الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول الوضع الفلسطيني الراهن والمهام الملحة

سلامة كيلة

2008 / 8 / 1
القضية الفلسطينية


"حول الوضع الفلسطيني الراهن والمهام الملحة"
قرأت باهتمام وألم ما كتبه المناضل أحمد سعدات من سجنه حول "الوضع الفلسطيني الراهن والمهام الملحة" (الأيام 29/7/2008). باهتمام لأن كاتبها هو الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ولقد كتبها وهو في السجن، الأمر الذي يسمح له بعض التأمل الضروري للنظر إلى الوضع الفلسطيني بعمق وروية، لكن بجذرية. وأيضاً يسمح له التفكير "من خارج" التفاصيل اليومية التي تفرض ضيق الأفق، والتفكير بحلول جزئية لا تطال جوهر الموضوع.
بالطبع لست مضطراً لأن أقول أنني أتضامن مع الرفيق أبو غسان، فهذه بديهية. كما يجب أن أشير إلى أن مرافعته أمام المحكمة الصهيونية ركزت على الأساس في القضية الفلسطينية دون اضطرار لتناول تفاصيل لا معنى لها، خصوصاً فيما يتعلق بالحل الأساس لهذه القضية البسيطة، رغم كل التعقيدات التي تلفها.
ولهذا توقعت أن تكون "المهام الملحة" هي تلك التي تعيد النظر في كلية الوضع الفلسطيني بعد توضّح جملة مسائل كشفت أوهام راجت خلال العقود الماضية. منها الوضع "على الأرض"، حيث أبانت الممارسات المستمرة من قبل كل الأحزاب الصهيونية التي حكمت (ومن طيف واسع شاركها الحكم) أن ليس لدى الدولة الصهيونية تفكير بأن تتنازل عن أي شيء للفلسطينيين، سوى أن يكونوا "إدارة مدنية ذاتية" في مناطق تمركزهم (أي في المدن ومحيطها)، وبالتالي أن تتشكل منهم شرطة لقمعهم. وربما يكون الحل هو "هناك"، أي خارج فلسطين في الأردن. ولا حاجة بي لأن أسرد تفاصيل السيطرة الصهيونية على الأرض والمياه، والتوسع الاستيطاني الذي قضم نصف الضفة الغربية تقريباً. وبالتالي جدار العزل (وأصرّ على هذا التحديد لأنه هدف الجدار الأساس) والحواجز الأمنية، وهو الأمر الذي أوجد على الأرض شتات مناطق فلسطينية، كانتونات متناثرة.
هل نستطيع الاستنتاج بأن السياسات التي سادت في م.ت.ف منذ أواسط السبعينات من القرن العشرين قد إنبنت على أوهام؟ نعم، حيث كان هناك أمل بأن تقبل الدولة الصهيونية التخلي عن الأرض التي احتلتها سنة 1967، وأن يساعد الضغط الدولي في ذلك. أين هو الضغط الدولي بعد أن توضح بأن الدولة الصهيونية ليست معنية التخلي عن الضفة الغربية؟ فقط قادت هذه السياسة إلى تشتيت الشعب الفلسطيني، وحصره أخيراً في سكان الضفة الغربية وقطاع غزة. مع دمار كبير في بنى المقاومة لم تكن نتاج "المؤامرات" بل كانت نتيجة سياسات مدمرة.
ببساطة يمكن القول بأن الوضع الدولي هو لمصلحة الدولة الصهيونية، حيث هي "الشريك الرئيسي لزعيمة الإمبريالية"، التي باتت هي القوة المهيمنة على العالم (رغم كل ما تعانيه). وأوروبا تحابي، وفعل الشعوب لم يرتق إلى المستوى الذي يفرض سياسات. ولهذا فقد فقدت تلك السياسات أساس مراهناتها. فإذن على ما نراهن الآن؟
ورغم أن الرفيق أبو غسان يشير إلى أن حق العودة هو الجسر الذي يربط "حقنا الوطني في الاستقلال وتقرير المصير وحقوقنا التاريخية في فلسطين، ومدخل لبناء دولة ديمقراطية واحدة كحل ديمقراطي شامل للصراع في فلسطين وحول فلسطين"، فقد ظل في حدود السياسة التي تقررت في م.ت.ف، والتي هي ما أوصلنا إلى هنا كجزء من "الخلل القيادي الذاتي"، فهي الإستراتيجية التي إنبنى عليها التكتيك الموصل إلى أوسلو وسلطة الحكم الذاتي. ولهذا يظل متمسكاً بـ "إعلان القاهرة" سنة 2005، ووثيقة الوفاق الوطني 2006. ويدعو إلى إعادة بناء م.ت.ف، وإن على أسس أخرى. ويشدد على الوحدة من أجل توفير الحماية العربية والدولية "ونقل ملف القضية إلى الأمم المتحدة من خلال عقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة وعلى أساس قراراتها التي تستجيب لحقوق شعبنا الوطنية في العودة وتقرير المصير وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس".
