الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حماس والأفلاس السياسي

محمد زكريا السقال

2008 / 8 / 4
القضية الفلسطينية


لا ينفك الصراع المسلح ينفجر بالأراضي الفلسطينية المحتلة ، ولايزال طرفي الصراع يجثمون على صدر الشعب الفلسطيني وينغصون أمنه ، إلى جانب الآلة الصهيونية التي تعيد كل تدريباتها وتجارب قوة سلاحها بالشعب الفلسطيني ، وبهذا لا يمكن فهم هذا الانفلات والتسيب الأمني ، إلا بخدمة الاحتلال وأهدافه ، حيث لم يعد مقنعا استمرار هذا الصراع ، للشعب الفلسطيني وبشكل أساسي باعتباره المتضرر الأول من هكذا رعونة وحماقة يمارسها طرفي الصراع .
نفهم حالة الفساد التي تعيشها السلطة الفلسطينية ، ونفهم رخاوتها وانصياعها لمفاوضات غير مجدية ، وعملت على شق الساحة الفلسطينية ، وحملتها أعباء كبيرة من حصار وتدمير واغتيالات واقتلاع أشجار واعتقالات ، إلا أنه أيضا يمكن التأكيد على أن الفلسطينيون مستفردون وظهرهم للحائط والنظام العربي يطالب السلطة الفلسطينية بتنازلات أكثر ، بل أن مجمل النظام العربي يحلمون أن يستيقظوا ويكون الاحتلال قد أجهز عليهم ، حيث تشكل القضية الفلسطينية الفضيحة والوصمة التي تعتلي جبينهم ، رغم انعدام الحياء والخجل لديهم ، فهذا ليس هاجسهم ، بقدر ما تشكل هذه القضية عامل زلزال لكراسيهم وعروشهم طال الوقت أم قصر وبهذه الحالة ، يكون أبو مازن احد الواهمين ، وقد نجرؤا ونقول المستفيدين من هذه السياسة حيث يدرك تماما أنه يلعب دورا جوهره أرضاء النظام العربي الفاسد والمنبطح لعل وعسى أن ينجز مخترة أو بلدية وقد تكون تابعة أداريا للأحتلال ، يدرك أبو مازن وبدقة أن لا مجال لدولة فلسطينية ذات سيادة وعاصمتها القدس ، وليس هناك تفكيك للمستوطنات ، ولا حقوق للاجئين وخاصة حق العودة ، يدرك أبو مازن هذا جيدا ولكن مأساته ، وهي مأساة كل النظم العربية أنها لا تصارح شعوبها ، ولا تتصالح معها أيضا ، وهذه المأساة لا يمكن غفرانها والصمت عليها ، إلا أن الاحتجاج والتصدي لهذا المنطق ليس بالتأكيد على طريقة حماس المدانة والغير مبررة والتي تشكل خطرا لا يمكن الصمت عليه مطلقا .
لماذا لا يمكن الصمت على هذه الممارسة وهذا التطرف لدى حماس ، ألا يجب أن تقنعنا حماس بوطنية برنامجها أولا ، هل يكفي أن تعلن حماس الجهاد كي نركع أمامها ، أليس من المنطق أن يكون هذا البرنامج وطني وديمقراطي أيضا ، وهذا يعني أن يشمل كل شرائح وفئات المجتمع بما فيهم مذاهبهم وعقائدهم ، وهذا لن يكون دون كف يد الدين عن التدخل بالسياسة ، وهذه مسلمة يجب على الإسلاميين أن يدركوها أولا ولا يترددوا عن الوقوف أمامها ففلسطين بلد عربي لكل الأديان وعليه يجب أن يسودها دستور علماني يحترم الدين ويبجله ولكن لا يسيده فكلنا أبناء هذا الوطن وحقوقنا متساوية تتميز بانتمائنا إليه والتفاني بتطويره وتنميته ، وكل قضية خارج هذا الأناء الذي يتسع للجمع هي هراء وخارج العصر و تنتج إلا الفتن المذهبية البغيضة .
