الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسكينة يا هالقضية

خالد منصور
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني

2008 / 8 / 4
القضية الفلسطينية


كنت في طريقي الى رام الله لحضور اجتماع طارئ للمكتب السياسي لحزبنا الذي انا عضو فيه.. كان الحر شديد والركاب يخيم عليهم صمت رهيب، وفجاة جاءني اتصال عبر الجوال من رفيق لي من غزة، ليسالني عما يجري في الضفة من احداث، ويستفسر عن امكانية القيام بتحركات شعبية، رفضا لما يجري من مساس خطير بالحقوق الاساسية للانسان في غزة.. وطلب مني ذلك الرفيق ان انقل لقيادة حزبنا رسالة قوية-- مفادها ان الاوضاع في غزة لم تعد تطاق ولا بد من فعل شيئ كبير وعلى وجه السرعة-- فاجبته بان الاوضاع في كل مكان سيئة وهي تسوء اكثر فاكثر، وان الاجواء حتى عندنا في الضفة لا تبشر بالخير، ووعدته ان ابذل ما استطيع لاتخاذ قرار بالتحضير مع القوى والمؤسسات لنشاط جماهيري كبير، يحرك الشارع الفلسطيني، ويخرج الناس من صمتهم ومن حالة الذهول التي يعيشون.
وبعد انهاء المكالمة نظر السائق اليّ بالمراة وقال لي: يبدو انك يا عمي تعمل بالسياسة، فاجبته: نعم لسوء حظي انا اعمل بالسياسة منذ اكثر من ثلاثة عقود، فاستاذنني بالسؤال، فقلت له: تفضل، فقال بعد ان اخرج اه كبيرة من قلبه: الا تعتقد انه قد فات الاوان على تحرككم..؟؟ وان الامور قد وصلت الى حافة الهاوية..؟؟ فقلت له مستجمعا كل قواي: نعم لقد وصلت الامور الى حافة الهاوية.. ولكنها لم تسقط بعد في الهاوية، ولذلك علينا بذل كل ما نستطيع-- قوى وشخصيات ومؤسسات واتحادات وجمهور عام، وكل من له مصلحة في خلاص الوطن من محنته.. علينا ان نتحرك الان، وان نخرج الى الشوارع لندافع عن مشروعنا الوطني، وعن قضيتنا التي هي الان في مهب الريح.. فليس الخطر الاكبر هو ما يتهدد الوحدة الوطنية او الوحدة الجغرافية-- رغم اهمية وضرورة اعادة بناؤهما وترسيخهما.. بل ان الخطر الاكبر الان هو ما يتهدد مجمل مشروعنا الوطني التحرري الذي علينا حمايته من الانهيار والضياع، انهما حاضرنا ومستقبلنا اللذان يجب ان ندافع عنهما.
قال لي السائق: يا عمي قضيتنا تعرضت لمذابح وجرائم كبيرة على ايدي اعدائنا، لكننا صمدنا وكافحنا حتى استطعنا ان نوقفها على ارجلها، لكن قضيتنا اليوم تتعرض للتصفية على ايدينا، فنحن من نريق دماء بعضنا، ونحن من نمزق وحدة الوطن، ونحن من استبدلنا عدونا الخارجي بعدو من بيننا، ونحن من ارسلنا رسالة للعالم باننا لا نستطيع حكم انفسنا بانفسنا.
دخلنا مدينة رام الله وكنا مازلنا نتحدث انا والسائق، فلاحظت على الطريق ازمة سير خانقة، وكانت المركبات امامنا تتوقف للحظات وتعاود بعدها السير ببطئ شديد، فسالت السائق: ما الذي يجري..؟؟ فقال لي: انها اجراءات امن تقوم بها اجهزة سلطتنا الامنية.. عندها تحدث احد الركاب بنبرة تهكمية ( شعرت انها موجهة لي ) وقال لي: انتم السياسيون هنا تنتقدون دوما ما يجري في غزة من انتهاكات.. وهذا مفهوم.. ولكن هل انت مستعد لادانة الاجواء البوليسية والتعديات على حقوق الانسان التي تحصل في الضفة..؟؟ فقلت له بانني مستعد ان ادين ذلك بل وان اخرج في الشوارع لاشارك في تظاهرات وفعاليات تطالب باحترام حقوق الانسان، وتدعو للالتزام باسس النظام السياسي الديمقراطي-- الذي يحفظ للشعب حرياته العامة والخاصة ويمنحه رزمة كبيرة من الحقوق ويصون له كرامته الشخصية والوطنية..
نزلت من السيارة في المكان الذي اريد، وسرت في الشارع افكر بالجملة التي قالها لي ذلك السائق ( مسكينة يا هالقضية )، واحسست بشحنة عظيمة من الحزن على نفسي-- وانا الذي افنيت اكثر من ثلاثة عقود في العمل من اجل الوطن-- وعلى شعبي الذي مازال يكابد ويصارع منذ عشرات العقود، ليحقق حلمه في الخلاص النهائي من كابوس الاحتلال والصهيونية.. وفي لحظة سوداء من التاريخ يشاهد هذا الشعب حلمه وهو ينهار، ويعيش اللحظة التي تذبح بها قضيته من الوريد الى الوريد-- لا بايدي اعدائه الذين لم يستطيعوا القضاء عليه رغم استخدامهم كل ما في جعبتهم من اساليب بربرية.. بل بايدي ابنائه انفسهم.. وسالت نفسي عندها: لماذا وعلى ماذا يتصارع الاخوان..؟؟ وكانت الاجابة المنطقية الحاضرة-- ان كلا من المشروع الوطني الذي يحمله الرئيس ابو مازن باسم التيار الوطني الديمقراطي الفلسطيني، والمشروع البديل الاخر الذي تحمله حركة حماس-- قد وصلا الى طريق مسدود، فمفاوضات ابو مازن وصلت الى طريق مسدود، ولم تفضي الى تحقيق اي انجاز ملموس، وكذلك فان مشروع حركة حماس هو ايضا وصل الى نهايته بتوقيع اتفاق التهدئة ( سلام وتموين لغزة مقابل سلام لاسرائيل).. وهذا يعني ان كلا الطرفين المتصارعين هما الان في حالة ازمة، وعاجزان عن تحقيق اي من الاهداف الرئيسية لشعبهما، فلا ابو مازن يفاوض الان.. ولا حماس كذلك تقاوم.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أنا لست إنترنت.. لن أستطيع الإجابة عن كل أسئلتكم-.. #بوتين


.. الجيش الإسرائيلي يكثف ضغطه العسكري على جباليا في شمال القطاع




.. البيت الأبيض: مستشار الأمن القومي جيك سوليفان يزور السعودية


.. غانتس: من يعرقل مفاوضات التهدئة هو السنوار| #عاجل




.. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام مح