إذن نعود إلى نقطة الصفر. المراهنة على الوضعين العربي والدولي. مؤسف أن تظل المراهنة ذاتها لعقود أربعة دون أن نتوصل إلى أنها مراهنة فاشلة، وخصوصاً بعد كل الانهيار الذي حكم الوضع الدولي، وكل الالتحاق الذي أصبحت فيه النظم العربية. إنها مراهنة على من يدعم السياسة الصهيونية التي نلمسها على الأرض. حيث أن الأمم المتحدة هي في "جيب" الولايات المتحدة أو مهمشة. والنظم العربية خاضعة للقرار الأميركي. ولقد أوضح بوش في جولته قبل الأخيرة في المنطقة بأن قرارات الأمم المتحدة فيما يتعلق بفلسطين فاشلة ويجب تجاوزها، لهذا أصبحت المفاوضات الثنائية برعاية أميركية هي التي ترسم الحدود بعيداً عن تلك القرارات، وهي إرادة طرفين "يمثلان" شعبيهما. إذن، لماذا الأمم المتحدة. وما دامت الأمم المتحدة هي ممثلة دول، وهذه الدول هي في الغالب خاضعة للسياسات الأميركية، كيف يمكن أن نستحصل على "حقوقنا الوطنية"؟
إن أهمية التأمل تكمن هنا، حيث يجب التدقيق فيما يروج ضمن الاستهلاك اليومي ولا يخضع لأي تدقيق. لما يكرر وكأنه حقائق رغم أنه لا يعدو أن يكون سلع فاسدة للاستهلاك. أليس واضحاً ما تريده الدولة الأميركية؟ والدولة الصهيونية؟ إذن، كيف نفرض عليهما وهما القوة المسيطرة والمقررة؟
هنا تطرح مسألة إعادة تنظيم القوة، وبالتالي إعادة بناء المقاومة. لكن على أي برنامج، وأية أسس؟ شعبنا معني بالمقاومة، لكن ليس على أي برنامج. فقد اختار حركة حماس ليس لأنها إسلامية على الإطلاق، بل لأنها كانت لازالت تتمسك في هدفين: المقاومة وفلسطين. وبالتالي يمكن القول بأن هذا الشعب لمس بـ "المحسوس" أن لا حل وسط مع الدولة الصهيونية، هي لا تريد، وبالتالي لا يجب أن ننقاد وراء أوهام. وهنا بات الشعب في تناقض مع كل سياسات م.ت.ف وفي تناقض مع السلطة التي يفترض أنها تمثله. إنه صراع طبقي ضد فئة كومبرادورية فاسدة هي السلطة. كما أن اللاجئين باتوا يشعرون بأن هذه السلطة "باعتهم" بعد أن استغلت دورهم النضالي وشهداءهم. والأمر أسوأ في أرض 1948.
أليس ذلك بحاجة إلى تأمل كذلك؟ هل يمكن أن نتوصل إلى استنتاجات منه؟
بمعنى أن هذا "البرنامج المرحلي" لم يلق الحاضنة الدولية التي إنبنى على أساسها، وأن السلطة التي نتجت عنه تكشفت لفئة كومبرادورية ليست معنية بفلسطين بقدر ما هي معنية بدورها، لهذا لازالت تقدم التنازلات، وتتكيف مع الهيمنة الصهيونية الإمبريالية.
