الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كهرباء وجمهور وحسناوات !

عبد الرحمن قاسم

2008 / 8 / 8
القضية الفلسطينية


أكتب هذا المقال بصفتي قارئاً مراقباً لما يدور على صفحات دنيا الوطن التي أزورها مرتين أو أكثر في الأسبوع. لتسمح لي هيئة تحرير الحوار المتمدن، وليأذن لي جمهور الصحف الإلكترونية في غزة بالإشارة إلى ملاحظة قد لا يرتاح لها البعض، وقد يتفهمها البعض الآخر، وربما ترفضها الأكثرية، وبصرف النظر عن النواتج فقد قررت إزاحة غمة عن صدري بالتنفيس عنها والكتابة في هذا الشأن.

ألاحظ منذ سنوات اهتمام جمهور الصحف الإلكترونية - كاي جمهور عربي - بالفضائح. يهتم لصورة حسناء تدعي كتابة المقال أو الشعر أكثر من اهتمامه بقضايا غلاء المعيشة وسعر رغيف الخبز، بل أكثر من ذلك، وما أن يشاهد هذا الجمهور صورة فتاة ( مزة ) تريد حلاً لمشكلة عاطفية - حتى لو كانت القضية وهمية - حتى يتحول الآلاف من هذا الجمهور إلى أطباء نفسيين وأخصائيين اجتماعيين وينهالون لكتابة تعليقات النصح والإرشاد للحسناء. ليس هذا بالضبط مجالاً للانتقاد، ولكنه يصبح كذلك عندما تثار قضية فساد مستشري بشركة توزيع الكهرباء في غزة، ولا يقرأ المقال سوى عشرات من هؤلاء الآلاف، فإنا ولا شك أمام ظاهرة مرضية مستعصية !!

فكتابة تعليقات النصح والإرشاد، يكون في حالات الترف، أي في حالة عدم وجود قضية حقيقية تخص حياة ومعيشة هذا الجمهور. أما أن يكتب مقال يوضح عدم شرعية فواتير الكهرباء الصادرة عن الشركة، ويفسر اللغز الرهيب لمشكلات قطع التيار المتكرر لساعات طويلة منذ نشوء ما يسمى بشركة توزيع الكهرباء، ثم لا نجد من الضفة وغزة سوى ثمانين قارئاً أو أقل، فإن هذا الجمهور - ومعذرة لما سيأتي - لا يستحق الحياة !!

كيف سنأخذ حقوقنا الوطنية والقومية من إسرائيل إذا كنا لا نستطيع تحصيل حقوق إنسانية بسيطة من شركة الكهرباء ؟؟؟ كيف سيأخذ المواطنون حقهم الإنساني في ضرورة توفير عمل شريف يأكلون منه عيشهم ؟؟؟ كيف نناقش بلطجة السلطة واحتقارها للمواطن بحجة المشروع الوطني وهم أبعد ما يكونون عن هذا المشروع ؟؟!
سوف أعيد فيما يلي ما قلته بخصوص فواتير الكهرباء لمرة ثانية على أمل أن تجد كلماتي هذه المرة أذناً صاغية من جمهور فضائح الجنس والحب، مع احترامنا الشديد للحب وأهله !

لا أعلم على وجه الدقة النسبة المئوية لحجم استيراد الكهرباء الإسرائيلية من حجم الحاجة العامة أو الكلية، ولكننا نعلم أن أغلب الكهرباء في غزة وشمالها هي كهرباء إسرائيلية، ولنفرض مثلاً أنها تشكل 60 إلى 70 بالمائة. ثمن هذه الكهرباء تتقاضاه إسرائيل مباشرة عن طريق خصم المبلغ المطلوب من ضريبة القيمة المضافة ال 17 % ثم تقوم على مزاجها بتسليم الباقي للسلطة الوطنية في رام الله .... صح ؟؟؟ السؤال المتفجر الآن هو: لماذا تصدر شركة الكهرباء فواتير للجمهور وتراكم الفوائد والديون والأرباح طالما أننا نحن الجمهور قد دفعنا سلفاً قيمة الفاتوة الإسرائيلية ضمناً في قيمة الضريبة المضافة ال 17 % ؟؟؟؟ هل يعني أننا سندفع ثمن الكهرباء مرتين، مرة لإسرائيل ومرة ثانية علشان سواد عيون شركة كهرباء غزة الخاصة ؟؟؟؟؟ الرئيس عباس كان صادقاً 100 % عندما قال أن الكهرباء مدفوعة !!
ماذا تبقى ؟؟؟ تبقى حوالي 30 إلى 40 % من حجم الكهرباء توفرها شركة التوزيع في غزة، ولكن هل نسينا أن الاتحاد الأوروبي يتبرع بكامل الوقود الذي تحتاجه المولدات ؟؟؟؟ لماذا أيضاً تقوم الشركة بإصدار فواتير ثمن الكهرباء ؟؟؟ هل يتبرع الاتحاد الأوروبي للشركة الخاصة، أم أن التبرع يخص الشعب المنكوب باعتبار غزة منطقة منكوبة ؟؟؟؟؟

فإذا كان القسم الأعظم من الكهرباء يأتي من إسرائيل مدفوعاً ضمن ضريبة ال 17 %، وإذا كان الباقي الذي يتم توليده محلياً مدعوماً بكامل احتياجاته من الوقود، فبأي حق، وأي صفة تقوم شركة كهرباء غزة بإصدار فواتير الكهرباء للناس، وتقوم بمراكمة الديون والأرباح والفوائد الربوية ؟؟؟؟ أليست هذه جريمة ترتكب في وضح النهار وعلى عينك يا جمهور الفضائح الجنسية ؟؟؟! أليس من الأجدى أيها الجمهور أن تناقش أمراً جوهرياً يخص قيام جهة بسلب ونهب جيوبك وأمام عينك وأنت لا تدري ؟؟؟؟ أي جهل هذا وأي غباء ؟؟؟؟

تظل قضية الفصل المتكرر للتيار، حيث نعلم جميعاً، أنه، وقبل نشوء وتكوين شركة غزة، أن الكهرباء كانت كلها إسرائيلية، وأنه في عهد الاحتلال المباشر وقبل اتفاق أوسلو، لم يكن هناك أي فصل للتيار ولو دقيقة واحدة طوال العام، فما الجديد الذي طرأ حتى بات قطع الكهرباء دون سابق إنذار شيئاً عادياً ومألوفاً، علماً بأنها جريمة ثانية في حق الإنسانية ؟؟؟؟ أريد من القاريء هنا أن ( يصحصح ) معي لتوضيح هذه المسألة.

شركة غزة لا تستطيع توفير الطاقة اللازمة لكامل القطاع، وبدلاً من أن تشتري النقص من إسرائيل ( كما نشتري كل شيء )، تقوم باللعب والدوس على جراح الناس وآلامهم، فيعيش المواليد وصغار السن والشيوخ والمرضى لهيب الصيف تماماً كما يعيشون زمهرير الشتاء. أسعار الطاقة ارتفعت دولياً، فقامت الشركة الإسرائيلية بفرض سعر جديد، وشركة التوزيع في غزة - وبهدف الربح الأكبر - تريد الاستيراد بالسعر القديم. بمفهوم السوق واقتصاد السوق يجب أن يخضع الضعيف للقوي، وبدلاً من ذلك، يدفع الناس فرق السعر من جلودهم ومعاناتهم وتعطيل مصالحهم وتلف أجهزتهم - تقوم الشركة باستغلال المتوفر من الكهرباء الإسرائيلية لتغطية العجز عن طريق فصل الكهرباء عن الناس لساعات طويلة. الأخطر من ذلك، أن الشركة تقوم بتوفير كميات من الوقود الأوروبي لتذهب أثمانها في جيوب أصحاب الشركة، فلنفرض أن الاتحاد الأوروبي يتبرع بمليون لتر في الشهر، لماذا تشغل الشركة كامل طاقتها ؟؟؟؟ لماذا لا تشغل 60 أو 70 بالمائة ثم تفوز بثمن الوقود المتبقي ؟؟؟؟ ثمن الوقود المتبقي هو العرق المتصبب من جباه الأطفال والشيوخ والمرضى صيفاً، وهو البرد القارس شتاءاً !!!

خلاصة الأمر، أن الشركة تعمل دون أي رقابة، فلا الفواتير الصادرة عنها شرعية، ولا انقطاع التيار منطقي ولا مقنع، وهي فضيحة اقتصادية كبيرة وخطيرة وتمس معاش الناس وأموالهم، ولكنها للأسف ليست فضيحة جنسية !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة.. الجيش الإسرائيلي يدعو السكان لإخلاء شرق رفح فورا


.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما ولا تقدم في محادثات التهدئة




.. مقتل 16 فلسطينيا من عائلتين بغارات إسرائيلية على رفح


.. غزة: تطور لافت في الموقف الأمريكي وتلويح إسرائيلي بدخول وشيك




.. الرئيس الصيني يقوم بزيارة دولة إلى فرنسا.. ما برنامج الزيارة