الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عملية خاصة

مفيد دويكات

2008 / 8 / 4
الادب والفن



بوغتنا بوجودهم وراء المنعطف مباشرة
كانوا يحيطون الشارع بثلاث سيارت جيب عسكرية
واثنتان لحرس الحدود
وثالثة هي سيارة تكسي بيضاء في سقفها هوائي
مما يدل على أنها سيارة استخبارات !
.............
بالطبع لم نكن سعداء بهذه المفاجأة
وكان الحاج هو أول من عبر عن خوفه إذ هتف
_ الله يستر
فيما علق الدكتور فرح قائلا :
_ حاجز طيارهذا!
غادة تمتمت ببعض الادعية
فيما كانت قدمي ترتعش على دعسة الكوابح !!
................
وقف
كانوا يصرخون وهم يسددون أسلحتهم نحونا
كانوا يصيحون بنا من كل صوب
بينما كانت السيارة متوقفة بالفعل !
.................
طلبوا منا النزول رافعي الأيدي والقمصان والفانيلات
ثم الدوران حول النفس ليتمكن الفاحص من رؤيتنا بالكامل
وشعرنا بارتياح أنهم لم يطلبوا من البنت فعل ذلك
بل اكتفوا بالطلب منها ان تفتح ابواب الجلباب
وتدور حول نفسها وهي رافعة ليديها
كانت خجلة جدا
لكن الحاج شجعها على الإحتمال
.............
كم تعرضت لمثل هذا الموقف طوال ايام الانتفاضة
الا انني لم اشعر بخطر على الحياة كما شعرت انذاك
حتى يد المفتش بدت لي ثقيلة جدا وهي تمر بقسوة
على أطراف جسمي !!
................
حتى الآن نحن في أمر عادي!
.................................
بدأت رحلة المصاعب حين طلبوا منا نزع الملابس
والبقاء بآخر قطعة منها
لم يكن هناك مجال للجدال
فالسلاح متوتر بإيديهم
والشرر يتقادح من عيوهم
تلك المطلة من وراء البويا السوداء
تدخل أحد الضابط
وهوالذي سمح لنا الإبقاء على الفانيلات
والأكتفاء بخلع جلباب غادة ومنديلها
هون ذلك علينا
أبقى ردة فعلنا في إطار الهدوء
لكن مشكلة خطيرة برزت مع ربطة عنق الدكتور
تلك التي توانى في حلها
فكاد يقتل بسبب ذلك
..........
كانت ملابسنا مكومة على مقدمة البيجو
طلب منا الضابط الدخول إلى الكرم المجاور
وكان منظرنا عجيبا ونحن نتقافز بملابس داخلية بيضاء فوق السلسال
في جو بارد تلبدت سماؤه بالغيوم
داخلين بين عشرات من أغراس الزيتون
وحين أصبحنا على بعد عشرة أمتار من الطريق
طلبوا منا الجلوس والإنتظار
...............
أكبر احتمال دار برأسي ساعئذ أنهم سيطلقون النار علينا هناك
..............
وما هي إلا دقائق حتى أصبح قمباز الحاج وكوفيته على جسم جندي
و بذلة الدكتور وربطة عنقه على جسم جندي آخر
وأما ملابسي فقد ظهرت على جسم جندي نحيل !!
وأتى من داخل سيارة التاكسي رجل مخابرات
بملابس مدنية
ارتدى جلباب غادة ومنديلها على عجل
ومن ثم دسوا انفسهم في سيارتنا
تلك التي انطلقت بكل غباء
لتلحق بها بقية سيارات الكمين!
.......................
كان واضحا أنهم متوجهون للقيام بعملية
يسمونها عادة بالعملية الخاصة
...............
_قلت لكم الأوضاع متوترة نؤجل الزيارة
قلتم عيب!!
اقبضوا انتظار!
قال الدكتور ذالك وهو يجلس القرفصاء