من هنا، وحين تجري الدعوة لـ "الوحدة" يطرح السؤال: هل لازالت هناك تقاطعات مع هذه الفئة التي هي قيادة حركة فتح والسلطة، وكل حواشيها؟ كل هذا الكادر الذي باتت السلطة هي مصدر رزقه؟ وأيضاً ما هي التقاطعات مع حماس؟
لقد قامت صيغة م.ت.ف على أساس تحالف قوى مختلفة بهدف تحرير فلسطين. وإذا كانت قيادة حركة فتح تعتبر أنها القائدة لأنها "فجرت المقاومة"، "أطلقت الرصاصة الأولى"، فقد إنبنى القبول بقيادتها وبهيمنتها على فكرة أننا نمرّ بمرحلة تحرر وطني تقتضي قيادة "البرجوازية". وبالتالي فقد قبل اليسار بهذه القيادة وفشل في وقف آلياتها للسيطرة على القرار السياسي. لكن ظل هدف التحرير هو الموحد والمبرر لهذه التبعية التي تكونت في إطار م.ت.ف. وهذا ما أوصلنا إلى ما نحن فيه، لأن هذه القيادة المهيمنة انتقلت من السعي لتحرير فلسطين إلى الحل المرحلي بالترافق مع التكيف مع النظم العربي الرجعية. وبالتالي وقعت اتفاقات أوسلو وقبلت أن تكون "سلطة إدارة ذاتية". وهي التي أفسدت بنى المقاومة، وشكلت أجهزة الأمن والشرطة حتى وهي في بيروت، وأنشأت هذه الفئة الكومبرادورية التي دخلت في تشابك مصالح مع الشركات الصهيونية.
هل ظل مفهوم مرحلة التحرر صحيحاً؟ وهل ظلت التقاطعات مع هذه الفئة هي ذاتها؟
إذا كان فهم مرحلة التحرر الوطني خاطئ من الأساس لأنه كان ينطلق من "ضرورة قيادة البرجوازية"، والخضوع لهذا المفهوم الذي أدى إلى تحكّم قيادة محافظة متخلفة، ولديها طموحات محدودة، فإن الوضع الراهن يفرض إعادة نظر جذرية فيه من جهة، وفي القوى من جهة أخرى. فهل ظلت قيادة فتح/ السلطة معنية بالتحرير؟ لقد أصبحت سلطة وتمارس على هذا الأساس، لهذا تتعامل مع قوى المقاومة كميليشيا خارجة على القانون، ورئيسها ضد العمل المسلح. ومصالحها الخاصة هي التي باتت تحركها وليس القضية الوطنية. واعترفت بالدولة الصهيونية متنازلة عن 80% من فلسطين وأكثر. ولقد غيّرت في الميثاق الوطني الفلسطيني بما يناسب هذه السياسة،. وهي خاضعة للولايات المتحدة والدول المانحة ومربوطة مالياً بها. وبالتالي فإن ما تهدف إليه هو ربما سلطة كبير قليلاً في سياق التكيف مع السيطرة الإمبريالية الأميركية الصهيونية. والفئة الحاكمة هي في شراكات اقتصادية مع الرأسمال الصهيوني. وكما يشير الرفيق أبو غسان فهي على استعداد للتنازل عن قضية اللاجئين. وهي مستمرة في سياسة التفاوض التي تعطي الدولة الصهيونية كل الوقت من أجل إكمال السيطرة على الأرض وإكمال الجدار والتحكم بالضفة الغربية، ويسمح بتشكيل أجهزة أمنية هي في خدمة الولايات المتحدة والدولة الصهيونية، حيث يجري تدريبها تحت إشراف الـ (cia). وتقود سلطة وتوفر "احتلال ديلوكس".
إذن، على ماذا يمكن أن يتحقق التحالف معها؟ على الدولة المستقلة وعاصمتها القدس؟ فقد بدت هذه بالنسبة لها وهماً، لهذا تقبل التنازل عن حق العودة وعن الحدود ومبادلة الأراضي. وأكثر من ذلك فهي ترى بأن السياسة الوحيدة الممكنة هي سياسة التفاوض، برغم "قناعتها" بلا جدوى هذه السياسة كما تكرر. وبالتالي فهي ضد تصعيد النضال الفلسطيني، ليس العسكري فقط بل والشعبي كذلك.
ويمكن أن نتحدث طويلاً عن حماس، لكن يمكن القول بأنها تحمل مشروعاً آخر، يرى الأمور من زاوية أصولية دينية. وإذا كانت قد لعبت دوراً في المقاومة، فقد أصبحت معنية بتعزيز سلطتها بعد أن أصبحت في الحكومة، وأن تجلب الاعتراف الصهيوني بها كقوة تفاوض. ولقد هيأت لذلك بالقبول في دولة في الضفة الغربية وقطاع غزة. وأيضاً لا يمكن تجاهل أنها تخضع لمنطق أيديولوجي يغلب العقيدة على ما عداه، وأنها تترابط مع فئات كومبرادورية كذلك، لعبت دوراً في الوساطة التجارية بين الضفة وغزة والشركات الصهيونية.
