الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دولة الحلم ودولة الواقع

جميل السلحوت
روائي

(Jamil Salhut)

2008 / 8 / 7
ملف: الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين


سيغادر الرئيس الأمريكي جورج بوش الصغير البيت الأبيض في كانون ثاني القادم وهو يفاخر بأنه أول رئيس أمريكي دعا لاقامة دولة فلسطينية بجانب دولة اسرائيل ، وسبحان علام الغيوب اذا ما كان الرئيس نفسه سيفتخر لاحقاً بأنه قد رفع هذا الشعار لتخدير الفلسطينيين والعرب حتى تتمكن اسرائيل من فرض دولة المستوطنين كأمر واقع في الضفة الغربية المحتلة ، وقد يزعم بأنه كان بذلك ينفذ أوامر الربّ تمهيداً لعودة المسيح المنتظر- كما يؤمن المحافظون الجدد المتصهينون في أمريكا -. فالمراقب لما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، أو الذي يكابد التشبث بالحياة في هذه الأراضي، لا يحتاج الى كثير من الذكاء ليرى أن ما يجري على أرض الواقع هو بناء دولة للمستوطنين ، وخنق للتجمعات السكنية الفلسطينية من اجل اجبار مواطنيها على الرحيل عنها ، أو الموت جوعاً وذلاً وحرماناً وقهرا فيها ان لم يموتوا قتلاً . ومن الملاحظ أن البناء الاستيطاني قد ازدادت وتيرته عشرات المرات منذ لقاء أنابوليس في نهاية العام الماضي ، والذي خرج بقرارات تنص على وقف الاستيطان ، ورفع الحواجز العسكرية للتخفيف من معاناة الفلسطينين ، وانتدبت الرباعية الدولية توني بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق وتابع جورج بوش الصغير للاشراف على ازالة هذه الحواجز ، غير أنه على أرض الواقع جرت زيادة هذه الحواجز من520 حاجزاً قبل أنابوليس الى 608 حاجزاً هذه الأيام حسب الاغاثة الطبية الفلسطينية، أي أنها تزداد ضراوة وعدداً بشكل متناسق مع الزيادة في البناء الاستيطاني في الضفة الغربية وجوهرتها القدس الشريف ، وهذه الزيادة لا تتم سراً بل ان الحكومة الاسرائيلية تأخذ قرارات بها وتعلنها على رؤوس الأشهاد ، وان كانت قبل بضعة سنين تعلن عنها تحت مسمى " حلّ الضائقة السكنية الناتجة عن التكاثر السكاني الطبيعي في هذه المستوطنات " فإنها هذه الأيام تعلن عن بناء أحياء ومدن استطيانية جديدة، هدفها تمزيق أراضي الضفة الغربية الى جيوب متباعدة ومحاطة بمدن استيطانية ضخمة ، وفي المحصلة ايجاد خلل ديمغرافي في الضفة الغربية لصالح المستوطنين ،حتى تصبح المطالبة بإقامة دولة مستقلة لهم أمرا واقعا ، أو ربطهم كما هو الحال الآن بشوارع ضخمة مع اسرائيل لتحقيق الحلم الصهيوني بالتوسع ، ليجعل حلم الشعب الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة على أقل من 22 % من مساحة فلسطين التاريخية ضرباً من الخيال .
واذا ما عدنا قليلاً الى الوراء والى أواخر شهر آذار 1993 عندما أعلنت اسرائيل اغلاق القدس بشكل كامل، وعزلتها عن بقية أجزاء الضفة الغربية المحتلة ، وبالتالي قطعت التواصل بين وسط وشمال الضفة الغربية مع جنوبها ، كونها تمر عبر القدس الشرقية المحتلة ، فإنها وضعت طريقاً التفافياً بديلاً يمر من رام الله – كفر عقب ، مخيم قلنديا – جبع – حزما – الخان الأحمر – العيزرية – أبو ديس – السواحرة الشرقية – العبيدية – بيت ساحور – بيت لحم ، ليصبح الطريق ما بين بيت لحم ورام الله أكثر من سبعين كيلو متر بدل خمسة وعشرين ، جزء منه والمسمى واد النار لا يصلح لسير المركبات لشدة انحداره حسب المواصفات العالمية لطرق المواصلات ، ويتخلل هذه الطريق حاجزان عسكريان واحد قرب جبع والثاني عند مدخل بيت ساحور ، اضافة الى معبر " الكونتينر " في السواحرة الشرقية الذي يشبه المعابر الحودية بين الدول، عدا عن الحواجز الطيارة .
