور الإمام !
هذا الصدري اراد أن يطبق مبدأ " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " في ظل الديمقراطية الإسلامية الشيعية ، وكل هذا جائز ويجوز في مبدأ التوافق !، فيجب أن يتوصل العراقيون الى نظام ديمقراطي يتوافق مع مبدأ " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " وإلا فأن النظام الديمقراطي لا يتفق وخصوصيات الشعب العراقي أو لا يصلح للعراقيين .!!

9 - هذا المبدأ مبدأ التوافق ،مثل بقية المبادئ تجعل هذه المجتنعات أسيرة لها ، فإما الأبيض أو الأسود ، ،أي إما طمس الحقائق أو الصراع عليها ،وإن كانت تلك الحقائق تتعلق بمصير الشعب ، ولكن هذا لم نجده في الدول الديمقراطية والشعوب الواعية، بل راينا زعيم أقوى وأغنى دولة وهي أمريكا طرد من منصبه
( يجارد نيكسون ) عن إخفاءه حقيقة التجسس على حزب آخر ( الديمقراطي) دون أن نرى أن حزبه دافع عنه ! وشاهدنا زعيم نفس الدولة (بيل كلينتون )، شاهدناه متهما يقف وحده دون أن يسانده حزبه أويقولون أن هذه موآمرة على الحزب الديمقراطي !! شاهدناه يدافع عن نفسه كأي متهم بتهمة مخجلة مخلة بالشرف إتهمته فتاة نكرة ( مونيكا لويسكي ) ، ومع هذا لم يحدث صراع وقتال بين الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي على طرد نيكسون ولا إتهام بيل كلينتون ، ولم نر أو نسمع أن تلك الفتاة النكرة قد إعتدي عليها
إن العدالة لاتخضع الى التوافقات لأن الحقيقة يجب أن تكشف للشعب والقضاء ، وهكذا طرد عددا من زعماء إسرائيل منهم بتهم الفساد المالي ومنهم بالفساد الأخلاقي .

10 -أما زعماء العربان والمصلمان فيرقصون أمام شعوبهم ، كما يفعل الآن البشير الخطير ، بأنه تمكن من إخفاء الحقيقة أمام الشعب وأمام المجتمع العالمي ، وأن العدالة لايمكنها أن تصله ، وهكذا فعل صدام عندما صعد على سطح سيارة في الأعظمية وتمجع حوله رعاع البعث قبل أيام من نزوله الى الحفرة الشهيرة التي أصبحت اشهر حفرة في تاريخ العراق ربما في العالم ،
لم نر زعيما عربيا أو مسلما متهما من قبل شعبه .قبل سقوطه بل يظهر أمام شعبه ، بطلا منزها معصوما من الخطأ أو زلة لسان يداه نظيفة حتى من دم أي حيوان ! وقد تأتيه اللعنات بعد إسقاطه ، وليس سقوطه ، فيصبح قاتلا يستحق مزبلة التاريخ !!

إن الصراع يبدأ في حالة الإمساك أو الإمتناع عن كشف الحقائق هي مدخل الى الدكتاتورية ، وفي العراق أشبه بدكتاورية توافقية مخفية ، إن ما موجود بين الأحزاب الدينية والقومية المتحكمة في العراق ، إنه سلم توافقي وليس سلم دائم ، والسلم التوافقي قد ينفجر في أية لحظة كما نراه في لبنان والعراق بين حين وآخر .
===========================
ملاحظة :
* كتبتُ مقالا بتاريخ 2/1/2006 في الحوار المتمدن وموافع أخرى بعنوان " المساومات السياسية ، خروج على الديمقراطية ".
* ومقالا آخر بتاريخ 4/1/2006 في نفس الموقع ومواقع أخرى بعنوان " المساومات السياسية ، مساومات على الصمت المتبادل "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأردن يحذر من تداعيات اقتحام إسرائيل لمدينة رفح


.. أمريكا تفتح تحقيقا مع شركة بوينغ بعد اتهامها بالتزوير




.. النشيد الوطني الفلسطيني مع إقامة أول صف تعليمي منذ بدء الحرب


.. بوتين يؤدي اليمين الدستورية ويؤكد أن الحوار مع الغرب ممكن في




.. لماذا| ما الأهداف العسكرية والسياسية التي يريد نتنياهو تحقيق