الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية التوافقية التآمرية و أزماتها

سهيل أحمد بهجت
باحث مختص بتاريخ الأديان و خصوصا المسيحية الأولى و الإسلام إلى جانب اختصاصات أخر

(Sohel Bahjat)

2008 / 8 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


هناك الكثير من اللغط و الثرثرة حول الديمقراطية و انسجامها أو عدمه مع كلمة "توافق"، يبدو لي أن هناك أحزابا تبحث عن نظام حكم غريب عجيب يراد إقامته في العراق، ظاهره الحرية و الديمقراطية و حقوق الإنسان و باطنه التوافق = التآمر على الشعب و مصادرة قراره و حريته باسم الشعب نفسه، و التوافق الذي نحن الآن بصدده ليس له علاقة بقائمة التوافق ـ و إن كنت أرى أن اسم هذه القائمة غير مرغوب به "ديمقراطيا".
و كما قلنا فإن هناك أحزابا موجودة في السلطة تريد الاستمرار في اللعبة القديمة و التعامل مع النظام العراقي الديمقراطي الجديد و كأن هذا النظام هو استمرارية لنظام المقابر الجماعية و الإبادة و التمييز العرقي و القومي، و الحقيقة أن هذا المنطق الأجوف يراد منه الاستمرار في لعبة قذرة أُريد منها ابتزاز العراق الجديد و استغلال فترة ضعفه و انكساره و امتصاصه ما أمكن قبل أن يشتد عوده و يكون قادرا على الدفاع عن نفسه، و إذا كان أي حزب أو جهة طائفية أو قومية يحاول أن يتهم النظام الديمقراطي العراقي بأنه يريد أن ينحو نحو ذات النهج البعثي، فإن هذا الاتهام بحد ذاته هو نوع من "التباكي" على البعث المقبور و إظهار أن العراق الجديد ليس مختلفا عن ذلك القديم، و هذا مخطط لإفشال الديمقراطية العراقية.
إن الديمقراطية هي بذاتها لا تعني إلا تفسيرا واحدا هو "حكم الأكثرية الآتية عبر الانتخاب الحر"، و ما محاولة إضافة تعابير كـ"الديمقراطية التوافقية" و "الديمقراطية التفاهمية" و "المساومة" ليست إلا مصطلحات تعني شيئا واحدا هو "تحريف الديمقراطية نحو الدكتاتورية المقنعة" و البدء بتقاسم السلطة على طريقة العصابات، و من المشين حقا أن نرى حزبا عريقا و ذي تضحيات ـ كحزب الدعوة ـ الذي ينتمي إليه السيد رئيس الوزراء، أن نراه يشترك في هذه التحالفات التي لا تتناسب مع مواقفه الوطنية و الإنسانية إلى جانب الشعب العراقي، من هنا فنحن ندعوهم إلى التخلي عن هذه اللغة و الانغماس في الديمقراطية القائمة على حكم الأكثرية و حفظ الحقوق للأقليات عبر النظام الدستوري الذي كفل من خلال حقوق الفرد و حريته، حقوق و حرية كل طبقات المجتمع و ثقافاته، و إذا كان طرف من الأطراف غير مقتنع بالاندماج مع الثقافة الديمقراطية العراقية فإن على الدولة العراقية التعجيل بإعطائهم "الاستقلال" الكامل و تركهم يواجهون عواقب قراراتهم تلك، فليس من المناسب أن يستمر المواطن العراقي ينزف و يعاني بسبب أحزاب قومية و طائفية غير ديمقراطية "وراثية".
إن التوافق كمصطلح سياسي هو أشبه بـ"طبخة" يعدها رؤساء الكتل السياسية لتصبح أمرا مفروضا بالإكـــــــراه على نواب الشعب المنتخبين و الذين تم تعطيلهم عبر مؤامرة "مجلس الأمن الوطني" اللا قانوني و المعادي لرأي الشعب و انتخابه، بمعنى أن الانتخاب صار حبرا على ورق و ما حسبناه انتخابا و اختيارا شعبيا صار دكتاتورية "نـُخب" تفرض إرادتها على الناس بالرضا أو الإكراه، إذا للخروج من هذا المأزق السياسي الخطير و الذي يهدد بتدمير العملية السياسية بالكامل، لا بد من الشروع في العمل على أن تحكم الأكثرية مع الحفاظ على الحق المقدس للفرد "المواطن" و عدم الاعتراف بأي دور سياسي للطائفية أو العرق حيث أن الطقوس و الشعائر و العادات و التقاليد الدينية و القومية يتم صيانتها من خلال حقوق الفرد وحده و حريته في التعبير عن الرأي و الموقف، فطالما بحثنا عن حقوق القطيع الطائفي و القومي فإننا سنستمر في حلقة مفرغة من الأزمات و المناطق و السلطات "المتنازعة" التي لن تزيدنا إلا حربا و دمارا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة: مدينة منكوبة تاريخها عريق ومستقبلها غامض


.. ما أهم ردود الفعل في إسرائيل على خطاب حسن نصر الله وتهديداته




.. الولايات المتحدة.. بائعة قهوة تلقن زبونا درسا قاسيا! • فرانس


.. ممثلو الأحزاب الفرنسية يعرضون برامجهم أمام جمعية -أرباب العم




.. مراسلنا: قوة خاصة إسرائيلية تقتحم جنين وسط اشتباكات مع فلسطي