كان يحاول الأحتماء من الهواء خلف حجر كالقبر
وكان يغطي ما فوق نهديه بكفيه اتقاء للسعة الهواء الباردة
رد عليه الحاج:
_ بسيطة..الان يعودون !!
وأشار إلى غادة قائلا :
_ كان لازم ترافقينا؟؟
أكثر ماخفت يوخذوا ملابسها !
..............
حدث ذلك ثاني ايام عيد الضحى
كنا في الطريق لزيارة فدوى في رام الله
حيث كنا عادة ما نؤجل زيارتها لليوم الثاني بسبب بعد الطريق
..............
لم يكف الدكتور عن نصحنا باتقاء الهواء البارد
والجلوس للحماية منه خلف السلاسل والصخور
............
على الشارع العام كانت حركة سير شبه معدومة
لا شيء يتحرك سوى قوافلهم
وسيارات المستوطنين!
.............
مشكلة أخرى ظهرت حين أتت سيارة دورية أخرى
وتوقفت على بعد امتار منا
وتقافز الجنود من داخلها
اتخذوا من حوافي الطريق متاريس لهم
وكالعادة خاطبونا عبر سماعة يدوية
وكالعادة
قفوا وارفعوا اياديكم والفانيلات إلى اعلى
فتوقفنا
ولما ترددت البنت بذلك صاحوا بها انت ايضا
تعال انت ختيار
كان واضحا انهم يقصدون الحاج
فصعد إلى الطرق وقد نفخ الهواء سروله الطويل
وهو في الطريق إلى بوابة سيارتهم الخلفية
حيث مكمن الضابط والجنود
ولم نكن نسمع ما دار بينهما
لكن الواضح انهم لم يقتنعوا بكلامه
فاستدعونا واحدا إثر آخر.
..............
حين جاء دوري وعرفوا انني كنت السائق
ركزوا علي في التحقيق
وكان الضابط ذا الوجه الأحمر يصيح تعقيبا على كل رد مني:
_ كاذب انت
الجيش لا يأخذ ملابسكم
وبعد اتصال عبر جهاز كان مثبتا على اذنيه
قال :
_كذاب..انصرف !
............
المشكلة انهم أخذوا الجمل بما حمل
فلا بلفونات ولا أوراق ابقوا لنا
والأهم من ذلك
لا سجائر
.............
كانت الساعة الواحدة ظهرا حين بدأت المشكلة
وكان علينا ان نصبر ونحتمل
لا بل صرنا نميل الى زفر حنقنا بنقاشات عادية!!
أقسم الدكتور ان يخبر وكالة الانباء الفرنسية بذلك
فالمراسل صديقه
فضحك الحاج طويلا وقال
انهم قرود غير خائف من بسم الله!!
...........
ثلاث مرات حدث وتوقفت سيارات دورية
وقاموا بنفس الحركات
وأجروا معنا ذات التحقيق
...............
ومرت ساعتان كاملتان حتىعادوا
تهللت وجوهنا حين رأينا البيجو تطل بمقدمتها الزرقاء
ومن خلفها بضع سيارات لهم
لم يعد الجميع
اوقفها الجندي على طرف الشارع
ونزل منها مسرعا
خاطبنا بكلام غير واضح
لكننا فهمنا من حركته
ان خذوها وانصرفوا
...............
عدنا إليها
استخرجنا الملابس
لم تكن ناقصة
إلاّ ربطة عنق الدكتور !!
حتى منديل غادة لم يضع
وحين رفعته عن الكرسي صرخت
كان ملطخا بالدماء
فبدانا التدقيق في الملابس الأخرى
وجدنا خروق رصاص في قمباز الحاج
وعثرنا على ثلاث رصاصات تحت الكرسي
اخترقت زجاج السيارة من الخلف
كذلك وجدنا اثار رصاصة خرقت الخزانة
وكنا نولول لمنظر الدماء والرصاص
إلا ان الحاج طالبنا الاسراع بالذهاب
قبل ان نعلق مرة أخرى!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا