الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عينان خضراوان

سميرة الوردي

2008 / 8 / 7
الادب والفن



تتالت سيارات المدعويين الى قاعة الأعراس الواقعة على البحيرة وقد القت شجرات النخيل ظلالها الباسقة .
الرجال يوصلون زوجاتهم وهن في قمة تبرجهن الذي يشف من تحت البرقع الأسود الذي فُرض عليهن ، ومن لاتلبسه يُشتبه بأنها خادم ، فالخادمات والأجنبيات ، يحق لهن خلع الحجاب ، أما المواطنات وبنات العائلات فقد ألزمتهن الأعراف والتقاليد بلبسه ، ولأنه ضروري فقد اهتممن به وأبدعن في ( زركشته ) وزخرفة جوانبه وحواشي غطاء رأسه ، بعض المدعوات يقدن سياراتهن بأنفسهن ، ويركنها في الموقف الذي ازدحم ..
الشارع الممتد أمام بهو القاعة جميل جدا تتراقص الأنوار وظلالها على الجدران وصفحة الماء ، لكن حرارة الجو ورطوبته في الصيف تفقد تلك اللحظات القليل من رومانسيتها . ولا تعود لها الا بالوصول الى القاعدة المبردة والمكيفة لمثل هذه المناسبات .. وقفن المضيفات صاحبات دعوة العرس ، بأبهى زينتهن ، في بهو داخلي للقاعة حُجب بستارة مزخرفة ، تمنع رؤية الداخلات عن أعين الفضوليين من الرجال .
في مثل هذه المناسبات تتزين النساء ويرتدين أغلى الحلي والملابس وإن كن غير قادرات على الشراء قد يطلبنها من صديقاتهن أو معارفهن ، وكثيرا ما كن يُذكرنني بقصة ( جي دي موباسان ـ الحلية ـ ) والتي أثرت بي تأثيرا بالغا جعلتني أكره الحلي من يومها ، وهذا ما حدث مع إحدى أخوات العريس إذ استلفت صديقتها الأثيرة عقدها الذهبي الفريد والغالي الثمن لمثل هذه الليلة العرسية ، عند زواج إحدى شقيقاتها . ولكنها لم ترجعه ، لأنه ضاع ، وبدلا من أن تكدح لتسدد ثمنه كما فعلت بطلة موباسان ، اعترفت لصديقتها بإضاعته ، آملة بغفرانها ، وبعد عتاب طويل انقطع حبل الود ، ومضين كل لطريقها . ولكن مع كل ماحدث لم يتعظن النسوة ، بل في كل مناسبة تسري حمى الشراء والإستعارة ، فمثل هذه الحفلات مكلفة جدا لأصحابها ولمدعواتها ، ففيها تجتمع المهرجانات النسوية فقط ، لا يجوز اختلاط الرجال والنساء لا في مثل هذه الإحتفالات ولا في غيرها بل هو محرم .
تأتلف عوامل عدة لإنجاح هذه الحفلات أولها عرض الأزياء وفخامة القاعة وجمالية ( كوشة العروسين ) والفرقة الموسيقية المصاحبة للإحتفال ، وكثرة المدعوات ، هذه المظاهر الثرائية هي التي تمنح تلك الحفلة بهجتها التي تبقى بعد انصرام الأيام والسنين ذكرى جميله في خيال من أحياها .
أما كيف رأى عيسى ميرة في ذلك الجو المحجوب ، فما زال سرا لم تفصح عنه الأيام ، فقد هام حبا بعينيها الخضراوين ولون بشرتها الخمري ، أسرته بجمالها فلم يعد يستطع النوم ، أصبح هذا الحب كينونته ، حتى أصبح حديث الأهل والخلان ، وصار يخطبها من كل من له علاقة بها ، وصل به الأمر الى توسيط ابنة أخته والتي أصبحت زوجة أخ ميرة ، الى إقناعها بقبوله وإفشاء سره غير الدفين لها عن علاقته اللاودية بزوجته وعدم انسجامه معها ولحرمانه من مشاعر الحب بها ، فهي علاقة مقطوعة منذ أن فرضوها أهله عليه ، وله خمسة أطفال منها وقد مرَّ على زواجه ثماني عشرة عام ، و أصغر أبنائه لم يتجاوز السنة .
لم يكن أمام ميرة سوى الإستماع باستمتاع لهذا الوله الذي لم تصادفه في حياتها ، وبالرغم من استماعها للجزء الثاني من قصته وزواجه بأخرى ، إلا إنه طلقها بعد انقضاء سبع سنوات على زواجه منها ، لعدم انجابها .
اصغت ميرة لكل هذه الأحداث ، شعور الإنتشاء والوله لم يخفت عندها ، سبق لها أن تزوجت من رجل انفصل عن زوجته لسوء أخلاقها وشراستها ، وبعد أن أنجب منها أربعة أولاد ، التقى بميرة هرب من زوجته الى أحضانها ، وما إن اكتشف لون عينيها العدسيتين ورأى لونها البني الحقيقي حتى هفت حبه لها ثم انتهى الى الإنفصال والطلاق، وها هي على مشارف الوقوع ثانية .
أطالت النظر في المرآة بعد أن أزالت كل مكياجها وخلعت عدستيها ، تأملت نفسها ، لقد سمعت أن بإمكان أطباء العيون زرع عدسات ملونه ، أتستلف نقودا لتزرع عدستين خضراوين ، أم تلتقي بعيسى من غير هذه العدسات الملونة ، ومن غير طبقة البودر الخمرية ، متجاهلة التفاصيل الأخرى في حياته ؟ ! .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حصريا.. مراسل #صباح_العربية مع السعفة الذهبية قبل أن تقدم لل


.. الممثل والمخرج الأمريكي كيفن كوستنر يعرض فيلمه -الأفق: ملحمة




.. مخرجا فيلم -رفعت عينى للسما- المشارك في -كان- يكشفان كواليس


.. كلمة أخيرة - الزمالك كان في زنقة وربنا سترها مع جوميز.. النا




.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