الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قانون الأنتخابات والخطأ الكبير

لطيف المشهداني

2008 / 8 / 8
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


أن ما جرى في جلسة مجلس النواب العراقي، التي خصصت لمناقشة وأقرار قانون الأنتخابات
أولاً. يُعد تراجعاً عن مبدأ التوافق الوطني الذي أخذ بهِ في العديد من القضايا التي طرحت وتم إقرارها سابقا في المجلس.
أن الحالة العراقية هيَ ليست فريدة من نوعها في ما يخص مبدأ التوافق وأقرار القوانين، فالشعوب التي سبقتنا بتطبيق الديمقراطية ولا تعمل بهذا المبدأ. تضطر لممارستهِ في الأزمات، وعراقنا والحمد لله مملوء بالأزمات حد التخمة . أزمات امنية وسياسية واقتصادية وخدمية وكذلك المحاصصة والفساد والأرث الثقيل للنظام البائد وهذه جميعاً تحتم الأخذ بهذا المبدأ لتجاوز الأزمات وإيجاد أرضية مشتركة وتوافق وطني حول القضايا الأساسية التي تهم مجموع الشعب العراقي وهذا المبدأ لا يتعارض مع الديمقراطية ومبدأ الأغلبية وحقها بأتخاذ القرارعندما يتعلق الأمر بمستقبل العراق وأستقراره.
ثانياً . الأخطاء الكبيرة التي رافقت مناقشة القانون وأقرارهِ والمتمثلة في :
أ ـ رئيس المجلس محمود المشهداني الذي لم يتشاور مع نوابهِ الذين أنسحبوا من الجلسة وأصرارهِ على أستمرار الجلسة والتصويت.
ب ـ الأحزاب التي وافقت وأقرت القانون لم تأخذ بالأعتيار معارضة قوى أساسية في البرلمان، قوى لها حجمها وعلاقتها المباشرة بالقضية المطروحة والتي تمسها مباشرة، وأقصد التحاف الكردستاني وقضية كركوك.
ج ـ أنسحاب نواب التحالف الكردستاني والمجلس الأعلى والحزب الشيوعي وعدم التفكير بالنتيجة التي سيحققها هذا الأنسحاب وماذا سيخدم ؟
أن الأخطاء الثلاثة مجتمعة حققت الخطأ الكبيربتمرير القانون وأقرارهِ من قبل 127 نائباً من أصل 140 نائباً شاركوا في التصويت، وما رافقهُ من تداعيات أنعكست بشكل سلبي على التوافق الوطني وأعادة القانون بعد نقضهِ من قبل مجلس الرئاسة الى البرلمان ، حيث لازال يناقش حتى اللحظة للوصول الى صيغة توافقية ترضي الجميع يعني ( تيتي تيتي مثل ما رحتِي إجيتي ).
لاأريد هنا الدخول بتفاصيل الخطأ الأول والثاني. بل أود التوقف عند الخطأ الثالث وهو أنسحاب القوى المعترضة على التصويت والتي إعترضت على جملة أشياء من بينها :
1ـ الطريقة التي تم بها التصويت ـ التصويت السري ـ على المادة المتعلقة بكركوك.
2ـ المادة 24 المضافة والمتعلقة بكركوك
3ـ حصة المرأة وحقها بنسبة 25 % من المقاعد
ولكن السؤال الذي يرد هو : هل حقق الأنسحاب النتيجة التي كانت القوى المنسحبة تطمح لتحقيقها ؟!!! لقد كانت هذه القوى تعتقد أن إنسحابها سيعرقل أو سيمنع التصويت على القانون، ولكن هذا ألآعتقاد لم يزكيه الواقع !
أن ألآنسحاب لم يعلق أو يؤجل الجلسة بل سمحَ للنواب الآخرين بالأستمرار بها وأقرارالقانون. وكان من الواجب عدم الأنسحاب والأستمرار بالأعتراض ومحاولة أقناع النواب بأهمية مشاركة الجميع بأقرارهِ وإيجاد أسس مشتركة لحل الأشكالية الحاصلة أو الطلب بتأجيل الجلسة أو تأجبل التصوبت على القانون وأعطاء فرصة للمراجعة. قد يقول المنسحبون هذا ما كنا نريده ولم يتحقق. نعم هذا صحيح ولكن هل الأنسحاب هو الحل!!!
لا أعتقد هذا لأن عملية الأنسحاب والأنسحابات السابقة عملية غير صحيحة في مسار العملية الديمقراطية مما يتوجب على مجلس النواب مناقشة هذهِ الظاهرة والتوقف عندَ أسبابها ونتائجها وإيجاد حل لها لتجاوزها مستقبلاً، وهي في العموم ظاهرة غير صحية وغير حضارية ودخيلة على العملية الديمقراطية.
الأنسحاب لا يمكن أن يحل أي مشكلة في ما يتعلق بدراسة وأقرار القوانين من قبل مجلس النواب حالياً أو مستقبلاً . والخلل لا يعالج بخلل آخر وما شاهدناه في هذهِ القضية والطريقة التي تم بها الخطأ ومعالجتهِ من قبل كافة القوى دليل على عدم وعيها لمهامها البرلمانية والقوانين التي تسيّر عملها.
فالقوى التي أيدت وصوتت لصالح القانون لم تستوعب التجارب السابقة ولا لما هو منصوص عليه في الدستور. حق الأخوة الأكراد بالشراكة في وطنٍ موحد يضمن حقهم القومي والجغرافي، كما أنها لم تفكر بحق مجلس الرئاسة بنقض القرار. وقد أخطأت بموقفها هذا.
كذلكَ القوى المنسحبة والرافضة للقرار تشترك ايضاً بالخطأ لعدم أدراكها لأهمية بقائها، وتسجيل أعتراضها فعلى الرغم من القوة التمثيلية للمعترضين في المجلس ألا أنهم فشلوا بمنع أقرار القانون ولم يكونوا من ضمن القوة التصويتية التي تم حسابها بعد أنسحابهم مما يضعف القوة التصويتية للمعترضين حتى لو أقر القانون وهذا يدل على ضعف موقفهم وضعف المحاججة لأقناع الآخر. والأنسحاب ما هو الا دليل الأستسلام أو الهزيمة أمام الخصم في أطار سلمي، كما أن هذهِ القوى مجتمعة لم تفكر بحق مجلس الرئاسة بنقض القانون.
أن نتائج ما حصل هو ما كان يتوقعه الجميع اللهم الا أذا كانوا مثل النعامة، لا يريدون رؤية الحقيقة كما هي ولا يعترفوا بالظروف التي يمرّ بها العراق مما يتطلب قواسم مشتركة ووحدة الموقف تجاه هذهِ القضية أو تلك.
الا أن ردة الفعل من قبل كافة الأطراف بدون أستثناء خيبت آمال الكثير من أبناء شعبنا وتوقهم لتحقيق الأمن والأستقرار ومعالجة كافة الملفات بروح الحرص على العراق ومستقبلهِ . تلكَ الردة التي عكست ماسبق طرحهُ والتحذير منهُ وهو هشاشة أي موقف لا يأخذ بالحسبان مستقبل العراق والعملية السياسية والتوافق الوطني. فالتناحر والتهديد لا يجلبا الا المزيد من المأسي وعدم الأستقرار مما سينعكس على مسار العملية السياسية التي من المفروض أن تعمل كافة الأطراف لترسيخها وأنجاحها والتخلي عن أي موقف يستند على المحاصصة الطائفية والقومية. والتأكيد على المشتركات الوطنية التي أرسى أسسها الدستور الدائم وخاصة ما يتعلق بوحدة العراق في ظل نظام ديمقراطي فدرالي . فالضرر يلحق بالجميع كما سيلحق بالقضية القومية الكردية وبعمقها وسندها، وأقصد به العراقيين العرب الداعمين للقضية الكردية خاصة في غياب أي عمق آخروالكل يعلم بموقف الدول المحاذية لكردستان العراق مما يتطلب خطاباً عقلانياً وواقعياً بالضد من هيمنة الخطاب التضليلي والعدائي الذي يلحق الضرر بالقضية القومية الكردية.
أن ما يحتاجهُ شعبنا اليوم ونحنُ أمام تحديات كبيرة هو الأنتماء للوطن والشعور بالمسؤولية التاريخية التي تقع على كافة القوى بدون أستثناء.
أن ما حدث يدعو الجميع لمراجعة الأخطاء ومعالجتها بروح الحرص والمسؤولية على مستقبل العراق ووحدتهِ، وتحقيق الهدف النبيل لبناء عراق ديمقراطي فدرالي موحد ومزدهر يتمتع في ظلهِ شعبنا بكافة طوائفهِ وقومياتهِ بحياة حرة كريمة .

خاتمة الحديث
ربَّ ضارة نافعة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يهدد بإيقاف شحنات الأسلحة إلى إسرائيل ما تبعات هذه الخ


.. أسو تتحدى فهد في معرفة كلمة -غايتو- ????




.. مقتل أكثر من 100 شخص.. برازيليون تحت صدمة قوة الفيضانات


.. -لعنة الهجرة-.. مهاجرون عائدون إلى كوت ديفوار بين الخيبة وال




.. تحديات بعد صدور نتائج الانتخابات الرئاسية في تشاد.. هل تتجدد