الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل نرتدي العباءة الأيرانية ؟

محسن صياح غزال

2004 / 1 / 30
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


في ظلال الحرب الباردة واجواء الصراع والتآمر بين القطبين الأعظمين والسباق نحو التسلح والسيطرة , وبعد

عهود من الظلم والقهر والأستبداد الشاهنشاهي للشعب الأيراني , وبلوغ أزمة النظام حدود الأحتظار وأستفحال

الأزمات الأجتماعية والأقتصادية والأخلاقية , تفجرت ثورة الشعب الأيراني شاملة كل طبقات وفئات , أحزاب

وتيارات وحركات , سياسية علمانية ودينية , الفاعلة على الساحة الأيرانية والممثلة لأغلب قطاعات الشعب الأيراني بكافة قومياته وأديانه وطوائفه وعرقياته .

أستثمر رجال الدين وأئمة المساجد سيطرتهم على قطاع واسع من جمهرة المؤمنين والمتدينين في الشارع الأيراني في العمل على تنحية وأبعاد وتهميش كل القوى السياسية اليسارية والأحزاب والتيارات العلمانية

من الساحة السياسية , ومن أجل تعبيد الطريق للسيطرة الكاملة والتفرد بالحكم من قبل رجال الدين , أقيمت المحاكمات ومورست أساليب القمع والأعتقالات والمطاردات بحق " الكفرة" والخصوم والأعداء الوهميين!

وكانت فاتحة أغتصاب السلطة والتفرد بالحكم وألغاء الآخر وحرف الثورة عن أهدافها المرسومة كالتحرر والديموقراطية والرخاء للشعب المحروم , سياسة البطش والتنكيل والمحاكمات الصورية والأعدامات بحق

قيادات وأعظاء حزب الشعب الأيراني " توده " . وكل القوى اليسارية التى ناضلت وقدمت آلآف الشهداء

قرابين على مذبح الحرية والأنعتاق ! وقد جرت كل تلك الممارسات القمعية والمحاكمات والأعدامات بحق

خيرة أبناء الشعب ومناضليه , تحت غطاء يافطات وشعارات ومراسيم ديماغوجية ووهمية وملفّقة : لاشرقية

ولا غربية , قوى الأستكبار العالمي , الكفر والألحاد , ولاية الفقيه  والشريعة والموت لأمريكا وبريطانيا وفرنسا

وروسيا و. و . و هكذا تم عزل أيران عن محيطها وعن العالم وخسارة وضياع الفرص والمكاسب والأنجازات

العظيمة التي نادت بها ثورة المظلومين فيما لو تم توجيهها وقيادتها بطريقة ديموقراطية حرّة وسليمة , يُحترم

فيها الرأي والرأي الآخر وحقوق البشر ويكون الحَكَم فيها والفصل هو صندوق الأقتراع ومن يختاره الأغلبية!

وبالعودة الى الوراء نستذكر أن أوروبا عانت من عصور ظلامية , عصور أبادة وتحريم وتكفير , حرق ومقاصل

ومشانق لرموز التحرر والعلم والمعرفة والفكر , ولكن بفضل نظالات الشعوب وكفاحها ضد الهمجية والتخلف

والجهل والظلام ورموزه من رجالات الكنيسة , أستطاعت نيل حريتها والنهوض والسير بخطوات سريعة وثابتة

على طريق النمو والتطور والأرتقاء والرفاه وفي كل مجالات الحياة , وكانت فاتحة ذلك التحرر والنهوض بأقرار فصل الكنيسة – الدين – عن الدولة والحكم .

في عراقنا الجديد , ومجلس حكمنا الجديد المؤقت , تقف عقول دينية متنورة ومتحظرة , متعلمة ومتخصصة , في مواجهة ومقارعة عناصر وتيارات ظلامية تمارس الضغط والأبتزاز ووضع العراقيل في طريق مسيرة البناء

والتقدم , لحرفها وأعادة عجلة التاريخ الى الوراء, الى الشريعة والسلف والعصبية وحكم الملالي وسدنة المراقد

والجوامع ! وعودة سياسة الأبعاد والتهميش والألغاء , القمع والأبادة للطرف الآخر في المعادلة السياسية , أستنساخ لتجربة فاشلة ومريرة لم تحصد سوى الخسائر والعزلة والتقهقر .. والعداوات , وتوقف النمو والبناء

ومشاريع التطوير للبنى وتحسين وأنعاش الوضع المعيشي لغالبية الشعب , وتبذير خيرات الوطن وتعب المواطن

على بناء وتوسيع ترسانات الأسلحة وتأجيج روح العداء والمواجهة والتحدي والعنجهية الفارغة والغير مجدية!