ثانيا تعلن حماس تحرير فلسطين كاملة ، وللأمانة أنا لست ضد هذا ولكن هذا يحتاج لكثير من العوامل والظروف ، بمعنى أخر نحن بحاجة لميزان قوى عربي وهذا لن يتحقق بظل هذا النظام الفاسد ، وحماس تدرك ذلك ، بدليل أنها تمارس ديماغوجية عالية ولكن مكشوفة ، فهي تفاوض بالواسطة وتتنازل بالواسطة وبهذا تكون حماس كمن يضحك على نفسه قبل أن يضحك على الآخرين ، وحيث أن الشعب الفلسطيني يدفع ثمن هذا العبث بالسياسة دم وجوع وقهر وحصار وقصف وتدمير ، تكون القصة مع حماس أكثر مأساوية ، وتدلل على أنها لا تختلف عن فتح كثيرا ولا عن أي سلطة استبدادية ، يكون الهدف هو السلطة وتكون الانتخابات هي وسيلة للاستيلاء على السلطة ، وهذا مؤشر خطير لممارسة الديمقراطية وخاصة من الإسلاميين الذين يوهموننا بقبولهم للأخر وللعملية الديمقراطية ، حيث لا يعني مطلقا الفوز بالعملية الانتخابية خضوع الأطراف الأخرى مطلقا ، بل على العكس يمكن أن تشن هجومها عليك بعد فوزك مباشرة ولكنها لا تحسم الصراع على طريقة حماس ، بل بصندوق الاقتراع الذي كان يمكن اللجوؤ إليه دائما ولا ضير من أسقاط كل الهرطقيات بصندوق الاقتراع ، حيث أنه حالة صحية وجيدة من خلال أشراكها الجماهير والشعب بقضية الحسم ، ناهيك عن تصليب عود الشعب لمعرفة المسار الذي تسير به القضية والطرق التي تسلكها
أما أن تشن حماس الغارة تلو الغارة مستهدفة كوادر فتح ومناضليها فهذه حماقة سافرة ونهج لا يمكن الاطمئنان له ، خاصة أن بيانات حماس أصبحت تتكلم عن مربعات أمنية ، وهذا يؤكد صيغة التطهير التي تمارسها حماس بغزة وهي صيغة بشعة وبغيضة .
ما الذي يمكن عمله لهذا الشعب أمام هكذا واقع بائس ، كيف يمكن حماية هذا الشعب ، كنا دائما نطالب بدعم الشعب الفلسطيني ، اليوم نطالب بحمايته وممن من نفسه ، وما أخطر أن يقع الإنسان بعدائه لنفسه ، فالصراع الداخلي هو عداء الشعب لنفسه ، وعندما تقع هكذا صراعات فسأل عن التدخلات الخارجية دولية كانت أم أقليمة ، وبهذا تكون الدماء والتضحيات المنذورة للتحرير والسيادة والاستقلال ، ثمنا بخسا لحماية أنظمة وبرامج ومخططات بعيدة كل البعد عن القضية ومستقبلها وثوابتها .
ولهذا ليس هناك ما نضيفه ، فالواقع الذي لدينا يجعلنا نتوجه للشعب صاحب المصلحة الرئيسية بالوحدة الوطنية ، فبعد أن أفلس الجميع يسارا ويمينا ووسطا ليس هناك من حل سوى الانتفاض على هذه القيادة ، والدفع بقيادة وطنية تعي تماما الظروف التي تمر بها القضية الفلسطينية فتتمسك بثوابتها بالأسنان وهي واضحة مرحليا دولة فلسطينية ذات سيادة وعاصمتها القدس وتفكيك المستوطنات وعودة اللاجئين لديارهم ، هذه الثوابت التي لن تتحقق بهذه الظروف ولكنها صالحة لخوض نضال سياسي مقبول عالميا ويمكن التحدث به من على كل المنابر ، وبنفس الوقت انتظار ظروف استنهاض عربي على أنقاض هذا النظام العربي الفاسد ، ليس هناك من حلول وليس هناك من معجزات نضال سياسي بمطالب واضحة ومقبولة عالميا ، وغير مقبولة أسرائليا ، إلا أنها تلزم العالم بحماية الشعب الفلسطيني وتقدم قضيته بخطاب مقبول ، ريثما ينضج وينهض العرب ويتحرروا من ربقة هذا الاستبداد الذي يغطي المنطقة بالسواد ، لا خيار سوى عروبة فلسطين ومشروع عربي لتحرير فلسطين ، ولكن بكلفة أقل وطريق واضح .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السفينة -بيليم- حاملة الشعلة الأولمبية تقترب من شواطئ مرسيلي


.. بوتين يأمر بإجراء مناورات نووية ردا على احتمال إرسال -جنود م




.. السيارات الكهربائية : حرب تجارية بين الصين و أوروبا.. لكن هل


.. ماذا رشح عن اجتماع رئيسة المفوضية الأوروبية مع الرئيسين الصي




.. جاءه الرد سريعًا.. شاهد رجلا يصوب مسدسه تجاه قس داخل كنيسة و