الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قيلولة النصر

عدنان الدراجي

2008 / 7 / 30
الادب والفن


تساءلت طويلا ماذا لو انتعل دماغي وأنام بإزاء أسرة أهل الكهف, قصدت بعيري الأجرب وسألته أليس الأجدى حرق دواويني وبيع نبالي للبقال, سرح الجمل بعيدا بعد الشمس عن حظيرة همي, علمت بعدئذ أن بعيري لم يسمعني فقد اختبأ في حبة رمل خوفا من طيش الخنجر.
نشرت خارطتي المرسومة على رمضاء منسية وسلكت درب التبان أتعقب سراب الأحلام الأولى, كدت اخطف أجمل زهرة في طرف الكون الشرقي لولا تعثر أقدامي بحرف ساكن فسقطت على نطع الجلاد, أفزعني حقا شخير الجلاد المسكين الذي يعمل طول الليل وبعض من ساعات العصر ليشيد صرح الأمجاد بجماجم وعظام مارقة, طلبوا أن اسجد للجلاد, للمغوار حامي حياض الأرض المسلوبة والحبلى سفاحا, البطل الكافل للشرف المخروق بذبابة سيفه.
ولخور متأصل في كل عروقي لم أحضَ بهذا الشرف السامق, وهنا لعب الحظ لعبة (روليت) روسية إذ كان الجلاد ثملا لا يقوى على رفع ذراعه فأسقط في يده وعجز عن قطف اليانع من جسدي, فأطلق سراحي بعفو عام وكانت مكرمة مشهودة.
كان علي أن أغدو كرعية سيدنا الجلاد, لا شغل لهم غير التسبيح بحمده والتقديس منذ انبلاج الفجر حتى صياح الديك, لكن مسبحتي قد ضاعت ولساني المحبوس لم يطلق بعد, لعنت خناجره وقيوده وهربت على ظهر أول قصيدة سانحة لأمخر بحور الشعر بعيدا عن جنة سيادته الجوفاء.
ومن هناك أشار إلي نخل الكوفة وأحاط بأجنحة أحلامي يلهو, ولمَ لا يلهو؟ وقد ألقى مرساته ونسيها في رحم الأرض, يتطلع قدما نحو الشمس, لا يستلقي أبدا, يغمزني حيث يراني ويعيب انحناءة ظهري ورقصي الأخرق على إيقاعات سهوب الجدب.
كنت أتضور صدأ لأريج النهرين, حلقت خلال غمامة أشواقي وأذبت حشرجتي بقطرات دموع الأرصفة الثكلى, ثم خطفت حلم الجني النائم في عرش سمو الجلاد ولما أزل التهم الوهج المتلألأ من أطلال هجر.
في أسواق الغربة بحثت طويلا عن قافية تروي عطشي للمتنبي وعن بائية أبي تمام, لكن لم أرى حرفا واحدا إذ سُحبت جميع قوافي الشعر العربي من أسواق الجملة والمفرد وعلمت أنها ستحرق بإشراف فريق صحي وقيل كذلك أن حواسيبا عملاقة عطبت بعد ملامسة أحدها نموذج قافية أثناء الفحص الروتيني, وكرد فعل فوري منعت صنوف الشجب والتنديد والاستنكار بأمر صادر عن قيادة شرطة ديمونه.
ويقال أن محكمة العدل الدولية تلقت شكوى من مجهول ولسوف تدان الذائقة العربية حسب المصدر الذي رفض إخفاء هويته وأردف أن حكما بالسجن سينفذ بحق حروف العلة في وادي السيليكون وفي خبر عاجل ذكروا أن آلات لكشف قوافينا وصلت لبعض مطارات العالم وسيخصى فحول الشعر العربي عند حلول الذكرى السنوية لسقوط القدس.
وأذاعت وكالات الأنباء أن سنابك خيل الداخل قُمعت, وأطيح بسيف الدولة الحمداني وفُقد عنترة بن شداد في عاصفة هوجاء, لكن مالي ولهذا, فلتدعس أضلاف الجلاد قليس الأشرم في اليمن السعيد جدا, أو تبني صرحا مخفيا في مصباح علاء الدين, فانا منشغل بالتنقيب منذ غدي الماضي أو أمسي القادم عن قصائد عذرية لشاعر لم يولد بعد.
علت الجعجعة وأضاء وميض زائف ليلتي الظلماء وانبثق زعيق الموت المرعب مدويا تحت وسادتي فكانت ضوضاء هائلة كالزلزال, لا ليست كالزلزال إذ أن الزلزال تخاذل وهرب بأول طائرة نحو بلاد الغال.
وحالا أي بعد دهر أو دهرين أصاب الخرس إذاعتنا ثم ..أذيع بيانا من أركان الجيش الوطني يقسم براس سمو الجلاد أن شخير سيادته قد أجهض كيد الأعداء, والحق يقال أن قيلولة سيدنا الجلاد صمدت ولله الحمد.

د.عدنان الدراجي
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. الفنان محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان في رسالة صو


.. انتظرونا غداً..في كلمة أخيرة والفنانة ياسمين علي والفنان صدق




.. جولة في عاصمة الثقافة الأوروبية لعام 2024 | يوروماكس


.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم




.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب