الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يتحول الشك الى يقيـــن

صبحي خدر حجو

2004 / 1 / 30
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


  اصدار مجلس الحكم وفي دورة السيد عبد العزيزالحكيم قانون 137 والذي يمكن ان يكون مستهلا لأن يعيدنا  الـــــــى مجتمع ال" الحريم " . فتح قريحة الكتاب واستجلب اجتهاداتهم المتنوعة وفسح في المجال لابداء النقمة ايضا . وكلما يحاول المرء ان يقنع نفسه برأي ( الاسلاميين ) خاصة عندما يقرأ للمعتدلين منهم ، والقائلين  بان العدالة لن تتحقق الاّ عن طريـق الماسكين بزمام الدين ، وهذا برأيهم يضمن المساواة والحقوق لكل الناس ! فضلا عن انه يضمن حقوقا خاصــــــة للمرأة !. ولكن سلسلة الحقائق المستمدة من التاريخ القريب والبعيد لشعوب المنطقة ، والوقائع اللامتناهية الحالية علــــــــى الارض

في كل هذه  البلدان سرعان ما تدحض اية محاولة لان ترسخ هذه القناعة . لا بل تزداد الوقائع اكثر فاكثر لتؤكد ان تاريخ من كانت بيدهم امور الاديان هي غير مشجعة بالمرة اذا لم نقل انها قاتمة تماما .وهنا لابد ان يطرح المرء سؤال مشروع  ، لماذا تتوفر كل هذه الامكانية وبلا حدود لان تجد التفسيرات ( الدينية والشرعية ) السلبية طريقها الى الظهور وعلى مــدى تاريخ الاديان؟ ، والتي تكون على العموم لصالح التخلف وضد التقدم الحضاري او حقوق الانسان وبشكل خاص المـــــرأة ؟؟ !! . وللاجابة على هذا السؤال لا بد ان يطرح المرء تساؤلين آخرين ايضا ، اولهما هل يوجد  في  اساس الدين ( فكره والاسس النظرية التي يستند عليها ، احكامه والتشريعات التي تبنى على اساسه ) اي بمعنى آخر هل تكمن نقطة الضعــف فيه ، في مجمل طبيعته ؟؟ بحيث تتيح المجال واسعا لمثل هذه التفسيرات السلبية ؟ . وثانيهما هل  ان السبب هو فـــــــــي الاشخاص وطبيعة تركيبتهم الطبقية بما فيهم الافراد والحكام ؟ او يتعلق الامر بممثلي طبقات اجتماعية معينة ؟ . وهنا لابد لنا من تأكيد حقيقة عندما يبحث المرء في طبيعة الاديان  ومع احترامنا الشديد لكل تلك الاديان نجد فيها سماتا مشتركـــــة واحدة متشابهة، لا بل في اغلب الاحيان متطابقة من حيث الموقف من التجديد ، ومن تحقيق العدالة، وموقفها من الانســـان
بشكل عام  والمرأة بشكل خاص . ولهذا التشابه والتطابق اسبابه بطبيعة الحال . فاصولها وجذورها هي واحدة ومشتركـة . واهم سمتين مشتركتين بين كل اديان الشرق اوسط  تتمثل اولا  في الاساس الفكري النظري ،  والذي صيغ في مرحلــــة كانت فيها البشرية في حالة انتقال من مرحلة العبودية الى مرحلة تشكّل الاقطاع . وقد استمدت الاديان افكارها واحكامها من الاعتقادات السائدة في تلك المرحلة . حيث كانت " الذكورية " قد فرضت نفسها منذ زمن بعيد ، قبل ذلك ، وكانت قد