لابد من القول أن الدين يبقى نصوصاً الهية مقدسة ومحترمة , مشاعر وشعائر وطقوس لها قدسيتها ومكانتها

العظيمة في نفوس المؤمنين وغيرهم , وهي لا تتعارض مطلقاً مع مشاريع وبرامج البناء والتطوير والتقدم وأطلاق الحريات والديموقراطية وحقوق الأنسان ورفاهيته , في حال الممارسة السلمية والديموقراطية وأحترام

الرأي الآخر والمنافسة الحرّة الشريفة , بالتخلّي والتجرّد الكامل عن النعرات الطائفية والمذهبية وهواجس المؤامرة والعدو الوهمي التي وسمت سياسة النظام المقبور .

للأنتخابات قواعدها وأصولها ومرتكزاتها , لكي تقوم على أسس علمية صحيحة , يبرز في مقدمتها , الأمن

والأستقرار الأجتماعي والسياسي , حكومة وقانون ودستور وهيئات ومراكز وأحصاء وتعداد سكاني وأمور

فنية وأعداد بشرية . فهل هو متوفر شيء من هذا ؟ وكم من الوقت نحتاج لبناء وأرساء كل هذه المتطلبات؟

أجمل ما أفرزته أجواء الحرية – بعد سقوط نظام الجريمة المقبور- من ظواهرالعافية والصحة في الممارسة

الجماهيرية , التظاهر السلمي ورفع المطالب والدعوات والأحتجاج, وأحداها كانت المطالبة بأجراء الأنتخابات

فوراً ! ولكن ,ومما يؤسف له , ومن خلال بعض الشعارات المرفوعة في التظاهرة , يبدو أن هناك من يحاول

وضع العصا في عجلة مسيرة البناء والتطوروأستباق الزمن والقفز على الأحداث والمراحل , ومنها ما يثير

الهواجس والقلق حين تطالب بفرض شكل ونوع ونهج القيادة والقانون والحكم , ومنها ما يقفز وبتطرف

نحو رسم وتحديد مستقبل العراق !! . وقد برزت أصابع فلول النظام المقبور من خلال بعض الشعارات المغالية في التطرف وبالتوازي مع السلوك الأرهابي في التخريب والقتل , لتأخير مسيرة البناء وتعكير أجواء الأمن والحرية وتأجيج الصراعات والتناحر , و وأد التجربة الديموقراطية الوليدة .

لقد أطبقت الفاشية بخناقها على شعب العراق لأربعون عاماً , مارست فيه كل أنواع القتل والأبادة والأذلال والمهانة والتشويه والرعب على الوطن والمواطن , ولكي يستعيد الوطن والأنسان فيه عافيته وأتزانه وينهض

من كبوته , فالأمر يحتاج الى فترة زمنية يترسخ فيها الفهم والوعي والأختيار والمفاضلة من خلال ممارسة الديموقراطية الصحيحة والتشبع بهواء الحرية الفكرية والسياسية التي حصل عليها بعد طول كبت وحرمان.

فترة زمنية يتم فيها دحر وألغاء كل المفاهيم الفاشية والعنصرية والطائفية, التسلط والأقصاء والتفرد ,  وأستبدالها بنهج ديموقراطي حر وتعددي ويحترم حقوق الأنسان ويصون كرامته .

أن التسرّع في الأنتخابات وبدون الأستعداد لها وتوفير القواعد والأسس العلمية الكفيلة بنجاحها وتثبيت مقومات

العمل بها , لابد وأن يأتي بنتائج عكسية ومردودات سلبية وتناقضات وصراعات محفوفة بالمخاطر ! . ولكن

وبقصارى جهود وكفاح كل الوطنيين الغيورين واللذين يهمهم أنتشال وطنهم من حالة الخراب والشلل الى مصاف الدول المتحظرة والمتطورة والمزدهرة , يمكن تجاوز المحنة وقلع وأزالة كل ما بقي من مخلفات نظام

الجهل والجريمة, وسيقف العراق سليماً معافى , مزهراً ومزهواً بأهله .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح