الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل مهمة اليسار الفلسطيني القيام بدور قوات المراقبة الدولية

ابراهيم علاء الدين

2008 / 8 / 4
القضية الفلسطينية


كلما اشتد الصراع وكثرت الفواجع وبات الخطر محدقا ليأكل في طريقه الاخضر واليابس، كلما اشتدت الحاجة الى القائد الموجه والقبطان الذي يقود السفينة الى بر الامان، ويصل بها الى شاطىء الاماني والاهداف.
ومن المعروف في علم السياسة ان المعرفة الكاملة بما يجري في مرحلة ما لا يتكشف منه الا القليل جدا من الحقائق والمعلومات، مما يؤدي الى حدوث البلبة وغياب الرؤية فتصبح الجماهير اسيرة لمن يتمكن من تضليلها باساليب اكثر اقناعا ويجرها الى حيث الكارثة.
ومن هنا تبرز اهمية اليسار الثوري الذي يستند الى قاعدة نظرية فلسفية علمية تمكنه من تحليل وقائع اللحظة ورؤية ما يجري على الارض بوضوح فيحدد وسائل تعامله مع هذا الذي يجري ويقود الجماهير باتجاه مواجهة ما يمثل خطرا على مصالحها ومصالح الوطن.
فأهم صفة في اليسار الثوري هي قدرته على رؤية ما لا يراه الاخرين .
ولماذا اليسار تحديدا هو القادر على هذه الرؤية والجواب ببساطة لانه يمتلك منهج الديالكتيك (الجدلية) الذي وظيفته الاساسية هي تفكيك وتحزئة الحلقات الكبرى واعادة لحمها ببعضها على اساس الروابط المتينة التي ربط بين اجزائها، أي بمعنى اخر ان المنهج الديالكتيكي هو الوحيد القادر على تحليل الوقائع والخروج برؤية واضحة بشانها..
وهذا المنهج يعتبر قاعدة في التعامل مع جميع العلوم (فيزيائية او كيميائية او احياء او رياضيات ) كما انه شرط اساسي للاحزاب اليسارية ودونه تفقد الاحزاب صفتها اليسارية. التي تستند الى العلم والمنظق والقواعد العلمية في تحليل وتفسير الظواهر الاجتماعية.
ولو حاولنا ان نطبق هذه الحقيقة المعرفية البديهية على احزاب اليسار الفلسطيني فهل نجد انها تلتزم بالمنهج الجدلي والمنهج العلمي في تحديد الرؤية ومن ثم الاهداف وتضع البرامج الكفيلة بتحقيق اهدافها؟
استطيع القول ومن خلال متابعة دقيقة ولفترة طويلة ان احزاب اليسار الفلسطيني تفتقد لهذا المنهج والا لما كانت مواقفها ودورها وتاثيرها في الساحة الفلسطينية محدودا وهامشيا الى هذا الحد.
فمرة بعد اخرى وعلى الرغم من المخطط الظلامي الواضح والمكشوف الذي يمارس في عزة ، والذي لا تمثل عمليات القتل والاعتقال والاقصاء السياسي والهيمنة على القطاع باكمله بما في ذلك نزع اسلحة مختلف القوى بما فيها قوى اليسار واغلاق منابرهم الاعلامية وتشدبد الحصار على كافة الاطراف لا يمثل كل ذلك الا حلقة من حلقات المخطط الشامل الرامي الى تعزيز قواعد الامارة الاسلامية في القطاع تمهيدا الى مده ليشمل الاراضي الفلسطينية كلها.
اذا ماذا يتطلب من قوى اليسار امام هذا المشهد الواقعي المكشوف ؟
ان المنهج الذي يتبعه اليسار (كما يفترض) وهو المنهج (الجدلي) يفترض ان يمكنه من ادراك الواقع في تحولاته الموضوعية ، ويمكنه من التفاعل معها بشكل فعال ، وليس ذلك فحسب بل وتحقيق النجاح ايضا ، وممارسة كافة التكتيكات التي تمكنه من توجيه الواقع نحو غاياته الثورية.
فتروتسكي الثوري يرفض مقولة هيغل القائلة "الواقعي هو العقلاني" وقال "ان العقلاني هو الواقعي".
فاين العقلاء في اليسار الفلسطيني، اذا كان هذا اليسار غير قادر على رؤية الواقع والى اين يتجه، بل نراه تائها حائرا دوره مجرد مراقب كمراقبي الامم المتحدة اصحاب القبعات الزرقاء.
ونجد خطابهم قاصر على التنديد والمناشدة ، فهذا حزب الشعب ابرز القوى الثلاث المكونة لليسار الفلسطيني يتعامل مع امراء الظلام في غزة بالقول " يستنكر حزب الشعب الفلسطيني بشدة قيام الاجهزة الامنية التابعة للحكومة المقالة في قطاع غزة باعتقال "فلان وفلان" ويعتبر هذه الحملة طعنة لمبادرة الرئيس عباس وللجهود المصرية والعربية الهادفة الى اطلاق الحوار الوطني الشامل".
