الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قانون الإستثمار العراقي بين الواقع والطموح

محمد قاسم الصالحي

2008 / 8 / 4
الادارة و الاقتصاد


رغم إن عملية الإستثمار تؤدي الى خلق وسائل إنتاج جديدة وكذلك تطوير ماهو قائم من هذه الوسائل من خلال إدخال التكنولوجيا الحديثة التي تساهم برفع الطاقة الإنتاجية ومن ثم دعم النمو الإقتصادي ورفع القيمة المضافة وخلق فرص جديدة للتوظيف , إلا إن النظام السابق كان ينظر الى مفهوم الإستثمار بعين الريبة والحذر إن لم يكن ينظر إليه على إنه إختراق للصف الوطني وتكريس للمفاهيم الإستعمارية, إلا إنه ورغم ذلك فقد نحى في الأيام الأخيرة من حكمه الى إصدار قانون الإستثمار العراقي رقم 62 لعام 2002 والذي يهدف إلى تشجيع حركة الاستثمارات العربية للإسهام في عملية التنمية الاقتصادية. ويعد هذا القانون إعترافا متأخرا وخجولا بأهمية الإستثمار في العراق من خلال إتاحتة الفرصة لرأس المال العربي للولوج في أغلب القطاعات بما فيها القطاع المصرفي, مع ذلك بدا التردد وعدم جدية التشريع واضحا فرغم إن المستثمر العربي كان هو المقصود المعلن إلا إن الإمتيازات والحوافز التي حددها له هذا القانون مقارنة بالضمانات قد بقيت محدودة ومتواضعة ولاترقى الى حد الإغراء إذا ماقورنت بتلك التي أقرها قانون الإستثمار رقم 13 لعام 2006 , مع الإشارة الى إن القانون الأول إبتعد الى ماوراء القطاع السلعي ليشمل قطاع المصارف والبنوك التي تلعب دورا مهما في عملية التنمية وهذا مالم يتضمنه القانون الثاني الذي سمح لشركات التأمين الأجنبية التواجد فقط في العراق دون الاستثمار في قطاع التأمين العراقي . ومن جهة أخرى فقد إلتقى القانونين في إستثناء القطاع النفطي من المجالات الإستثمارية.

كما يجدر الإشارة الى إن تحريم تأميم المشاريع الإستثمارية الذي أشار إليه قانون رقم 4 لعام 2006 لإقليم كردستان , وكذلك عدم شمول المشاريع الإستثمارية بأي إجراء قانوني يؤدي الى حرمان المستثمرمن ملكية رأس ماله كلا أو جزءأ في أي حال من الأحوال والمذكورة في قانون رقم 62 لعام 2002 , هذا النوع من الضمانات غير واضحة المعالم في قانون الاستثمار رقم 13 لعام 2006 الذي نحن بصدده الآن خاصة مع وجود عبارة إستثناء ألحقت بهكذا ضمانات كما في الفقرة 3 من المادة 12 التي تعطي القضاء العراقي حق البت في أحكام المصادرة والتأميم , ومع غياب التحكيم العالمي فهذا الأمر سوف يضعف من قدرة الهيئة الوطنية للإستثمار أو فروعها في المحافظات على الترويج للفرص الإستثمارية المتاحة الى المستثمرين في الخارج وأيضا إبقاء المخاوف قائمة في طريق النهوض بالقطاع الخاص المحلي . وبالتالي فرغم الحوافز المغرية والإمتيازات الكبيرة إلا إن الضمانات المقدمة تبقى قلقة مالم يقترن هذا الإستثناء بالتحكيم الدولي لكي لا يشعرالمستثمر الأجنبي أو الوطني بإحتمالية الوقوع تحت مطرقة التأثيرات السياسية للاحزاب النافذة القادرة على تحريك القضاء العراقي بطريقة أو بأخرى , خاصة مع إنتفاء فرصتة في الإستعانة بالجهات التحكيمية العالمية المحايدة.
كما إن قانون رقم 13 لعام 2006 لم يتطرق وبشكل مباشر الى أهمية رأس المال العراقي المهاجر ودوره في إعادة بناء وترميم القطاع الخاص المحلي بل وفي جذب رأس المال الأجنبي إذا ما أعطي الفرصة لكسر الحواجز النفسية التي خلفها الإعلام الإقليمي والعالمي في نفوس المستثمرين غير العراقيين.
من جانب آخر فإن مسألة الإيجار القابل للتجديد والتمديد الذي تبناه القانون قد يخلق عزوفا لدى المستثمرين عن قطاعات معينة كالإسكان مثلا , التي تشكل فيها قيمة الأرض غطاء للإقتراض من البنوك , وبالتالي فإن السماح للمستثمر الأجنبي إمتلاك الأرض بالشراكة مع المستثمر الوطني قد يساعد الهجرة المعاكسة التي تساهم في عودة رؤوس الأموال العراقية المهاجرة خارج العراق وفي نفس الوقت تجنب الإقصاء (الضمني) لقطاعات مهمة كالإسكان والبناء من المجالات الإستثمارية.
ومع الوضع الأمني الذي لانحسد عليه فيما لو قورن بأوضاع الدول العربية والإقليمية فماعدا التعهدات الشخصية التي جسدها تصريح هذا الوزير أو ذاك بتوفير الحماية للمشاريع الإستثمارية , فإن قانون الإستثمار لم ينص صراحة على ضمانات أمنية واضحة كتأسيس تشكيلات أمنية ذو ثقافة إقتصادية تناط بها مسؤولية توفير الحماية الأمنية للمشاريع الإستثمارية في العراق.

أخيرا وليس آخرا .. مع وجود جدوى إقتصادية للفرص الإستثمارية في معظم القطاعات والتي قد تجذب رؤوس الأموال من موطنها الأصلي الى العراق إلا إن تلك الجدوى تبقى غير ذي جدوى إن لم يتم العمل على خلق بيئة إستثمارية صالحة لجذب الإستثمارات في العراق, فبالإضافة الى مايتمتع به العراق من موارد طبيعية وبشرية وسوق محلية للتصريف وغيره إلا إن للتشريع أثر كبير في تنظيم الحياة الإقتصادية وخاصة تلك المتعلقة بالإستثمار منها ماتطرقنا إليها آنفا والأخرى تشريعات جديدة لقانون الشركات وقانون الضمان وقانون الضرائب فضلا عن زيادة المبالغ المخصصة لتطوير البنى التحتية العراقية في الميزانيات القادمة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 10-5-2024 بالصاغة بعد


.. خبراء: الحكومة الفلسطينية الجديدة تواجه أزمة اقتصادية متراكم




.. ما تداعيات تهديد بايدن بوقف صادرات الأسلحة إلى إسرائيل على ع


.. الحرب على قطاع غزة تدفع إسرائيل لزيادة الضرائب على مواطنيها




.. «فريزونر» تنظم مؤتمر -الاستثمار في المثلث الذهبي- لمناقشة فر