الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من سيقرر مصير كركوك؟

غازي الجبوري

2008 / 8 / 6
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تبرز اليوم قضية كركوك لتقف عقبة أخرى أمام تشكيل التوافق المنشود بين الكتل السياسية العراقية الرئيسية حيث تمتحن الإرادات والنوايا وحيث لايقبل أي طرف بغير الحلول التي تتفق ورؤيته ومصالحه حتى ولو لم تكن قائمة على الحق والعدل ليس لأهمية المدينة اقتصاديا وجغرافيا فحسب بل لإحساس كل طرف أنها جزء من أرضه القومية أو الوطنية بصرف النظر عن مساحتها وقيمتها وأهميتها ولعدم قبول أي طرف بأي مقترح لايؤدي إلى ضمان وقوع المدينة إن لم يكن المحافظة بأكملها ضمن إقليمه ، مع انعدام وجود حلول وسط فأما أن تكون ضمن هذا الإقليم أو ذاك ولا توجد حالة أخرى سوى إبقاء الوضع على ماهو عليه .
فلا الأكراد يمكن أن يفرطوا بأي شبر منها بإرادتهم ولا العرب والتركمان يفعلون ذلك ولكل منهم تبريراته وحججه القانونية والسياسية .
كيف إذن يمكن أن نحل هذه الإشكالية وفق معايير لايعترض عليها احد من المعنيين المباشرين (الأكراد - التركمان والعرب) في الأقل لأنهم كما قلنا لايرضى أي منهم بأقل من كركوك ؟فضلا على تركيا والإدارة الأميركية . فانضمامها إلى إقليم كردستان يعني أن عراقيتها مؤقتة عاجلا أم آجلا لان استقلال الإقليم وقيام دولة كردية احتمال قائم حتى ولو بعد حين عندما تتوفر الأرضية السياسية المناسبة إقليميا ودوليا ولذلك فان القول بان انضمامها للإقليم الكردي لايخل بعراقيتها أمر غير واقعي بل انه يعرض مصالح القوميات الأخرى للخطر أو القلق في الأقل لأسباب معروفة وسيعني فقدانها وانسلاخها إلى الأبد كما أن انضمامها إلى الإقليم العربي سيعرض مصالح الأكراد لنفس الشيء وهو مايعده طرفا القضية خسارة فادحة لهما لذا فان أي حل لابد أن يتمحور حول انتماء كركوك وان بقائها كما يدعو الكثيرون لجميع العراقيين لايعد حلا بل مجرد تأجيل للحل الحاسم فعند استقلال إقليم كردستان إذا ماحدث ذلك- وقد لايحدث- يجب وضع حدود للدولة الجديدة شئنا أم أبينا ولكن هل سيصبر المعنيون إلى ذلك الحين ؟ الجواب بالتأكيد سيكون بالنفي لان كل منهم يعتقد أن الظروف الحالية قد تكون الأفضل من اللاحقة لتحقيق أهدافه محليا وإقليميا ودوليا.
نخلص من ذلك أن الجولة الحالية ستكون حاسمة في تقرير مصير مدينة الذهب الأسود طالما طفت القضية على السطح الآن ولاسيما بعد تحسن الأوضاع الأمنية في عموم محافظات العراق وسيضع الجميع كل إمكانياتهم في هذه المعركة التي قد تكون حاسمة بنسبة كبيرة...ولكن لصالح من ستنتهي ومن سيقرر ذلك؟هذا هو التساؤل القائم...
إننا نعتقد أن الحل العادل هو الذي يقوم على إجراء استفتاء وفق إحصاء سابق لعام 1968 موثق لدى الأمم المتحدة وغير قابل للتزوير والعبث وإذا ما تقرر ضمها لإقليم كردستان طبقا لهذا الاستفتاء يخير الآخرون بين البقاء فيها أو تركها مع تعويض مناسب وبالعكس ويسري ذلك على جميع أقضية ونواحي وقرى المحافظة فضلا على مركزها بشرط أن تعتمد مناطق السكن وفق لما مثبت في الإحصاء المعتمد أما الحدود الإدارية لإقليم كردستان فتحدد وفقا لمنتصف المسافة الفاصلة بين المناطق ذات الأغلبية الكردية والمناطق ذات الأغلبية العربية والتركمانية وإذا ماكانت هناك إحدى القرى أو النواحي أو الاقضية تضم عدد متساوي من المواطنين من كلا الطرفين أو بفارق قليل فيتم تقسيمها بين الطرفين .