الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية والخطاب السياسي الغربي

سلام خماط

2008 / 8 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


كان للحرب الباردة بين المعسكرين الشيوعي والرأسمالي أثر كبير في إذكاء نوازع العنف ,فقد استغلت الأنظمة الشمولية الصراع بين المعسكرين أخذت تتحول من هذا المعسكر الى ذاك وفق مصالحها ومصالح الطبقة البيروقراطية المرتبطة بها ,وقد استخدمت هذه الأنظمة شعارات ذات طبيعة أيديولوجية قومية ومع ذلك فان الطيعة بينها وبين الجماهير لا تحتاج الى برهان بالرغم من السنوات التي قضتها من ممارسة الحكم ,الا ان الغرب استمر في دعم هذه الأنظمة حتى بعد ان فقدت التأييد الشعبي لها.
وما ان انتهت الحرب الباردة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي صدرت نظرية نهاية التاريخ لفوكوياما وبعدها صدام الحضارات لهنتكتون ,وقد اعتمدت هذه النظريات السوداوية على المنظور التاريخي العرقي للفكر الأوربي الذي نشأ في القرن الثامن عشر وهو منظور الثقافة الغربية المهيمنة ,والهيمنة هنا تأتى على أشكال متعددة منها الهيمنة الاقتصادية التي تعتمد على التكنولوجيا بالدرجة الأساس ,وهي تتركز على تشكيل كتل تجارية تسيطر من خلالها على ثروات واقتصاديات الدول خارج مجموعة الثمانية الكبار .فالخطاب السياسي السائد حاليا في الغرب هو خطاب الديمقراطية وحقوق الإنسان والدفاع عن الحريات ومساندة الشعوب المضطهدة والاقليات المقموعة وهو خطاب يستخدم كغطاء للسياسة التي تنتهجها الدول الصناعية الكبرى والتي تتركز على التبادل التجاري الحر وهذا ما زاد من ثقة بعض المفكرين ومنهم فوكوياما بالنموذج الليبرالي بعد انهيار المعسكر الاشتراكي .
والان وبعد سقوط النظام الدكتاتوري السابق والذي يعد من اكثر الأنظمة الشمولية شراسة وقسوه,هل استطاع الشعراء والكتاب والمثقفين المفعمين بأفكار الحرية والتقدم ان يمارسوا مهمة النقد وتأدية رسالتهم النبيلة دون ان يتعرضوا للضغط او التهديد ؟والجواب هو نعم فلولا ممارسة هؤلاء المثقفين لدورهم الوطني والمهني لما تعرض الصحفيين الى التصفية الجسدية حتى وصل العدد الى 300 شهيد .
ان عدم وجود إمكانية لتشكيل جمعيات او منتديات حره للمثقفين تتمتع بالاستقلالية المالية كما حصل في أوربا في عصر التنوير ,لا يمن ان يتشكل راي عام مستقل عن السلطة يستطيع ان يضغط عليها يوما ما ,وبدون هذه الجمعيات او المنتديات لايمكن كذلك ان تشيع أفكار التسامح او يترسخ مفهوم المواطنة بشكله الصحيح والحقيقي ,لهذا نرى ان المجتمعات المتحضرة التي تؤمن بالحرية الفكرية لا تقبل بالأنظمة القمعية ,اما المجتمعات المتخلفة فلا يمكن تحريرها إلا بعد تفكيك ودراسة جذرية لماضيها من اجل إعادة تقيمها من جديد ,وترك ما سلبي والأخذ بما هو إيجابي من هذا الماضي واستخدامه بما يتلائم ومتطلبات الحاضر .
فإذا لم تحصل مراجعة لكافة التراثان التاريخية فلن تحصل مقاربات مفيدة بين تراثات البشرية ,وخاصة بين التراث العربي الإسلامي والتراث الأوربي الغربي ,اذا لم يحصل ذلك فسوف يحصل بدلا عنه صدام الحضارات كما يسميه هنتكتون وهنا سوف يستمر العداء وهذا ليس من مصلحة احد ,حيث يمكن إقامة علاقات على أساس الحوار البناء والتعاطي الخصب بين الثقافات انطلاقا من وحدة الجنس البشري بعيدا عن نظريات التفوق العرقي التي ينادي بها مخططو الاستراتيجيات الأمريكية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشاد: انتخابات رئاسية في البلاد بعد ثلاث سنوات من استيلاء ال


.. تسجيل صوتي مسرّب قد يورط ترامب في قضية -شراء الصمت- | #سوشال




.. غارة إسرائيلية على رفح جنوبي غزة


.. 4 شهداء بينهم طفلان في قصف إسرائيلي لمنز عائلة أبو لبدة في ح




.. عاجل| الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى الإخلاء الفوري إلى