الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل حفنة من اليوروهات الأوروبية..

بشار السبيعي

2008 / 8 / 9
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


حدثني زميل لي عندما علم خبر إتخاذي منصب عمل في قناة سورية معارضة جديدة أنه يتمنى لي التوفيق في عملي الجديد، وأن أتذكر ماسبق بيننا من جدال عن المعارضة السورية والنظام السوري، وأنه سُعد جداً بأن المعارضة السورية وقع إختيارها علي شخصياً وأنهم لاشك قد إختاروا أفضل ماعندهم. هذا الزميل يوافق رئيس النظام السوري بشار الأسد في نظرته و قيادته الحكيمة للوطن، ولكنه يقف قاصراً عن وصفه بالديكتاتور أو الحاكم المطلق.

ضحكت في نفسي عندما قرأت ماكتب ذلك الزميل على هذا الموقع، فهو مايزال يدور في فلك الإعجاب لوريث الحكم في سوريا الذي كان ومازال يعتبر خيرة أبناء سوريا وأطبائها وأساتذة جامعاتها ومثقفيها أعداء سوريا. مع أنني لاأشكك في حسن نية ذلك الزميل في هذا الإطراء، ولكنني أعرف أن الزمن والوقت هو الذي سيثبت لهذا الزميل ماأمنت به وكرست نفسي وحياتي له منذ دخولي في صفوف المعارضة السورية بأن هذا النظام لن ولم ولايمكن أن يتغيير عن طبيعته المستبدة وأساليبه الفاسدة في إدارة الدولة والمجتمع، وأتمنى من الأيام القادمة والأحداث المرتقبة أن تكون الحاسم بيننا في مانؤمن به.

منذ أيام وأنا منهمكاً في إنتاج البرامج الحوارية التي كلفت بها والتي ستقدم على قناة "سوريا الجديدة" في الأيام القليلة القادمة، ولم يسمح لي الوقت للكتابة في موقعي على الإنترنت كما كنت قد أعتدت على فعل ذلك كلما خطر لي خاطر أو قرات مايثير مشاعري وحواسي ويحثني على الكلمة الصادقة والشفافة. وقد نلت في غضون هذه الأيام المنصرمة من المدح والذم من مناهضين ومؤيدين لمنصبي الجديد ماطابت له قلوب أصحاب القلم من فكر بعد أن تناولت مواقع الإنترنت والصحافة خبر قبولي العمل في قناة تلفزيونية جديدة بعضهم إدعى خاطئاً أنها ستكون موجهة ضد سوريا وأخرون قالوا أنها ممولة من جهات معادية لسوريا، وبين التكهنات والإعتقادات والوشايات تَضيعُ الأهداف والنيات وتُحجبُ الفظائع والجرائم التي يفعلها النظام السوري بأبناء الوطن يوماً بعد يوم.

دعونا نعود لِنُذكِرَ القراء الأحباء أن سوريا اليوم لاتزال تحتضر تحت حكم الطوارىء الذي يَفتكُ في الحقوق المدنية للمواطن السوري منذ أكثر من خمس وأربعون عاماً من الزمن.

واليوم يفاجئنا السيد الرئيس بشار الأسد بإصدار عفو رئاسي عن البروفسور عارف دليلة عميد كلية الإقتصاد السابق وإطلاق سراحه من السجن الذي إستضافه فيه إنفرادياً منذ أكثر من سبعة أعوام يقضي فيها 10 سنوات من الحكم الجائرعليه بتهمة "التحريض على العصيان المسلح" مع العلم أن قضيته الحقيقية تعاملت من فساد السلطة بإنتقادات حادة ومدروسة في محاضرات ألقاها بنفسه وضّحَ بها بالأرقام هدر وسرقة الأموال العامة للدولة.

من الملفت للنظر أن إطلاق سراح البرفسور دليلة جاء على عقب زيارة الرئيس بشار الأسد إلى فرنسا وقبيل قدوم الرئيس الفرنسي نيكولاس ساركوزي إلى سوريا الشهر القادم. لاشك أن سيادة الوريث السوري قد أشتد عوده السياسي وإنتصب شامخاً تحت مظلة العهر السياسي الفرنسي و سلاح حزب الله العقائدي. فاليوم وبعد أن خَسِرتْ سوريا أوراقها السياسية على الصعيد الدولي والإقليمي لم يبقى لها إلا المتاجرة بخيرة مواطينها الأبرار، لتنال مافي نفسها من سجادة حمراء أخرى تُمدُ لها في عاصمة أوربية أو أمريكية. كل المبادىء والأعراف الإنسانية تباع وتشترى في سوق النخاسة السورية في قصر المهاجرين. لم يبقى في جعبة النظام السوري من قيم أو شرف إنساني لن ولم تناله يد الطاغوت. فاليوم نُطلقُ سجيناً ونَعتقلُ أخراً لنَرفعَ من شأنِنا أمامَ المجتمع الدولي ونريه أننا على وعودنا نحو تغيير سلوكنا وحسن مظهرنا.

لست من الذين لايقدرون المعروف، فنحن اليوم في المعارضة السورية علينا أن نشكر سيادة الرئيس على عطفه وحنانه، فقد أغدق علينا برحمته وعفوه وأطلق لنا واحد من خيرة أخواننا المعارضيين، ولعل رحمته وإتساع قلبه وحبه لسوريا وأبناءها تتذكر المئات من الأخرين الذين مازالوا يواجهون محاكم الدولة الإستثنائية والعرفية وينتظرون عفواً أخر ليملىء قلوبنا بالشكر والإمتنان من سيادته. فاليوم سوريا تزدهر بالحرية والطمأنينة، وفخامة الرئيس الشاب لايأبه لكل ماتتداوله الصحف و وسائل الإعلام عن إحتمال صراع على السلطة يجري في صفوف أجهزة أمنه السورية لينال مستشاره الأمني الخاص في الجيش ورجل الظل العميد محمد سليمان. صراع يكاد أن يودي بأمن وطننا وسلامته الذي أعتدنا عليه تحت ظلال القيادة الحكيمة للرئيس الشاب.

زميلي في صفوف الموالاة، يرى أن مانطالب به اليوم من إلغاء حالة الطوارئ، وإطلاق سراح معتقلين الرأي والضمير، وإطلاق الحريات العامة للشعب، والتعددية الحزبية مطالب لاتشكل في مجملها أولويات ضرورية، فنحن اليوم في سوريا علينا أن ننهض إقتصادياً ونفتح أسواقنا للإستثمارات ورؤوس الأموال الخليجية والأسيوية ليستطيع ماتبقى من المقربين للعائلة الحاكمة والمفسدين منهم في الحكم أن يستولوا على ماتبقى من خيرات الوطن. وبعدها وعلى مهل نفتح أبواب الحريات السياسية كلما سنحت لنا الفرصة لبيع سجين أخر هنا، أو معتقل للرأي والضمير هناك في أسواق و بورصات الدول الغربية لنقبض ثمنهم حفنة من اليوروهات الأوربية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هي الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالتوحد؟ • فرانس 24


.. مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح: هناك تعمد باستهدافي و




.. الشرطة الفرنسية تدخل جامعة -سيانس بو- بباريس لفض اعتصام مؤيد


.. موت أسيرين فلسطينيين اثنين في سجون إسرائيل أحدهما طبيب بارز




.. رغم نفي إسرائيل.. خبير أسلحة يبت رأيه بنوع الذخيرة المستخدمة