الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كركوك وهستيريا التجاذبات

عبد الحميد العماري

2008 / 8 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


مرة أخرى تفشل الكتل البرلمانية العراقية في التصويت على قانون أنتخابات مجالس المحافظات ، بعد أن وصلت المفاوضات بين كل من المعارضين والمؤيدين للقانون بصيغته التي أقرت في 22 تموز الماضي الى طريق مسدود، ومرة أخرى تصيب موضوعة كركوك النخب السياسية الكردية وحلفائهم بهستيريا التجاذبات ، مما دفهعا لأن تصب جام غضبها على شركائها في العملية السياسية نتيجة رفض المعترضين لكل المساومات ،والتلويح بين الحين وألآخر بأستخدام القوة لضم كركوك الى مناطق أقليم كردستان العراق، إلا أن الملفت للنظر بين ركام التوافقية العقيمة ، هو أن هذه المعضلة أفرزت لنا مواقف برزت بأقصى درجات التشنج من قبل قادة التحالف الكردستاني، حتى أن رئيس أقليم كردستان العراق السيد مسعود بارزاني وصف الكتل المؤيدة للقانون المعاد من المجلس الرئاسي بأنهم (يشكلون تكتلا قذرا ، ويهدف الى إحداث ما أسماه بالأنقلاب على التوافقية السياسية بين مكونات العملية السياسية) !! الى جانب تأكيد أكثر من مسؤول كردي على أن كركوك (خط أحمر) لايمكن القبول بالأقتراب منه ، وأن القوى السياسية الكردية على أستعداد للقتال عقود طويلة من أجل (إعادة كركوك) الى (حضن) كردستان ألأم!! والى ما هنالك من تصريحات عصبية غير مبررة ،طالما أن الجميع يسلم(أنهم يؤمنون بالديمقراطية للعراق الجديد) بأن مايجري في العراق هو عملية ديمقراطية، وأن العراق الجديد ينبغي أن تحترم فيه حقوق ألأنسان ، والعيش المشترك، وتساوي الجميع أمام القانون في الحقوق والواجبات.
لقد أفرزت كركوك حالة عدم التوازن لدى النخب السياسية لاسيما الكردية منها، وأثبتت قصر النظر الذي يعاني منه السياسيون ممن يتصدون للعملية السياسية الحالية، بل أن بعضهم ظهر داخل المشهد العراقي وهو يفتقد الى أبسط قواعد العمل السياسي الصحيح ، والذي ينبغي فيه على الجميع أحترام حرية الآخرفي التعبير عن رأيه، مهما أختلفوا معه بالرؤى أو التوجهات ، وصار في حكم المؤكد أن القوى السياسية العراقية هذه تشوبها خلافات بموجب الأجندات الحزبية التصارعية ،وليست أختلافات في التصورات حول هذه النقطة أو تلك، في هذا القانون أو ذاك.
ان من أكبر ألأخطاء التي ارتكبتها القوى السياسية العراقية في أعقاب سقوط الصنم في التاسع من نيسان عام 2003 ، هي أنها أعتمدت على مبدأ التوافق السياسي بدلا من الديمقراطية العددية كما هو الحال في أعرق الديمقراطيات في العالم، والتي أثبتت أنها هي الحل ألأمثل لكل القاضيا العالقة والشائكة داخل أي مشهد سياسي، وهي واحدة من أهم عوامل نجاح أية عملية ديمقراطية صحية وصحيحة ، بينما لم تلتفت هذه القوى والكتل لمخاطر ترسيخ أسفين التوافق السياسي على وفق طريقة هذا لي وذاك لك، حتى صار يتبادر الى ذهن البعض منهم ان العراق ماهو إلا سلة تساومات يمكن تمرير مايريده كل منهم وبما ينسجم مع مخططاته ، وبأعتقادنا أن النخب السياسية الكردية هي من أكثر المستفيدين من هذا المبدأ ، لكنهم ذهبوا بطريق الخطأ عندما تصوروا أن كل مايتعلق بطموحاتهم سيكون في متناول اليد طالما أن الأمر لايعدوا أكثر من كونه مجرد مساومات وفق نظرية تبادل الفائدة ، وهو ما أصابهم بشيء من الصدمة أفقدتهم صوابهم هذه المرة، فوراحوا يتحاملون على هذه الكتلة أو تلك ، أو هذا الحزب أو ذاك، لدرجة فقدان الوعي في بعض الحالات والأحيان، وربما يخطأ من يعتقد أن الأحزاب الكردية الرئيسية ستكتفي بما وصل اليه ألأمر، بل سيشمل ألأبعد من ذلك ،وهو ما يفسر السفر المفاجىء لرئيس الجمهورية السيد جلال طالباني الى واشنطن سيما وأن السفير ألأميركي في بغداد رايان كروكر ، أبلغ الرئيس طالباني بأن موضوعة كركوك ينبغي أن تحل عبر ألأتفاق بين جميع القوى السياسية العراقية،وليس بين القوى التي تشكل الحكومة فقط في إشارة واضحة الى (التحالف الكردستاني والمجلس الأعلى ألأسلامي وحزب الدعوة جناح نوري المالكي) ،الأمر الذي أصاب السيد مسعود بارزاني بمرض فقدان الصواب، مما دعاه الى أن يقطع زيارته لبغداد ويعود الى اربيل ،ولم يستطع السيد البارزاني من أن يصل الى مكتبه حتى أجرى مؤتمرا صحفيا في أرض مطار أربيل ولأول مرة ، فكان أن بدأ بالحديث عن نتائج مباحثاته ببغداد بالهجوم والتهجم على من يختلفون مع طروحات التحالف الكردستاني وحلفائه بلا هوادة، ولم يكتف رئيس أقليم كردستان العراق بوصف معارضي ضم كركوك الى الأقليم بالتكتل القذر، أنما وجه بضرورة التحرك على ألأرض للحد من المد المعارض لتلك التوجهات،حتى أن قوات من البشمرگه تقدر بلوائين تحركا نحو قطع الطرق المؤدية الى المناطق التي تربط محافظة كركوك بالمناطق العربية التابعة لها ، فتصوروا حجم التخبط في رد الفعل المتشنج ازاء قضية مهمة وحساسة لاتتعلق بالعراق فحسب ، بل بالمنطقة المحيطة بالعراق كلها.
أننا نعتقد أن على النخب السياسية الكردية وفي مقدمتهم السيد البارزاني التفكير بهدوء وروية بعيدا عن ردود الأفعال السلبية العصبية هذه ، وينبغي أن يقود تيارا يترجم ،بالفعل لابالقول، أنهم عراقيون بالمعنى الحقيقي عبر تصحيح ما أرتكب من أخطاء ضد العرب والتركمان في كركوك بمن فيهم أولئك الذين سكنوا كركوك أبان حقبة النظام المقبور، وأن يبتعدوا عن سياسة التكريد هذه كرد فعل على سياسة التعريب التي مارسها نظام صدام، وأن يتعاملوا مع مشكلة كركوك على أنها عراق مصغر ينبغي الحفاظ عليه ،ونكرر ماقلناه سابقا أن لابديل عن الهوية الوطنية العراقية لحل جميع القضايا العالقة وهو ما لا يمكن أن يتحقق مالم تتوافر النية الصادقة لدى الجميع بضرورة الحفاظ على وحدة العراق أرضا وشعبا، دون اللجوء الى استخدام القوة وعرض العضلات كما هو عليه الحال ألآن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تظاهرات في إسرائيل تطالب نتنياهو بقبول صفقة تبادل مع حماس |


.. مكتب نتنياهو: سنرسل وفدا للوسطاء لوضع اتفاق مناسب لنا




.. تقارير: السعودية قد تلجأ لتطبيع تدريجي مع إسرائيل بسبب استمر


.. واشنطن تقول إنها تقيم رد حماس على مقترح الهدنة | #أميركا_الي




.. جابر الحرمي: الوسطاء سيكونون طرفا في إيجاد ضمانات لتنفيذ اتف