لكن الأمر لم يتوقف هنا ، ففي هذه الأيام يجري شق طريق ما يعرف بنسيج الحياة الذي يمتد من جبع باتجاه النبي موسى الى براري السواحرة ، وقد أعلن في حينه أن هذا الشارع سيقتطع 1128 دونماً من أراضي السواحرة وأبو ديس فقط ، لكن الذي لم يعلن عنه هو أنه سيقتطع عشرات آلاف الدونمات من أراضي السواحرة – أبو ديس – العيساوية ، حزما وجبع من أجل توسيع التجمعات الاستيطانية ، وعلى سبيل المثال كانت دولة الاحتلال تعتبر مستوطنة " كيدار " المقامة على أراضي السواحرة ضمن المجلس الاقليمي " جوش عتصيون " قرب بيت فجار على مشارف الخليل، على أمل امتداد الاستيطان ما بين هذه المستوطنات ، وفعلا تواصل الاستيطان حتى وصل قرية الخضر الملاصقة لبيت لحم شرقاً حول بيت لحم وبيت ساحور ، علماً أنه في السنوات القليلة الماضية جرى امتداد مستوطنة معاليه أدوميم لتتصل مع كيدار، وليعلن فصل كيدار عن غوش عتصيون وضمها الى معاليه أدوميم، لكن طريق نسيج الحياة سيجعل المسافة ما بين رام الله وبيت لحم تزيد عن المائة كيلو متر .
ومع ذلك نزل في الأيام القليلة الماضية اعلان في الصحف الاسرائيلية يفيد بأنه سيجري توسيع مستوطنة معاليه أدوميم في براري السواحرة وأبو ديس لتتواصل مع المنطقة الصناعية في الخان الأحمر المعروفه باسم " ميشور أدوميم " وليتم سلب عشرات الآف الدونمات لبناء ستة آلاف وحدة سكنية ، لاسكان ثلاثين ألف مستوطن جديد، ليزيد عدد سكان معاليه أدوميم على السبعين ألفاً، يضاف اليها التواصل الاستيطاني بين معاليه أدوميم ومستوطنة " رامات أشكول " على حساب أراضي الزعيم والطور والعيساوية . ويضاف الى ذلك البناء الاستيطاني المستمر في جبل أبو غنيم وفي السفوح الشرقيه لجبل المكبر ، والمستوطنة المزمع اقامتها في منطقة " دير السُّنّة " على السفوح الغربية لقرية أبو ديس، وتواصل امتداد مستوطنة " بسجات زئيف " على أراضي حزما والرام وجبع ،وتوسيع مستوطنة "راموت" باتجاه بيت حنينا القديمة ليتم احاطة القدس الشرقيه بحزام استيطاني منيع .
واذا ما أخذنا المجالس الاقليمية والاستيطانية الممتده ما بين رام الله ونابلس، وما بين نابلس وجنين وطولكرم وقلقيلية والحزام الاستيطاني حول الخليل والذي يصل الى الخط الأخضر ، والحزام الاستيطاني في منطقة الأغوار على نهر الأردن فسنجد أن ما يجري على الأرض هو بناء دولة للمستوطنين وليس للفلسطينيين .
والسؤال الذي يطرح نفسه هو : على ماذا يتفاوض المفاوضون الفلسطينيون ؟؟ وعلى أي سلطة يجري الاقتتال الفلسطيني ؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تحذر من -صيف ساخن- في ظل التوتر على حدود لبنان | #غر


.. البيت الأبيض: إسرائيل وحماس وصلا إلى مرحلة متقدمة فى محادثات




.. تشاؤم إسرائيلي بشأن مفاوضات الهدنة وواشنطن تبدي تفاؤلا حذرا


.. هل يشهد لبنان صيفا ساخنا كما تحذر إسرائيل؟ أم تنجح الجهود ال




.. بسبب تهديد نتيناهو.. غزيون يفككون خيامهم استعدادا للنزوح من