أما إذا كان القول الفصل للقوة فإننا نعتقد أن الجهة التي ستقرر ذلك هي القوة التي تمسك بالملفات العراقية الآن والى اجل غير مسمى وهي بالتأكيد ليست المكونات العراقية المعنية بقضية كركوك وإنما هي الجهة التي تمثلها الإدارة الأميركية وقواتها المحتلة في العراق بصرف النظر عما يحدث على مستوى المؤسسات العراقية الرسمية أو على ارض كركوك وما قد يحدث . ولكي نعرف أي الحلول تتفق أو تخدم مصالح تلك الجهة لابد لنا من أن نخمن ولو باحتمال خطا كبير فوائد وأضرار انضمام كركوك إلى أي من الجهتين للجهة التي تمثلها الإدارة الأميركية.
فلو انضمت إلى إقليم كردستان فان تركيا أهم حليفة للإدارة الأميركية في المنطقة ستتضرر مصالحها لأنها ستشكل سابقة سياسية وقانونية تضع تركيا في موقف حرج وهو مالا ترغب به أميركا بدليل أنها تصنف مقاتلي حزب العمال الكردستاني (أكراد تركيا) من التنظيمات المسلحة المحظورة دوليا وهو مالم تفعله مع أكراد العراق أو دول المنطقة الأخرى ناهيك على قلقها على مصالح تركمان العراق . ولو انضمت إلى الإقليم الآخر فان غضب الأكراد لايشكل مشكلة للإدارة الأميركية بقدر ما يشكله غضب تركيا العضوة في حلفي بغداد والأطلسي برغم المصالح المشتركة والخدمات المتبادلة بين القيادات الكردية العراقية والإدارة الأميركية وفي كل الأحوال فلن يكون نفط كركوك بعيدا عن أميركا بصرف النظر عن الإقليم الذي ستلتحق به على قول هارون الرشيد عندما نظر إلى السماء فوجد سحابه ثم قال لها " شرقي غربي فأي الأماكن تمطريها سوف يأتيني خراجك !!!". وهو مايعيد إلى الأذهان أيضا المقولة العراقية الشعبية"مسعدة يالبيتك على الشط منين ماملتي غرفتي".
إلا أن المعروف عن الإدارة الأميركية أنها تدفع بالأمور باتجاه الحل الذي تريده من خلال تحريك الأوضاع السياسية أو الأمنية أو الاثنين معا من وراء الستار وبطرق غير مرئية . وأكثر مانخشاه في هذا الأمر كله هو أن تعقب جولات العنف الطائفي التي أرخت سدولها على العراق طيلة السنوات المنصرمة جولات عنف جديدة في كركوك وقد تمتد إلى جميع الحدود الإدارية لإقليم كردستان المحاذية للداخل على أساس عرقي بين الأكراد من جهة وبين العرب والتركمان من الجهة الأخرى تزهق أرواح بريئة وتهجر أخرى وبالنتيجة لايحدث سوى ماخططت له الإدارة الأميركية. نسال الله تعالى أن يرشد عقلاء البلاد إلى مايحبه ويرضاه من حلول تحقن دماء العراقيين الصابرين وتضمن حقوقهم جميعا انه على ذلك لقدير وبالاستجابة لجدير.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تدرس نقل السلطة في غزة إلى هيئة غير مرتبطة بحماس|#غر


.. القوات الإسرائيلية تدخل جباليا وتحضيرات لمعركة رفح|#غرفة_الأ




.. اتهامات جديدة لإسرائيل في جلسة محكمة العدل الدولية بلاهاي


.. شاهد| قصف إسرائيلي متواصل يستهدف مناطق عدة في مخيم جباليا




.. اعتراضات جوية في الجليل الأعلى وهضبة الجولان شمالي الأراضي ا