طبعت كل تلك المرحلة بطابعها ، خاصة في الجانب الاخلاقي والعادات والتقاليد والفكر . وكل ما نشأ على ذلك الاساس
كان يراد له ويخطط لصالح المجتمع " الذكوري " السائد . والسمة الثانية الرئيسية ، اضفاء طابع القداسة على كل تـــلك الافكار والاحكام والتشريعات ، وبذلك تكون عصية عن  التحليل والنقد والتجديد ، ومَنْ يتجرأ علــى ذلك ، يوصـــــــف
بالهرطقة والزندقة والالحاد، ويحكم عليه بكل اشكال الموت . وتاريخ العالم مليئ بالامثلة  ، اوربا سابقا ، و البلدان العربية
والاسلامية سابقا وما تزال . واذا اخترنا اية فترة من تلك التي كان فيها الحكم يتم باسم الدين في اوربا ،  نجد التجاوزات على حقوق الانسان وعلى المرأة بشكل خاص هي السمة المميزة لذلك الحكم . والتاريخ لن ينسى دور الكنيسة ورجال الدين في المحارق التي كانوا يقيمونها للنساء الرافعات صوتهن ضد الظلم ، بحجة كونهن مشعوذات خارجات عن طاعة الدين !!
. واستمرت مثل هذه الشناعات الى ان تمكنت الشعوب الاوربية من وضع حدٍ لها منذ الثورة الفرنسية العظيمة ، وقلمـــت مخالب مَنْ كانوا يحكمون بأسم الدين . وحسمت الامر بفصل الدين عن الدولة ، وفسح المجال امام تلك الشــــــــــــــعوب

لان تركب موجة التطور العاصف وتصل الى ما وصلت اليه من ذرى التقدم و الرقي . ومما له دلالة عظيمة بهذا الشأن هو الاعتذار العلني  الذي قدمه بابا الفاتيكان الحالي ، للشعوب الاوربية  في نهاية القرن الماضي وبداية الحالي ، عما اقترفته الكنيسة بحقهم طيلة حكمها ّ!!. اما في البلدان التي ساد فيها الاسلام منذ غزو البلدان ، وحتى يومنا هذا  ، فالحكم الــــــذي مورس بأسم الدين وتحت" سننه وشرائعه " تحكي تاريخا متواصلا من التجاوزات والقهر بحق الانسان وخصوصا المرأة
، وبإستثناءات نادرة جدا وغير مؤثرة . وبرأيي فان تلك السمات التي تكتنف الدين وما يحاط به من قدسية تجعله مرتعــــا خصبا لكل تلك القوى والمؤسسات والافراد ، وينبوعا لا ينضب  لاستلهام الافكار والمشاريع التي تتطابق مع مصالحــــم ونوازعهم ومحاولة استثمار " القدسية الالهية " لفرض تلك النوازع والمشاريع على الناس . ورغم كل التطورات الهائلة الجارية في العلوم والثقافة والتكنلوجيا والحضارة البشرية بكل نواحيها ، لكننا مع الاسف نرى ان " الاسلاميين " بكــــل تلاوينهم واختلاف اجتهاداتهم بما فيهم من نسميهم " الاكثر انفتاحا واعتدالا " ما زالوا يراوحون في محلهم دون ان تؤثر
عليهم او تهزهم كل تلك التطورات العاصفة . لا بل ان الاغلبية منهم يتجهون عكس اتجاه التاريخ . وازاء ذلك ليســــــت
هنالك اية غرابة في كون العرب ما زالوا متميزين عن غيرهم من الشعوب في الموقف من " عقدتهم ـ المرأة " ، وكــأن
هذه العقدة اصبحت متأصلة لديهم  منذ وأدهم لبناتهم قبيل الاسلام !! . ولكن من جهة اخرى اذا ما امعنا النظر في الكثـير
من تأكيدات علماء النفس ، فضلا عن الشواهد والوقائع اليومية الجارية  في الحياة  ، التي تؤكد وتبرهن ان مواقف التشدد هذه ، تخفي وراءها مركب نقص تجاه المرأة ، وتمثل هذه الحالة تناقضا غريبا ( عداء في العلن .. وانشداد هائل فــــــي
الخفاء ) ورغبة دفينة في " امتلاكها " والاستحواذ عليها !! . وتبدأ هذه الرغبة منذ الوعد المعطى لهم في " امتلاكهــــم
" اربعون من الحور الحسان في الاخرة، وتنتهي عند " اسلاميي " الجزائر باختطاف الفتيات واغتصابهن وإبقائهـــــن
معهم للمتعة!. اعتقد لم تعد اطروحات الاسلاميين بما فيهم افضل " المعتدلين " تقنع احدا عن ان للمرأة  مكانة خاصـــة
ومحترمة في تعليمات الاديان .. فاينما توجهنا بانظارنا سنجد  ما يشكل نقيضاً لاقوالهم . فالامثلة كثيرة لا تحصى .
فهذا وضع النساء في ايران، الجزائر ، مصر ، السعودية التي مازال يحرم قيادتها للسيارة !! دول الخليج عمومــــــــا
، افغانستان ، باكستان ، نساء مسلمي الهند ، حتى الدول الاسلامية التي كانت ضمن حدود الاتحاد السوفياتي السابق ، مرشحة وبقوة للعودة بنسائها الى زمن الخلافة !! . فضلا عن موقف جميع الحركات والاحزاب الاسلامية . بما فيهـــ ا الاحزاب الاسلامية العراقية . فهو متشابه من الموقف المتشدد والمتخلف من المرأة  ، ورغم الاعتراف الذي لا يستطيع ان يحيد عنه حتى الاسلاميين بكون المرأة اذا كانت اما او اختا اوزوجة او ابنة ، فهي قدمت وتقدم الكثير والكثير للاســــرة والمجتمع وللانسانية ، ولكنها مع ذلك ما هي بنظرهم سوى " العورة " التي يجب حجبها عن الانظار ووضعها فـــــــي ( قمقم ) !! .  وبعض العراقيين كان على اعتقاد بان ( احزابنا الاسلامية ) ستكون مواقفها افضل بكثير تجاه مختـــــلف القضايا ومنها المرأة ، مستندين في ذلك على ان هذه الاحزاب قد عانت ما عانته من الظلم والاضطهاد والاهم انها قـــد
، عايشت التجربة الاسلامية الايرانية المرة والفاشلة ولسنوات طويلة ، وقد تلمس الالاف من قادتها وكوادرها ومؤيديها
الذين عاشوا لسنوات طويلة في ايران ، الرغبة الحارة والحقيقية للمرأة الايرانية بل المجتمع الايراني للتخلص مما وضعهم
فيه ( النظام الاسلامي ) من وضع لا يحسد عليه ! . وكيف ان كامل تجربة الحكم الدينية امام مفترق طرق ، وربما تطيح  بهؤلاء" الماسكين"  بزمام الدين .