اما هذا السلوك والموقف الا نستطيع القول ان حزب الشعب يعاني من عمى الوان، وانه لا يحترم ولا يقدر اهم اساس علمي من مناهج جزب اليسار الثوري ولا تقوم تصوراته ورؤاه على اساس من المنهج العلمي القائم على المنهج الجدلي، فهو لذلك ما زال واهما ان هناك فرصة للحوار الوطني الشامل!!!.
وهكذا الحال مع الجبهة الشعبية التي اعلن مصدر مسؤول فيها ادانة الجبهة للاعتقالات مؤكدا ان سلطتي رام الله وغزة قد تجاوزتا الخطوط الحمر في التطاول على الحريات العامة.
والادهى والأمر ان بيانا للجبهة الشعبية اعتبر ان "عمليات الاستنكار والشجب والادانة باتت غير مجدية"، ودعا الى "الخروج بمسيرات وفعاليات جماهيرية تعبر عن ادانتها ورفضها للاعتقالات".
يا سبحان الله تقول الجبهة في فقرة ان الادانة لم تعد مجدية ثم تطالب بمسيرات وفعاليات للتعبير عن الادانة، بالتأكيد هناك خلل وخلل كبير.
يقول العلم الثوري انه ليس المهم ما يفكر به هذا الثوري او ذاك او حتى ما تتصوره البروليتاريا ككل كهدف لها في وقت ما، المهم كما كتب ماركس " هو ما يضطرها التاريخ ان تصنعه، ان هدفها وعملها التاريخي مرتبطان بشكل نهائي في وضع حياتها نفسه وفي نظام المجتمع البرجوازي المعاصر".
الا يرى اليسار ان القضية الفلسطينية كلها في مهب الريح وان مصير شعب بكل مكوناته ليس فقط البروليتاريا فيه معرض للمجهول، اذن اين الفعل الثوري، وكيف لا تكون صانعة للتاريخ؟.
ان اليسار الثوري الحقيقي يستطيع ان يمارس الحرية والقدرة على الممارسة الفعالة فقط عندما يعي الضرورة الموضوعية التي تسود الواقع، فاذا تحقق له ذلك يستطيع ان يفرض الوحدة بين الفكر والعمل ، بين العقل والارادة بين التفكير والممارسة.
فهل اليسار الفلسطيني يتوفر لديه هذه المقومات؟ ، اشك في ذلك، والا لكان سلوكه ودوره وفعله في مواجهة الاحداث الراهنة في غزة والاحداث السابقة لم يقتصر على دور مراقبي الامم المتحدة.
ومع ذلك وبالرغم من حجم المأساة الفكرية والنظرية والعملية وفقدان الارادة وشيوع الوسطية والاعتدال ومنطق الانفعال وردة الفعل الجوفاء ، فان هناك فرصة امام اليسار اذا توفرت لديه الجدية بالانتقال من وظيفة المراقب الدولي الى ممارسة دوره الفعال في معركة تقرير مصير الشعب الفلسطيني ، وتحقيق اهدافه باقامة دولته المستقلة وان على جزء من اراضي فلسطين.
وهذه الفرصة تنقسم الى جزئين الاول مباشر : وتتمثل بضرورة اقامة اوسع جبهة وطنية مع حركة فتح وغيرها من القوى المؤيدة للشرعية الفلسطينية ، للوقوف بوجة امارة الظلام، وهذا يتطلب على الفور الكف عن وضع حركة فتح وحركة حماس بنفس الكفة وتحميلهما بالتساوي مسؤولية تردي الاوضاع.
اما القسم الاخر وهو متوسط وبعيد المدى ويتمثل بضرورة اجراء مراجعة عميقة وشاملة لكل الموقف السياسي لليسار وتقييمه على اساس النظرة الجدلية للواقع والخروج برؤية جديدة منسجمة مع معطيات الحقيقية على الارض كما هي حتى يتمكن من تغييره.
وبالطبع ان الاطار النظري الناظم للرؤية الفكرية وجانبها العملي (في ميدان السياسة والمجتمع والاقتصاد والحرب والسلام ) لا بد وان تتوفر له الطاقات البشرية التي تمتلك الرؤية وتتولى تنفيذها على الارض.
أي بما يعني ان قوى اليسار الفلسطيني بحاجة الى تنمية مواردها البشرية وتطويرها وتدريبها والارتقاء بها كي تتمكن من حمل هذه المسؤولية الكبرى.
وبدون ذلك سيظل اليسار ليس اكثر من قوات مراقبة دولية.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بوتين ووسائل الإعلام الحكومية الروسية يسخرون من أداء بايدن و


.. الانتخابات الفرنسية.. الطريق إلى البرلمان | #الظهيرة




.. إيران أمام خيارين متعاكسين لمواجهة عاصفة ترامب المقبلة


.. الناخبون في موريتانيا يدلون بأصواتهم في انتخابات الرئاسة | #




.. بعد قصف خيامهم.. عائلات نازحة تضطر للنزوح مجددا من منطقة الم