الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليل يحتاج الى نهاية

فاطمه قاسم

2008 / 7 / 31
القضية الفلسطينية


باغتيال القائد الحمساوي في مدينة الخليل شهاب النتشة فإن إسرائيل – مع سابق إصرار وتعمد – تدخل على خط الأزمات الفلسطينية المتلاحقة، لتزيدها صعوبة، وتعقيداً، وتداخلاً، سواء الأزمة المتعلقة بالتهدئة الهشة المتعثرة في قطاع غزة، أو أزمة الوضع الداخلي الفلسطيني ممثلة بالانقسام الذي بدأ منذ حزيران العام الماضي حين سيطرت حماس على قطاع غزة، وانتزعته من حضن الشرعية، ولكنها لم تستطع بعد ذلك أن تتقدم به إلى أي اتجاه خصوصاً وسط الحصار القاتل وفشل كل المحاولات التي جرت لإنهائه، بل إن هذا الانقسام استطال وتعمّق أكثر إلى درجة أنه عاد لينتج عنه بأشكال أكثر فداحة ومأساوية، مثلما حدث يومي الخميس والجمعة الماضيين بثلاثة انفجارات كان أكثرها بشاعة انفجار شاطئ غزة، ونتج عنها عدد كبير من الضحايا من القتلى والمصابين، ثمّ ردة الفعل السريعة والانفعالية على هذه الانفجارات التي وجهت فيها الاتهامات إلى حركة فتح، ومع الاتهامات جرت ومازالت تجري موجة واسعة من الاعتقالات والمداهمات والسيطرة على المراكز والمقرات المختلفة، حيث ندعو الله ليل نهار أن تعود العقول إلى الرؤوس، وأن يعود الهدوء إلى النفوس، وأن تتغلب الحكمة على الطيش والفتنة.




وسط هذا المشهد المأساوي:

فإن وعياً جديدأ يبزغ، ويتأكد، بأن الانقسام هو أبشع الأخطاء والخطايا، وأن ترك هذا الانقسام على حاله، يعيد إنتاج نفسه، سيدمر كل شيء، وأنه تحت ظل هذا الانقسام فإن الطموح لتحقيق أي إنجاز هو ضرب من ضروب الخيال المريض، فليس هناك رهان مهما كان متواضعاً يمكن أن يتحقق مع وجود واستمرار هذا الانقسام، ولو كان الأمر عكس ذلك، لما سعى الاحتلال الإسرائيلي لحدوث هذا الانقسام، من أجل استغلاله أبشع استغلال كما يقر الجميع بذلك.

هذا الوعي الذي يبزغ من عمق المعاناة، مثلما يبزغ الفجر والضياء من عمق الليل والعتمة، له معادل موضوعي وحيد، وهو العودة إلى الحوار، والمصالحة، والوحدة الفلسطينية، بآليات، ورعاية، وأجندات تشكل قاعدة موضوعية صلبة لا يمكن النكوص عنها بسهولة، ولذلك يتكرر الحديث عن دعوة قريبة للحوار الوطني تقوم بها القاهرة مع كافة الفرقاء الفلسطينيين، وخاصة القطبين الرئيسيين فتح وحماس، تسانده قوات عربية تضمن له الاستقرار والاستمرار حتى يصل إلى نهايته المرجوة، يجري فيه التوافق العملي على إعادة تشكيل وتأطير أجهزة الأمن الفلسطينية على أسس ومعايير وطنية ومهنية بعيداً عن روح التشرذم الفصائلي، وفي ظل حكومة وفاق وطني يتم التوافق عليها إدارة الحياة اليومية للشعب في مناطق الوطن المختلفة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وقانون يتم التوافق عليه تجري أساسه الانتخابات التي تعيد صياغة النظام السياسي الفلسطيني.




في ظل الأوضاع القائمة في الأيام الأخيرة:

المشحونة بالتوتر، وقوة الاتهامات المتسرعة، وردود الأفعال المتشنجة، فإن الكلام الذي ذكرته يبدو هروباً إلى الأحلام بل إلى الأوهام، ولكن، اشتباك المآزق الفلسطينية مع بعضها، وتراكم الصعوبات والانسدادات في الأفق، هي نفسها التي تعطي لهذا الأمل، أمل التوافق، والحوار، والمصالحة، قوّة دفع جديدة، وحوافز جديدة، لأنه في كثير من الأحيان، وفي حالتنا الفلسطينية الراهنة، فإنه إذا لم تكن النار لاهبة، والأخطار واضحة، فإن الهمّة قد تظل عاجزة ومتواكلة، وإن رهان الأوهام قد يظل هو سيد الموقف.

ولهذا السبب، ذكرنا في بداية المقال أن إسرائيل باغتيالها للقائد الحمساوي شهاب النتشة في الخليل، تكون قد دخلت على خط الأزمة لتصعيدها، فلربما هي تريد أن تضغط على الأطراف لتكسير اتفاق التهدئة، لتعود الأمور وتفلت من جديد، تماماً مثلما تفعل إسرائيل بتعطيل مقصود لصفقة تبادل الأسرى الفلسطينيين مع جنديها الأسير جلعاد شاليط، كما تقوم باختراقاتها المتكررة للخطة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية، وتضييق الخناق على الخطة التنموية، بل إن إسرائيل واصلت من عمليات الدخول على خط الأزمة إلى حد يصعب تأمين رواتب الموظفين، وبقية الاحتياجات المطلوبة لخطة التنمية، وصولاً إلى هجمة الاستيطان الشرسة التي تتجاوز التوقعات.

الانقسام إذن هو مأساة كبيرة، إنه ليل دامس إذا طال فإننا نبقى نتخبط في عتمته العاتية، ومجاهيله القاتلة، ولذلك نقول أن هذا الليل لا بد له من آخر، من نهاية، نصنعها نحن بأيدينا، وإرادتنا المتحررة من الأوهام والرهانات الخاطئة، ومن همس الشياطين الذين يزينون ردات الفعل الداخلية والاقتتال الداخلي.

ولذلك فإننا ندعو القيادات الفلسطينية أن تتسامى فوق الجراح العارضة، وأن تقفز فوق الجراح حتى وإن كانت مؤلمة، وأن لا تنكفئ حول نفسها لضروراتها الراهنة بل تمد الأفق بعيداً على الأمام، إلى الأمل، إلى الهدف، إلى الخلاص النهائي، حينئذٍ يمكن أن نسجل لأنفسنا النجاح الفلسطيني المطلوب، بأننا اجتزنا المصاعب، وانتبهنا ولم نقع في فخاخ الاحتلال، وذهبنا إلى فجر جديد هو وحدتنا الوطنية ومشروع استقلالنا الوطني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيف عمر يبدع في تحضير جاج بالفريكة ????


.. ما تأثير وفاة رئيسي على السياسة الخارجية الإيرانية؟ • فرانس




.. كيف سقطت مروحية الرئيس الإيراني رئيسي؟ وما سبب تحطمها؟


.. كيف حولت أميركا طائرات إيران إلى -نعوش طائرة-؟




.. بعد مقتل رئيسي.. كيف أثرت العقوبات الأميركية على قطاع الطيرا