الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من نواجه في كركوك؟

سردار عبدالله

2004 / 1 / 31
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


  من البديهي ان الدخول في اية مواجهة – صغيرة كانت ام كبيرة – يحتاج الى توفر العديد من الأمور والمستلزمات ، ولكن يظل الشرط الأساسي للخوض في مواجهة ما ، هو التحلي بقدر غير قليل من الشجاعة .. على ان اصعب انواع المواجهة هي مواجهة الذات ،التي تحتاج الى صدق اسطوري وشجاعة خارقة . فمن الممكن ان نتوهم احيانا مواجهات مع ذاتنا ونكون بذلك نخدع انفسنا قبل ان نخدع الآخرين . ان هذا النوع من المواجهة هو اكثر الأنواع ألما ، لذلك لا يقدرعليه إلا الذين يتحلون بشجاعة خارقة وقدرة اسطورية على تحمل الآلام ، ومن ثم تحمل المسؤولية.

                 تشكل (معركة) كركوك الإمتحان الأكبر لكل العراقيين وبالأخص أبناء المحافظة أنفسهم ، وعلى نتائج هذا الإمتحان المصيري يتوقف مصير كثير من الأمور التي تخص مستقبل البلد والمنطقة برمتها .. في هذه (المعركة) التي اشتعلت نيرانها في وقت مبكر جدا ، تخندق الجميع وتمترسوا خلف عقائدهم الأيديولوجية المتزمتة التي منحوها نوعا من القدسية الدينية ، وهو ما أدى الى خلق حالة سوء فهم أدت بدورها الى خلق نوع خطر من انواع سوء الظن والتشكك . الكل خائف من الكل .. والكل يعتقد بأن الآخر يخبيء له اخطر انواع الخطط والأسلحة ، ولا تتعدى هذه التصوارات حدود الأوهام التي لا اساس لها ، فلو تسنى للكل الخروج من خنادقهم والإلتقاء ولو للحظات على ارض منبسطة مكشوفة ، لزالت العديد من هذه الشكوك والظنون ، إذ ان الكل سوف يتعرف على ما يخبأه له الآخر .. ان الوصول الى هذه الحالة يتطلب قدرا هائلا من التحلي بالمسؤولية والشفافية والصراحة والوضوح . ولا يمكن ان يتحقق هذا إلا من خلال خلق وإبداع آليات حقيقية وفاعلة للحوار ، حوار الكل مع الكل ، ولكن يجب ان لا ننسى بأن المرحلة الأولى للحوار تبدأ من حوارنا الصادق والجريء مع أنفسنا أولا ، لكي نستطيع الدخول في حوار مع الآخر، علينا أولا ان نرى أخطاءنا وممارساتنا وعقلياتنا المتزمتة التي لا تخدم أحدا غير أعداء العراق والعراقيين . علينا ان نشخص هذه الأخطاء ونحاول تداركها وتصحيحها قبل ان يواجهنا بها الآخر ، مما قد يدفعنا – لا سمح الله – الى التمسك بها والدفاع عنها بروح متزمتة ، والتخندق اكثر فأكثر في قواقعنا الوهمية التي لا تستطيع ان تحمينا من عوادي الدهر ومفاجآته .

             صحيح ان إعلام القومانيين العرب وفضائياتهم وكتابهم يتجاوزون كثيرا على الحقائق ويتهمون أبناء كركوك ، ولا سيما الأحزاب الكردية بممارسة العديد من الأخطاء والتجاوزات ، صحيح ايضا ان اكثر هذه الأتهامات باطلة ولا اساس لها من الصحة ، او على الأقل تشوبها مبالغات فاضحة ، ولكن هذا لا يعني ان ابناء كركوك بما فيهم الأحزاب الكردية لم يرتكبوا اية أخطاء ، او لم يقم أناس بأرتكاب تجاوزات – طبعا من كل الطوائف – فالبشر خطاءون ومن الطبيعي ان نخطأ ، ولكن ليس من الطبيعي ان تدفعنا ارتكاب مثل هذه الأخطاء ان وجدت الى التمترس والتخندق ، بل على العكس من ذلك نحن بحاجة الى ان نواجه بعضنا البعض وبروح اخوية وصراحة وشفافية، بهذه الأخطاء وأن نحاول معالجتها قبل ان تتطور .. ولكن نحن نحتاج الى شجاعة غير عادية لكي نقبل مواجهتنا بهذه الأخطاء من قبل الآخرين ، وعليه فمن الأفضل ان نواجه انفسنا قبل الإستعداد لمواجهة الآخرين ، او حتى قبل ان يواجهنا الآخرون بأخطاءنا . هذا الكلام يسري على الكل ولا يستطيع أي كان إستثناء نفسه تحت أية ذريعة كانت . ويظل الخطأ القاتل على خلفية هذا المشهد المعقد هو محاولة إقصاء الآخرين ، او عزل او تهميش أية جماعة او فئة . ولا يشكل إنعزال البعض عن المحيط الطبيعي لكركوك وابناءه ، والمحيط العراقي بصورة عامة ، إلا محاولة إنتحارية ، إذا لم تقتل فإنها على العكس لن تؤدي إلا الى مزيد من العزلة والتهميش .. إذن نحن بحاجة الى الشجاعة لقبول بعضنا البعض ، ونحن بحاجة الى الشجاعة لمواجهة بعضنا البعض بروح أخوية ، ولكن تظل الخطوة الأولى التي لا بد منها ، هي البدء في مواجهة أنفسنا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هي الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالتوحد؟ • فرانس 24


.. مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح: هناك تعمد باستهدافي و




.. الشرطة الفرنسية تدخل جامعة -سيانس بو- بباريس لفض اعتصام مؤيد


.. موت أسيرين فلسطينيين اثنين في سجون إسرائيل أحدهما طبيب بارز




.. رغم نفي إسرائيل.. خبير أسلحة يبت رأيه بنوع الذخيرة المستخدمة