وباصدار القرار 137 من قبل مجلس الحكم ، والذي كانت الاحزاب الاسلامية قد طرحته لاقراره ، ضمن الظروف التي
احاطت بذلك الاجتماع كما عرف فيما بعد   . وتصريحات السيد الحكيم بحق ايران في التعويضات ، وكذلك الكثير من الممارسات والتجاوزات غير الصحيحة من منتسبي تلك الاحزاب والحركات  ، واللهفة للاستحواذ على السلطة بالاصرار على الانتخابات في الوضع الحالي غير الملائم .  قد نبهت العراقيين من وقت مبكر بعض الشيئ الى حقيقة برامجهـــــم واطروحاتهم . وفي هذه الحالة يتحتم على العراقيين ان يأخذوا بنظر الاعتبار مصلحتهم الحقيقية ، ورفض البرامــــــــج والاطروحات والافكار التي تحاول ان تعيدهم الى الماضي ، وتكبح طموحهم في التقدم للامام بثبات للتعويض عن الفترة
الذهبية التي هدرها النظام المقبور .
ولابد من الاعتراف " بحسنة " واحدة على الاقل  لصدور هذا القرار الا ، وهي ، اطلاقه للنقاش الجدي والديمقراطي في واحدة من اهم المسائل التي تشكل اختبارا حقيقيا للموقف من المستقبل .

صبحي خدر حجو
المانيــا ـ  29 / 01 / 2004








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البيت الأبيض: واشنطن لم تتسلم خطة إسرائيلية شاملة تتعلق بعمل


.. اتفاق الرياض وواشنطن يواجه تعنتا إسرائيليا




.. إسرائيل وحماس تتبادلان الاتهامات بشأن تعطيل التوصل إلى اتفاق


.. خطة نتياهو لتحالف عربي يدير القطاع




.. عناصر من القسام يخوضون اشتباكات في منزل محاصر بدير الغصون في