وإذا كانت لازالت خارج م.ت.ف، وإذا كانت فتح باتت هي السلطة بكل مصالحها، فمن يبقى في م.ت.ف؟ هذه الـ م.ت.ف التي هي منذ البدء خاضعة لسيطرة كاملة لقيادة فتح، وبالتالي كانت تجري مراسم دفنها بعد نشوء السلطة، وأعيدت إلى الإنعاش بعد نجاح حماس في الانتخابات التشريعية من أجل بقاء سياسة التفاوض بيد رئيس السلطة، الذي هو رئيس المنظمة كذلك.
ما وددت قوله هو أن التجربة أوضحت فشل السياسة التي قامت على شعار العودة وتقرير المصير والدولة المستقلة وعاصمتها القدس، والقائمة على قرارات الشرعية الدولية، والتي تتحقق من خلال الأمم المتحدة. هذه سياسة فشلت، ولقد كانت مدمرة للمقاومة كلها. وأيضاً لم تبق أرض تقام عليها الدولة، إضافة إلى أن قيامها مرتبط بالتخلي عن حق العودة وتقرير المصير بالقبول بما تقرره الدولة الصهيونية مدعومة من قبل الإمبريالية الأميركية.
ثم أن وضع "قوى المقاومة" بات رثاً إلى حد يفرض إعادة النظر الجذرية فيه. فقد انسلخت فئات يحكمها التسرع في الحصول على منافع خاصة على حساب الشعب الفلسطيني، ولا يمكن النظر إليها إلا كونها باتت في "الموقع الآخر". وتهمشت قوى اليسار إلى حد مريع، بالضبط نتيجة تلك السياسات التي قلّد فيها ما يسميه: اليمين. وفقد الشعب الثقة بهذه السياسات وبالقوى التي تحملها. وهو الأمر الذي سمح لحركة حماس أن تصبح هي القوة المنافسة لحركة فتح وليس الجبهة الشعبية التي لعبت هذا الدور في العديد من المراحل، وخصوصاً في الأرض المحتلة.
لهذا فإن المسألة لا تتعلق برأب الصدع بين فتح وحماس، ولا في إعادة بناء م.ت.ف، فهذه توضح بأننا لازلنا نبحث في مسألة باتت من الماضي. وإذا كان من الضروري منع الاقتتال، وإفشال السياسة الصهيونية التي تهدف إلى فصل غزة عن الضفة في سياق حل مختلف لكل منهما، فإن المهمة التي سوف تكون ضرورية هي حل السلطة في المنطقتين، والتخلص من نهب وفساد أجهزتها. ومن دورها "المحلل" لإكمال السياسة الصهيونية. بمعنى أن المطلوب ليس "إعادة توحيد السلطة" بل حلها والتخلص من آثامها.
لكن الأهم هو إعادة صياغة سياسة اليسار فيما يتعلق بالمقاومة. وأساساً في رؤيته وبرنامجه، عبر التخلص من أسوأ "اختراع" قامت به الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين مدفوعة من قبل قيادة حركة فتح، وهو اختراع الحل المرحلي. حيث ربط الحل بـ "الشرعية الدولية" وليس بنضال الشعب، وأخضع القضية للمساومات بدل تطوير المقاومة. وأدخل م.ت.ف في إطار التكيف مع الوضعين العربي والدولي. وهذه لم تكن لتحقق حتى ما تقره الشرعية الدولية. لقد فُصلت قضية فلسطين عن الجماهير العربية عبر منطق الفلسطنة الذي كان مقصوداً أن يتعمم، لكنها رُبطت بالوضع الدولي الذي لا يلحظ للشعب الفلسطيني أي شيء منذ قرار التقسيم وعودة اللاجئين، وهي القرارات التي بقيت "حبراً على ورق". وكان لذلك معنى عميق لم نفهمه، ألا وهو أن لا شيء للفلسطينيين في فلسطين.
فالحقوق التاريخية في فلسطين تفترض استعادة فلسطين بإنهاء الدولة الصهيونية. هذه هي المسألة الجوهرية رغم ضخامتها، أو رغم التشكيك الذي يطالها لأن ميزان القوى الآن لا يساعد على تحقيقها. فنحن من يجب أن يعمل على تعديل ميزان القوى لكي تصبح ممكنة. وميزان القوى ليس مرتبطاً بالوضع الدولي، فهذا عنصر ثانوي، بل مرتبط بقوى الشعب. وعبر الترابط مع نضالات الشعوب. وهنا يجب التخلص كذلك مما نتج عن الحل المرحلي، وهو المراهنة على الوضع الدولي. حيث ليس من الممكن أن يكون مؤاتياً لحل قضية هي بالأساس نتاج مشروع إمبريالي للسيطرة على الوطن العربي دون تصعيد نضالات الشعوب وتحقيق تحويل في الوضع الدولي ذاك لمصلحتها.
هذه هي النقطة التي يجب أن ننطلق منها، وهو الأمر الذي يفرض الربط بكلية الوضع العربي، أي بالنضال العربي ككل، حيث أن الصراع هو صراع الطبقات الشعبية في الوطن العربي ضد السيطرة الإمبريالية بما فيها الدولة الصهيونية كونها أداة في مصلحة الشركات الاحتكارية الإمبريالية. وهنا يجب إسقاط الأساس الذي إنبنت عليه المقاومة الفلسطينية الحديثة، ألا وهو الفلسطنة. حيث دون رؤية الصراع في هذا الإطار لن يكون ممكناً حسمه. ولاشك في أن الفلسطنة أفضت إلى الاتكال على الوضع الدولي والشرعية الدولية، لأن مقدرة الفلسطينيين محدودة في مقابل الدولة الصهيونية. وهذا ما نمى الشعور بالحاجة المركزية للضغط الدولي، وبالتالي نمى التنازل عن قضايا أساسية استجداءً للرأي العام العالمي، ونمى الميل لاعتبار أن المفاوضات هي الأسلوب الوحيد. لهذا تدهور وضع المقاومة مع انهيار الوضع العربي وتكيفه مع السيطرة الإمبريالية الأميركية. ومع تقلص ممكنات النضال في الأرض المحتلة.
يا رفيقي، المهمة الملحة هي إعادة بناء قوى اليسار، القوى الماركسية، الماركسية حقيقة وليست تلك التي لا تعرف من الماركسية سوى بعض الشعارات. وهنا إعادة بناء الجبهة الشعبية لكي تكون قادرة على دمج كل المناضلين الجديين، والكثير منهم ممن ترك الجبهة نتيجة سياساتها. وإذا كانت هناك ضرورة لإعادة صياغة الرؤية الماركسية التي تشوشت خلال العقدين الماضيين، وكانت سطحية قبل إذ، بما يعمق الوعي بها، فإن المهمة الملحة هي إعادة صياغة الرؤية، التي تقوم على :
1) أن الصراع هو صراع الطبقات الشعبية العربية ضد السيطرة الإمبريالية الصهيونية، والنظم الكومبرادورية التابعة. وهنا يجب أن يتحدد دور الطبقات الشعبية الفلسطينية في إطار هذه الرؤية/ الإستراتيجية.
2) أن لا حل في فلسطين إلا عبر إنهاء الدولة الصهيونية في إطار الصراع العربي العام. وأن البديل هو الدولة الديمقراطية العلمانية في الإطار العربي.
3) إن نشوء المشكلة اليهودية في فلسطين يفرض حلها في إطار ديمقراطي، بالترابط مع تحقيق عودة اللاجئين والتعويض عليهم، وإعادة ممتلكاتهم ، أو تحويلها إلى ملكية دولة.
4) أن الصراع هو أيضاً وأساساً ضد الرأسمالية كنمط في سياق العمل للوصول إلى تحقيق الاشتراكية.
5) أن اليسار يجب أن يعمل ضمن الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء، وكل المهمشين، وأن ينظم صفوفهم في االنضال القومي والطبقي.
6) هذه أسس تفرض تحديد المهمات في كل مناطق تواجد الفلسطينيين، في الضفة وغزة وفلسطين المحتلة سنة 1948، وفي الشتات وعلى ضوء ذلك يمكن تحديد التحالفات الضرورية، حيث يجب أن يلعب اليسار فيها دوراً محورياً.
7) إعادة بناء العلاقة مع الطبقات الشعبية الفلسطينية في كل مناطق تواجدها انطلاقاً من هذه الأسس، وتوحيد نشاطها من أجل النهوض بالنضال من جديد، وتفعيل نشاطها ضد الاحتلال بمختلف الوسائل الممكنة.

الضياع في تفاصيل الوضع اليومي لن تقود سوى إلى فرار الزمن، وبالتالي التأخر عن البدء من البداية الصحيحة، وربما الفشل النهائي.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات الرئاسية الأمريكية: نهاية سباق ضيق


.. احتجاجًا على -التطبيق التعسفي لقواعد اللباس-.. طالبة تتجرد م




.. هذا ما ستفعله إيران قبل تنصيب الرئيس الأميركي القادم | #التا


.. متظاهرون بباريس يحتجون على الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان




.. أبرز ما جاء في الصحف الدولية بشأن التصعيد الإسرائيلي في الشر